هل انضم جمال عبدالناصر إلى الإخوان؟ قضية طرحها شاب فى سؤال إلى «عبدالناصر»، أثناء مناقشاته مع الشباب بمعسكر تدريب قيادات الشباب بحلوان، يوم 18 نوفمبر «مثل هذا اليوم» 1965، وحسب «الأعمال الكاملة لجمال عبدالناصر-المكتبة الأكاديمية»، طلب الرئيس من الشباب أن يتكلموا بصراحة قائلا: «ماحدش ينكسف من حاجة، اللى عايز يسأل يسأل أى سؤال، يهمنى إنى أسمع الأسئلة اللى بتوجه لكم بره، علشان لما تتسألوا تقدروا تجوبوا، وأنا هنظم لكم الأسئلة بدل الورق.. الصف الأول نبتدى من اليمين، مين عايز يسأل؟».
بدأت الأسئلة حول القضايا المطروحة، وسأل شاب: من ناحية حزب الإخوان، يقول بعض الناس إن الرئيس جمال عبدالناصر نفسه كان مشتركا فى هذا الحزب قبل الثورة، فهل هذا صحيح؟
أجاب عبدالناصر: «أنا قبل الثورة كنت على صلة بكل الحركات السياسية، يعنى مثلاً كنت أعرف الشيخ حسن البنا، لكن ماكنتش عضو فى الإخوان، وكنت أعرف ناس فى الوفد، وكنت أعرف شيوعيين، وأنا باشتغل فى السياسة من أيام ما كنت فى تالتة ثانوى، وفى ثانوى اتحبست مرتين، وأول ما اشتركت اشتركت فى «مصر الفتاة»، ودا يمكن اللى دخلنى فى السياسة، كنت ماشى فى الإسكندرية، ولقيت معركة بين الأهالى والبوليس، اشتركت مع الأهالى، قبضوا على ورحت القسم، بعد ما رحت القسم سألت الخناقة كانت ليه؟ «ضحك وتصفيق»- وكنت فى سنة تالتة ثانوى- فقالوا إن رئيس حزب مصر الفتاة بيتكلم، والبوليس جاى يمنعه بالقوة، قعدت يوم، وثانى يوم طلعت بالضمان الشخصى، رحت انضميت لحزب «مصر الفتاة»، وبعدين سبت «مصر الفتاة» وانضميت للوفد».
وطبعاً الأفكار اللى كانت فى رأسى بدأت تتطور، وحصل نوع من خيبة الأمل بالنسبة لمصر الفتاة، ونفس الشىء حصل مع الوفد، وبعدين دخلت الجيش، وابتدينا نتصل فى الجيش بكل الحركات السياسية، ولكن ماكناش أبداً أعضاء فى الإخوان، والإخوان حاولوا يستغلونا، كانت اللجنة التأسيسية للضباط الأحرار موجودة، وكان معانا عبدالمنعم عبدالرؤوف وكان فى اللجنة التأسيسية، وفى يوم اقترح إننا يجب أن نضم الضباط الأحرار إلى الإخوان، أنا سألته ليه؟ قال: إن دى حركة قوية، وإذا انقبض على حد مننا تستطيع إنها تصرف على أولاده وتؤمن مستقبله، فقلنا له اللى عايز يشتغل فى الموضوع الوطنى لا يفكر فى أولاده، ولا يفكر فى مستقبله، ومش ممكن نسلم حركة الضباط الأحرار، علشان مواضيع شخصية بهذا الشكل، وحصل اختلاف كبير. صمم عبدالمنعم عبدالرؤوف، واحنا كلنا رفضنا.
كان طبعاً فى هذا الوقت الشيخ حسن البنا، الله يرحمه، مات، وكانت لى به علاقة قوية، علاقة صداقة ومعرفة، وأنا لوحدى يمكن اللى كان لى علاقة بحسن البنا، لكن كنت بقول لإخواننا على الكلام اللى بيحصل معاه، وكان لهم تنظيم فى داخل الجيش، وكان يرأس هذا التنظيم ضابط اسمه أبوالمكارم عبدالحى.
قامت الثورة، وفى أول يوم جالى بالليل عبدالمنعم عبدالرؤوف ومعاه أبوالمكارم، وطلبوا إن احنا نديهم أسلحة علشان الإخوان يقفوا مع الثورة.وأنا رفضت، وقلت إن احنا مستعدين نتعاون، وبدأ التعاون، قلت لهم يشتركوا فى الوزارة بعد كده، ورشحوا عدد من الناس، ولكن جه بعد كده تصادم، اتحلت الأحزاب كلها وماحلناش الإخوان، و بعد حل الأحزاب وعدم حل الإخوان، جالى ثلاثة من الإخوان وقدموا لنا شروط، الشرط الأول: ألا يصدر قانون إلا إذا أقره الإخوان، والثانى: لا يصدر قرار إلا إذا أقره الإخوان، أى بمعنى أوضح أن الإخوان يحكموا من وراء ستار، ورفضنا هذه الشروط.
قبل كده قابلت حسن الهضيبى، مرشد الإخوان، فى بيته بمنشية البكرى على أساس تنسيق التعاون بيننا، وطلب منى أولاً: إن أنا أعلن الحجاب فى البلد كلها، «وإن السيدات كلهم يمشوا محجبات زى اليمن يعنى، وأقفل المسارح والسينمات»، إلى آخره، قلت له: أنا مش فاهم أعمل الكلام دا ليه؟ والناس يقولوا رجع الحاكم بأمر الله، يقولوا إن فيه حاكم مجنون، لا يمكن قبول هذا الكلام.
كان صلاح سالم-الله يرحمه-له نسايب ساكنين فوق الهضيبى، وأنا كنت باروح له كثير، وبشوف عيلة الهضيبى، فقلت له: إنت طالب منى أعلن الحجاب، وعندك بنت فى كلية الطب مش لابسة حجاب ولا حاجة، وبتروح الكلية تحضر التشريح، ولابسة زى البنات فى كلية الطب، فإذا كنت أنت مش قادر تعمل الحجاب فى بيتكم، عايزنى أنا أعمل حجاب فى الدولة المصرية كلها إزاى؟! «تصفيق»، بعد كده بدأ تصادم بيننا، وبدأت المؤامرات، مؤامرات الاغتيال، ومعروف حكاية 54، وإزاى قرروا اغتيالى فى الإسكندرية.