منتدى شباب شرم الشيخ واجه الحرب الدعائية المغرضة التى تتعرض لها مصر من العديد من القنوات الإعلامية والمخابراتية الأجنبية
المنتدى وضع شباب البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب تحت مجهر الاختبار فأثبتوا جدارتهم بالمسئولية وصنعوا لأنفسهم صورة غاية فى الإيجابية
شباب المنتدى الأجانب والعرب والأفارقة سيتحولون إلى سفراء لمصر فى بلادهم وبهذا تستعيد مصر دورا كانت قد ابتعدت عنه منذ ما يقرب من أربعين عاما

1- مواجهة الحرب الدعائية السلبية
أول المكاسب التى حصدتها مصر بهذا المؤتمر هو مواجة الحرب الدعائية المغرضة التى تتعرض لها مصر من العديد من القنوات الإعلامية المخابراتية الأجنبية، فقد صار من المعتاد أن تشوه العديد من وسائل الإعلام الأجنبية كل ما تفعله مصر حتى لو كان صالحا ومفيدا، فقدمت مصر بهذا المنتدى صورة جميلة بحق للوضع السياسى والاجتماعى والثقافى فى مصر، بعيدا عن التهويل والتقزيم، وناقش الشباب مشكلاتهم واعتمدوا على أنفسهم فى ابتكار الحلول، لم ينكر أحد أن مصر تمر بالعديد من الأزمات، لكن الشباب المشارك فى المنتدى لم يتوقف أمام العقبات والمتاريس التى يضعها المتشائمون أمامه، وبدلا من أن يلعن الظلام أضاء شمعة فى ليل الأكاذيب.
2- اختبار شباب البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب
من أهم إيجابيات هذا المنتدى هو وضع شباب البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب تحت مجهر الاختبار عن طريق إسناد مهمة الاشتراك فى تنظيم هذا المنتدى العالمى إليهم، وفى الحقيقية فقد أثبت هؤلاء الشباب جدارتهم بالمسئولية وصنعوا لأنفسهم صورة غاية فى الإيجابية وقد شهد لهم الجميع بحسن الأداء ودقته وبالاحترافية فى تنفيذ المهام الموكلة إليهم، كما لاحظ الجميع ما يتمتعون به من تآلف وانسجام وتشبع بروح الفريق والعمل الجماعى، وهى صفات كانت مفتقدة فى الكثير من شباب مصر.
3- تكوين رأى عام عالمى بالشباب
كنت جالسا ذات يوم مع الدكتور زاهى حواس وزير الآثار الأسبق وتناقشنا فى سبل استعادة آثار مصر من الخارج، وأذكر وقتها أن من أكثر أدوات الضغط على الدول والمتاحف التى ذكرها حواس لى هو أنه قرر إرسال خطابات إلى أطفال المدارس فى المدن التى تحتوى على متاحف تقتنى آثارا مصرية بطريقة غير شرعية وفى هذه الخطابات ما يؤكد أن هذا المتحف "سرق" آثار مصر، داعيا هؤلاء التلاميذ إلى أمرين الأول هو مقاطعة هذا المتحف وعدم زيارته، والثانى هو مساعدة مصر فى الضغط على هذا المتحف، وقد كان لهذه الفكرة صدى إيجابى كبير فى الكثير من الدول، حتى أن مجرد التهديد بهذا الإجراء كان كفيلا بإثارة الرعب عند إدارة هذه المتاحف، وبشكل ما فإن هذا المنتدى أدى دورا مشابها لدور فكرة حواس العبقرية، وهو أن هؤلاء الشباب بما رأوه وعايشوه فى شرم الشيخ سيصبحون مثل السفراء فى بلادهم لمصر، بل لا أبالغ إذا قلت إنهم سيصبحون محامين لمصر وليس سفراء فحسب، وهو ما سيضيف إلى قوة مصر الناعمة فى العالم أجمع وليس فى المنطقة العربية فحسب، وبهذا تستعيد مصر دورا كانت قد ابتعدت عنه منذ ما يقرب من أربعين عاما.
4- تأكيد انتماء مصر إلى أفريقيا
من أعظم المكاسب التى حصدتها مصر من هذا المنتدى الناجح هو تأكيد انتماء مصر إلى محيطها الأفريقى وتعظيم وجودها فى القارة السمراء، وهو ما ظهر جليا فى احتضان الكثير من شباب القارة الذين سيشكلون المستقبل عما قريب، وهو دور أيضا كانت مصر قد ابتعدت عنه منذ عقود، وأحمد الله على أن الإدارة المصرية الحالية تنبهت إليه جيدا، وراهنت على شباب القارة الذين لم يتلوثوا بعد بموبقات السياسة الدولية وتعقيدات المصالح الملتوية، وهنا لابد أن نذكر أن جزءا كبيرا من مشروعية مصر كدولة كبرى فى القارة الأفريقية هو أنها كانت راعية لشباب القارة وقت حكم الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، فما هى إلا سنوات قليلة حتى تحول الطلبة الأفارقة الذين تلقوا تعليمهم فى القاهرة إلى حكام ووزارء ومحافظين وزعماء سياسيين، وهو ما يؤكد أن الاستثمار فى البشر لا يقل أهمية عن بقية أنواع الاستثمارات، بل على العكس تماما ربما يزيد عن هذا كله، فمصر لم تستضف شباب مسيسا ولم تجر وراء غرض سياسى أو مصلحة مباشرة، بل على العكس تماما ظهرت مصر فى ثوب حاضنة العلم والابتكار وهو ما تتمناه أيه دولة.
5- الدعاية السياحية لمصر وشرم الشيخ
حاول أن تسأل نفسك ما الذى تعرف عن مدينة "دافوس" بسويسرا؟ وإن لم تعرف اسأل نفسك مرة أخرى عما تعرفه عن "مؤتمر دافوس" الاقتصادى؟ وأراهنك أن تسجد فى ذاكرتك العديد من الذكريات الحية عن أهم القرارات التى أُتخذت فى هذا المؤتمر عن أهم الصفقات التاريخية التى شهدها هذا المؤتمر، والشاهد فى هذا هو أن دافوس تلك المدينة الصغيرة أصبحت ذات سمعة عالمية بمؤتمر شبيه بما حدث فى شرم الشيخ، فالعالم كله الآن أصبح يعتمد على ما يسمى بسياحة "المؤتمرات" التى تستضيف العديد من الشخصيات السياسية البارزة والعديد من وسائل الإعلام وبهذا تضمن لنفسها تواجدا فى المحيطين السياسى والإعلامى العالميين، وما أحوجنا إلى هذا النوع من المؤتمرات الآن فى وقت يشهد تعنتا واضحا من جانب بعض الدول تجاه مصر، تحت زعم أن مصر ليست آمنة أو أن شرم الشيخ لم تعد مثلما كانت، وهو ما ينفيه هذا المؤتمر جملة وتفصيلا.
6- بناء الكوادر الشابة فى مصر والعالم
لا أبالغ إذا قلت أن أى أديب أو كاتب أو شاعر فى العالم يحلم بالتكريم بالحصول على جائزة نوبل، وأى رجل أعمال أو صناعة أو تجارة يحلم بأن يتصدر غلاف مجلة فوربس وأى رجل سياسة يحلم بتصدر غلاف مجلة التايم، وما فعله المنتدى هذا العام من تكريم العديد من الشباب المبتكر فى العالم جدير بأن يحول مصر إلى قبلة للشباب المبتكر، واستمرارية هذا المنتدى سيجعل مصر قبلة للمواهب الشبابية الواعدة فى العالم أجمع دون تمييز أو تربيطات أو حسابات سياسية أو عرقية أو دينية.
7- إعادة تموضع مصر على خارطة الاهتمامات العالمية
فى أحد أروقة المنتدى حمل العديد من الشباب من مختلف الجنسيات علم دولة سوريا الحبيبة وهتفوا قائلين "الحياة لسوريا" وقد تأثرت كثيرا بهذا المشهد الذى عبر عن ضمير العالم النقى من قلب شرم الشيخ، فهؤلاء الشباب لم هتفوا لحاكم ولم يتحولوا إلى بوق من أبواق السياسة لنظام، وإنما تضامنوا إنسانيا مع شعب يعانى من جميع أنواع العذاب، وقد أسهم هذا المنتدى فى سد فراغ مخز لنا جميع تجاه قضايا العالم المؤرقة، ومن أهمها قضايا اللاجئين وقضايا المناخ، كما سلط الضوء على قضايا القارة الأفريقية المتعددة، وأبرز ما تتمتع به وسائل الإعلام الغربية من ازدواجية فى المعايير، وهى أمور لم تكن لتتحقق دون مؤتمر يبرز مصر كبقعة ضوء فى محيط من ظلام تعيشه منطقتنا الملتهبة.