أكرم القصاص - علا الشافعي

يسرا والنبوى والحلفاوى ومحمد سعد وياسر جلال فرسان الفن 2017

الأحد، 31 ديسمبر 2017 09:00 ص
يسرا والنبوى والحلفاوى ومحمد سعد وياسر جلال فرسان الفن 2017 خالد النبوى ويسرا و محمد سعد
علا الشافعى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فى نهاية كل عام هناك شخصيات تلمع وشخصيات أخرى ينطفئ لمعانها، أو يخبو قليلا وقد يرجع ذلك لسوء تقدير أو تكاسل.. ولكن الأكيد أن من يلمع ويخطف الأبصار كل فى مجاله هو شخص اجتهد ولم يتوقف عن التفكير فى عمله، بكل جهد وإخلاص وفى السينما والدراما والغناء والمسرح هناك شخصيات صاعدة حافظت على موهبتها وفنها بل وقدمت الكثير، كل فى مجاله، لذلك يستحقون منا الاحتفاء ولو بكلمات قليلة تعكس تأثيرهم الدائم والمستمر.

 

يسرا من عالم نعيمة فى "الحساب يجمع" إلى نجاح مدو فى "3 دقات"

يسرا نجمة لا تعرف الراحة عقلها لا يتوقف عن التفكير فى كل ما هو قادم، أو خطواتها المستقبلية تملك النجمة يسرا سحرا خاصا ليس فقط لإصرارها ودأبها على العمل والإنجاز، سواء فى دور تستعد له أو عمل تقدمه، بل لأن 2017 ليسرا كانت واحدة من السنوات التى شهدت توهجها ليس فقط فى مسلسلها الرمضانى "الحساب يجمع"، ولكن لأنها أيضا لم تردد عن دعم مهرجانى الجونة والقاهرة السينمائى، والتى تولت رئاسته الشرفية، وأيضا لم تتردد فى دعم موهبة جديدة وهو المطرب "أبو"، والذى شاركته أغنية "3 دقات" دون سابق معرفة يينهما، ولكن إيمانها الدائم بأن التجارب الشابة عادة ما تحتاج إلى دعم، وهى الأغنية التى انطلقت مع مهرجان الجونة السينمائى وحققت نجاحا غير متوقعا، حتى بالنسبة لصناعها.

أما فى مسلسلها "الحساب يجمع" فقدمت النجمة الكبيرة واحدا من أهم أدوارها مع المخرج هانى خليفة، ليس فقط لتميز عناصر العمل الفنية ولكن لطبيعة الشخصية التى جسدتها يسرا "نعيمة" تلك المرأة الكادحة المكافحة والتى تركت حياتها وراءها، بعد أن تخلى عنها زوجها وصار كل همها هو تربية بنتيها، نعيمة التى كانت تعمل خادمة، إلى أن صارت مسئولة عن جلب فتيات من القرى وتشغليهن فى المنازل.

 

ومن خلال عالم نعيمة شاهدنا نماذج متعددة ومختلفة لنساء كل ما يحلمن به هو لقمة عيش شريفة، ومنهن الفنانة عايدة رياض والتى قدمت واحدا من أجمل أدوارها والمطربة الشعبية بوسى وغيرهن، إضافة إلى رصد طبقات اجتماعية مختلفة من خلال عيون هؤلاء الفتيات اللاتى يدخلن منازل مختلفة، ونعيمة والنساء والفتيات اللائى يعملن من خلالها هن نموذج مصغر لما تعانيه المرأة من قهر مجتمعى فاضح.. نعيمة هى خير مثال له فهى رغم انغلاقها على عالمها واكتفائها بدورها كست شعبية بسيطة لا تعنيها الا لقمة العيش وتربية البنات والاهتمام بمن تقوم بتشغيلهن إلا أنها لا تسلم من التحرشات.

 

 

نبيل الحلفاوى.. بريق لا تخطئه العين

نبيل الحلفاوى هو واحد من النجوم المخضرمين والذين يتركون بصماتهم مع كل إطلالة أو دور جديد يقدمه، وفى هذا العام لفت الأنظار بواحد من أهم أدواره على الشاشة فى مسلسل "لأعلى سعر"، هو نموذج مميز للأب فى الدراما، فنان لا يعرف سوى الحب ولا يملك أن يمنح أبناءه والمقربون منه سوى حبه واهتمامه ورعايته، عازف القانون تلك الآلة التى تمثل أساس التخت الشرقى وقانون الآلات ودستورها، هو الرجل الذى لم يستطع تحمل طمع وجشع زوجته المتسلطة والتى لا تعرف المشاعر (تجسدها سلوى محمد على)، واختار عالمه وفنه ويسكن إحدى العوامات يلتقى فيها مواهب شابة وبعض من أعضاء فرقته يعزفون معا ويحتفظ بعلاقة جيدة فقط بابنته جميلة (راقصة الباليه وتجسدها نيللى كريم)، والتى يبدو أن حب الفن هو ما جعل عواطفهما أكثر رقة وهو الوحيد الذى يقف بجوارها فى أزمتها يدعمها ويساندها بعد أن يتخلى عنها كل المقربين بما فيهم والدتها وشقيقاها.. عالم "الاستاذ الموسيقار مخلوف" بكل بهائه وإنسانيته فى مقابل عالم الزيف والقبح والخيانات الذى يعيش فيه كل من باعوا جميلة.

 

كان وقتها الحلفاوى صاحب أدوار مميزة وعلامات ونجم يشار له بعد أدواره الهامة وتألقه فى "غوايش" ودوره الهام فى رأفت الهجان، و"الزينى بركات" و"كناريا وشركاه" و"زيزينيا" و"الملك فاروق" و"المصراوية"، لذلك مع  كل إطلالة له على الشاشة ودور جديد يقدمه أراقبه بشغف وأنتظر، أحيانا يغيب، ولكن مع كل ظهور جديد على الشاشة يفرض حضورا طاغيا وآسرا، إنه القدير نبيل الحلفاوى.

الحلفاوى يجسد دوره فى "لأعلى سعر" بمنطق الهاوى المخلص لفنه وإبداعه، شاهده وهو يعزف على آلة القانون راجع مشاهده مع تلاميذه من الموهوبين الذين يتبناهم، ولكنه يأسرنى حقا فى المشاهد التى تجمعه بنيللى كريم، حيث قدما معا عددا من المشاهد التى تدّرس فى فن الأداء ويكفى أنها جعلتنا نبتسم ونضحك ونبكى فى ذات اللحظة، الحلفاوى يقدم فن أداء يحاكى الشعر وهذا ليس بغريب عليه، فهو ينسج كل تفاصيل شخصياته من روحه وتقديرى انه كلما غرق فى حب الدور وتماهى معه يمنحنا أداء من الدانتيلا.

 

خالد النبوى.. عندما تماهى مع محمود عبد الظاهر

ما أصعب أن تقدم شخصية روائية خصوصا إذا كانت شخصية ذات بهاء وحضور طاغ، أو شخصية مليئة بالتناقضات، عندما تمسك برواية أدبية تأخذك بكل عوالمها وشخصياتها لتحلق بعيدا تضفى إليها من روحك أو العكس، وكثيرة هى الشخصيات الروائية التى كان يصعب تحويلها إلى أعمال درامية أو سينمائية، ومن ضمن هذه الشخصيات شخصية "محمود عبد الظاهر" خالد النبوى بطل رواية المبدع بهاء طاهر "واحة الغروب".

 

تلك الشخصية الثورية والتى تملك حسا وطنيا، يرغب فى خلاص الوطن وهو ظابط مصرى، ولكن يعمل للأسف تحت إمرة الإنجليز الذى من المفترض أن يناضل ضدهم، ولكنه وتحت ضغط الخوف والفصل من الجيش يخون مبادئه والثورة، هو الرجل الذى يتساءل دوما حول وجوده وماهيته وماذا يفعل؟ هو الرجل الذى يقع فى غرام نعمة.. ويتنفس رائحتها، ولا تستقر روحه إلا بوجودها بجواره، ولكن عندما تسأله "بتحبنى يا سيدى".. ينتفض وتتحول ملامحه من الرقة واللين إلى القسوة والحدة مرددا على مسامعها: "أنتى مجرد جارية أوعى تنسى نفسك"، هو نفسه الذى يعامل كاثرين بتعالى ظنا منه أنها إنجليزية، ولكن بعد أن يكتشف أنها آيرلندية.. يوقعها فى شباكه مثل صياد محترف، وفى لحظات يتماهى مع فريسته، ولكن لأن روحه لا تعرف الاستقرار يبحث عن روحه وهى نعمة فى كل النساء، لا يمانع أن يصطحب امرأة من الحانات أو البارات، ويذهب ويعترف لكاترين بكل بساطة عندما تسأله لأنه لا يريد أن يكذب عليها.. هو محمود الذى يفتش عن نفسه وروحه فلا يجد إلا الفراغ، لذلك يبحث عن الخلاص ويصبح دوما أقرب إلى الموت.. هو محمود الذى يقول لنفسه: "أنا العاجز عن النوم أقضى الأيام والأعوام فى تلفيق صلح مع نفسى لا يعيش طويلا أين هى براءة العمر الأولى عندما كانت الأشياء سهلة وبسيطة وطمأنينة النفس تأتى بلا تعب ولا تعقيد" أو حكيه لنفسه عن المصريين وكأنه ليس جزءا منهم أو ينظر إليهم من عليائه: "أنتم صامتون صابرون بل راضون فلو كان فى عروقكم دم فيه كريات حيوية وفى رؤوسكم أعصاب تتأثر تثير فيكم النخوة والحمية، أيها المصريون لا حياكم الله ولا بياكم مادمتم تعيشون كالسائلة تأكل من حشائش الأرض أيها المصريون شموا رائحة أجسادكم إنها نتنة ونيل الله يجرى بأرضكم".

تلك الجمل الحوارية، وأفعال الشخصية وسلوكها كانت فى ظنى مفتاح النجم خالد النبوى لدراستها، فهى شخصية مليئة بالتناقضات وانفعالاتها مكتومة لا تخرج كثيرا إلا فى لحظات، تلك الحالة الإبداعية والتى عادة ما تصاحب النبوى فى تجسيده لشخصيات صارت أسماؤها وملامحها محفورة فى أذهاننا.. يقدمها النبوى فى واحة الغروب وفى ظنى أنه حلق بعيدا ويغرد فى منطقة خاصة.. بتجسيده لشخصية "محمود عبدالظاهر".. حيث حولها لشخصية ساحرة تأسر القلب والعقل معا.

 

ياسر جلال.. حصان 2017 الأسود

بعيدا عن كل التوقعات والترشيحات وقبل بدء السباق الرمضانى الماضى ذهبت التوقعات إلى أسماء نجوم بعينهم أو مخرجين صاروا علامة أصيلة فى صناعة المسلسلات التليفزيونية، إلا أن النجم والفنان ياسر جلال، والذى لم يكن اسمه مطروحا كنجم من المحتمل أن يتصدر فى المراكز الخمسة الأولى، كان الحصان الأسود فى السباق الرمضانى الماضى بل فى هذا العام وهو ما أكدته الاستفتاءات واستطلاعات الرأى والجوائز التى حصدها ياسر والتكريمات التى نالها، خاصة أنه بمسلسله "ظل الرئيس" للمخرج أحمد سمير فرج قدم عملا متماسكا فنيا، وهو عمل مكتوب بشكل جيد ونجح المخرج فى ضبط الإيقاع بصورة جيدة، وقدم ياسر جلال فيه دورا مهما واستحوذ على اهتمام الجمهور.

وكان فى أفضل حالاته الفنية، ياسر ممثل شديد الموهبة منذ بداياته، ولا أعرف اذا كان قد ظلم نفسه بخجله وعدم قدرته على تسويق نفسه، خصوصا أن ياسر موهبة لا يختلف عليها أحد منذ أن خطا خطواته الفنية الاولى فهو قد نشأ فى بيت فنى عرف كيف يملك خشبة المسرح مخارج ألفاظ واضحة وقوية جاذبية ووسامة اذا ما ذا كان ينقصه؟ أم أن استسلامه لمفردات السوق وآلياته أم ظلمه المنتجون والذين وضعوه فى أدوار نمطية، حيث إنه لم يحصل على فرصة كبيرة للظهور إلا مع مسلسله الرمضانى الماضى ظل الرئيس.

ياسر الذى استطاع أن يخطف الأنظار فى دور يحيى نور الدين بأدائه المحسوب بدقة وانفعالاته المنضبطة، وتكمن براعته كممثل ونجم موهوب فى السحر الذى أضفاه على شخصية يحيى نور الدين بما لها وما عليها فى ظنى يكفيه مشهدين قام بتأديتهما أرى أنهما من سيظلان من أفضل مشاهد دراما رمضان، وهما مشهد جلوسه فى المستشفى بين سريرى ابنه وزوجته، بعد أن علم بوفاتهما، ومشهد دفنه لابنه، ياسر موهبة استعادت بريقها بقوة.

 

محمد سعد.. حلق كالعنقاء مع "بشر الكتاتنى" فى الكنز

"كالعنقاء أو الفينق كلما احترق خرج من الرماد طائرا أقوى وأجمل" إنه محمد سعد النجم الذى لا يختلف على موهبته اثنان منذ بداياته على المسرح أو فى الدراما مع المخرج محمد فاضل وغيره، ورغم الانتقادات الكثيرة التى طالته مع إصراره على عدم الخروج من عباءة اللمبى أو الكاركترات الأخرى التى كان يقدمها مثل "عوكل وأطاطا وكركر والحاج حناوى وتتح ويوسف خورى"، إلا أن النقد كان عادة ما ينطلق من منطقة أن سعد موهبة كبيرة ولا يليق به الاستسلام لتركيبات نمطية محددة، وفى ظنى أنه حتى تلك التركيبات أو الشخصيات التى قدمها سعد هى شخصيات صعبة ولم تكن أبدا سهلة، وكانت تتطلب جهدا بدنيا وانفعاليا مضاعفا وقد يعاد اكتشاف مناطق جديدة فى هذه التركيبات التى قدمها سعد بعد حين، ولكن مثل غيرى تمنيت أن أرى النجم محمد سعد فى أدوار مغايرة ومختلفة وكثيرا ما تمنيت أن أجد دورا لسعد اسمع فيه صوته الطبيعى وليس المستعار، حيث إنه عادة ما كان يقدم "الكاركترات "السابقة بطبقة صوت مستعار.

وهذا ما فعله "سعد" فى دور "بشر الكتاتنى"، وهو الدور الذى جسده بفيلم الكنز مع المخرج المخضرم شريف عرفة وهو العمل الذى أجمع النقاد والجمهور على تفرد أداء سعد، حيث أخرجه هذا الدور من منطقة الكوميديا، وأكد موهبته التمثيلية المتفردة والتى لا يجب الاستهانة بها فى الكوميديا والدراما على حد سواء.

 

"بشر الكتاتنى" وهو رئيس البوليس السياسى خلال حكم الملك فاروق، ذو شخصية صارمة منضبطة، يختلط بها فى الوقت نفسه ملمح عاطفى تسيطر فيه مشاعر الحب، من خلال علاقته بالمطربة "نعمات رزق" أمينة خليل، سعد ملك مفردات الشخصية جيدا ورغم صرامتها وانضبطها وأنها شخصية نفعية، حيث لا يوقفها شىء لتحقيق مصلحتها إلا أن سعد أضفى على الشخصية أيضا ملمحا كوميديا، "بشر" هو الدور الذى قدّم لنا محمد سعد آخر مختلفًا ومتميزًا، أو بمعنى آخر أعاد بشر الوجه الحقيقى لسعد، رئيس البوليس السياسى فى عهد الملك فاروق، صاحب السلطة والسطوة، والذى يضع شقيقه المدمن - هيثم أحمد زكى - فى السجن، لخاطر الكرسى والترقية، والذى يجد نفسه مندفعًا فى حب مطربة من أصول شامية تغنى فى الكباريهات "نعمات"، تجسدها أمينة خليل.. إنه الحب، هل يقهر الحب السلطة تلك هى مفاتيح الشخصية التى وظفها سعد بموهبته لذلك ملك الدور.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة