تحولت العلاقة المصرية الإيرانية من علاقة مصاهرة بين الأسرتين الحاكمتين فى ثلاثينيات القرن الماضى، عندما تزوجت شقيقة الملك فاروق، الأميرة فوزية ذات الـ 17 عاما من ولى عهد إيران فى ذلك الوقت محمد رضا بهلوى عام ١٩٣٩، إلى علاقات يشوبها الفتور والتوتر فى تاريخنا المعاصر بعد قطيعة دبلوماسية فى ثمانينيات القرن نفسه، وحتى وقتنا هذا لم تحقق العلاقات استقراراً ملحوظاً.
وفتح تصريح الرئيس عبد الفتاح السيسى خلال مقابلة مع قناة "فرانس 24" على هامش زيارته لباريس، حول العلاقات المصرية الإيرانية والتى قال إنها مقطوعة منذ ما يقرب من 40 عاما - الباب أمام تساؤلات القراء، وأثار تساؤلات لدى أذهان المتابعين والمهتمين بالشأن الإيرانى، حول تاريخ العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، ويقدم "اليوم السابع"، أبسط الأسئلة التى تدور فى ذهن القراء حول العلاقات الدبلوماسية بين القاهرة وطهران.
السيسي ونظيره الفرنسى خلال زيارته الأخيرة إلى باريس
-
متى قطعت العلاقات الدبلوماسية؟
قطعت إيران العلاقات الدبلوماسية مع مصر عام 1980 بعد اندلاع الثورة الاسلامية فى إيران وتحول طهران من شرطى الخليج وحليف للولايات المتحدة وإسرائيل إلى أكثر دول المنطقة عداء للغرب، بينما كانت مصر بقيادة الرئيس الأسبق الراحل محمد أنور السادات تتهيأ لإبرام معاهدة السلام مع إسرائيل، فانحازت إيران إلى ما أسمته "خيار المقاومة" بعد سقوط نظام الشاه في 11 فبراير 1979.
-
من بادر بالقطيعة؟ وما هو السبب؟
أصدر قائد الثورة فى إيران آية الله الخمينى، قرارا بقطع العلاقات الدبلوماسية مع مصر وأصدرت الخارجية الإيرانية بيانا رسميا تفسر فيه أسباب هذا القرار وكان فى مقدمة الأسباب هو الاحتجاج على توقيع مصر اتفاقية السلام "كامب ديفيد" مع إسرائيل، وهو ما اعتبر تدخلا صارخا فى الشأن المصرى.
-
هل قامت إيران بخطوات تصعيدية أخرى؟
بعد اتفاقية كامب ديفيد واستضافة السادات لشاه إيران المخلوع محمد رضا بهلوى بعد الثورة الإيرانية، اتبعت طهران سياسة المكايدة السياسية مع مصر، وأطلقت بلدية طهران اسم الإرهابى خالد الإسلامبولي المتورط باغتيال الرئيس الراحل أنور السادات والملهم للعديد من الجماعات الإرهابية المسلحة، على أكبر شوارعها.
-
وما سر تمسك طهران بتمجيد قاتل السادات؟
ومواصلة لسياسة الاستفزاز التى اتبعتها إيران مع مصر، ومساعيها للتقرب من تيارات الإسلام السياسى، وضعت السلطات الإيرانية جدارية ضخمة جديدة في أحد شوارع العاصمة طهران تحمل صورة الإرهابى الإسلامبولى، فى عام 2001. ويظهر الإسلامبولي في الصورة خلف قضبان حديدية وهو يحمل نسخة من القرآن الكريم. وقد كتب في أعلى اللوحة: أنا قتلت فرعون مصر. وفى عام 2008 عرض تليفزيون إيران فيلما وثائقيا مسيئا لمصر عن حادثة اغتيال السادات أطلق عليه "اعدام فرعون".
-
هل عادت من جديد؟
عادت العلاقات الدبلوماسية على مستوى القائم بالأعمال في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، حيث تتبادل مصر وإيران منذ ذلك الوقت فتح مكاتب رعاية المصالح، فى أبريل من عام 1991. وتم تعيين السفير أحمد نامق رئيسا للبعثة الدبلوماسية المصرية في إيران، والسفير علي أصغر محمدي رئيسا للبعثة الإيرانية بالقاهرة. ويشغل السفير المصرى "ياسر عثمان" الآن رئاسة البعثة المصرية فى طهران، كما يتولى رئاسة البعثة الإيرانية بالقاهرة محمد محموديان.
الخمينى
-
وما هى شروط استئنافها ؟
لا يوجد شروط لاستئناف العلاقات، لكن هناك ضوابط لخصها وزير الخارجية سامح شكرى فى خلال حوار صحفى له في 31 مارس العام الماضى، حيث قال إن "وجود تغيير في المنهج والسياسة إزاء المنطقة، السعي إلى بناء علاقات على أسس من التعاون والاحترام المتبادل والتكافؤ في المصالح، احترام استقلال الدول العربيّة وسيادتها على أراضيها وعدم التدخّل فيها، والكفّ عن السعي إلى فرض النفوذ".
إضافة إلى شرط تسليم العناصر المطلوبة أمنيا إلى القاهرة والتى تتخذ من طهران موطنا لها.
-
عقبات أمام عودة العلاقات؟
هناك عقبات كثيرة تقف أمام عودة العلاقات الدبلوماسية، منها سياسات إيران الإقليمية التى تعرض الأمن القومى العربى للخطر، على سبيل المثال دعمها للحوثيين فى اليمن، والاضطرابات فى البحرين، وأيضاً دورها في العراق الذي يحول دون تحقيق توازن واستقرار سياسي حقيقي، واستخدامها الصراع الطائفي ودعم الأقليات الشيعية فى الدول العربية، وتهديد الأمن القومى الخليجى الذى يعد جزءا لا يتجزأ من الأمن القومى المصرى.
وفى كل مرة، يسأل فيها الرئيس السيسي في مقابلاته المختلفة ، يكرر أن مصر ليس لديها علاقة مع إيران وأن مصر مسئولة بشكل كبير عن الأمن القومي العربي لأنه جزء لا يتجزّأ من أمن مصر القومي.
-
هل هناك تنسيق بين البلدين فى المنظمات والمحافل الدولية؟
هناك تنسيق بين مصر وإيران فى المنظمات والمحافل الدولية وتشترك البلدين فى عضوية ترويكا منظمة دول عدم الانحياز.
-
ما هو موقف مصر من الملف النووى الإيرانى؟
يقوم الموقف المصرى من البرنامج النووى الإيرانى على النقاط التالية:
- الإقرار بحق الدول الأعضاء فى اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية فى الاستخدامات السلمية للطاقة النووية.
- مطالبة كل من إيران والمجتمع الدولى بحل الأزمة بالطرق الدبلوماسية وعن طريق المفاوضات.
-رفض أسلوب المعايير المزدوجة فى التعامل مع الملفات النووية لمختلف الدول، مع ضرورة أن يتم التوصل لحل أزمة الملف النووى الإيرانى فى إطار أوسع يشمل جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية.
- وبعد توقيع الاتفاق النووى فى يوليو 2015، علقت الخارجية المصرية قائلة: "نأمل أن يكون الاتفاق شاملا ًمتكاملاً، ويؤدي إلى منع نشوب سباق للتسلح في منطقة الشرق الأوسط وإخلائها بشكل كامل من جميع أسلحة الدمار الشامل بما فيها الأسلحة النووية، وبما يؤدي إلى تحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة".
- وبعد إعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب عن استراتيجيته تجاه إيران والاتفاقية النووية، أصدرت الخارجية بيانا قالت فيه "إنها تابعت باهتمام تفاصيل الاستراتيجية التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه إيران، وأن موقف مصر الثابت يدعو إلى ضرورة إخلاء منطقة الشرق الأوسط من السلاح النووي وكافة أسلحة الدمار الشامل، واحترام مبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، بما يعزز من استقرار منطقة الشرق الأوسط وإيجاد حلول مستدامة للأزمات التي تمر بها المنطقة".
-
هل توجد لجان مشتركة أو مشاورات سياسية بين البلدين؟
لا توجد أي لجان مشتركة أو مشاورات سياسية بين البلدين، ولكن تم التوقيع على اتفاق لتنظيم النقل الجوي بين البلدين في القاهرة، 3-10-2010، تتيح استئناف الرحلات الجوية المباشرة، وتنفيذه كان منوطا بالقطاع الخاص أساساً، على أساس تسيير رحلات بين طهران والولايات المتحدة عبر القاهرة، ويتمحور الاتفاق حول فكرة إعادة تنظيم عمليات النقل الجوي لاتفاق سابق بين البلدين تم توقيعه في منتصف التسعينات من القرن الماضي.
-
هل توجد علاقات اقتصادية بين البلدين؟
هناك تبادل اقتصادى متواضع بين مصر وإيران، وأصدرت هيئة الاستثمار تقريرا فى عام 2011 أشار إلى أن حجم الاستثمارات الإيرانية في مصر لم يتخطَ 331 مليون دولار من خلال 12 شركة فقط مسجلة بالهيئة منذ عام 1970 وحتى عام 2010.
وحول التبادل التجارى ، قال حسن كاظمي قمي مساعد وزير الخارجية الايراني للشؤن الاقتصادية خلال المنتدي الاقتصادي المصري الايراني الذي افتتح في يوم 16\10\ 2012 في طهران ، أن الصادرات الإيرانية لمصر زادت من 26 مليون دولار إلى 133 مليون دولار ، وأن واردات إيران من مصر خلال نفس الفترة بلغت قيمتها 40 مليون دولار وشملت موالح وخاصة البرتقال ومواد صناعية.
-
ما هو موقف إيران من ثورة 30 يونيه 2013؟
اتخذت طهران موقفا رماديا من الثورة المصرية فى 30 يونيو، بعكس الموقف الصريح الذى اتخذته من ثورة 25 يناير، حيث أيدت الثورة فى الأيام الأولى، لكن لم تتخذ الموقف ذاته من ثورة 30 يونيو، فلم يصدر رد فعل رسمى بتأييدها، بل انحازت وسائل إعلامها للرئيس المعزول محمد مرسى، وفى الوقت نفسه ألقت باللوم عليه وقالت إنه انحرف عن مسار الثورة.
أحمد نجاد فى محيط مسجد السيدة زينب
-
ومن هو الرئيس الإيرانى الوحيد الذى زار مصر ؟
فى فبراير 2013 كان محمود أحمدي نجاد أول رئيس إيراني يزور مصر منذ 1979، وذلك للمشاركة فى قمة "منظمة التعاون الإسلامي".
الرئيس الإصلاحى محمد خاتمى
-
ومن هو أول رئيس مصرى زار إيران؟
الرئيس المعزول محمد مرسي أول رئيس مصري يزور إيران منذ قطع العلاقات الدبلوماسية و قيام الثورة الإيرانية فى 79.
-
كيف تنظر إيران إلى مصر؟
تنظر إيران إلى مصر باعتبارها بلد هام وذو حضارة وتاريخ، له ثقله فى الشرق الأوسط ومفتاح العلاقات فى القارة الافريقية، وحاولت بشتى السبل إلى استئناف العلاقات، وأقر مسئولوها فى مناسبات عديدة بحاجة بلادهم لإقرار العلاقات الدبلوماسية، وأرسلت وفودا مصرية عديدة إلى طهران على مدار السنوات الماضية فى محاولة لتحريك المياه الراكدة بين البلدين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة