أكرم القصاص - علا الشافعي

القدس فى دواوين العرب.. بيت من الشعر يشعل الحماس واللهيب.. قصيدة كسرت طوق الحصار.. "أم البدايات والنهايات" فى شعر درويش.. "قبتين من رصاص وذهب" فى أبيات تميم.. وحروف تتوج سميح القاسم ملكًا بـ"موعظة لجمعة الخلاص"

الأربعاء، 06 ديسمبر 2017 06:30 م
القدس فى دواوين العرب.. بيت من الشعر يشعل الحماس واللهيب.. قصيدة كسرت طوق الحصار.. "أم البدايات والنهايات" فى شعر درويش.. "قبتين من رصاص وذهب" فى أبيات تميم.. وحروف تتوج سميح القاسم ملكًا بـ"موعظة لجمعة الخلاص" القدس عربية
كتب: محمد أبو النور

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

بمحنة تلد المنحة ومأساة تنجب الإبداع كانت القدس ولا تزال مصدرًا لإلهام للعديد من شعراء العالم العربى من المحيط إلى الخليج، فدون عن معاناتها وما تحمله من رموز ودلالات كثيرون، وكتب فى صمود شعبها وبسالتهم فى وجه الاحتلال من هم أكثر.. فعلى مدار التاريخ بداية من النكبة، مرورًا بالانتفاضات المتتالية لشعب فلسطين، كانت القدس ذلك الرحم الخصب الذى يلد القصيدة تلو الأخرى، وصنعت نجومًا فى عالم الشعر سطروا ابداعات بأحرف من نور فى كتب التاريخ ستبقى صامدة أبد الدهر.

 

وتظل القدس مصدرًا للإلهام.. تنجب شعرًا وتنتج أدبًا على مدار محطاتها مع الأطراف الإقليمين والدوليين، وكافة الجهات الفاعلة فى الصراع العربى ـ الإسرائيلى. وقبل ساعات من قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بشأن المدينة المقدسة، والذى سيشمل بحسب وسائل إعلام أمريكية، إعلان القدس عاصمة إسرائيل الأبدية، أو الالتفاف على هذا الإعلان بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، نستعرض فى السطور التالية نماذج بسيطة من مئات بل آلاف القصائد التى دونت عن مدينة السلام البعيد.

 

ولا يقتصر حب القدس على شعراء فلسطين بل تعداهم إلى الدولة المركزية فى العالم العربى، حين هب الشعراء المصريون للتغنى بالقدس، وذكر محاسنها بل والافتتان بها، والتأهب الدائم للدفاع عنها، وفى هذا المضمار كتب الشاعر على محمود طه الذى عاصر الاحتلال الإسرائيلى لفلسطين قبل أن يتوفى بعام واحد فنجده يقول:

 

أخى إن فى القدس أختًا لنا

أعد لها الذابحون المدى

أخى قم إلى قبلة المشركين

لنحمى الكنيسة والمسجدا

القدس ودرويش بين "البدايات والنهايات"

وعن القدس والشعر، يظل الراحل الكبير محمود درويش أميرًا لشعراء فلسطين والعالم العربى بلا منازع، ودون فى "زهرة المدائن" مئات القصائد التى كانت فى الكثير من الأحيان وقودًا لانتفاضات وشراراة لمواقف عربية شاملة للتصدى لموجات التصعيد الإسرائيلى المدعومة فى أغلب الأحيان بغطاء سياسى أمريكى.

 

وفى قصيدته "على هذه الأرض"، قال درويش فى رائعته الأدبية ..

 

على هذه الأرض ما يستحقّ الحياةْ: على هذه الأرض سيدةُ

الأرض، أم البدايات أم النهايات. كانت تسمى فلسطين. صارتْ

تسمى فلسطين. سيدتي: أستحق، لأنك سيدتى، أستحق الحياة

 

ويكفى لدى محمود درويش وجود فلسطين وعاصمتها القدس الشريف على وجه الأرض حتى يمكن للمرء أن يحيا وأن يواصل حياته حبا لها وذوبانا فى عشقها، وقد كتب مجموعة من القصائد حبا فى وطنه أشهرهما قصيدة عاشق من فلسطين، وقصيدة يوميات جرح فلسطينى.

 

قبتين من "رصاص وذهب"

ولد الشاعر الفلطسينى تميم البرغوثى لوالد فلسطينى اشتهر بالدفاع عن وطنه وهو مريد البرغوثى وأم مصرية هى الدكتورة رضوى عاشور الروائية والأديبة الشهيرة التى اشتهرت هى الأخرى بالذوبان فى حب فلسطين والدفاع عن قدسها وحرمها الشريف.

وورث تميم عن أبويه تلك النزعة الثورى المنتفضة ضد الاحتلال الإسرائيلى لأرض العرب فى فلسطين، بل وأعلن عن استعداده للموت من أجل الدفاع عن فلسطين ومقدساتها وعلى رأسها بطبيعة الحال القدس والمسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة، ولذلك نجده يقول:

 

يا مُدْرِكَ الثَارَاتِ إنْ ثَأْرٌ وَجَبْ

جِئْنَاكِ فَاْحْكُمْ فى اليَهُودِ والعَرَبْ

فى المسجِدِ الأَقْصَى دُخَانٌ وَلَهَبْ

وَفِيهِ آلافٌ مِنَ الجُنْدِ الجَلَبْ

يُقَتِّلُونَ النَّاسَ مِن غَيْرِ سَبَبْ

نَحْنُ ذَوو المَوْتِ إذا المَوْتُ اْنْتَسَبْ

نَحمِى هَوَاءَ السَّرْوِ مِنْ أَنْ يُغْتَصَبْ

وَقُبَّتَيْنِ مِنْ رَصَاصٍ وَذَهَبْ

إِرْثَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبْ

وإرثَنَا المأَثُورَ مِنْ أَبٍ لأَبْ

نَسِيرُ للمَوْتِ كَأَنَّا فى طَرَبْ

وَقَدْ صَحِبْنَاهُ وَطَالَ المُصْطَحَبْ

 

ولم تكن "مدرك الثارات" وحدها بين ما دونه تميم من أشعار فى المدينة المقدسة، فقبل سنوات، ومع ظهوره الأول فى عالم الشعر، سطرالبرغوثى قصيدة "فى القدس"، والتى قال فيها:

 

يا كاتبَ التاريخِ مَهْلاً،

فالمدينةُ دهرُها دهرانِ

دهر أجنبي مطمئنٌ لا يغيرُ خطوَه وكأنَّه يمشي خلالَ النومْ

وهناك دهرٌ، كامنٌ متلثمٌ يمشي بلا صوتٍ حِذار القومْ

والقدس تعرف نفسها،

إسأل هناك الخلق يدْلُلْكَ الجميعُ

فكلُّ شيئ في المدينةِ

ذو لسانٍ، حين تَسأَلُهُ، يُبينْ

في القدس يزدادُ الهلالُ تقوساً مثلَ الجنينْ

حَدْباً على أشباهه فوقَ القبابِ

تَطَوَّرَتْ ما بَيْنَهم عَبْرَ السنينَ عِلاقةُ الأَبِ بالبَنينْ

في القدس أبنيةٌ حجارتُها اقتباساتٌ من الإنجيلِ والقرآنْ

في القدس تعريفُ الجمالِ مُثَمَّنُ الأضلاعِ أزرقُ،

فَوْقَهُ، يا دامَ عِزُّكَ، قُبَّةٌ ذَهَبِيَّةٌ،

تبدو برأيي، مثل مرآة محدبة ترى وجه السماء مُلَخَّصَاً فيها

تُدَلِّلُها وَتُدْنِيها

تُوَزِّعُها كَأَكْياسِ المعُونَةِ في الحِصَارِ لمستَحِقِّيها

إذا ما أُمَّةٌ من بعدِ خُطْبَةِ جُمْعَةٍ مَدَّتْ بِأَيْدِيها

وفي القدس السماءُ تَفَرَّقَتْ في الناسِ تحمينا ونحميها

ونحملُها على أكتافِنا حَمْلاً

إذا جَارَت على أقمارِها الأزمانْ

 

القدس والقاسم وموعظة جمعة الخلاص

رحل الشاعر الفلطسينى الثائر سميح القاسم عن عالمنا فى 19 أغسطس بالعام 2014 عن عمر ناهز 75 عاما قضاها كلها مستميتا فى الدفاع عن بلاده فلطسين وعاصمتها القدس، ويعد أول من دعا إلى التظاهرات الكبرى والثورات العارمة انطلاقا من المسجد الأقصى بعد صلاة الجمعة.

الراحل ياسر عرفات يقبل جبين سميح القاسم

ولذلك نجده يخصص قصيدة للحديث عن يوم الجمعة ودعوته من خلاله إلى تحرير القدس بشطريها الشرقى والغربى من يد الاحتلال الإسرائيلى ونشر القاسم القصيدة الذائعة تحت عنوان "موعظةٌ لجُمعةِ الخلاص".

 

ويبدو أن القاسم أراد يعمم قصيدة لتكون بمثابة خطبة جمعة تحث الناس على النفير فى وجه الاحتلال الذى مارس ولا يزال أقسى أنواع التوسع والسيطرة والتطهير العرقى ومخالفة كل القوانين والشرائع.

ويقول القاسم:

على مَلأ اللهِ أعلنُ روحى وضوئي.

وأشهَدُ. فاشهَدْ

أنا ملكُ القدسِ. نجلُ يبوسَ. وريثُ سلالةِ كنعانَ. وحدي

خليفةُ روحِ النبى القديمِ الجديدِ محمَّدْ

أنا ملكُ القُدسِ. لا أنتَ، ريتشاردْ!

أنا ملكُ القُدسِ، فاسحَبْ فلولَكْ

مِراسى صعبٌ. ولحمى مُرٌّ

فأطعِمْ قطيعَ جيوشكَ لحمَ الكلابِ،

وأطعِمْ قطيعَ الكلابِ.. خيولَكْ

ضللتَ السبيلَ. ضللتً سبيلكَ أنتَ.. وأخطأتَ أنتَ

تجاوزتَ كلَّ الحدودِ

بلاطى من النار والجمرِ،

أينَ تجرُّ ذيولَكْ؟

وعرشى قصيٌّ. ومُلكى عصى عليكَ










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة