سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 22 ديسمبر 1921.. الاحتلال البريطانى يقرر منع سعد زغلول وصحبه من أى نشاط سياسى.. و«سعد» يرفض

الجمعة، 22 ديسمبر 2017 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 22 ديسمبر 1921.. الاحتلال البريطانى يقرر منع سعد زغلول وصحبه من أى نشاط سياسى.. و«سعد» يرفض سعد زغلول

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كانت الساعة الحادية عشرة وخمسة وأربعين دقيقة صباح يوم الخميس، 22 ديسمبر «مثل هذا اليوم» 1921، حين توجه وكيل حكمدار بوليس القاهرة إلى «بيت الأمة»، بيت الزعيم الوطنى سعد زغلول باشا، لتسليم السكرتير الخاص لسعد باشا كتابًا من الجنرال «كلايتون»، مستشار وزارة الداخلية، حسب تأكيد فخرى عبدالنور فى مذكراته عن «دار الشروق-القاهرة». ويعد «عبدالنور» من زعماء الوفد التاريخيين القريبين من «سعد»، وتوفى فى 9 ديسمبر 1942 وهو يخطب تحت قبة مجلس النواب.   
 
نص كتاب «كلايتون» إلى سعد زغلول: «بناء على تعليمات المارشال القائد العام، أبلغ معاليكم الأمر الآتى.. سعد باشا زغلول ممنوع بهذا، تحت الأحكام العرفية، من إلقاء الخطب، ومن حضور اجتماعات عامة، ومن استقبال وفود، ومن الكتابة إلى الجرائد، ومن الاشتراك فى الشؤون السياسية، وعليه أن يغادر القاهرة بلا توانٍ، وأن يقيم فى مسكنه بالريف تحت مراقبة مدير المديرية».
 
ويؤكد «عبدالنور» أن وكيل الحكمدار سلم إلى سكرتير سعد باشا أيضًا خطابات مماثلة إلى كل من سينوت حنا بك، ومصطفى النحاس بك، والأستاذ مكرم عبيد، وفتح الله بركات باشا، وعاطف بركات بك، وصادق حنين بك، وجعفر بك فخرى، والأستاذ أمين عز العرب.
 
رد «سعد» بكتاب نصه: «جناب الجنرال كلايتون، مستشار وزارة الداخلية، نتشرف بإخباركم بأننى استلمت خطابكم بتاريخ اليوم الذى تبلغوننى فيه أمر جناب الفيلد مارشال اللنبى بمنعى من الاشتغال بالسياسة، وإلزامى بالسفر إلى عزبتى بلا تأخير للإقامة فيها تحت مراقبة المدير، وهو أمر ظالم أحتج عليه بكل قوتى، إذ ليس هناك ما يبرره، وبما أننى موكل من قبل الأمة للسعى فى استقلالها، فليس لغيرها سلطة تخلينى من القيام بهذا الواجب المقدس، لهذا سأبقى فى مركزى، مخلصًا لواجبى وللقوة أن تفعل بنا ما تشاء أفرادًا وجماعات، فإننا جميعًا مستعدون للقاء ما تأتى به بجنان ثابت وضمير هادئ، علمًا بأن كل عنف تستعمله ضد مساعينا المشروعة، إنما يساعد البلاد على تحقيق أمانيها فى الاستقلال التام»، ورد الآخرون بخطابات نصها واحد، هو: «جناب الجنرال كلايتون، مستشار وزارة الداخلية، أتشرف بإخباركم أننى استلمت خطابكم بتاريخ اليوم الذى تبلغوننى فيه أمر جناب الفيلد مارشال اللنبى، وردى عليه هو نفس الرد الذى أرسله معالى رئيسنا سعد باشا زغلول اليوم على الخطاب المرسل إليه فى المعنى ذاته».
 
أقدم «اللنبى»، المعتمد البريطانى فى مصر، على هذه الخطوة بعد عودة الوفد الرسمى بقيادة عدلى باشا من إنجلترا، وفشله فى المفاوضات من أجل الاستقلال.
وحسب «عبدالنور»: «انتهزنا فرصة حلول يوم 18 ديسمبر، وهو يوافق تاريخ إعلان الحماية الإنجليزية على مصر سنة 1914، للقيام بحركة احتجاجات واسعة النطاق، تشمل جميع مديريات القطر ومحافظاته ومراكزه، وأصدر سعد باشا بيانًا وجهه إلى الشعب، حثه فيه على الاستمساك بحقوقه كاملة، أيًا كانت الوسائل التى تتبع لمحاربته وتحول دون بلوغ أمانيه»،.
 
ويرى «عبدالنور» أن تحركات «سعد» سببت للسلطات العسكرية البريطانية فى مصر ذهولًا تامًا، زادها أنه أعد العدة لعقد اجتماع سياسى كبير يلقى فيه كلمة، ويلقى مكرم عبيد بيانًا سياسيًا يوم 23 ديسمبر فى نادى «سيروس» بشارع سليمان باشا، ووزعت الدعوة له فعلًا، لكن السلطة العسكرية البريطانية أمرت بمنعه، ويؤكد «عبدالنور» أن «اللنبى» اعتزم أن يضرب الحركة الوطنية الضربة القاصمة، بأن ينفى «سعد» وبعض إخوانه خارج البلاد.
 
غير أن عباس محمود العقاد يرى أن هناك أسبابًا شخصية وراء قرار «اللنبى»، فحسب كتابه «سعد زغلول» عن «مطبعة حجازى- القاهرة»: «أكثر هذه الأسباب الشخصية إنما يرجع إلى استعلاء هؤلاء المندوبين على أبناء البلاد الشرقية التى يحكمونها حكم الملوك المتفردين بالطغيان، ولا يطيقون أن يروا فيها رجلًا يقابلهم مقابلة الند للند، ويعاملهم معاملة المثيل للمثيل، وكان ذلك على العكس من أنهم تعودوا أن ينظروا إلى الكبراء من طبقة الوزراء نظرتهم إلى أناس من طلاب الوظائف، يتزلفون إليهم، ويبتغون الرضى منهم ومن أصحاب الحظوة عندهم».
 
ويدلل العقاد على وجهة نظره: «اللورد اللنبى كان لا يفهم كيف يرجع سعد من أوروبا دون أن يزوره فى دار الحماية، وأرسل إليه من ينبهه إلى هذه الهفوة من طرف خفى، وهو يذكره بتخلفه عن زيارة القصر السلطانى بعد رجوعه، فقال سعد لرسوله: لك أن تبلغ اللورد إذا شئت أننى أعلم واجباتى نحو القصر، وإن فاتنى شىء منها فلا أحب أن أتعلمه من دار الحماية».






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة