منذ اللحظة الأولى التي ظهر فيها اسم منتدى شباب العالم في وسائل الإعلام متبوعًا بفتح باب التقدم للمشاركة، أحيط المنتدى بتساؤلات حول قدرة مصر على تنظيم هذا الحدث الكبير ، اسئلة حائرة تدفع الصحفي للبحث عن إجابات خارج المكاتب المكيفة وبعيدا عن شاشات الفضائيات، الإجابة القاطعة هناك في شرم الشيخ، وسط تلك الأسئلة وصلتني دعوة الحضور، حملت استفساراتي وسافرت
منذ وصولنا مطار القاهرة الدولي في طريقنا لشرم الشيخ، بدأت بوادر التنظيم الجيد، مصر للطيران تخصص موظفًا لتسهيل إجراءات المشاركين في كل رحلة من رحلاتها إلى شرم الشيخ، وفي شرم شباب مبتسمون في صالة الوصول يسهلون توزيع القادمين على الفنادق ويجيبون على الاستفسارات بود ولطف
الفنادق المضيفة موزعة وفق نظام محكم، كبار رجال الدولة في فندق، الإعلاميون والصحفيون ومديرو الجلسات في فندق، المشاركون في عدة فنادق، والأتوبيسات تحمل أرقامًا وأسماء الفنادق وتنقلنا إلى وجهاتنا، بعد أن تم تقسيم المدعوين لألوان كل لون له فندق.
فكرتي عن المنتدى لم تتشكل، ولكن عقلي يدون شيئًا عن النظام الدقيق، وفي الفندق طاولة استعلامات تسلمنا بطاقاتي المشاركة ودخول الفعاليات، وفي المساء كنا على موعد مع حفل الافتتاح، قبة كتلك التي لجامعة القاهرة تضئ بعصور مختلفة مرت بها مصر، حضارات كثيرة عاشت بيننا، والضيوف الأجانب يتأملون صور بلادنا، ومخرج الحفل يداعبهم بعرض صورهم في الشاشة العملاقة حتى تبدأ وقائع الاحتفال بأغنيتي المنتدى، صورة جميلة وإخراج مبهر، وتعدد اللغات يدفع الحاضرون للرقص والتصفيق.
لم نبلغ قاعة المؤتمرات بعد، في الصباح ستأتي الأتوبيسات لتنقلنا إلى هناك، نعبر وسط إجراءات أمنية دقيقة، لا يسمح لمن لايحمل بطاقة المنتدى بالعبور، حتى نصل بوابة القاعة ونتسلم جدول المنتدى
نقاشات جادة، الضيوف يتبادلون النقاش مع أصحاب الأرض، مذيعون ومذيعات لإدارة الجلسات، والرئيس يتنقل بين القاعات، يعقب هنا، ويحضر هناك ويلتقط صورًا تذكارية في المنتصف
التنظيم لا يخيب، مركز صحفي ضخم، مقر لكل محطة تلفزيونية، برنامج الشباب الأشهر في العالم العربي "شباب توك" لجعفر عبد الكريم يبث حلقته من شرم الشيخ، دون أن يتدخل أحدًا في محتوى أو يطلب توجيهًا كما يقول جعفر نفسه، وهو الجهد الذى وقفت وراءه نهى النحاس المستشارة الإعلامية للمنتدى.
الضيوف منبهرون، منهم من أحب ابتسامتنا، ومنهم من لم ينسى دفء استقبالنا وكثيرون يتفقون على دقة التنظيم، وأخرون يعجبهم حبنا للحياة وتلك البهجة التي يثيرها المصري أينما حل.
مديرو الجلسات على قدر المسئولية، لا تتوقف بلادنا عن إنجاب الإعلاميين، غير أن بعض المتحدثين لم يكونوا بحجم الحدث، منهم من تاه عن القضية الرئيسية، ومنهم من لم يحضر لها جيدًا.
المدعوون الأفارقة غطوا القاعات وفاضوا، يبدو أن القائمين على الاختيار قد نظروا أخيرًا لجيراننا في القارة، رأيناهم لأول مرة بعيدًا عن مباريات كرة القدم، ولا ننسى رسالة الفتاة الروسية في حفل الختام " كان البحر الأحمر وجهتنا المفضلة، نحب شواطئه ومنعنا قطع الطيران من ذلك، أقول للروس عودوا لمصر نحن بخير والبلد آمنة"
الغاضبون كما هم، لا تقنعهم انطباعات ضيوف غرباء، ولا ترضيهم إشادات مشاركون أجانب، كلما سمعوا مدحًا تشككوا في نوايا قائليه، يذكرونني بمشاكلنا، الفقر، الأزمة الاقتصادية، ملف الحريات السياسية، وغيرهم الكثير، مصائب لم ينكرها أحد، لم نتنصل منها ونحن نزهو بقدرتنا على تنظيم حدث ضخم لم نر مثله من قبل في بلادنا، نعرف جيدًا أننا نعوم على بحر من المشاكل والصراعات، ولكن منتدى كهذا بعث في نفوسنا الأمل.
هناك من يرفض حتى أن نجاهر بالأمل، أو بهذه البهجة القادمة من شرم الشيخ، إذا حدثناهم عن انطباعات الضيوف اتهمونا بخداعهم، "الضيوف لم يشاهدوا عشوائيات القاهرة ولا فقر الأقاليم" يقولون بكل صلف، وهل على السائح أن يرى إلا ما يبهج العين؟ هل على الضيف أن ينخرط في صراعاتنا اليومية ومشاكلنا الاقتصادية في تلك الزيارة القصيرة؟ أم أن الوجهات السياحية هدفنا ومقصدنا
لا نعرف حتى الآن ما سيسفر عنه هذا الحدث من نتائج، نتمناها طيبة ولكننا وحتى يحدث هذا سنظل ممسكون بطيف الأمل الذي بعثه فينا منتدى شباب العالم، وسنبقى أيضًا ممسكون بأي خيط نسحب منه بلادنا نحو التغيير الذي نتمناه دون يأس أو كلل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة