أكرم القصاص - علا الشافعي

"الداعية المجدد".. سلاح الأوقاف فى معركتها قبل الأخيرة لمراجعة التراث

الثلاثاء، 28 نوفمبر 2017 06:00 ص
"الداعية المجدد".. سلاح الأوقاف فى معركتها قبل الأخيرة لمراجعة التراث الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف
تحليل – إسماعيل رفعت

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

من جديد وفى إصرار على الاستكمال ورفع السقف العلمى والمهنى، رغم اعتراضات البعض على تدريب الدعاة، فتحت وزارة الأوقاف ملف "الداعية المجدد" المتأهب للمرحلة قبل الأخيرة نحو "فكر دينى متجدد يواكب العصر، وكتب تراث تعتزم الأوقاف تنقيتها كمرحلة أخيرة لفكر عصرى، حيث تعتزم الوزارة مراجعة كتب التراث، وإعادة عرض محتواها فى ضوء متغيرات الزمن والأحوال الاجتماعية والاقتصادية، والفكرية، والأشخاص، بعد تجهيز أبرز أئمتها لذلك، 100 إمام مجدد".

 

وعززت الأوقاف نحو غزوها المجال الصعب "مراجعة التراث-تجديد الخطاب الدينى" بكوادر تقوم بتصنيعهم على قالب الوسطية بعيدا عن التيارات، وتضمن حدود تحركاتهم بعيدا عن "نجوم الشباك، ودعاة التيارات والأجندات" من راغبى الشهرة، حيث تضمنت تحركات وزير الأوقاف على مدى 4 سنوات ونصف إسقاط النرجسيين من نجوم الشباك، والمؤدلجين من الأبواق الفكرية للتيارات، التى تعمل إما لصالح الشهرة والنرجسية الشخصية أو لصالح أجندة على حساب الوطن والدين، وتجاوزهم إلى كيان موحد تضبطه مصلحة الدين، الذى لا يوجد إلا بوجود وطن آمن مستقر يدعو إلى التدين لا التشدد.

 

وحمل خطاب موجه من وزير الأوقاف إلى الأئمة، رسائل تلميحية ضمنية، تعلن عن توجه جديد تعتزم وزارة الأوقاف تدشينه خلال عام من الآن، بواسطة "الإمام المجدد" بمراجعة كتب التراث وقراءتها من جديد.

 

ويفصح لقاء وزير الأوقاف، بأئمة متميزين، يتم تأهيلهم لمستوى إمام مجدد فى عام تدريبى، عن عزمه تكليفهم بمراجعة كتب التراث لعرضها فى ضوء متغيرات الزمن، من خلال أئمة مجددين يفهمون متغيرات الزمن ويدركون أبعاد الأمن القومى، والأبعاد الفقيهة، خاصة ما أسماه وزير الأوقاف بفقه "التنازلات" بتقديم مصلحة ملحة على حساب مصلحة غير ملحة، وتدريب الأئمة على الإفتاء، وإتقان اللغة العربية بدلا من تناول النصوص بتفسير مبتذل عمدا أو جهلا بفهم ظاهر النص دون قياس أو مقارنة، أو ربط ما يقدم أحكام فقهية خاطئة ومغلوطة، حيث إن الفهم الخاطئ للنص يتسبب فى قلب الفتوى.

 

وبعث الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، فى محاضرة علمية ألقاها واقفا، على أئمة الأوقاف، بعدة رسائل ضمنية إلى أئمة الوزارة من رافضى التدريب، الذى أطلقته الوزارة مؤخرًا، ورفضه بعض الأئمة مؤكدين أنهم خريجو جامعة عريقة أعدتهم جيدا، وتلقوا دورة تخصصية فى الدعوة بوزارة الأوقاف، مستهدفا أن يوصل للأئمة رسالة أن العلم يستحق الوقوف له حتى لو كان أستاذا وعميدا سابقا ومحاضرا دوليا، وأن الميدان متسع إذا لم يكن يلم الكبار بكل جوانبه من باب أن العلم غالب، فكيف يزعم خريج جامعة أنه عالم لا يحتاج إلى مزيد من التعلم.

 

وتعمد وزير الأوقاف الحديث واقفا عن قضايا مراجعة التراث، وتراجع اللغة العربية إلى حد فهمها من ظاهر النص، ما انعكس على الفتاوى الدينية بالمساجد، وتسبب فى قلبها، والداعية المجدد، وتوقف تحصيل العلم عند حد إعجاب رواد المساجد الصغيرة بالقرى بالداعية، حيث حمل حديثه واقفا أنه كأستاذ جامعى ووزير حالى ومحاضر دولى أنه صغير فى بحر العلم، فكيف بالأئمة الذين لم يحصل غالبيتهم إلا على درجة الليسانس يرون أنفسهم كبارا على العلم، وعلى التدريب، وعلى الفتوى، وذلك فى محاضرة وضح فيها الوزير عن عمد قدرته على عرض أوجه وتفسيرات للغة العربية أثارت إعجاب الحاضرين وجعلتهم يصفقون مرارا وتكرارا، ما يقنعهم بأن حدود العلم بعيدة وأكبر مما يراها بعضهم من رافضى التدريب.

 

وحملت كلمات الوزير إشارات أخرى غير صريحة، إلى أن تناول الداعية للأمور الفقهية والفتوى واللغة العربية والتفسير ليست على الوضع المطلوب، حيث يفسر البعض مثلا، قوله تعالى "واتقوا الله ما استطعتم"، بأن يشدد على نفسه بينما تفسير الاستطاعة بأقل جهد يناسب حالك، كمن يرفض تنظيم الأسرة مخافة المعصية بينما تنظيم الأسرة أصبح ضرورة لتلاشى الضرر وكون الفقير لا يعبأ إلا بنفسه ويترك أولاده للظروف التى تتأزم بالزيادة فى العدد، كما ترفض آراء فقهية عائدات شهادات قناة السويس بحجج مغلوطة بينما هى مصلحة لكل الوطن وتحقق عائدات للجميع ولا تأخذ من الفقراء لتعطى الأغنياء كما فى الربا بل تعطى الجميع ولا علة لتحريمها والسبب فى الخطأ الفهم القاصر للغة العربية فى تناول النص، حيث يظن معظم الدعاة أنهم يستطيعون قراءة النص وتأويله بينما الحاجة ماسة إلى دراسات أعمق لتلافى أخطاء تأويل النص من خلال التدريب.

 

وكشف لقاء الوزير بالأئمة المتميزين "المستوى الخاص"، وبالواعظات الآئى يعملن بالوزارة، وضمن قائمة الظهور فى الفضائيات بجانب الأئمة، عن عزمه الاتجاه إلى مراجعة كتب التراث من خلال الأئمة المجددين الحالى تدريبهم وعددهم 100 إمام متميز يرجى حصولهم على درجة إمام مجدد من خلال اختبارات تقييم أولية، ثم دورات متعاقبة زمنها 800 ساعة تدريبية، يتم تقييم المستوى باختبارات متعاقبة، فى دورات عن علوم المقاصد فى الشريعة والفقه المؤهلة للإفتاء والرد على الأفكار المغلوطة، وعلوم اللغة وقراءات النص، وعلم المواريث والأحوال الشخصية، وفقه التنازلات لتحقيق المصلحة، والعلوم الإدارية، وأبعاد الأمن القومى التى يراها مؤثرة فى فتاوى تخص الشأن العام والحفاظ على كيان الدولة من الاستهداف وربط بقاء الدين ببقاء الدولة التى يتعبد فيها الفرد، وتبنى له دور العبادة وتحميه ليعيش ويتعبد، وكذلك فقه التعايش والمساواة، بدلا من أقوال منقولة عن كتب اعتمدت على نصوص حقيقية فسرت حسب معطيات زمانها وحملت أوجه تناسب معطيات زمانها.

 

وتأتى مكاشفات وزير الأوقاف، لحال الدعاة لإيجاد أرضية مشتركة عن قناعة أن التجديد ومراجعة كتب التراث وإصدار فتاوى وسطية لن يحدث بمستوى درجة الليسانس والقدرة على الارتجال فى خطبة تعجب مستوى القرية بل بالدخول فى أعماق العلم والتى لا يستطيع فرد أن يحققه لنفسه، أو يحققه بنفسه، بل هو أمر صعب لم يتحقق والعمل عليه لا بد أن يكون مؤسسيا، لدرجة أن مصطلح العالم المجدد قد يكون فردا عالما أو سياسيا كرئيس الدولة، أو مؤسسة مثل الأوقاف، والتى يستهدف الوزير أن يكون فريق عمل يتحول بالتدريب إلى مؤسسة مجددة تراجع كتب التراث وتعيد تفسير النصوص ما يترتب عليه فتاوى تناسب الزمان والمكان، تقدم خطابا دينيا تعايشيا متسامحا يناسب وجه الإسلام الحضارى والحداثة التى نعيشها ويفشل البعض فى التعاطى معها.

 

ويأتى هذا السيناريو للتجديد فى الخطاب الدينى، بديلا عن عمل آخر تراجع عنه وزير الأوقاف كان ينتويه قبل 20 شهرا وهو أن يتناول تجديد الخطاب الدينى وقراءة كتب التراث ومراجعتها بطريقة الاستعارة من خلال أساتذة من جامعة الأزهر على رأسهم الدكتور سعد الهلالى، لكنه عدل عن الفكرة لسببين، الأول: كثرة الاستخدام الإعلامى لقضايا يثيرها الدكتور سعد الهلالى بجراءة تخل بخصوصية بعض القضايا، والتى تصل إلى العامة بشكل خاطئ ما يوحى بالتفريط فى ثوابت الدين، خاصة بعد استخدام تيارات علمانية لأحاديث "الهلالى" فى دعم تفسيرات خاطئة لقضايا دينية بعد اجتزاء كلامه، ثانيا: أن تجديد الأوقاف للخطاب الدينى لن يستقيم بدون تأهيل الدعاة لأن الخطاب الدينى مرتبط بهم وبمواجهة الدعاة بالجمهور فى المساجد، وأنه بمجرد ترك الوزير لمنصبه سينتهى كل شىء ما لم يتجدد فكر الدعاة لينقلوه إلى زملائهم الجدد، كما يستلهم وزير الأوقاف فكرة مرحلة التنوير فى عهد محمد على باشا والإمام المجدد محمد عبده ليصرح قبل شهر ونصف باعتزامه تبادل البعثات إلى فرنسا وتعينه أئمة يتقنون اللغات المختلفة، خاصة الأوروبية، فى تبادل مع كيان جديد هو أكاديمية الأوقاف (الإمام المجدد) المانحة لزمالة الأوقاف.

 

وتتزامن تحركات وزير الأوقاف فى اتجاه التدريب والتأهيل، للعناصر المختارة باختبارات خاصة، مع لقاءات أخرى بأئمة آخرين أعلنوا العصيان ضده ورفضهم التدريب، فى لقاءات مغلقة لفك عقدة الرفض، والحديث معهم صراحة لتغيير موقفهم الذى لم يمنع من التدريب، رغبة فى توسيع أرضية التدريب والتقييم لتشمل جميع الأئمة، لخلق مجتمع دعوى جديد قائم على رفع المستوى العلمى من أئمة إلى علماء أفرغ لهم الوزير أحد القيادات ورقاه إلى درجة مساعد وزير ما كان له أن يشغلها لولا وجود توجه صريح لحسم ملف تجديد الخطاب الدينى ومراجعة كتب التراث حتى لو تغيرت الآلية، وتم تكليف جهة واحدة بالأمر.

 









الموضوعات المتعلقة


مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة