يحاول الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، وحكومته برئاسة إدوارد فيليب بشكل مكثف؛ امتصاص غضب الفرنسيين، واحتواء أزمة التراجع التى طالت شعبيته فى وقت قليل للغاية، إذ استطاع إثبات الفشل الذريع فى إدارة شئون البلاد واختلاق العقبات أمام المواطنين، وكذلك المسئولين، وهو ما دفع البعض لتقديم استقالتهم تنديدًا بالقرارات التى يصدرها.
ويرى الفرنسيون حاليا أن ماكرون خدعهم بشكل لا يصدق، إذ انه خلال حملته الانتخابية، أطلق العديد من الوعود، وحتى الآن لم يستطيع تنفيذ وعوده أمام مؤيديه والعالم، فقد تمكن ماكرون بالفعل من تحقيق عدد من وعوده للفرنسيين، إلا أن تنفيذ بعضها تسبب فى تراجع شعبيته.
وكانت آخر السقطات التى ارتكبها ماكرون هى سب الشباب العاطلين دون أن يقصد، وذلك خلال محاولته تبرير وجود البطالة فى فرنسا رغم وعده بقدرته على إنهاء الظاهرة تمامًا.
وأثناء كلمة له أمس الأول الخميس؛ أثارت عبارة شعبية نافرة استخدمها الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون لدعوة "البعض" إلى البحث عن عمل بدلا من التسبب فى الفوضى، ردود فعل لدى بعض شرائح الطبقة السياسية، باعتبارها تدل على شعور بـ"الاحتقار" حيال الطبقات المهمشة الضعيفة، إضافة إلى ربط بعض المحللين كلمة الـ"فوضى"، التى وصف بها ماكرون العاطلين، بـ"الدعارة والفسق".
فخلال رحلة إلى منطقة كوريز فى وسط فرنسا، تحدث ماكرون مع مسئول محلى كان يشير إلى صعوبات فى التوظيف فى إحدى الشركات.
ورد ماكرون بالقول إن "من الأفضل للبعض وبدل أن يثيروا الفوضى أن يروا ما إذا كان بإمكانهم الحصول على وظائف هناك".
marcon
وبعدما كان ماكرون فى صدارة استطلاعات الرأى خلال جولة الاعادة بالانتخابات الرئاسية وصولاً لانتزاع فوز غال على غريمته اليمينية المتطرفة مارين لوبان، بدأت أسهمه تتوالى فى الهبوط بعدما شهد الفرنسون اخفاقات أمنية جديدة بخلاف تراجع دور الحكومة فى ملفات الرعاية الاجتماعية وانشغال الدولة فى صدام مبكر بين المؤسسات.
وكشفت استطلاعات الرأى تراجع شعبية ماكرون بشكل لافت بـ36% مؤيدين فقط، بعد سلسلة من الأزمات التى ضربت نظامه الحاكم فى أيامه الأولى وفى مقدمتها استقالة الوزراء الثلاثة المنتمين إلى حزب "الجمهورية إلى الامام"، وهم وزير العدل فرانسوا بايرو، الذى كان الحليف الأساسى للرئيس ماكرون، ووزيرة الشئون الأوروبية ماريال دو سارنيه، ووزيرة الدفاع الفرنسية سيلفى جولار، على خلفية تحقيق فتحته النيابة العامة بحقهم بشأن وظائف وهمية.
وسقط ماكرون فى اختبارات العدالة الاجتماعية بعدما أرجاء ـ بخلاف تعهداته السابقة ـ إلغاء الضريبة التى كانت مفروضة على السكن، فضلاً عن رفع الدعم الذى كان يقدم للمناطق الفقيرة داخل فرنسا، ذلك بخلاف تغيير قانون العمل عبر اللجوء إلى مراسيم حكومية دون الرجوع إلى نقاش برلمانى أو حوار مع مختلف الطوائف المجتمعية.
a1502183531
وأشار مراقبون ومحللون سياسيون إلى أن قرارات ماكرون وحكومة لا تصب فى مصلحة المواطنين،وإنها قاسية وأثارت انتقادات ولا تزال، وساهمت فى تدنى شعبية الرئيس الفرنسى ورئيس حكومته، والتى اجمعوا أنها ضغطت على الطبقة المتوسطة وستساهم فى زيادة معدلات الفقر فى البلاد.
ومن جانبه اتهم النائب الاشتراكى ورئيس جمعية اتحاد البلديات الفرنسية الصغيرة اوليفييه ديسبو الرئيس الفرنسى ايمانويل ماكرون بالخيانة، وعبر فى حديث لقناة "فرانس انفو" الفرنسية عن صدمته من رؤية الحكومة وقد اقتطعت مبلغ 300 مليون يورو من موازنتها المخصصة لهذه البلديات.
ومن جهة اخرى نشبت أزمة بين الرئاسة الفرنسية والجيش بعدما قرر ماكرون خفض ميزانية وزارة الدفاع 850 مليون يورو رغم تحفظات المسئولين وكبار قادة المؤسسة العسكرية، الأمر الذى دفع رئيس الأركان الجنرال بيير دو فيلييه، إلى التقدم باستقالته، مؤكداً استحالة توفير الخطط اللازمة لحماية فرنسا من خطر الإرهاب المحتمل الذى يهدد الدول الأوروبية كافة فى ظل تلك الميزانية المخفضة.
أشعل ماكرون الكثير من الجدل بعدما قرر بشكل مفاجئ منح زوجته بريجيت ماكرون صلاحيات ومهام إدارية داخل الدولة، بجانب منحها مخصصات مالية بالمخالفة للقانون وبالتعارض مع قرار البرلمان الفرنسى السابق بسن قانون جديد لمنع توظيف الأقارب فى مناصب رسمية وفرض عقوبات صارمة حال مخالفة ذلك.
وأثار قرار ماكرون فى هذا الشأن العديد من ردود الفعل والإدانات من قبل النخبة الفرنسية ورؤساء الأحزاب، حيث دشن سياسيون فرنسيون عريضة حملت توقيعات ما يزيد على 170 ألف لفرض الصلاحيات الممنوحة للسيدة الأولى فى الإليزية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة