محمد شومان

ملاحظات على قانون حرية تداول المعلومات

السبت، 04 نوفمبر 2017 03:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أعلن مكرم محمد أحمد، رئيس المجلس الأعلى للإعلام، عن مشروع قانون حرية تداول المعلومات، وجاء الإعلان فى موعده، فمصر، وليس فقط جماعة الصحفيين، فى أمس الحاجة إلى قانون يتيح وينظم الحق فى الحصول على المعلومات ونشرها، لاسيما أن هناك حوالى 140 دولة قد أصدرت قوانين لضمان حرية وشفافية حصول المواطنين على المعلومات، ومن بين هذه الدول دول عربية وأفريقية عديدة. القصد أن المشروع بغض النظر عن أى ملاحظات عليه هو خطوة للأمام، لأن إتاحة المعلومات هى التى تضمن الحق فى المعرفة وتؤسس للديمقراطية ومشاركة المواطنين فى الشأن العام.
 
وينص الدستور المصرى على حق المواطن فى الحصول على المعلومات، من هنا جاء مشروع القانون الذى طرحه المجلس الأعلى للإعلام ليؤكد ويُفعّل هذا الحق، والحقيقية أن المشروع احترم إلى حد كبير المواثيق الدولية والمعايير العالمية المتفق عليها بشأن حرية تداول المعلومات وآليات ضمانها، وكذلك المعلومات المحظورة التى ترتبط بالأمن القومى أو الأسرار الصناعية والتجارية والمحادثات بين الدول، وكذلك الفترة الزمنية المقررة للرد على طلب الحصول على المعلومات، لكن تبقى عدة ملاحظات سأكتفى بأربع منها فقط، أرجو التفكير فيها عند تعديل هذا القانون وإقراره بصورة نهائية:
 
الملاحظة الأولى تتعلق بضرورة توسيع مجال الحوار المجتمعى الذى دعا إليه مكرم محمد أحمد لمناقشة المشروع وإقراره فى صورة نهائية قبل عرضه على البرلمان، فلا يكفى أن تناقشه ثلاث مؤسسات صحفية عامة، ولابد من مشاركة كل الصحف العامة والخاصة، والأهم إشراك المجتمع المدنى والجامعات والمؤسسات الحكومية، لأن القانون يرتبط بمصالح واهتمامات كل هؤلاء، ويخاطب كل أفراد المجتمع، لذلك لابد من توسيع دوائر الحوار المجتمعى وتمديده لعدة أسابيع.
وقد لفت نظرى وأثار قلقى وجود حالة من عدم الاهتمام بالمشروع رغم أهميته، فلم يلقَ المشروع الاهتمام المستحق من وسائل الإعلام ولا من المجتمع المدنى، وهو ما يثير أسئلة كثيرة أهمها هل المناخ العام لا يشجع؟ أم أن المصريين مشغولون بقضايا أخرى كالغلاء ومقاومة الإرهاب؟ أم أن هناك حالة من الشك فى إمكانية تطبيق مثل هذا القانون، وهنا لابد من الإقرار بأن لدينا فى مصر قوانين ديمقراطية عظيمة، لكن بيروقراطية التطبيق وجمود اللوائح التنفيذية تقتل هذه القوانين أو تجمدها، وتحولها إلى مجرد نصوص بلا معنى أو فائدة حقيقية.
 
الملاحظة الثانية: ترتبط بشك أغلب المصريين فى تطبيق القانون الجديد، حيث لا توجد فى مصر ثقافة حرية تداول المعلومات، وبالتالى سيبدع العقل البيروقراطى فى المنع والتضييق على إتاحة المعلومات وتداولها، كما أن غياب هذه الثقافة قد لا يخلق طلبا مجتمعيا على المعلومات، من هنا تأتى ضرورة نشر ثقافة حرية تداول المعلومات، وأن تبادر السلطات العامة، كما تنص المبادئ الدولية، بنشر معلومات عن نشاطها ومواردها وأهدافها وتكاليف ما تقوم به من أعمال، والإرباح أو الخسائر التى تحققها.
 
كذلك من المهم إعادة تأهيل وتدريب المسؤولين فى أجهزة الدولة وشركات القطاع العام والخاص على إتاحة المعلومات وتطبيق القانون، لأن هناك العديد من القيود التى يفرضها القانون على بعض المعلومات، وأخشى أن يتوسع بعض المسؤولين الحكوميين فى تفسيرها أو أن يقوموا بتطبيقها بشكل فيه قدر من التعسف والمنع، ومن جانب آخر هناك مخاوف من أن تأتى اللائحة التنفيذية للقانون لكى تكبله وتضع عراقيل جديدة على المعلومات غير المسموح بنشرها، أو أن تفرض رسوم مالية مُبالغ فيها مقابل الحصول على المعلومات.
 
الملاحظة الثالثة: نص مشروع القانون على فرض غرامات على كل من يمتنع عن تقديم معلومات يتيحها القانون، وتراوحت من 3 آلاف وعشرة آلاف، وترتفع إلى 20 ألف جنيه أو الحبس لمدة سنة أو بالعقوبتين لكل من أتلف سجلات أو دفاتر، ولاشك أن هذه العقوبات متواضعة للغاية مقارنة بالغرامات التى تفرضها قوانين أغلب دول العالم، ومقارنة بالتضخم وانخفاض قيمة الجنيه المصرى، مما قد يشجع البعض على انتهاك القانون، لأن قيمة الغرامة لن تمثل عقابا لمن يرغب بشكل متعمد فى إخفاء معلومة أو تقديم معلومة غير صحيحة، لذلك أقترح تشديد العقوبات وزيادة قيمة الغرامات المالية، ومدة الحبس لمن يتلف دفاتر أو سجلات، لأن هذه السجلات هى وثائق مهمة وقد يكون من بينها وثائق تاريخية مهمة.
 
الملاحظة الرابعة خاصة بإنشاء مجلس أعلى للمعلومات لضمان تطبيق القانون والنظر فى التظلمات وهو كيان تأخذ به بعض الدول، بينما تكتفى دول ديمقراطية عريقة بوجود مفوض عام للمعلومات كما هو الحال فى فرنسا وبريطانيا، وكنت أفضل الاكتفاء بمفوض مستقل يستعين ببعض الخبراء ورجال القضاء، لأننى أخشى أن يتحول المجلس الأعلى للمعلومات فى مصر إلى جهة بيروقراطية تمنع ولا تساعد على الإفصاح وحرية تداول المعلومات، خاصة أن أغلبية أعضاء المجلس فى نص مشروع القانون يمثلون جهات حكومية، ما يعنى أن الحكومة هى التى ستقوم بتطبيق القانون، وقد تتوسع فى المنع، صحيح أن القانون سمح بالطعن على قرارات المجلس أمام القضاء، لكن ما أحوجنا للتخفيف عن القضاء، لذلك أقترح أن تكون أغلبية هذا المجلس لممثلين عن المجتمع المدنى ممن يُشهد لهم بالاستقلال، إضافة لأعضاء فى البرلمان.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة