لم يكن 2017 عامًا ساخنًا على صعيد العلاقات الدولية وصراعات القوة والنزاعات بين دول وأخرى وحسب، وإنما أيضًا شهد العديد من الصراعات الداخلية التى هددت خريطة العالم بالتمزق خلال العام، بعد محاولة أكثر من إقليم الانفصال عن دولته الأم.
وانشغل العالم بشكل كبير بمتابعة محاولتى الانفصال الأبرز خلال العام الأولى فى العراق والثانية فى إسبانيا، فيما أعرب المجتمع الدولى عن قلقه إزاء بعض المحاولات والدعوات الأخرى للانفصال لاسيما الحراك الجنوبى اليمنى الذى يهدف إلى إنهاء دولة الوحدة التى تأسست فى 1990.
انفصال كردستان عن العراق.. محاولة فاشلة يلغيها حكم "الاتحادية"
"هل تريد أن يصبح إقليم كردستان والمناطق الكردستانية خارج الإقليم دولة مستقلة؟" العبارة التى حملتها ورقة التصويت على استفتاء إقليم كردستان عن العراق يوم 25 سبتمبر الماضى. وجاءت نتائج الاستفتاء مؤيدة للانفصال بنسبة 93%.
وجاء هذا الاستفتاء غير الملزم بهدف منح تفويض لرئيس الإقليم مسعود البارزانى ليتفاوض مع بغداد ودول الجوار على انفصال الإقليم الذى يضم محافظات أربيل، السليمانية، ودهوك إلى جانب مناطق متنازع عليها مع الحكومة المركزية فى بغداد.
جانب من التظاهرات الداعية لانفصال كردستان عن العراق
وتم التصويت على الاستفتاء فى الإقليم رغم الرفض العربى والدولى له، فقد أصدر المجلس الوزارى للجامعة العربية قرارًا يرفض بالإجماع الاستفتاء، وأعربت الجامعة العربية عن رفضها استقلال الأكراد وشددت فى بيان لها على أن "يظل العراق موحدًا وفيدراليًا ومتعدد المكونات والأعراق" كما دعا أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية إلى الحوار بين الفصائل الكردية والحكومة العراقية قبيل الاستفتاء.
أما الأمم المتحدة فقد دعت للعدول عن استفتاء الانفصال مقابل المساعدة فى حل المشاكل بين بغداد وكردستان خلال 3 سنوات.
ومنذ التصويت على الاستفتاء تصاعدت الأزمة بين السلطات العراقية والإقليم حيث طالب حيدر العبادى رئيس الوزراء العراقى إلغاء الاستفتاء وبدء حوار بين الطرفين، وبعد رفض حكومة كردستان إلغاء الاستفتاء أعلنت بغداد إجراءات عقابية ضد الإقليم تضمنت وقف الرحلات الجوية الدولية من وإلى كردستان ونقل شبكات الاتصال والطلب رسميًا من إيران وتركيا إغلاق المنافذ مع الإقليم ووقف التعاملات التجارية. وفى 20 نوفمبر الماضى قضت المحكمة الاتحادية فى العراق بعدم دستورية الاستفتاء وبإلغاء نتائجه.
انفصال كتالونيا.. معركة إقليم يرفضها العالم
فى أكتوبر الماضى انشغل العالم بمتابعة الأحداث المتصاعدة فى إسبانيا إثر تنظيم استفتاء لاستقلال إقليم كتالونيا عن إسبانيا، رغم رفض السلطات الإسبانية الإعتراف بنتائجه، وإصدار المحكمة الدستورية حكمًا نهائيًا بعدم شرعية الاستفتاء وتعارضه مع دستور إسبانيا 1978.
وازداد اهتمام العالم بالأحداث بشكل خاص بعد استخدام السلطات الإسبانية العنف مع المقترعين والاشتباكات بين المتظاهرين والأمن، وهى الاشتباكات التى نتج عنها إصابة 844 شخصًا بجروح متفاوتة نصفهم فى برشلونة.
وفى 27 أكتوبر أعلن نواب البرلمان الكتالونى استقلال الإقليم وأنه "دولة مستقلة تأخذ شكل جمهورية" بحضور الرئيس الانفصالى "كارلس بيجديمونت" وهو القرار الذى رد عليه مجلس الشيوخ الإسبانى بإجازة وضع المنطقة تحت وصاية مدريد ودعا رئيس الحكومة إلى جلسة طارئة.
جانب من التظاهرات الداعية لانفصال إقليم كتالونيا
أما النيابة العامة الإسبانية فوجهت تهمة العصيان لرئيس كتالونيا وهى الجريمة التى يعاقب عليها القانون الإسبانى بالسجن مدة تصل لثلاثين عامًا.
وعلى المستوى الدولى رفضت العديد من الدول الأوروبية انفصال الإقليم وعلى رأسها فرنسا وألمانيا وبريطانيا. وأعلنت الولايات المتحدة الأمريكية أنها تعتبر كتالونيا جزءًا لا يتجزأ من إسبانيا. وفى نوفمبر ألغت المحكمة الدستورية فى إسبانيا إعلان الانفصال وأكدت أنها تعتبر الاستفتاء غير شرعى.
"المجلس الانتقالى الجنوبى" يحاول إنهاء دولة الوحدة فى اليمن
فى أكتوبر أيضًا وتزامنًا مع الاحتفال بالذكرى الرابعة والخمسين لثورة جنوب اليمن على الاستعمار البريطانى نظم "المجلس الانتقالى الجنوبى" الذى يدعو لانفصال الجنوب عن اليمن العديد من الفعاليات وجدد الحديث عن دعوات انفصال الجنوب.
وأعلن رئيس المجلس عيدروس الزبيدى أن المجلس يستعد للترتيب لاستفتاء على انفصال الجنوب عن دولة الوحدة التى قامت فى عام 1990 بين شمال وجنوب اليمن.
عيدروس الزبيدى
ولم تكن هذه المرة الأولى التى تتجدد فيها دعوات الانفصال فى عام 2017 داخل اليمن، فقد شهدت شوارع مدينة عدن اليمنية فى يوليو الماضى مظاهرة حاشدة شارك فيها آلاف اليمنين مطالبين بانفصال الجنوب معلنين دعمهم للمجلس الانتقالى الجنوبى.
فوز ترامب يجدد دعوات انفصال ولاية كاليفورنيا
فى عام 2015 تأسست حركة "نعم كاليفورنيا" التى تدعو لانفصال ولاية كاليفورنيا وتتخذ خطوات سياسية لإجراء استفتاء شعبى بحلول عام 2019 لتقرير مصير الولاية التى تعد أكبر الولايات الأمريكية من حيث عدد السكان والثالثة من حيث المساحة.
ترامب والدعوات لانفصال كاليفورنيا
هذه الحركة لفتت أنظار العالم الدولى فى 2017 عقب فوز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية حيث تزايد نشاطها بشكل ملفت وأصدرت الحركة كتابًا يعرف بها وبنشاطها باسم "CalExit Blue Book" والذى جاء فيه إن كاليفورنيا تستحق أن تكون "دولة مستقلة قوية تقدم الخير للعالم" وأن قيم الولاية ومصلحتها تعارض وضع الولايات الأخرى مؤكدين أنهم يرفضون أن ينفصلوا عن طريق ثورة شعبية.
3 ولايات فى البرازيل تخطط بطلب الانفصال
فى سبتمبر الماضى كشف أحد زعماء حركة "الجنوب الحر" البرازيلية أن 3 ولايات جنوبية وهى "سانتا كاترينا، بارانا، وريو جراندى دو سول" تخطط لإجراء مشاورات بشأن إجراء استفتاء للانفصال عام 2018، وحسب وكالة "نوفوستى" الروسية للأنباء إن الأسباب التى دعت إلى ذلك هى ما وصفوه بـ"المعاناة من فقدان الموارد وسوء توزيع الضرائب" بالإضافة إلى "فقدان الأمل فى المستقبل تحت قيادة البرازيل".
البرازيل
وأوضحت الوكالة أن عدد سكان هذه الولايات الثلاثة يبلغ 29 مليون شخص. وتأسست حركة "الجنوب الحر" عام 1992 فى إحدى مدن ولاية سانتا كاتارينا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة