من أهم ميزات المهرجانات أو البانوراما الأوروبية هو أن الجمهور يتنفس، بمعنى آخر أن الفرصة تكون أكبر وأكثر تنوعًا، لمشاهدة سينما مختلفة إنتاجات أوروبية وآسيوية ومن أمريكا اللاتينية، فرصة حقيقية لغسل الروح بمشاهدة أفلام تحمل قضايا إنسانية بشر من لحم ودم يشبهوننا فى أحيان كثيرة رغم اختلاف الثقافات بعيدًا عن السينما التجارية الأمريكية، والبطل الأسطورى الأمريكى القادر دائمًا وأبدًا على قهر العدو أى كان.
ومن بين الأفلام الجيدة التى عرضت فى المسابقة الرسمية بالدورة الـ39 لمهرجان القاهرة السينمائى ورغم أن الفيلم خرج بدون جوائز إلا أنه واحد من أفضل الأفلام التى عرضت كما أنه متاح على الإنترنت لمن يرغب فى مشاهدته فهو الفيلم الإيطالى Fortunata والفيلم يحفل بالعديد من العناصر الفنية المهمة بدءًا من التمثيل والتصوير والمونتاج والشخصيات الدرامية والتى يحمل بعضها روح شخصيات المخرج الإيطالى فللينى وتحديدًا شخصية الأم -الممثلة المعتزلة والتى أصابها الزهايمر وإرهقها وهى جارة البطلة والدة صديقها المقرب، ورغم أن السرد يبدو تقليديًا إلا أن توظيف مشاهد الفلاش باك كان شديد الذكاء فى بناء السيناريو وتطور الأحداث Fortunata هو عنوان الفيلم.. واسم البطلة أيضًا الأم الوحيدة التى تربى ابنتها الطفلة الغاضبة والتى تعمل مصففة شعر، وفِى نفس الوقت تعانى من عنف وقهر زوجها السابق لها، والذي يعمل ضابط شرطة سواء كان قهرا نفسيا أو جسديا، Fortunata والتى عاشت هى الأخرى طفولة غير سعيدة، حيث كان والدها يعانى من اكتئاب شديد وإدمان وعندما قرر أن ينهى حياته بالغرق فى البحر ساعدته وهى طفلة ووقفت على الشاطئ لتراقبه وهو يغرق.. تبدو قصة الفيلم تقليدية، ولكن إيقاع الفيلم وتركيبة الشخصية والتى تبدو وكأنها فى حالة لهاث وسرعة دائمة، فى كل تفاصيلها الحياتية أضفى على الفيلم إيقاعًا مميزًا، وروحًا خاصة نظرًا لتمييز أداء البطلة، وابنتها الصغيرة والعلاقة التى تحمل حبًا، وجدار من الخوف كان الأم ترى في ابنتها انعكاس لطفولتها، والفتاة ترى ما سيكون عليه مستقبلها، لذلك هناك غضب مكتوم، ورغبة دائمة فى التحرر.
Fortunata
Fortunata
تنتقل من الضواحى إلى المدينة؛ لتذهب إلى منازل الأثرياء كي تصفف شعر النساء، تكافح "فورتوناتا" يوميًا عازمة على تحقيق حلمها، بأن تفتح صالونًا خاصًا بها في محاولة لتحرير نفسها والحصول على استقلالها والحق في بعض السعادة.
Fortunata
Fortunata
فورتوناتا رغم صراعاتها النفسية، مع الزوج السابق والابنة، وجارها صديقها الأقرب لروحها، وطبيب ابنتها النفسي الذي تدخل معه فى علاقة، لا تتوقف عن الحلم بأن تمتلك كوافير خاص بها بعد أن تربح اليانصيب، والذي ظلت طوال الأحداث تحلم به مع صديقها، نرشح الفيلم للمشاهدة لمن يبحث عن سينما أوروبية وتحديدا سينما إيطالية تحفل بالكثير من العناصر الفنية، فورتوناتا امرأة تشبه الكثيرات ممن تقهرهن الحياة الا أنها لا تتوقف عن المقاومة والحلم ..الفيلم إخراج سيرجيو كاستيليو.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة