بقلق متزايد وتحركات مكثفة على صعيد الأمن والاستخبارات، تستعد دول أوروبا لاحتفالات الكريسماس وأعياد الميلاد وسط مخاوف من استهدافها بعمليات إرهابية منفردة فى ظل موجة العودة إلى القارة العجوز التى بدأها مقاتلو تنظيم داعش الإرهابى بعد هزيمتهم فى ميادين سوريا والعراق.
أفراد من الجيش البلجيكى فى شوارع بروكسل
وفى الوقت الذى أعلنت فيه بغداد تحرير كامل التراب العراقى من التنظيم الإرهابى، تسود القارة العجوز حالة من الحذر، دفعت دولاً إلى إعلان حالة الطوارئ، وقادت دولاً آخرى لتمديد تواجد الجيش لمساعدة الأجهزة الأمنية فى مهامها داخل الحدود، وسط تحذيرات من خبراء عسكريين دوليين من ضعف تلك الجيوش وإنهاكها لتواليها أعباء إضافية.
وقبل يومين، أعلنت بلجيكا تمديد تواجد الجيش داخل الحدود شهراً إضافيا، وقالت الحكومة إن هذا الاجراء يأتى لاستمرار مساهمة الجيش الوطنى فى مهام التأمين ومكافحة الإرهاب وحفظ استقرار البلاد بجانب الشرطة. وتضمن القرار استمرار انتشار ألف جندى من القوات المسلحة داخل الحدود حتى نهاية يناير من العام المقبل بحسب ما ذكرته وسائل الإعلام فى بروكسل.
انتشار الجيوش داخل الحدود بدأ يتزايد داخل العديد من دول أوروبا
وفى بلجيكا يشارك قرابة 40% من جنود الجيش مكلفين بخدمات أمنية داخل الدولة حتى وقت قريب، بحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، مما يعنى، بالنسبة لقياديى الجيش، وقتا أقل لإجراء التدريبات العسكرية، وبالتالى نقصا فى القدرات القتالية الأساسية.
وقال قائد القوات البرية فى الجيش البلجيكى مارك ثايس، إن هناك جنودا فى سلاح المدفعية لم يطلقوا قذيفة واحدة من مدافعهم على مدار 16 شهر، فى تلميح إلى انشغال الجنود بمهام مدنية.
وأضاف ثايس: "الأمر أشبه بأن تطالب منتخبنا لكرة القدم الذى لم يلعب مباراة طوال العام بالذهاب إلى كأس العالم. هذا لا يصح".
ومن بروكسل إلى لندن، لم تختلف حالة الارتباك والترقب كثيراً، حيث رفعت الأجهزة الأمنية البريطانية حالة الطوارئ استعدادا لاحتفالات عيد الميلاد والكريسماس، خوفاً من استهداف الميادين والشوارع الحيوية بعمليات إرهابية منفردة، خاصة بعدما شهدت المملكة المتحدة العديد من عمليات الطعن والدهس والتفجير على مدار العام الحالى.
رئيسة وزراء بريطانيا تريزا ماى
ويأتى ذلك فى وقت كشفت فيه صحيفة الإندبندنت إحباط الأجهزة الأمنية مخطط سابق لاغتيال رئيسة الوزراء تيريزا ماى داخل مقر الحكومة فى داوننج ستريت، مشيرة إلى أنه تم القبض على رجلين كانا يخططان لتنفيذ الهجوم عبر قنبلة على شكل حقيبة لنسف بوابات داوننج ستريت، ثم مهاجمة الحرس بالسكاكين.
وضمن تقريرها، ذكرت الصحيفة البريطانية نقلاً عن أندرو باركر رئيس جهاز الاستخبارات الداخلية "MI5" إنه تم خلال الفترة القليلة الماضية احباط 9 هجمات إرهابية كان مخطط لها بهدف إثارة الفوضى والذعر بين المواطنين، ذلك بخلاف ما وقع بالفعل من علميات إرهابية.
وتشارك العديد من الجيوش الأوروبية فى مهام تأمين داخل الحدود منذ ظهور تنظيم داعش واكتواء عواصم القارة العجوز بنيران الإرهاب.
وحذر مسئولون وخبراء عسكريون بحسب تقرير نشره موقع "بلجيك 24" من أن الاستعانة بجنود الجيوش فى دول القارة لأداء مهام حفظ الأمن ومكافحة الإرهاب، يضعف القدرات القتالية لهذه الجيوش فى أوقات الحرب، فضلا عن كون الجنود غير مؤهلين أو مدربين على مثل هذه المهام.
ويقول أستاذ الاقتصاد العسكرى البلجيكى والى سترويس، إن الجنود فى هذه الحالات "يقفون أمام المبانى، ويفعلون كل شىء بخلاف ما تدربوا عليه. هذا يشبه عمل العلاقات العامة".
وبينما يرى مؤيدو انخراط جنود الجيش فى أعمال حفظ الأمن ومكافحة الإرهاب أن وجودهم فى الشوارع والمناطق المزدحمة يشعر المواطنين بالأمان وبأن الحكومة تكافح الإرهاب، يقول منتقدون إن استهلاك الجنود فى مهام لا يجيدونها غير مفيد، بل يأتى على حساب ما يجب أن يتدربوا عليه من عمليات عسكرية.
وتبرر الدول التى تستخدم جيوشها فى مهام الامن الداخلى بكون هذا الاجراء فعال ويطمئن الشعوب، إذ انه ووفقا للمركز الأوروبى لدراسات مكافحة الإرهاب، والاستخبارات، فأن مسألة استمرار دور عناصر الجيش فى مساعدة السلطات الأمنية على توفير الاستقرار وتأمين المراكز الاستراتيجية، قالت المتحدثة باسم شرطة بروكسل إيلس فان ديكير أن "النقاش مستمر فى هذا الصدد، وحتى الآن الجيش يساعد الشرطة، وهو الأمر الذى يعطى المواطنين شعورا إيجابيا بالأمن، والعمل المشترك بين الشرطة والجيش يسير بشكل جيد، ولا توجد أى مشكلات فى هذا التعاون".
مشاهد من حادث دهس لندن الأخير
وتعرضت عدة مدن أوروبية خلال السنوات القليلة الأخيرة لهجمات إرهابية، دفعت الحكام إلى اتخاذ قرارات استثنائية، من بينها إشراك قوات الجيش فى مهام حفظ الأمن فى المناطق الحيوية، وهو ما حدث فى باريس وبروكسل وروما ومدن أوروبية أخرى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة