كريم عبد السلام

معركة البنسلين والأنسولين

الثلاثاء، 19 ديسمبر 2017 03:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
المعركة الحاسمة التى خاضتها هيئة الرقابة الإدارية لفض أزمة المتلاعبين بالأدوية الحيوية التى تمس قطاعا كبيرا من المواطنين، أو ما عرفت بأزمة البنسلين والأنسولين، كشفت حجم الفساد المتوارث منذ عقود فى مختلف قطاعات المجتمع، كما كشفت القابلية للفساد بين مختلف فئات المجتمع أيضا، حتى فى أشد الظروف التى ننادى فيها بتوحد الجهود وإنكار الذات وتقديم المصلحة العامة على المصالح الشخصية من أجل تقدم وبناء بلدنا.
 
الحمد لله أن رجال الرقابة الإدارية استطاعوا تتبع أصل الداء فى أزمة البنسلين والأنسولين وضبط المتورطين فى إهدار المال العام وصناعة أزمات الدواء حتى يتربحوا الملايين على حساب معاناة ملايين المرضى وذويهم وكذا تكبيد ميزانية الدولة المبالغ الطائلة التى تذهب فى النهاية إلى جيوب عصابة على بابا والعشرين حرامى.
 
نجاح الرقابة الإدارية فى توجيه ضربات مؤثرة إلى الفساد والفاسدين، يعنى إرسال رسالة إلى الجميع بأن كل مسؤول أو موظف بالدولة خاضع للرقابة فيما يخص عمله ومصالح الناس وحقوق الدولة، وأن أى تهاون أو محاباة أو محاولة للتربح وتحقيق مكاسب شخصية على حساب حقوق الناس ستواجه بالقانون، وما يعنيه ذلك من عقوبات.
 
 ولكن المتمعن فى كيفية سير الحياة وتعاملاتها عندنا يعرف أن جهد الرقابة الإدارية هو الجهاد الأصغر المتعلق بالمصالح والهيئات الحكومية والجهات المرتبطة بها، لكن الجهاد الأكبر منوط بنا نحن المصريين فى كل فئات وقطاعات المجتمع الأخرى، فالأغلبية الساحقة منا ضعفت معاييرهم فى الإتقان والإخلاص لما يتصدون له من أعمال ومهام، كما ضعف إيمانهم بقيمة العمل نفسه أيا كان نوعه وطبيعته كما تسعى الأغلبية الساحقة إلى تعظيم منافعها وأرباحها من أى شىء تتصدى لعمله وفى المقابل ضعفت إلى حد كبير ثقافة الخدمة العامة والتطوع.
 
 لن تستطيع الرقابة الإدارية ومعها كل الأجهزة الرقابية الأخرى مواجهة الفساد والقضاء عليه، مادام الفساد الصغير والكبير متجذرا فى المجتمع، ومادامت مصطلحات الرشوة المقنعة مثل «الشاى بتاعى» و«الدرج المفتوح»، و«الإكرامية» و«الحلاوة» و«تمشية الحال» و«تفتيح المخ»، موجودة ولها معانٍ ودلالات فى قاموسنا الحياتى، وغالبة على قيم العمل والاجتهاد والشرف والضمير المهنى والأخلاقى.
 
 الفساد للأسف الشديد أصبح أحد أساليب الحياة بمجتمعنا خلال الأربعين عاما الأخيرة، وأدى ذلك إلى دهس قيم كثيرة كانت بمثابة جهاز المناعة للمصريين، وعلينا أن نعمل معا لنعيد لمناعتنا المجتمعية قوتها ونعيد لقيم الشرف والأخلاق والاجتهاد والعمل قوتها ونصاعتها.
وللحديث بقية






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة