علا الشافعى تكتب: المرأة بطلة الدورة 39 لمهرجان القاهرة السينمائى.. معظم الأفلام المعروضة كانت المرأة محورها الرئيسى والمحرك الأساسى للأحداث.. مقهورة وضحية إدمان والدها وعنف زوجها فى فيلم "فورتوناتا"

الخميس، 30 نوفمبر 2017 10:00 ص
علا الشافعى تكتب: المرأة بطلة الدورة 39 لمهرجان القاهرة السينمائى.. معظم الأفلام المعروضة كانت المرأة محورها الرئيسى والمحرك الأساسى للأحداث.. مقهورة وضحية إدمان والدها وعنف زوجها فى فيلم "فورتوناتا" علا الشافعى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

هل نستطيع أن نطلق على الدورة الـ39 لمهرجان القاهرة السينمائى "دورة أفلام المرأة"؟ فى ظنى أن ذلك ممكن إلى حد كبير، فالمتابع لأفلام المهرجان بشكل عام سيلحظ حضورًا لافتًا للمرأة من زوايا مختلفة.

 

كما أن المتابع لمسابقة أفلام أسبوع النقاد تحديدًا - عرض خلالها 7 أفلام - والتى يتولى مسئوليتها الناقد رامى عبد الرازق، يعرف أنه اختار "تيمة" شديدة الوضوح بعنوان "المرأة مفتاح العالم"، مؤكدًا فى كلمته الافتتاحية بدليل المهرجان "أن الأفلام التى وقع الاختيار عليها تعتمد فى ثيماتها على وجود عنصر نسائى كمحور محدد للدراما الفيلمية، بدت الأفلام التى تتخذ من المرأة فى مختلف تجلياتها العمرية والاجتماعية والنفسية دون أن تنساق وراء النسوية تجتمع بجانب بعضها البعض حتى شكلت زاوية واضحة التوجه يمكن أن نرى المرأة عبر الفيلم هى مفتاح قراءة العالم".. ومن هذه الأفلام "افا" إخراج ليا ميسيوس، و"تشارلى فقط" إخراج ريبكا فورتشن، و"البجعة" إخراج اسا هيلجا، و"نجوم القرية" إخراج ريما داس، وإذا نظرنا إلى المسابقة الرسمية والأفلام التى عرضت بها حتى الآن - تضم 16 فيلمًا - سنجد أنها تضم العديد من الأفلام التى تشكل المرأة محورا لموضوعها، أو تلك التى تمثل فيها المرأة محركًا للأحداث.

 

just charlie
just charlie

 

صحيح أن هناك أفلاما تتناول العنف والتطرف والقهر الإنسانى، كما تتناول ظواهر اجتماعية - يبدو أنها لم تعد محلية مثل الانفصال والطلاق بين الأبوين  إضافة إلى ما يسود العالم من حالة عبثية ومشهد مرتبك، وكأن الشيطان هو من يحكم هذه الحقبة الزمنية - لكن كل هذه "الثيمات" نستطيع أن نقرأها أكثر من خلال الشخصيات النسائية بأفلامها، ومنها الفيلم الإيطالى "فورتوناتا" والهولندى النرويجى "اختفاء"، والكولومبى الأرجنتينى "قتل عيسى"، والسلوفاكى "نينا" والأذرى "بستان الرمان".

 

فورتوناتا
فورتوناتا

 

امرأة مقهورة ضحية إدمان والدها وموته أمام عينيها.. زوج عنيف يستمر فى قهرها، وترفع قضية طلاق للخلاص منه.. وأُخرى تعانى جوعا جنسيا بعد أن غادر زوجها المنزل وتركها مع ابنه ووالده لأكثر من 12 عاما.. امرأة تحاول أن تستعيد علاقتها المرتبكة بوالدتها، وأيضا طفولتها وهى على مشارف الموت.. وأخرى تعول أسرتها بعد مصرع الزوج فى الحرب.. وفتاة تبحث عن قاتل والدها.. أم تساعد ابنها فى تحقيق هويته الجنسية، حيث يكتشف أنه أقرب إلى الفتيات.. تلك هى نماذج لنساء تم تقديمها في أفلام المسابقة الرسمية، فى مهرجان القاهرة السينمائى.

 

فى البداية نتوقف عند الفيلم الإيطالى "فورتوناتا" وهو اسم البطلة أيضا الأم الوحيدة التى تربى ابنتها الطفلة الغاضبة وتعمل مصففة شعر، وفِى الوقت نفسه تعانى من عنف وقهر زوجها السابق  لها، الذى يعمل ضابط شرطة سواء كان قهرا نفسيا أو جسديا، فورتوناتا والتى عاشت هى الأخرى طفولة غير سعيدة، حيث كان والدها يعانى من اكتئاب شديد وإدمان وعندما قرر أن ينهى حياته بالغرق فى البحر ساعدته وهى طفلة ووقفت على الشاطئ لتراقبه وهو يغرق.. تبدو قصة الفيلم تقليدية، لكن إيقاع الفيلم وتركيبة الشخصية والتى تبدو وكأنها فى حالة لهث وسرعة دائمة، فى كل تفاصيلها الحياتية أضفى على الفيلم إيقاعا مميزا وروحا خاصة نظرا لتمييز أداء البطلة، وابنتها الصغيرة والعلاقة التى تحمل حبا، وجدار من الخوف كانت الأم ترى في ابنتها انعكاس لطفولتها، والفتاة ترى ما سيكون عليه مستقبلها، لذلك هناك غضب مكتوم، ورغبة دائمة في التحرر.. فورتوناتا رغم صراعاتها النفسية، ومع الزوج السابق والابنة، وجارها صديقها الأقرب لروحها، وطبيب ابنتها النفسى الذى تدخل معه فى علاقة، لا تتوقف عن الحلم بأن تمتلك كوافير خاص بها بعد أن تربح اليانصيب.

 

أما الفيلم السلوفاكى - التشيكى "نينا" إخراج يوراج ليهوتسكى فتبدأ أحداثه مع نينا الفتاة ذات الـ12 عاما، والتى ينفصل والدها عن أمها فتشعر بانهيار عالمها أمام عينيها، فكل من الأب والأم يظنان أنهما يصنعان الأفضل لصالحها، لكن نينا تستغرق فى حلمها الخاص بأن تصبح سباحة ماهرة تحقق أرقاما قياسية وميداليات  لتهرب من واقعها، خصوصا في ظل خلافات الأم والأب رغم الانفصال والاتفاق على كل التفاصيل، لكن حلم نينا ينهار عندما يقع لها حادث وهى فى سيارة والدها، إثر مشادة هاتفية مع والدتها، وهو ما يؤدى إلى تصاعد الأحداث فالأم تصر على إبعاد الأب نهائيا، وأيضا تجبر نينا أن تبتعد عن السباحة بناء علي تعليمات الطبيب، ونينا تصر على حلمها خصوصا بعد تحسن صحتها.. الفيلم يبدو تقلديا وقضيته موجوده في العديد من المجتمعات، ورغم ذلك فان الأداء الساحر للطفلة بطلة العمل يجعلنا نتوقف أمام الكثير من مشاهده، وأيضا أمام قضية الفيلم والتى يبدو أنها قضية صارت عالمية ولا تخص مجتمع بعينه، لأن التساؤل الإنسانى "ماذا عن الأطفال؟" من حق كل إنسان أن يختار حياته، ومن حقه أن يشعر بعدم التوافق ولكن عليه أن يراعى حق أطفاله فى معاملة إنسانية.

 

بستان الرومان
بستان الرومان

 

وهناك إيضا نموذج آخر لامرأة تعانى من الجوع الجنسي وهى الشخصية، التى تجسدها بطلة الفيلم الاذرى "بستان الرومان"، للمخرج الأذربيجانى إيلجار ناجاف وبطلة الفيلم تركها زوجها لمدة 12 عاما، ترعى ابنهما الوحيد "جلال" ووالد الزوج وبستان الرومان، يعود الزوج ويحاول أن يقنع الجميع أنه عاد ليجمع شمل الأسرة وأن عمله فى روسيا جلب له الكثير من المال، ورغم الإيقاع البطىء للفيلم، تظل الشخصية النسائية فى الفيلم، هى الأقوى تلك بطلة العمل المرأة التى يبدأ المشهد الأول لها وهى عند طبيبة العيون بابنها جلال الذى سقط من فوق السطوح، وأثر ذلك على بصره، وقدرته على تمييز الألوان، نراها فى حياتها صابرة صامتة أغلب المشاهد لا تتكلم كثيرا تعمل فى المنزل، وفِى البستان وبحسية وعنف أحيانا تتلمس الرومان وهى تقوم بإعداده، إلى أن يظهر الزوج الغائب، وبعد 12 عاما ترى نفسها أمام الزوج الذى تركها دون أن تدرى السبب ليس ذلك فقط بل أنه جاء مصابا بنزلة برد شديدة وعليها أن تضع الكاسات الساخنة فوق ظهره والمشهد من أكثر مشاهد الفيلم بلاغة فى التعبير عن حالة الجوع الجنسى وافتقار المشاعر الذى تعيشه تلك المرأة، وساعد على تنفيذه بحرفية أداء الممثلة والتى اعتمدت على انفعالاتها الداخلية وأظهرت ما تعانيه من صراع مِن رجل تركها للبرد النفسى يأكل روحها واحتياجها له فى نفس الوقت وهو المشهد الذى قدمته دون جمل حوارية بين الاثنين.
 
فى سوريا
فى سوريا
 
ومن بستان الرومان إلى فيلم "فى سوريا" للمخرج فيليب فان ليو الذى يتناول الحرب السورية دون أن ينحاز لأى طرف أو جانب من الصراع والجبهات المتعددة.. نحن أمام أسرة محاصرة بطلقات نار وصوت مفرقعات والأم تجسدها الفلسطينية هيام عباس صامدة تمنح أفراد اسرتها القوة والعزيمة والصبر بعد أن ذهب الزوج لمساعدة أقاربه ولم يعد، الأم ترفض الاستسلام وترك ديارها رغم الأذى النفسى والبدنى والاغتصاب.. نجح المخرج ومعه بطلة العمل فى نقل الواقع المرير عبر سيناريو مميز لم ينحاز لأى طرف بل كان مهموما بعكس معاناة الإنسان من خلال تلك المرأة القوية، التى قالت: "هذا البيت بيتى وماحدا يقدر يطلعنى منه". 
 
 
اختفاء
اختفاء
 
وفِى فيلم "اختفاء" إنتاج نرويجى هولندى.. تدور أحداثة حول أم عازفة بيانو شهيرة، وابنتها التى تعمل مصورة وهى العلاقة التى تملك كثير من التنافر، تبدو الأم قاسية شديدة البرودة فى التعاطى والتعامل مع ابنتها التى جاءت لتزورها، بعد غياب لأكثر من عام.. الأم تعيش مع ابنها الصغير حياة مرسومة بدقة كل شىء يخضع للنظام (ولا عجب فهى قد تربت فى مدرسة داخلية أرسلها لها والديها وهى صغيرة) وجزء كبير فى حياتها قضته فى التنقل من بين عواصم المدن لتشارك فى كبريات الحفلات على أهم مسارح العواصم الأوروبية... وتبدأ الحكاية مع وصول "روز" سيدة فى مقتبل العمر تقود سيارتها عبر طريق تحوطه غابات، حيث منزل وحيد وسط الثلوج تستقبلها مجموعة من الكلاب نناديهم بأسمائهم وتحتضن صبيا وتتقاذفان بكرات الثلج، روز التى تأتى للزيارة نراها تراقب امرأة تعمل دون ان تتوقف - وهى الأم - والتى تلقى أسئلة محددة عن زيارة روز والمدة التى ستبقاها.. روز التى جاءت وهى ترغب فى فقط فى أن تخبر والدتها أنها مريضة سرطان وفِى المرحلة الأخيرة، وما بين علاقة معقدة ورغبة من روز فى القفز عن تفاصيل موجعة للاثنتين، تقف روز فى مواجهة والدتها التى تبدو جافة وشديدة القسوة، والبطلتان ممثلتان شديدتى الموهبة قدما واحدا من أجمل مشاهد الفيلم وهى كثيرة وأكثرها اكتمالا.. فيلم اختفاء هو واحد من الأفلام المميزة عن علاقات إنسانية معقدة أو تبدو كذلك بين أم وابنتها.. فى إطار دراما نفسية عائلية.
 
ومن أجمل النماذج النسائية قدمتها بطلة الفيلم الإنجليزى "أنا تشارلى" الذى يعرض ضمن أفلام أسبوع النقاد وهو لأم شديدة التفهم، وتملك قدرا كبيرا من التحمل عندما تكتشف أن ابنها المراهق الواعد والموهوب فى كرة القدم، يرفض جسده وميوله أن يتحول لفتاة وسط رفض كل المحيطين بدءا من الأب والجدة، والضغط المجتمعى وإهانة زملائه فى المدرسة له.. والفيلم إخراج ربيكا فورتشن.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة