خالد عزب يكتب: الصين والابتكار والعلم.. تحديات المستقبل

الأحد، 03 ديسمبر 2017 12:00 ص
خالد عزب يكتب: الصين والابتكار والعلم.. تحديات المستقبل خالد عزب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فى زيارة أخيرة لى للصين زرت مدينة تشيندو، حيث تتركز معامل البحث العلمى وركيزة صناعية كبيرة، هذا يقتضى سبر غور العلم فى الصين فمنذ العام 2007م إلى العام 2012م بلغ إجمالى الاستثمارات المستخدمة فى العلوم والتكنولوجيا من الأموال المركزية 872.900 مليار يوان، هذا الرقم المفزع يقودنا إلى التساؤل هل كشفت الصين حقا عن برامجها البحثية بوضوح؟ فى حقيقة الأمر لا، لأن المتابع بجد للصين سيكتشف أننا لا نعرف الكثير، حتى الأوروبيين والأمريكيين لا يعرفون الكثير، فالصين غير معنية بالكشف عن كل ما لديها، قد يكون هذا بسبب المنافسة الشرسة مع الغرب أو لارتباط البحث العلمى بالصناعات العسكرية الصينية.

 

هنا يجب أن نشير إلى أن الصين التى احتفلت فى العام 2015م للمرة الأولى بفوز بجائزة نوبل حين منحت يويوتو التى قادت فريق فى بكيت لاكتشاف عقار لعلاج الملاريا.

 

وتقاسمت الجائزة مع اثنين من العلماء هما ويليام سى كامبل من جامعة درو فى ماديسون بولاية نيوجيرسى وساتوشى أومورا من جامعة كيتاساتو فى اليابان، وذلك لتطويرهما علاجات مضادة للديدان المدورة الطفيلية.

 

لكن المتوقع خلال السنوات القادمة أن تستحوذ الصين على مزيد من جوائز نوبل فى العلوم، هذا ما دفع مجلة Nature إلى ذكر أن الصين خلال العقدين الماضيين تقدمت تقدما هائلاً فى مجال العلوم، فقد فاق استثمارها فى الأبحاث العلمية والتنموية الاتحاد الأوروبى ويتوقع أن يتخطى انفقاها الولايات المتحدة بنهاية هذا العقد، وقفزت نسبة مشاركة العلماء الصينيين فى تأليف الأوراق البحثية المنشورة عالميا من 2.4% عالميا فى العام 1997م وإلى 19% فى العام 2014م، بينما كانت نسبة الولايات المتحدة 25%.

 

من هنا يقود مجموعة من كبار علماء الصين جهود حثيثة لرعاية صغار الباحثين، ومنهم تشونج دينج عالم النبات وشيتاو تشاو عالم المناعة، وهؤلاء العلماء يستندون إلى الثقافة الصينية الموروثة التى تمثل أحد أسرار تماسك الصين إلى اليوم فمن المقولات الصينية المأثورة "إذا قام أحد بدور المعلم لك ليوم واحد فقط، فعليك اعتباره فى مقام والديك حتى آخر عمرك" لذا فالعلاقة بين العلماء الصينيين وصغار الباحثين علاقة خاصة جداً، تعكسها الكلمة الصينية "شيفو Shifu" التى تصف العالم الراعى والمعلم فهذه الكلمة من مقطعين "لاوشى Laoshi" "وأب Fugin" هنا ترى أن طبيعة هذه العلاقة من المسلمات، وهى التى أدت إلى سرعة وانضباط البحث العلمى فى الصين.

 

ونرى العديد من الكتب صدرت فى الغرب لتفسير البحث العلمى فى الصين وتقدمه ومنها كتاب "من السور العظيم إلى المصادم العظيم".. الصين فى رحلة للكشف عن أسرار الكون" الكتاب يقدم إجابة لماذا يبنى "المصادم العظيم" فى الصين فى تعاون بحثى أوروبى صينى غير مسبوق فى مجال الفيزياء، الكتاب ألفه كل من ستيف ناديس وشينج تونج ياو.

 

لم يكن هذا هو التعاون الوحيد بين الصين وأوروبا بل أطلقا سويا مسيار فضائى هو "النجم المزدوج" الذى تم إطلاقه مع والة الفضاء الأوربية فى العام 2003م، لدراسة العواصف المغناطيسية، ليؤكد هذا ولوج الصين بقوة عالم الفضاء والأقمار الصناعية، فيبقى السؤال إلى أى مدى تذهب الصين فى صناعة العلم مستقبلاً؟

 

إن كل خطوة تبنى عليها الصين خطوات فالأقمار الصناعية سمحت للصين بصناعة سيارة بدون سائق توجه بالأقمار الصناعية وتنافس مثيلاتها الأمريكية، هذا أدى إلى منافسة حتى اليابان فى مجال صناعة الإنسان الآلى واستخداماته، فصنعت غرفة عمليات الطبيب بها إنسان آلى هنا تبدو الصين واعية لما سيحيق بها مع ارتفاع سن الشيخوخة وتراجع المواليد، وارتفاع تكلفة اليد العاملة فى الصين فى ظل ارتفاع مستوى المعيشة فى الصين، فالشيخوخة أهم تحديات الاقتصاد الصينى حيث انخفض معدل المواليد فى ثانى أكبر اقتصاد فى العالم خلال العقود الماضية نتيجة لتبنى الصين سياسة "الطفل الواحد" للأسرة منذ العام 1980م، وارتفاع معدل التعليم والتحضر، كما تراجع أيضاً معدل الخصوبة بكل امرأة صينية من حوالى اثنين فى بداية عقد التسعينيات من القرن الماضى إلى 105 فقط فى عام 2010، وهو معدل أقل بكثير من معدل الإحلال الطبيعى للسكان، ما أدى إلى تراجع معدل النمو السكانى فى الصين.

 

ومن المتوقع أن يرتفع إجمالى عدد السكان فى الصين تدريجيا ليصل إلى نحو 1450 مليون شخص فى عام 2035 ومنذ ذلك التاريخ حتى العام 2050 من المتوقع أن ينخفض إجمالى عدد السكان الصينيين بحوالى 64 مليون نسمة.

 

إن السوق الصينية الضخمة تجعل من الصين دولة ذات فرص متعددة واعدة، مما يجعل هناك فرصا خاصة لصناعة تكنولوجيا المعلومات فهواوى الصينية تحظى بدعم مطلق وهى قريناتها من الحكومة الصينية بل والشعب الصينى الذى يرى فى صناعة تكنولوجيا المعلومات تحدى حقيقى للولايات المتحدة الأمريكية، هنا يبرز قطاع الخدمات، فهناك ارتفاع سريع فى القوة الشرائية للمستهلكين الصينيين، ففى مجال التجارة الإلكترونية، أصبحت الصين بالفعل من أكبر الأسواق فى العالم، بعدما بلغت قيمة المبيعات حوالى 400 مليار دولار فى العام 2013 متفوقة بذلك على الولايات المتحدة، ويعود ذلك إلى الاستخدام الواسع لشبكة الإنترنت والهواتف الذكية فى العديد من المدن الصينية.

 

إن حجب الصين عدداً من المواقع الرقمية الأمريكية والأوروبية، تعتبره دفاع عن الذات والهوية، لذا فالصين تبنى حاليا برامج ضخمة للابتكار والإبداع من منطلقات الثقافة الصينية، فهى تعد شركاتها لتصدر الموضة من الصين، كما تصدر الطرازات الجديدة من السيارات والأثاث والساعات والهواتف الذكية، أنها تخطط لينتقل دور باريس وميلانو إليها، فهل تنجح فى ذلك؟







مشاركة



الموضوعات المتعلقة


لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة