"من فات قديمه تاه".. مثل يلجأ إليه المصريون عندما يجدون أى حلول لمشاكلهم الحديثة فى الماضى، وهذا ما ينطبق حرفيًا على طريقة التعامل مع الهاتف الأرضى الذى كاد يختفى من الحياة اليومية، حتى ارتفعت أسعار كروت شحن الهواتف المحمولة، ما دفع البعض للعودة إلى استعمال خطوط التليفونات الأرضية أو كما يطلق عليها "أبو سلك" مثلما كان شائعًا فى الأوساط الشعبية.
ما يؤكد فكرة عودة البعض لاستخدام الخطوط الأرضية بنسبة أكبر من أى وقت مضى ما كشفه تقرير الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فى 22 نوفمبر الجارى، عن تراجع أعداد المشتركين فى خدمات الهاتف المحمول لـ99.5 مليون حتى أغسطس الماضى، بعدما كانوا 100.3 مليون مشترك حتى يونيو 2017، بانخفاض 800 ألف اشتراك تقريبا، وفى المقابل ارتفع عدد مشتركى خدمات التليفون الثابت "الأرضى" من 6.3 مليون حتى يونيو 2017 إلى 6.4 مليون فى أغسطس الماضى.
وكشف الجهاز فى تقريره الإحصائى، أنه مقارنة بأغسطس 2016 ارتفع عدد مشتركى خدمات الهاتف المحمول من 96.4 مليون مشترك إلى 99.5 مليون، كما ارتفع عدد مشتركى التليفون الأرضى من 6.3 مليون فى أغسطس 2016 إلى 6.4 مليون فى أغسطس 2017.
ويُشار إلى أنه مع انتشار شركات المحمول فى مصر وتنافسها الشديد وتقديم عروض مغرية للمستخدمين دفع الكثيرون إلى اللجوء للهواتف المحمولة باعتبارها أقل فى التكلفة بكثير، كما أنها أكثر عملية، وخلصت المصريين من أشياء كثير منها ضرورة التواجد فى السنترالات بالشوارع من أجل إجراء الاتصالات الهاتفية، وذلك بخلاف قلة جودة المكالمات فى بعض الوقت إلا أن ارتفاع أسعار المحمول سواء على صعيد ثمن الشحن أو الأجهزة نفسها دفع البعض للتفكير فى استخدام التليفون الأرضى كلما أمكن فى محاولة لترشيد استعمال الهواتف المحمولة.
تليفون أرضى
هل يعود زمن أبو سلك؟
"اليوم السابع" طرح تساؤلاً على بعض الوافدين على سنترال الجيزة حول درجة استخدامه للهاتف الأرضى مقابل المحمول بالفترة الأخيرة؟.. وفى البداية، يقول عبد السلام أحمد "40 عاما" يعمل مهندسًا فى إحدى شركات المقاولات الخاصة، إنه يحرص على دفع فواتير التليفون الأرضى خلال السنوات الماضية بانتظام بسبب شبكة الإنترنت التى يستخدمها أولاده فى المنزل، مضيفًا :"بعد ارتفاع أسعار شحت الهواتف المحمولة خلال الفترة الماضية، بدأت أسرته تستخدم الهاتف الأرضى كلما أتيح لهم ذلك، واستخدامهم للهاتف المحمول بدأ يقل إلى حد ما لكنه لايزال متواجدًا لأنه لغة العصر فى النهاية".
وتابع المهندس صاحب الـ 40 عامًا: "اعتقد أنه حال زيادة أسعار شحن الموبايلات أكثر خلال الفترة المقبلة فإن نسبة استخدام الهواتف الأرضية ستزيد لكنها لن تعود مثلما كانت فى السابق، لأن التطور الزمنى لن يمنعه أحد من المضى فى طريقه حتى لو كان ارتفاع الأسعار لأن التكنولوجيا هى المسيطرة، والأجيال القادمة لم تعد قادرة على تفويت فرصة اقتناء أى تطور تكنولوجى يحدث"، مشيرًا إلى أن أسعار اشتراكات التليفون الأرضى زادت فى الفترة الأخيرة لكنها لا تُقارن بكل تأكيد بزيادة أسعار شحن الهواتف المحمولة.
يشار إلى أنه فى 16 أكتوبر الماضى تعم الإعلان عن زيادة قيمة الاشتراك من 36 جنيها لكل 3 أشهر إلى 45 جنيها عن كل ثلاثة أشهر، فى فاتورة التليفون الأرضى، وجاءت الزيادة بعد ارتفاع تكلفة الاشتراك فى الإنترنت.
سنترال الجيزة
وفى نفس السياق، تحدث أسعد عبد الله "62 عامًا"، موظف حكومى على المعاش عن استخدامه للهاتف الأراضى بالمقارنة بالمحمول، قائلاً :"عن نفسى لم أتوقف عن استخدام الهاتف الأراضى وإن كان قد قل بسبب أن معظم عائلتى باتوا يستخدمون الموبايلات، لذا أضطر للاتصال بهم على الهواتف"، مضيفًا :"بالتأكيد ارتفاع أسعار شحن المحمول كان له تأثير على استخدام الموبايل فالبعض حاول ترشيد النفقات قدر الإمكان، واللجوء إلى التليفون الأرضى كان أحد الحلول لكنه ليس حلا نهائيا، فاستخدام الهواتف المحمولة لن يردعه أحد".
وتعليقًا على عدم استخدام الشباب التليفون الأرضى فى الفترة الحالية، يقول أحمد منتصر "22 عامًا، طالب جامعى :"بنسبة كبيرة هذا الأمر صحيح فأنا لا أذكر آخر استخدمت فيها الهاتف الأرضى فى بيتنا بشكل اختيارى لكن فقط أقوم بالرد على الاتصالات الواردة لأسرتى وتحديدًا والدى أو والدتى"، مضيفًا :"أنا حريص على تواجد الهاتف الأرضى فى منزلنا من أجل شبكة الانترنت، وقد استخدمه خلال الفترة المقبلة لو اتيح لى ذلك بمعنى أن الطرف الآخر الذى اتصل به يكون لديه تليفون أرضى أيضًا، إلا أنه فى نفس الوقت لن استغنى عن هاتفى المحمول واستخدامه دائمًا لأن الحياة أصبحت عليه باختصار".
رد شعبة الاتصالات
وتعليقًا على فكرة محاولة المصريين ترشيد استخدام المحمول وإيجاد بدائل له فى ظل غلاء أسعار الشحن، يقول إيهاب سعيد رئيس شعبة مراكز الاتصالات بالاتحاد العام للغرف التجارية :"فكرة ترشيد الاستخدام مطلوب فى كل الأوقات بكل تأكيد لكنى لا اعتقد أن التليفون الأرضى سيعود لمكانته بعدما سحب المحمول البساط من تحت قدميه، واعتاد الجميع على استخدامه"، مضيفاً :"الحصول على شبكة انترنت جيدة كان سبباً رئيسيًا وراء وجود أعداد مشتركة بالتليفونات الأرضية مؤخرًا، بالإضافة إلى الراغبين فى جودة أعلى لأن الخطوط الأرضية معروف أنها أفضل فى نقل البيانات لذا يستخدمها الكثيرون فى شركاتهم ومنازلهم، بينما فى الشارع يتم استخدام المحمول حتى وإن كانت الجودة أقل".
إيهاب سعيد رئيس شعبة مراكز الاتصالات بالاتحاد العام للغرف التجارية
ويتابع رئيس شعبة مراكز الاتصالات بالاتحاد العام للغرف التجارية حديثه قائلاً :"أعتقد أن فكرة البحث عن بدائل لترشيد الأسعار سواء عبر استخدام هاتف الأراضى أو تقليل عدد المكلمات أو الشحن بأسعار أقل من المعتاد عليها بدأت منذ فترة، وليس بعد زيادة أسعار كروت الشحن مؤخرًا، لأن هناك عناصر أساسية قد ارتفعت أسعارها فى حياة المصريين، ومن هنا جاءت الرغبة فى تقليل النفقات بقدر الإمكان".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة