ترتجف قلوب الآباء والأمهات مع كل حادثة تحرش أو اغتصاب يتعرض لها طفل أو طفلة، تلك الحوادث التى تعددت واختلفت أحداثها، التى تثير الرعب، ما بين الشارع والحضانة والمدرسة والمنزل وحتى دورات مياه المساجد، حتى سادت حالة من الفزع بين أولياء الأمور وساد بينهم تساؤل يبحثون عن إجابته دائمًا.. كيف نحمى أطفالنا من الذئاب؟ وكيف نضمن ألا يقعوا فريسة للمتحرشين فى الأماكن التى يذهبون إليها أو يوجدون فيها؟
وفى الملف التالى نحاول الإجابة عن عدد من الأسئلة المهمة، التى تتعلق بسلامة أطفالنا وحمايتهم: فكيف نوعى أطفالنا بكيفية حماية أنفسهم وأجسادهم، وكيف يتصرفون إذا تعرضوا لمحاولات التحرش؟
وكيف نضمن السلامة النفسية للمتعاملين مع الأطفال فى المدارس والحضانات والإجراءات والاختبارات الواجب الخضوع لها، وما هى العلامات والسلوكيات، التى تشير لتعرض الطفل للتحرش أو الاغتصاب؟
وماذا يفعل الآباء والأمهات فى حالة تعرض الطفل لمثل هذه الحوادث، وكيف نعالجه من آثار الصدمة؟
كما نرصد أبرز 10 حوادث اغتصاب أطفال خلال عام 2017، ونلتقى بعدد من أولياء الأمور لنعرف الطرق، التى يتبعونها لحماية أطفالهم.
منى: وعيتها بكارتون هندى وألحقتها بمدرسة راهبات..
دينا: متابعاها بعينى طول الوق
وقفت الأم «دينا أحمد» أمام البناية، التى تتلقى فيها طفلتها الدرس الخصوصى، تنتظر انتهاء الدرس كى تصطحبها فى رحلة العودة إلى البيت، كما جاءت بها، وفجأة انتابها الشك تجاه أحد الأشخاص، الذى وقف فترة فى الشارع ثم دخل البناية.
دفع الخوف الأم إلى تتبع هذا الشخص كى تعرف إلى أين يذهب، وعندما اختفى وقفت أمام الشقة، التى تأخذ فيها طفلتها الدرس تنتظرها، اعتقادا منها أن تلك هى الطريقة الوحيدة لحماية ابنتها إذا لزم الأمر.
قالت الأم وهى تحكى هذه الواقعة: «بعد دقائق اكتشفت أن هذا الرجل هو أحد سكان العقار، وكان عائدًا من الصلاة، ولكن الفزع والخوف على طفلتى جعلنى أصل لهذه المرحلة من التفكير وأشعر أن كل من حولها قد يؤذيها».
وأضافت الأم لـ«اليوم السابع»: «كل حاجة حوالينا بقت مرعبة ومش قادرة أتغلب على خوفى».
تؤكد «دينا» أن هذه المخاوف لم تتولد فقط بعد واقعة التحرش الأخيرة بالأطفال فى إحدى مدارس اللغات بمصر الجديدة، قائلة: «بأسمع حكايات كثيرة من أصحاب تجارب حقيقية تعرضوا للتحرش أو الاعتداء، فأحاول قدر الإمكان أن تكون ابنتى أمام عينى، رغم أن هذه المهمة تزداد صعوبة كلما كبرت لأنها تشعر بالانزعاج».
وأضافت: «بدأت هذه المخاوف قبل وصول ابنتى للحياة، وشعرت بها مع دخول ابنى الأكبر مرحلة KG لكن رعبى على البنت أكثر، خاصة أنها الأصغر لدرجة أنها بتغيب كتير عن المدرسة وكل دروسها لازم أوصلها أو يوصلها حد من البيت وأحرص باستمرار على توعيتها بقدر الإمكان وأتحدث معها عن التحرش وكيف تحمى نفسها».
أما «سامح عزت» الأب لطفلة فى السادسة من عمرها، فيتبع طريقة أكثر هدوءًا لحماية ابنته وإخماد مخاوفه قائلا: «أنا وزوجتى نحرص دائما على توعية ابنتنا منذ دخلت المدرسة قبل عامين ونصف»، ويعترف الأب: «أنا عندى هوس من الموضوع دا ابنتى ذكية وهذا يطمئننى عليها».
سامح-عزت
يرى «سامح» أنه لا يمكن لأحد السيطرة بشكل كامل وتحقيق الأمان الكامل لأولاده دون توعيتهم بطريقة بسيطة ويقول: «إدارة أى مدرسة لن تتمكن من السيطرة على كل النفوس عندها مدرسين وموظفين وعمال وطلبة، وبالتالى زيارتى للمدرسة لن تحقق نتيجة ولكن توعيتى لطفلتى هى التى تحميها».
ويوضح الأب قائلا: «حين كانت طفلتى فى KG كان يجب أن يدخل معها أحد إلى الحمام وشرحت لها أنا ووالدتها حدود مساعدة «الدادة» لها، وأى شىء خارج هذه الحدود يجب أن تقول لها «شكرًا» وترفض، والآن أصبحت تعتمد على نفسها لذلك نبهنا عليها ألا تسمح لأحد بدخول الحمام معها أو أن يمزح معها بمد اليد وألا تكون وحدها وألا تذهب مع أى شخص غريب لأى مكان».
وتتبع «دينا فتحى» الطريقة نفسها فى حماية طفلتها وتقول: «أنا بنتى فى kG1، وبدأت فى مرحلة nursery أفهمها إن محدش يلمس جسمها وإنها تدخل الحمام لوحدها».
وأضافت: مع الوقت علمتها أنه لا يجب أن يراها أحد بملابسها الداخلية وأن المنطقة الحساسة لا يجب أن يلمسها أو يراها أحد، وإن حدث وحاول شخص أن يفعل ذلك أو أن يدخل معها الحمام عليها أن تبلغنى أو تصرخ، وفى الوقت نفسه أتابع المدرسة والسائق وأعرف أنها لا تخفى عليّ أى شىء».
«أنا عايشة فى رعب وبقى عندى وسواس لكن بحاول ما أصدرهوش للبنت».. عن هذه الشعرة، التى تحاول الحفاظ عليها طوال الوقت تحكى مى عبدالله عن مخاوفها ومحاولاتها لحماية طفلتها من التعرض للتحرش قائلة: «مخاوفى لم تتأثر بحادثة اغتصاب الأطفال فى المدرسة، لأنها أصلًا موجودة بشكل قوى، ولهذا منذ بلغت طفلتى الثالثة من عمرها علمتها أن هناك أجزاء فى جسدها لا يجب أن يراها أو يلمسها غيرى وغير جدتها ومنذ ذهبت للمدرسة أسألها بطريقة غير مباشرة إذا كان أحد لمس أى جزء من جسمها».
وأضافت: أفعل ذلك من وقت لآخر وأنتهز الفرصة المناسبة لأنى إن سألتها عن هذا الأمر بصفة يومية ستشعر بالرعب ولن تعيش حياة طبيعية».
مى عبدالله
لجأت أيضا «منى محجوب» لطريق التوعية بعد أن أوشكت على الانهيار من متابعة حوادث اغتصاب الأطفال والتحرش بهم، قائلة: عندما بدأت حوادث التحرش بالأطفال فى الازدياد، أصبحت أخاف بشكل بشع، لدرجة البكاء، وقررت التوقف عن متابعة مثل هذه الحوادث والبحث عن طرق لحماية ابنتى». ورغم أنها قررت تجاهل مثل هذه الحوادث إلا أنها تابعت حادثة المدرسة الأخيرة: «حادثة المدرسة الأخيرة «رعبتنى بزيادة» ومثل هذه الحوادث كانت من الأسباب الرئيسية، التى دفعتنى لاختيار مدرسة راهبات لأننى لا أريد الاختلاط بشكل كبير فى سن صغيرة، وأن يكون التعامل مع الرجال محدودا جدًا فى المدرسة».
أما عن الطريقة التى اتبعتها لحماية طفلتها فقالت: «عندما ابنتى 5 سنوات استعنت بفيديو كرتون هندى عن التحرش بالأطفال لتوعيتهم وفرجتها عليه، وفهمتها بالراحة إن المفروض ماحدش يلمس جسمها ولو حد حاول يحط إيديه عليها تصرخ وإنها ما تخافش تحكى لى أى حاجة».. عودت «منى» طفلتها أن تحكى لها كل شىء يحدث لها أو حولها من أصحابها والسائقين والمدرب فى النادى وأى شخص تتعامل معه فى سياق «دردشة عادية»، وإن شعرت الأم بشىء غير مريح تنبهها إليه بطريقة حميمية.
ورغم كل هذه الاحتياطات، قالت منى: «كل ده وبردو مش مطمنة أوى وكل يوم وهى نازلة المدرسة أنا بفضل أدعى ربنا يحفظها ويبعد عنها كل شر وبفضل حاطة إيدى على قلبى لحد ما ترجع».
أما «سحر غريب» فأكدت أن مدرسة ابنتها قامت بحملة توعية للأطفال وعلمتهم أن هناك أماكن فى جسدهم ممنوع أن يقترب منها أحد، وقالت: «هذا يطمئننى، فضلًا عن وجود إخوتها فى نفس المدرسة».
سحر غريب
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة