أكرم القصاص - علا الشافعي

يوسف أيوب

لبنان مرآة الإقليم

السبت، 11 نوفمبر 2017 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
دائما ما تكون لبنان هى قلب الأحداث، أو كما يقول اللبنانيون أنفسهم أنهم مرآة للوضع الإقليمى، إذا هدأ نعمت لبنان بالهدوء والاستقرار، وإذا اشتعل، أنقلبت الأوضاع رأساً على عقب، فبيروت ملعب كبير لكل التحركات الأقليمية، وبها تيارات تعد امتداداً لقوى إقليمية، وهو ما أثر على الوضعية السياسية لها.
 
حينما زادت التدخلات الإيرانية فى المنطقة، وتحديداً فى السعودية، كنا نتوقع أن يكون لذلك أثر مباشر على لبنان، وهو ما حدث فعلياً، فرئيس الحكومة اللبنانية الشيخ سعد الحريرى أعلن استقالته، وقلب الطاولة على حزب الله، ذراع إيران القوية فى لبنان، وكذلك على الرئاسة اللبنانية أيضا التى أعلنت منذ البداية أنها تسلك مبدأ التوافق، لكن يبدو أن تحالفاتها القديمة مع إيران التى كانت سبباً قوياً فى وصول ميشيال عون إلى كرسى الرئاسة بعد مفاوضات شاقة، وخلو للمقعد الرئاسى لأكثر من عامين، لكن يبدو أن الرئاسة اللبنانية أرادت أن تختبر المنطقة بعودة الوئام مع إيران مرة أخرى، لكن هذه المرة بصيغة رسمية، وبقرارات أحدثت ردة فعل داخل لبنان، دفعت الحريرى إلى الاستقالة.
 
ورغم أن عون أعلن رفضه استقالة الحريرى، لكن الموقف أكبر من القبول أو الرفض، فهو يدخل ضمن ترتيبات أمنية تخص المنطقة بأكملها وليس لبنان وحدها، بل إن لبنان هى المتأثر، وهو ما يؤكد أن ساسة لبنان مازالوا يلعبون بالنار، خاصة من لهم امتدادات إيرانية أزعجت الحلفاء، ويكفى هنا الإشارة إلى دعوة السعودية الخميس الماضى، رعاياها إلى مغادرة لبنان فوراً، بل طلبت «المواطنين بعدم السفر إلى لبنان من أى وجهة دولية»، وهو إجراء كان متوقعا فى ظل التوترات الجارية حالياً.
 
ما هو متوقع أيضاً أن تكون هناك إجراءات أخرى فى الطريق، ربما ألمح لها ثامر السبهان، الوزير السعودى لشؤون الخليج العربى الذى قال الخميس إن: «كل الإجراءات المتخذة تباعاً، وفى تصاعد مستمر ومتشدد حتى تعود الأمور لنصابها الطبيعى»، فى إشارة إلى طلب السعودية من مواطنيها مغادرة لبنان فوراً، وهو ما يؤكد أن المملكة تنظر إلى حزمة من الإجراءات العقابية الموجهة ضد حلفاء إيران فى لبنان وعلى رأسهم عون نفسه، وربما تنضم دول خليجية أخرى إلى قرار السعودية، لتكون الضربة قوية، ويكون لها أثر واضح.
 
الأجواء كلها تشير إلى أن المنطقة مقبلة على أيام ساخنة فى أحداثها وقراراتها، وهو ما يستدعى تحرك من العقلاء لتجنيب المنطقة ويلات حرب بدأت ملامحها تظهر، وهنا يجب أن نشير لما قاله الرئيس عبدالفتاح السيسى الأربعاء الماضى، خلال لقاء مع مجموعة من ممثلى وسائل الإعلام المصرية والعربية والأجنبية، على هامش منتدى شباب العالم بشرم الشيخ، حينما حذر من حدوث حرب بالمنطقة، وقوله «نرى أن المنطقة يكفيها ما يحدث فيها خلال السنوات السبع الماضية من اضطراب وإشكاليات تؤثر على أمننا واستقرارنا»، مشددا على ضرورة التعامل بحذر شديد «حتى لا تضاف إشكاليات أخرى فى المنطقة»، مؤكداً رفض مصر التدخل العسكرى ضد «إيران» و«حزب الله»، وشدد على ضرورة حل ‏الأزمات الإقليمية عبر الحوار، داعيا فى الوقت نفسه إيران إلى «الكف عن التدخل فى شؤون الدول الأخرى».
 
ما قاله الرئيس السيسى كلام فى غاية الأهمية، ويؤكد استشعار مصر لمدى الخطر الذى يواجه المنطقة، وفى نفس الوقت يمثل دعوة لكل الأطراف إلى الحوار، لكنه يحمل دعوة صريحة وواضحة لا تقبل الشك لإيران بأنها مطالبة بالتوقف عن التدخل فى الشؤون الداخلية للدول، مع التأكيد لها وللآخرين أن مصر حينما تحذر من الحرب فإنها لا تبحث عن موقف محايد، لكنها على العكس تماماً فهى مع أمن الخليج، أو كما قال الرئيس «أمن الخليج من أمن مصر»، لكن إذا كانت هناك فرصة لتجنب الحرب عبر الحوار وأيضاً بأن تتوقف إيران عن أفعالها وتصرفاتها فهذا سيكون أفضل للمنطقة ولإيران أيضاً.
 
السؤال الآن، هل لدى إيران القدرة على التجاوب مع دعوات الحوار، وأيضاً أن تعيد استراتيجتها مرة أخرى، وتكون أكثر تجاوباً مع مطالب بأن تكون إيجابية وليست سلبية على أمن الخليج والأمن الإقليمى بشكل عام، أم أنها ستواصل سياساتها التى لن تحقق لها إلا مزيدا من الخسائر، الإجابة لدى الإيرانيين الذين عليهم تقييم الأمور من جديد، فالقضية لم تعد متعلقة بجماعات تمولها أو تدين بالولاء لإيران سواء فى سوريا والعراق ولبنان واليمن، بل تخطت ذلك بكثير، لأن الوضع الإقليمى كله باتت مهددا، وعلى شفا حرب، والسبب واضح وهو إيران، لذلك عليها إذا كانت تريد فعلاً الحفاظ على الأمن الإقليمى وحلفائها أن تمد يدها للحوار وليس للصدام.
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة