- والده: نجلى قدم طلباً للعمل بمديرية أمن شمال سيناء برغبته
- أهالى قريته ببنى سويف طالبوا بإطلاق اسمه على القرية
- والده: كان يكلمنا عن الشهادة وحب الوطن.. وكلامه هو الذى يصبرنا حتى الآن
وفّى الملازم أول محمد أحمد السيد أحمد ثابت، معاون مباحث «نخل»، بمديرية أمن شمال سيناء، موعدًا مع الشهادة فى يوم 16 إبريل سنة 2013، أثناء قيامه برئاسة القول الأمنى المكلف بتأمين طريق نخل، بالمرور بدائرة قسم شرطة نخل، وأثناء ذلك تعرضت القوات لهجوم من قبل بعض العناصر الإجرامية، الذين بادروا قوة الشرطة بوابل من النيران الكثيف، حيث بادلتهم القوات النيران، إلا أنهم تمكنوا من الهرب بعد استشهاد الضابط.

الشهيد محمد ثابت
4 سنوات و6 أشهر مرت على استشهاد النقيب محمد أحمد ثابت، ابن قرية الكيلانية بمركز فاقوس، بمحافظة الشرقية، أثناء تأدية واجبه الوطنى بأرض سيناء، ولا يزال الحزن مسيطرًا على أفراد عائلته التى منعت أى حفلات زفاف منذ وفاته، لكونه الابن الوحيد لأسرته، كما أن وفاته كانت بمثابة شرارة البداية بمركز فاقوس لجمع توقيعات حملة «تمرد»، لإقالة محمد مرسى وجماعته الإرهابية، حيث نظم المئات من شباب مركز فاقوس المسيرات الحاشدة، للمطالبة برحيل «مرسى» وجماعته، مع رفعهم صور الشهيد محمد أحمد ثابت، تعاطفًا مع أسرة الشهيد التى فقدت نجلها الوحيد دفاعًا عن الوطن.
«اليوم السابع» انتقلت إلى أسرة الشهيد بمسقط رأسه بقرية الكيلانية، التابعة لمركز فاقوس، بمحافظة الشرقية، وتقابلنا مع عزة عبدالمنعم إبراهيم، مدرسة بالتربية والتعليم، والدة الشهيد.
تقول والدة الشهيد وهى ماسكة فى يدها آخر ما تبقى لها من رائحة نجلها، وهى «مسبحة» كانت بسيارته، أحضرها أحد زملائه بعد استشهاده: «مفيش أى كلام فى الدنيا يعوضنى عن حضن ابنى الوحيد، كنت عايشة على أمل أفرح به، كان نفسى أزوجه وأشوف أبناءه، كنت شوفت له عروسة وجهزت له شقة الزوجية، واشتريت له الشبكة من الإمارات، كان كل حاجة له، وما ورثته من أسرتى من 10 أفدنة وأموال كانت له، كان هو نور عينى»، وتنهمر فى البكاء.

محررة اليوم السابع مع والدة الشهيد بالمنزل
وعن يوم واقعة الاستشهاد تضيف الأم قائلة: يوم الحادث كانت آخر مكالمة بينى وبين الشهيد الساعة 2:20 ظهرًا، تحدث معى كثيرًا عن العروسة التى وقع اختياره عليها، وعند إجازته سوف تتم قراءة الفاتحة، وطلب منى إعداد «محشى ورق عنب»، وأن أجهز كميات كبيرة لكى يأكل هو وزملاؤه، وأرسله له مع أحد أقاربى يعمل بشركة شرق الدلتا، كان متوجهًا إلى سيناء، وقال لى: «يا ماما لن أتغدى إلا لما ترسلى لى ورق العنب، هأنتظره منك»، وكأنه كان يودعنى، وأنهيت المكالمة معه، ودخلت المطبخ مسرعة أجهزة المحشى، وبعد نصف ساعة، دخل علىّ زوجى قائلًا: «ربنا أخد أمانته.. محمد استشهد».
وتابعت والدة الشهيد: «الدار فضيت على، وحياتى أصبحت بلا روح، لدرجة أن عائلتى وعائلة زوجى من يوم استشهاد محمد لم تتم إقامة أى حفلات زفاف، وربنا وحده ألهمنى الصبر على الفراق، خاصة أن أحد زملائه أخبرنى أنه طلب أن يصلى بهم الفجر جماعة يوم استشهاده، وكانت أول مرة يفعل ذلك».
وتتنهد قائلة: وبعت شبكة خطوبته ووزعت ثمنها على الفقراء، وتبرعت بمبالغ كبيرة لمستشفيات خيرية على روح نجلى، والحمد لله أديت العمرة 9 مرات بعد وفاة ابنى.
وتختتم الأم حديثها قائلة: «كل شهيد يسقط بيفكرنى بنجلى، وأيام حرب أكتوبر كان المصريون يحاربون من أجل الأرض فى سيناء، لكن حاليًا المسلمون بيحاربوا المسلمين فى سيناء الأرض الطاهرة التى ارتوت بدماء الشهداء منذ حرب أكتوبر وحتى الآن، ولو يعرف الإرهابى اللى بينفذ جريمته ما يحدث لأسرة الشهيد لتراجع عن فعلته، وبعد سنة من استشهاد ابنى، استشهد صديق عمره النقيب محمود منير، الذى حمل جثمان محمد وجابه الشرقية، كانوا زملاء ومن مركز واحد ودفعة واحدة».
ويقول أحمد السيد ثابت، مهندس زراعى، والد الشهيد: «العوض على الله، فقدت ابنى الحيلة، وأحتسبه عند الله من الشهداء، منهم لله اللى حرمونى من نور عينى، وأملى الوحيد فى الدنيا، ولم أصدق حتى الآن فراق أعز الناس إلى قلبى، فالدنيا أصبحت ليس لها طعم بعد رحيل ابنى فى زهرة شبابه على يد مجرمين لا يعرفون الله، وأنا ظهرى اتكسر بعد رحيل محمد الذى كنت أعتبره سندى الوحيد فى الدنيا، وأنا اللى غرست فى نجلى حب الالتحاق بكلية الشرطة، وتخرج منها عام 2010 بتفوق، وعمل فى بداية تخرجه بمركز أبوصوير والقنطرة غرب، ثم قام بنفسه بتقديم طلب بوزارة الداخلية للعمل بسيناء، وبعدما مضى عام أصبح معاونًا لمباحث نخل، وكان يمضى هناك 15 يومًا وينزل 15 يومًا إجازة، ويوم الحادث اتصل بأمه لكى تذهب لفتاة لتحدد موعد للخطوبة.
روت دماؤه أرض سيناء وهو يدافع عن الوطن ضد الإرهاب الغاشم
بعد مرور 44 عاما على نصر أكتوبر إلا أن جينات الجندى المصرى مازالت ممتدة حتى عصرنا هذا، فالواقع أثبت أن مصر كل يوم لها هو أكتوبر وعبور جديد لها ولأبنائها وتاريخ حافل بالتضحيات والإنجازات، فما أشبه اليوم بالبارحة! فعلى مر العصور دفعت مصر بشهدائها فى كل بقعة من أرض سيناء الطاهرة، فالعدو هو العدو سواء كان إسرائيل أو غيرها من الإرهابيين، فتعددت الاسباب والإرهاب واحد، سواء كان جيشا منظما أو مرتزقة يحاولون النيل من شرف هذه الأمة شهيد اليوم ليس من المسلمين، ولكنه قبطى دخل شرف الخدمة العسكرية.

الشهيد أبانوب لمعى
إنه الشهيد أبانوب كمال لمعى الذى استشهد فى سيناء أول إبريل من عام 2015 ابن مركز المراغة فى محافظة سوهاج والذى ضرب أروع الأمثلة فى الفداء والتضحية فى سيناء حيث التحق بالخدمة العسكرية عقب انتهائه من دراسته خدم فى الجيش لمدة عام وشهرين والذى لم يختلف كثيرا عن عبدالعاطى صائد الدبابات أو أى من حاربوا فى سيناء، فكلهم هدفهم واحد هو تحرير سيناء من قبضه أى معتد. أهله بالرغم من حزنهم الشديد على فراقه، لكن يكفيهم أنه شهيد واستشهاده فى سيناء هو شرف للجميع.
صائد التكفيريين فى جبال سيناء
بطولات حفرت من دماء أبطال لا تقل شجاعتهم وجهادهم فى سبيل الوطن عن أبطال حرب أكتوبر المجيد، إنهم أبطال مصر من رجال القوات المسلحة والشرطة، الذين ضحوا بحياتهم دفاعًا عن كل شبر من أرض الوطن ضد مجموعة من خوارج العصر، أعداء الوطن.
.jpg)
الشهيد عقيد يحيى حسن
وتعد محافظة بنى سويف من المحافظات الأولى على مستوى الجمهورية من حيث استشهاد أبنائها من رجال القوات المسلحة والشرطة فى الفترة التى شهدتها البلاد منذ عام 2016. من هؤلاء الأبطال العقيد أركان حرب يحيى حسن محمد على، ابن قرية معصرة نعسان، التابعة لمركز إهناسيا، غرب محافظة بنى سويف، ذلك البطل الذى أطلق عليه زملاؤه وجنوده وقادته لقب «صائد التكفيريين». «اليوم السابع» التقت أسرة الشهيد وأهالى قريته، وأكد حسن يحيى حسن، نجل الشهيد، أنه فخور بوالده البطل، ويروى يوميًا بطولات والده الشهيد لزملائه فى المدرسة، قائلًا: «أرى ابتسامة والدى كل صباح وأنا أؤدى تحية العلم فى طابور الصباح».
وقال نجل الشهيد: بطولات والدى ستظل محفورة فى قلوبنا، وسيحكى التاريخ ما فعله من دور لا يقل عن دور اأطال حرب أكتوبر المجيدة.
وقالت الدكتورة فاطمة حسن، الأستاذة الجامعية، المتحدث الإعلامى لجامعة بنى سويف، شقيقة الشهيد، إنها فوجئت ببطولات شقيقها الشهيد التى قصها عليها إصدقاؤه وزملاؤه فى سيناء، مؤكدة أنها لم تكن تتوقع أن يكون شقيقها «يحيى» الطيب الخجول صاحب تلك البطولات. وروت شقيقة الشهيد بطولات الشهيد التى قصها عليها أصدقاؤه، قائلة: «العقيد يحيى كان قائد كتيبة بشمال سيناء، وأخذ الثأر لنفسه قبيل استشهاده، فقام بتصفية 37 من العناصر الإرهابية، وشارك فى ضبط إرهابيين كانوا يقودون لاندكروزر فى مداهمات صقر البطل التى استشهد بها». وأضافت الدكتورة فاطمة حسن أن أسرة الشهيد وأشقاءه على دراية كاملة بما تتعرض له البلاد من حروب خارجية وداخلية، مشيرة إلى أن الأسرة دائمًا ما تعلن خلال الاحتفالات التى تقام على شرف الشهيد تفويضها للرئيس السيسى لفترة رئاسة مقبلة. واستكملت شقيقة الشهيد حديثها عن بطولات شقيقها، قائلة: «يحيى كان من المشاركين فى بناء كمين كرم القواديس وكمائن منطقة الجدى، وهو أول من قام بعمل مداهمات فى محافظة شمال سيناء»، مشيرة إلى أن شقيقها شارك إبان ثورة 25 يناير فى تأمين المنشآت الحيوية بمدينة القاهرة.
وأضافت أن الإرهابيين من الخوارج رصدوا مكافأة 10 ملايين جنيه لمن يقتل الشهيد يحيى حسن، حيث كانوا يلقبونه برئيس مباحث العاصمة، مؤكدة أن أصدقاء الشهيد أكدوا لها أنه يوم استشهاد شقيقها أطلق الأعيرة النارية فى السماء، قائلًا: «أقصى ما يفعله البشر هو تنفيذ إرادة الله». من جانبها، قالت والدة الشهيد إن نجلها كان حنونًا طيبًا.. ملاكًا يمشى على الأرض، مشيرة إلى أن «يحيى» أعاد لها ذكريات حرب أكتوبر، حيث كانت تستمع لبطولات الأبطال من أهالى القرية والقرى المجاورة أبان حرب أكتوبر المجيدة
وطالب أهالى قرية معصرة نعسان، التابعة لمركز إهناسيا، أثناء الاحتفال بتغيير اسم المدرسة الابتدائية بالقرية إلى مدرسة الشهيد يحيى حسن، من القيادات الموجودة فى الحفل بإطلاق اسم الشهيد على القرية، كأقل تقدير للشهيد.
ابن الدقهلية.. طلب الشهادة بحب فنالها
«فخور بأن ابنى راح فداء لمصر، وضحية للوطن الغالى»، هكذا تحدث صلاح السعيد، والد الشهيد مجند إسلام صلاح، ابن محافظة الدقهلية، الذى راح ضحية عمل إرهابى بشمال سيناء بمحافظة الدقهلية، وتم تشييع جثمانه فى جنازة شعبية ورسمية مهيبة، حيث كان الشهيد محبوبًا وسط أهله وأقاربه.

الشهيد إسلام صلاح
يقول «السعيد»: ابنى فلذة كبدى كان أحب شىء إلى قلبى، وهو أول أبنائى، وأكبر فرحة فى حياتى، ذهب للجيش وكنت خائفًا عليه جدًا بسبب الوضع فى سيناء، ولكن هو كان صاحب روح معنوية مرتفعة، وكان يخفف عنا القلق، وكان كل مرة يعود فى إجازة يقول لنا «عمر الشقى بقى، وسيبيوها على الله، ولو رحت هبقى سعيد، لأنى هروح شهيد، هو فى حد طايل يموت شهيد». ويضيف «السعيد»: كان ابنى دائمًا فى كل إجازة يحكى لنا عن مغامراته فى الجيش، بحسه الفكاهى، فكان معروفًا بخفة الدم وسرعة البديهة، ودائمًا «ابن نكتة»، وحاضرًا بنكاته وخفة دمه، وكان دائمًا فى كل مرة يتحدث إلينا فيها، منذ دخوله الجيش حتى استشهد، عن فضل الشهادة، وفضل الموت فى سبيل الله، وكان حديثه يقلقنا أكثر، وهو لم يكن متدينًا قبل دخول الجيش، ولم يكن منضبطًا فى الصلاة، وانضبط فى الصلاة بمجرد أن دخل الجيش، وكان يستيقظ فى كل صلاة الفجر إثناء إجازته، وكنا نتعجب من ذلك جدًا، كنا سعداء بانضباطه فى الصلاة، وتقربه من الله، وأن الجيش علمه شيئًا عظيمًا.
ويتابع والد الشهيد حديثه لـ «اليوم السابع»: كنت متوقعًا أنه سيصيبه أذى، ولكن لم أكن أتوقع فى يوم من الأيام أنه سيستشهد، وبصراحة قلبى انفطر عليه، ولكن بعد دفنه والتفكير فيما كان يقوله، هدأ قلبى وروعى، ولم أكن أتخيل أننى سأصبر على فراقه بهذه السرعة، الله صبرنا، وربط على قلب والدته، التى ما زالت تبكى عليه منذ استشهاده قبل 5 أشهر وحتى الآن، واستطاعت أن تمر من الأزمة، بالرغم من أنها لم تنسَ لحظة واحدة.
ويقول أحمد صلاح، شقيق الشهيد: كلما نرى الرئيس السيسى فى التليفزيون يفتتح مشاريع جديدة، وينهض بمصر، نعرف أن دم أخى لم يذهب هدرًا، وأن حديثه عن الوطن والشهادة والتضحيات كان حقيقيًا، ولم يكن مجرد شحن معنوى، لهذا نكون حريصين جدًا على متابعة خطابات الرئيس، ونرى فيه المخلص الذى سيأتى لنا بحق أخينا، أمى تشاهد التلفاز، وتنظر للرئيس السيسى، وكأنه أخى، ودائمًا ما تدعو له.
ويتابع شقيق الشهيد: أمى أرسلت رسالة للرئيس السيسى أنها مستعدة للتطوع بنفسها فى الجيش، لمساندة مصر فى سيناء ضد الإرهاب والإرهابيين، وتضع صورة كبيرة له فى البيت، ودائمًا ما تدعو له، وجميعنا نقف خلف الرئيس، نحمل هم يوم 6 أكتوبر، خاصة أمى، التى دائمًا ما تشبه ولدها الشهيد بشهداء حرب أكتوبر، ونعتبره يوم عيد.
ويؤكد شقيق الشهيد: مصر تستحق أكثر من ذلك، ومستعدون أن نفدى وطننا بأغلى من الدم، لم يؤثر فينا شىء، ولن نسمح للإرهاب بالفساد فى مصر، وسوف نؤيد ونساند الرئيس السيسى، حتى آخر قطرة من دمائنا، وآخر قطرة من دماء الإرهابيين، وسوف نستمر فى مساندة الجيش المصرى، من أجل أن يعود حق أخى، وحق كل الشهداء الذين بذلوا دماءهم رخيصة فى سبيل الله ثم الوطن.