رغم مرور أكثر من عام على محاولة الاطاحة بالحكم الديكتاتورى فى تركيا والذى يترأسه الرئيس رجب طيب إردوغان، لا تزال السلطات تواصل عملية تطهير البلاد بما فيها كافة المؤسسات مثل الجيش والمدارس والمحاكم من المعارضة بذريعة قلب نظام الحكم، وتشن حملة شرسة ضد المعارضة التركية فى الداخل والخارج، وتمارس القمع وتكميم الأفواه ضد كل من تسول له نفسه انتقاد الرئيس الذى عزز من صلاحياته فى استفتاء مثير للجدل أجرى على تعديل دستورى فى أبريل الماضى وحكم البلاد بقبضة حديدية.
وفى إطار مواصلة سياسات التطهير القمعية التى يقوم بها النظام التركى، اعتقلت السلطات التركية 133 شخصاً يعملون فى وزارتى المالية والعمل فى إطار حملة موسعة لقمع المعارضة، وجاءت أوامر الاعتقال بسبب مزاعم بأن المشتبه بهم استخدموا تطبيق (بايلوك) للتراسل إذ تقول الحكومة إن هذا التطبيق استخدمته شبكة فتح الله جولن رجل الدين المقيم فى الولايات المتحدة الذى تتهمه أنقرة بالوقوف وراء تحركات الجيش، وبحسب الوكالة إن 101 من المشتبه بهم يعملون فى وزارة المالية وإن 32 من وزارة العمل.
مساعى النظام التركى لقمع المعارضة لم تتوقف منذ حركة الاطاحة بالرئيس العام الماضى وتم تسجيل عملية احتجاز أكثر من 50 ألفاً بينهم 140 صحفياً وأعضاء في البرلمان التركي وينتظرون المحاكمة لصلتهم بالداعية المعارض فتح الله جولن، بينما فصلت السلطات 150 ألفاً أو أوقفتهم عن العمل فى القطاعين العام والخاص، فى وقت عبرت فيه جماعات حقوقية وبعض حلفاء تركيا من الغرب عن القلق بشأن هذه الحملة وقالوا إن الحكومة ربما تستغل تحركات الجيش كذريعة لسحق المعارضة.
وبخلاف حملات القمع والاعتقالات التعسفية للنظام والتى اتسعت مؤخراً عقب المسيرة الضخمة التى نظمتها المعارضة التركية التى دعت "للعدالة" فى يوليو الماضى والتى تحدت اردوغان وقمع السلطات، أجرت تركيا أيضاً محاكمات لعسكريين، حيث أدانت المحكمة التركية أمس 42 جندياً سابقاً بمزاعم محاولة قتل الرئيس أردوغان خلال محاولة الانقلاب يوليو العام الماضى وأصدرت أحكاماً بالسجن المؤبد على معظمهم وهى قضية حظيت باهتمام إعلامى كبير.
وتعد المحاكمة التى بدأت فى فبراير وسط أجواء متوترة للغاية، هى جزء من حملة واسعة النطاق أعقبت محاولة الانقلاب العام الماضى وهى أكبر قضية من هذا النوع صدرت فيها أحكام حتى الآن. وتقول السلطات التركية أنهم نفذوا عملية خاصة لقتل الرئيس التركى ليلة 14 يوليو العام الماضى نجا أردوغان وأسرته بأعجوبة من فريق اقتحموا الفندق فى هذه الليلة بمدينة مرمريس فى موغلا، حيث غادر الرئيس التركى الفندق قبل بدء الهجوم فى طائرة مع عائلته إلى مطار أتاتورك فى اسطنبول وقتل 2 من حراسه فى تبادل اطلاق النيران.
وقضت المحكمة بالسجن المؤبد 4 مرات على 34 متهماً بينهم العميد السابق جوكهان سونمازاتيش الذى اعتبر قائد الفريق التى كانت مهمته القبض على أو قتل اردوغان، كما قضت المحكمة بالسجن 18 عام ضد على يازجى المستشار العسكرى المرافق لأردوغان قبل محاولة الاطاحة.
وبحسب وكالة رويترز فقد تلا القاضى أمير شاه باستوج أحكام إدانة 42 من جملة 47 متهماً، وحكم باستوج على 34 من المتهمين بالسجن المؤبد المشدد وهذه هى أقصى عقوبة ممكنة بموجب القانون التركى.
وصدرت أحكام بالسجن المؤبد على 6 متهمين آخرين بينما صدر حكمان أخف على 2 آخرين، وقال باستوج ة، إن عدة "متهمين أدينوا بتهمة محاولة اغتيال الرئيس"، وبرأت المحكمة أحد المتهمين وأحيل 2 إلى محكمة أخرى، ولم تصدر أحكام على 3 حوكموا غيابياً منهم رجل الدين المقيم فى الولايات المتحدة فتح الله جولن الذى تتهمه أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب.
ولا تزال تشهد تركيا حراكاً سياسياً واضطراباً كبيراً، حيث دقت مسيرة المعارضة يوليو الماضى ناقوس الخطر لإردوغان، واعتبرت أكبر وأهم نشاط مناوئ لحكم أردوغان منذ يوليو 2016 ضد حملة الاعتقالات والتطهير التي شملت مختلف مؤسسات والمجالات في تركيا في ظل حالة الطوارىء ووصف زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال كليجدارأوغلو ما قام به أردوغان بأنه "انقلاب مدنى".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة