مفاجأة.. 3 مترجمين خانوا "عشيق الليدى تشاترلى".. قصة ترجمة أشهر رواية جنسية فى تاريخ الأدب الإنجليزى تم تحريفها على مدار 89 عاما.. الرواية خضعت لقانون المنشورات الفاحشة ودافع عنها أبزر كتاب إنجلترا

الأحد، 31 ديسمبر 2017 01:40 م
مفاجأة.. 3 مترجمين خانوا "عشيق الليدى تشاترلى".. قصة ترجمة أشهر رواية جنسية فى تاريخ الأدب الإنجليزى تم تحريفها على مدار 89 عاما.. الرواية خضعت لقانون المنشورات الفاحشة ودافع عنها أبزر كتاب إنجلترا غلاف رواية عشيق الليدى تشاترلى ترجمة عبد الكريم عبد المقصود
كتب بلال رمضان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هل هو الخوف أم الفضيلة الزائدة من دفع ثلاثة مترجمين عرب لخيانة رواية "عشيق الليدى تشاترلى" للكاتب الإنجليزى ديفيد هربرت لورانس، التى صدرت نسختها الكاملة سنة 1959 فى نيويورك، وفى لندن عام 1960؟.
 
هل الخوف من الجنس هو ما جعل ثلاثة مترجمين يقومون بحذف واختصار أشهر رواية فى تاريخ الأدب الإنجليزى نظرًا لجرأتها، على الرغم من الحكم القضائى التاريخى الذى توج الرواية وسمح بإعادة نشرها واستخدامها للمفردات الجنسية فيها؟.
 
هذه التساؤلات وما تثيرها حول قضية خيانة المترجمة، لم يكن لنا أن نعرفها لو لم يقم المترجم عبد المقصود عبد الكريم، بتقديم أول ترجمة عربية كاملة لرواية "عشيق الليدى تشاترلى"، مقدمًا أدلته على أن الترجمات الثلاث التى سبق وأن صدرت تعرضت لحذف نصفها، أو تشويها، أو تقديم ترجمات "مهذبة"، وهو ما يجعلنا نسأل: هل يقوم المترجم بدور الرقيب على القارئ، فيختصر المسافة على الرقابة التى تقرر منع نشر أو بيع كتاب ما؟. وهل يسعى المترجم فقط إلى ترجمة أكبر عدد من الكتب لتحصيل أعلى عائد من الترجمات دون الاهتمام بالقيمة الأدبية؟.
 
لرواية "عشيق الليدى تشاترلي" قصة ينبغى على القارئ التعرف عليها من خلال المقدمة التى قدمها عبد المقصود عبد الكريم، قبل التعرف على مواطن التشويه والحذف فى الترجمات الثلاث التى سبقت ترجمة دار آفاق للنشر، فى القاهرة، حيث وقع ديفيد هربرت لورانس (11 سبتمبر1885 نوتيجهامشاير – 2 مارس 1930 فينس، فرنسا) فى حب فريدة ويكلى وهرب معها، وكانت زوجة أرستقراطية ألمانية لأستاذ جامعى فى نوتنجهام، وذهب الاثنان إلى ألمانيا، ثم إيطاليا، وتزوجا فى 1914، فى إنجلترا، بعد طلاق فريدة.
 
وفى عام 1926 شرع ديفيد هربرت لورانس فى كتابة النسخ الأولى لرواية "عشيق الليدى تشاترلى"، وفى عام 1928 صدرت الطبعة الأولى للرواية فى مطبعة سرية فى إيطاليا، لأن لورانس لم يعثر على ناشر بريطانى ولأنه لم تكن هناك حقوق ملكية فكرية على الكتاب، صدرت طبعات عديدة مقرصنة فى كل مكان، وخاصة الأماكن التى لم تكن تخضع للرقابة، منها مطبعة باريس 1929، وطبعة منقحة فى إنجلترا 1932، ولم يطبع النص الكامل للرواية إلا فى 1959، فى نيويورك، وفى لندن 1960، وذلك بعد اتخاذ القرارات القانونية بشأنها فى المحاكمة الشهيرة بشأن الرواية، ضد دار بنجوين، التى نشرت الرواية، بموجب قانون المنشورات الفاحشة، وانتهت بتبرئة بنجوين، وتبرير استخدام الرواية لمصطلحات جنسية كانت محظورة حتى ذلك الوقت.
غلاف رواية عشيق الليدى ترجمة عبد الكريم عبد المقصود
غلاف رواية عشيق الليدى تشاترلى ترجمة عبد الكريم عبد المقصود
 
سمحت هذه القرارات القانونية بحرية نشر وتداول الرواية، وصارت نموذجًا لعدد لا يحصى من الأوصاف الأدبية للأفعال الجنسية، وقد توج حكم لندن بالسماح بنشر هذه الرواية بجهود عدد كبير من الكتاب الإنجليز البارزين كانوا شهودًا، ودافعوا عن الرواية.
 
تصور رواية "عشيق الليدى تشاترلى" علاقة حب جنسى بين حواجز الطبقة والزواج، العشيق حارس عند زوج العشيقة، أى أنه بتعبير لورانس – كما يوضح المترجم – على لسان السير كلفورد تشاترلى زوج الليدى تشاترلى ينتمى للطبقة الخادمة، والعشيقة تنتمى للطبقة الحاكمة.
 
ويوضح المترجم عبد المقصود عبد الكريم أن لورانس يرى دائمًا ضرورة ربط النشاط الجنسى بالمشاعر، وكان خياله يتجاوز دائمًا حدود المسموح به، وكان يخضع للرقابة بالتفصيل، وفى "عشيق الليدى تشاترلى" يصف الأفعال الجنسية بشكل كامل باعتبارها تعبيرًا عن أوجه الحب أو أمزجته، ويستخدم الكلمة العامية التى تدل على الفرج، مما اعتبر صادمًا.
 
تعكس رواية "عشيق الليدى تشاترلى" إيمانه بأن على الرجال والنساء التغلب على القيود المميتة للمجتمع الصناعى وإتباع الغرائز الطبيعية التى تقودهم إلى الحب العاطفى، وحظيت الرواية بشهرتها نتيجة وصفها الصريح للعلاقة الجنسية، وما يبقى قويًا جدًا واستثنائيًا جدًا بشأن هذه الرواية ليس فقط صدقها فى تصوير العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة – بحسب المترجم – بل فى حقيقة أنها مازالت واحدة من أهم الروايات القليلة فى تاريخ الأدب الإنجليزى التى تعالج الرغبة الجنسية للمرأة، وتصور تجربة المرأة ومتعتها فى علاقة جنسية مرضية، وخيبة أملها فى علاقة جنسية غير مرضية.
 
ورغم شهرة التيمة الجنسية فى الرواية، كما يقول المترجم، وربما اعتبارها التيمة الأساسية، إلا أن هناك تيمة أخرى تعد هى الأساسية، وهى التى تصور العلاقة بين أرباب العمل "الطبقات الحاكمة"، والعمال "الطبقات الخادمة"، ويمكن وضع علاقة العشق الجنسى فى الرواية فى إطار التيمة الثانية.
 
أما عن خيانة الترجمة، فيوضح المترجم عبد المقصود عبد الكريم، فى مقدمته، أنه حينما كان الدكتور جابر عصفور، مديرا للمركز القومى للترجمة، عرض عليه الترجمة، فتردد فى البداية، ثم وافق شفهيا، بشرط ترجمة نص محاكمة الرواية، مضيفا: وأمام ذوقه الشديد – أى جابر عصفور- فى التعامل معى، شعرت أنه لا داعى لإحراج الرجل، ربما تسبب له الترجمة مشاكل وظيفية هو فى غنى عنها، وحين تغيرت الظروف بعد يناير 2011، ويونيو 2013، عرضت الفكرة على الدكتور أنور مغيث، وجاء الرفض لوجود ترجمة حنا عبود، وهى ترجمة سيئة مليئة بأخطاء جسيمة، أخطاء تشوه النص إلى حد كبير.
 
26238289_1568639353185678_547784072_o
 
ويشير عبد المقصود عبد الكريم إلى ما تعرضت رواية "عشيق الليدى تشاترلى" من حذف وتشويه وترجمة خاطئة، فيوضح أن ترجمة أمين العيوطى الصادرة عن دار الهلال 1989، ترجمة ناقصة إلى حد بعيد، ويبلغ حجمها نصف حجم الرواية الأصلية تقريبًا.
 
غلاف رواية عشيق الليدى ترجمة رحاب العكاوى
غلاف رواية عشيق الليدى تشاترلى ترجمة رحاب العكاوى 
 
أما الترجمة الثانية، فهى كما يصفها المترجم عبد المقصود عبد الكريم بـ"عمل طريف" ويصعب وصفها بأنها ترجمة، لا علاقة للعمل بالأصل، حيث يقول: "تذكرنى بأولئك الكتاب الذين كانت تحكى لهم الحكاية ويعيدون صياغتها بالعربية، بلغة رصينة، ويسمونها ترجمة، حيث حاول رحاب عكاوى إعادة كتابة قصة الرواية بلغة تذكرنى بلغة الرومانسيين، وبالتالى يبدو العمل وكأنه قصة رومانسية، وبالتالى يمكن استبعاد العمل الذى يسميه رحاب عكاوى "عشيق الليدى تشاترلى: إعداد وتحليل وتقديم" من دائرة الترجمة، والتى ضمها إلى سلسلة أجمل الروايات العالمية، ويقع العمل فى 150 صفحة تقريبًا من الحجم الصغير.
غلاف رواية عشيق الليدى ترجمة حنا عبود
غلاف رواية عشيق الليدى تشاترلى ترجمة حنا عبود
 
أما الترجمة الثالثة، فهى ترجمة حنا عبود، وهى الترجمة الوحيدة عن النص الكامل، لكنها تقع فى الكثير من الأخطاء، وهى كما يوضح عبد المقصود عبد الكريم، أخطاءً لا تنم فقط عن الجهل بالتعبيرات الإنجليزية، لكنها أخطاء تنم عن الغفلة أيضًا، وبالتالى تأتى فقرات كثيرة ملتبسة ومتناقضة مع السياق، وربما غير مفهومة على الإطلاق نتيجة إساءة الفهم والترجمة الحرفية، والغفلة عن السياق، ومن أمثلة هذه الأخطاء:
 
- فى موقف ينحنى فيه خادم لسيدته انحناءة خفيفة مثل جنتلمان، يترجم حنا عبود الجملة: "وجعلها تنحنى قليلاً" (ص 83)، وهو فهم للجملة مثير للضحك.
 
- وفى موقف آخر، كانت الأخت مستاءة جدا من الحالة السيئة التى وصلت إليها الأخت وحين رأت زوج أختها "كانت غاضبة جدا"، لكن حنا عبود يترجم الجملة بما يتنافى مع أى منطق "فعانقته" (ص 112).
وفى فقرة أخرى، يواصل عشيق الليدى تشاترلى حكايته، ويقول: ضاع ببساطة أو احترق، لكن حنا عبود يترجم: وببساطة رحت أدخن.
 
- وفى مشهد آخر، يقول العشيق لليدى: تسعدين نفسك كالمعتاد، فتسأله: ألا يسعدك ذلك؟، فيرد: نعم، يسعدنى تماما، وأنا أطرق الحديد وهو ساخن"، لكن حنا عبود يترجم: يمكن أن أتحول إلى دخان من حرارة الحديد". (ص 336)
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة