د.شوشما باتل عميدة الهندسة: الجامعة تشجع الطلاب على الابتكار من خلال مشروعات يشاركون فيها
د.شوشما باتل عميدة الهندسة: الجامعة تشجع الطلاب على الابتكار من خلال مشروعات يشاركون فيها
تؤكد تجارب الدول المتقدمة دائما أن البحث العلمى والتطوير والابتكار هى أساس البناء للمستقبل، وتمثل الأبحاث جزءا أساسيا من البنيان الجامعى، وتخصص الشركات الصناعية الكبرى جزءا من عوائدها للإنفاق على البحث العلمى، ليس فقط داخل الشركة، ولكن أيضا لدعم التعليم عموما، والتعليم الجامعى على وجه الخصوص، وهذا الدعم تقدمه الشركات والمجتمع، لعلمهم أنه يعود عليهم ويساهم فى تطوير عملهم.مشروع تطوير سيارة لطلاب كلية الهندسة فى لندن ساوث بانك
على مدى يومين كنا نتابع مؤتمر تحديات التعليم العالى، الذى نظمته الجامعة البريطانية فى مصر BUE بالاشتراك مع جامعة لندن ساوث بانك LSBU، وكان الموضوع الرئيسى للمؤتمر هو تجارب الجامعات الحديثة فى تقديم مناهج وتدريبات ومهارات لطلابها بشكل يتجاوز التلقين إلى التعامل مع الواقع العملى، وعبور الفجوة بين ما يدرسه الطلاب، وما يواجهوه بعد التخرج، حيث يمكنهم الحصول على وظيفة أو فتح مجالات للعمل الخاص.
وفى نفس الوقت، تخلق العولمة والتقدم التكنولوجى والتقنى المتسارع الموظف الدولى أو الخريج الدولى، حيث يمكن لخريج مؤهل ومدرب أن يحصل على وظيفة فى أى مكان بالعالم، بناء على ما يملكه من مهارات. وهو تحد يجعل المنافسة فى بعض الوظائف على مستوى الدول وليس فقط فى البلد الواحد.
وهذه المسألة تظهر فى المجالات الصناعية والتكنولوجية، حيث تضطر بعض الشركات والمصانع للبحث عن وظائف ومهارات معينة خارج البلد. ومع صعوبة تعريف مهارات التوظيف، تشير ورقة الجامعة البريطانية إلى أن هناك اتفاقا على أن مهارات التوظيف هى التواصل الفعال والعمل الجماعى وحل المشكلات والمبادرات وتطوير المشاريع والتخطيط والتنظيم والإدارة الذاتية والتعلم وإتقان التكنولوجيا.
يحدث فى المجتمعات المتقدمة
لا أعرف إن كانت مصادفة أم لا، أن يظهر كل هذا العدد من المخترعين والمبتكرين فى مجالات دقيقة، لا يجدوا اهتماما إما يهاجروا أو يحبطوا. وبينهم نسبة من الجادين، حتى لو لم يكن كلهم، بينما فى المجتمعات المتقدمة تقدم لهم الدعم وتعتبرهم ثروة بشرية هائلة، يمكن توظيفها، ومن تابعوا مبادرة رواد تكنولوجيا المستقبل، أو يتابعون أنشطة شباب مبتكرين يمكنهم أن يجدوا ولو نسبة من هذه الاختراعات وراءها جهد، وأفكار يمكن حال وجدت الدعم أن تثمر.
وقد رأينا فى لندن تجربة عملية، كيف تقدم جامعة لندن ساوث بانك ومجتمع المال والأعمال المساعدة للطلاب أثناء الدراسة، وتدعم مشروعات التخرج، وأنشطتهم للدخول فى مسابقات، كما تخصص مركزا للابتكار والأبحاث، ترعاه كبريات الشركات فى بريطانيا، وتخصص جزءا من عوائدها لدعم البحث العلمى داخل الشركة، وأيضا فى المؤسسات التعليمية مثل مراكز الأبحاث والجامعات، وهنا الدعم للابتكارات لا يأتى فقط من الدولة، فالجامعات هناك بمصروفات، لكن هناك شركات تقدم منحا تعليمية، وأيضا منحا للدراسات العليا، ومنها منح للطلاب الأجانب، ونظن أن هناك أعدادا متزايدة من طلابنا يسافرون بمنح تكون مقدمة من مجتمعات الأعمال والشركات.
تشجيع الابتكارات المشتركة
وفيما يتعلق بنا هناك بالفعل أعداد من الشباب يقدمون ابتكارات واختراعات يمكن أن تكون قابلة للتنفيذ، وحتى التجارب التى تبدو بعيدة عن التنفيذ الآن تمثل خطوات يمكن البناء عليها، وتبدو أهداف الجامعات البريطانية، والأوروبية عموما فى هذا الاتجاه، دعم الابتكارات فى أكثر من اتجاه وتشجيع الأبحاث والابتكارات المشتركة، للتوصل إلى تطوير الأفكار من جهة، ومن جهة أخرى منح الطلاب الثقة للتعامل مع الحياة العملية، وتسهيل الحصول على وظيفة أو افتتاح العمل الخاص.
د. ديفيد فينكس
ومن هنا، فإن التعليم العالى لم يعد فقط تقديم مناهج دراسية للطلاب، ولكن تقديم تجربة عملية وحياتية تلغى الفجوة بين النظرى والعملى، وهذه النقطة كانت الفكرة التى يدور حولها مؤتمر الجامعة البريطانية وجامعة لندن ساوث بانك، وهى الجامعة التى كان هناك تساؤل حول السبب فى اختيار الجامعة البريطانية فى مصر للشراكة مع جامعة لندن ساوث باك، وكانت الإجابة أن الجامعة تعد أفضل جامعة فى توظيف خريجيها، وكما يقول الدكتور ديفيد فينكس رئيس جامعة لندن ساوث بانك، فقد كشفت تقارير صحيفتى التايمز والصنداى تايمز أن جامعة لندن ثاوث أصبحت هى الرائدة الآن فى التعليم المهنى والتقنى، وهى من أفضل 12 جامعة فى المملكة المتحدة، فيما يخص الرواتب المبدئية للخريجين.
كما تحتل الجامعة مكانة متقدمة فى ريادة الأعمال، ويدرس بها 17 ألف طالب وطالبة وأكثر من 40% من طلابها يدرسون بنظام الدوام الجزئى، أى أنهم يعملون وفى نفس الوقت يدرسون بالجامعة التى توفر هذا النوع من التعليم الذى يناسب الطلاب الذين يعملون خارج الجامعة أو يريدون استكمال دراساتهم بعد العمل، وهناك حوالى ألف من أرباب العمل يستخدمون الجامعة فى تدريب موظفيهم، وأكثر من 25% من طلابها فى دراسات عليا، ويرعى أصحاب العمل نسبة 45% منهم، ويدعمون أكثر من 7 آلاف طالب وطالبة فى جامعة لندن ثاوث بانك، ويسددون الرسوم الدراسية عن ألفى طالب منهم، ومثل هذه التجارب يمكن الاستفادة منها لكونها تطرح فكرة الدور، الذى يمكن أن يلعبه رجال الأعمال والشركات فى دعم التعليم، الذى يعود عليهم بعوائد اقتصادية ويقدم لهم أعدادا من الخريجين المؤهلين ومدربين جيدا.
طابعة ثلاثية الأبعاد
طالب هندسة يشرح مشروع الدراجة الطبية
دراجة طبية وطابعة ثلاثية الأبعاد
وقد شاهدنا خلال جولتنا فى كلية الهندسة بجامعة لندن ساوث بانك كيف يمكن أن تقوم علاقة قوية بين الجامعة والمجتمع، ففى داخل كلية الهندسة، شاهدنا مشروعات عملية يقوم بها الطلاب فرديا أو فى فرق، وهى مشروعات للتخرج، يقوم بها فرق من الكلية، أو يشاركون فى مسابقات بحثية وابتكارية دولية مثل فرميولا، وقد شرحت لنا الدكتورة شوشما باتل، عميدة كلية الهندسة بجامعة لندن ثاوث بانك، أن الجامعة تشجع الطلاب على الابتكار من خلال مشروعات يشاركون فيها، وقد شاهدنا فرقا للطلاب فى تخصصات مختلفة بكلية الهندسة، منها مشروع لسيارة يتضمن مشروع الطلاب محاولة تقليل استهلاك الوقود أو زيادة السرعة وتقليل الحرارة والانبعاثات، ومنها مشروع لطالبة بالهندسة طورت يدا صناعية تعمل بالكمبيوتر، يمكنها أن تقوم بمقام اليد لمن فقدوا أيديهم وتتحرك وتساعد على الحركة والعمل. ومن بين المشروعات التى شهدناها فى معامل كلية الهندسة، كان مشروع طابعة ثلاثية الأبعاد، حيث يقوم الطالب بوضع التصميم على الكمبيوتر لقطعة غيار من البوليمر ثم يعطى الأمر لطابعة تنتج نسخة أو أكثر من القطع البوليمرية ومنها قطع صلبة وأخرى لينة، يمكنها أن تحل مشكلة قطع الغيار، كما أن تطويرها فى المستقبل يمكن أن يساهم فى إنتاج قطع غيار على مستوى تجارى، وتوفير مثل هذه الطابعات الذكية فى الورش والمصانع.
هناك أيضا مشروع قدمه طالب بالهندسة، أدخل تطويرا على الدراجة الهوائية «العجلة»، بحيث يقلل من مشكلات المفاصل والظهر التى تظهر من كثرة ركوب العجل، واستعان بأطباء علاج طبيعى وعظام، ونجح فى تقليل التأثيرات السلبية.
ورأينا تجربة لنظارة ثلاثية الأبعاد تساعد فى استكشاف الأعطال، وإصلاحها.
واللافت للنظر من تجربة الجامعة أنها تقدم دعما لمشروعات طلابها، وتقوم بتسويقها، وفى حالة نجاح التطوير أو الابتكار، فإن الشركات تشترى الاختراع، ومن أجل هذا كله فقد افتتحت جامعة لندن ساوث بانك مركزا للابتكارات والأبحاث، هذا المركز ترعاه الشركات البريطانية الكبرى.
طالبة تشرح اختراعها طرفا صناعيا بالكمبيوتر
مركز برعاية شركات كبرى
كما أن الجامعة نفسها تدعم الطلاب، كما تقول عميدة كلية الهندسة الدكتورة شوشما باتل، حيث إن الطلاب يمكن أن يقدموا تطويرا إضافيا فى الموتور لتوفير الوقود أو يضيفوا أى عنصر مفيد فى السيارات أو المخترعات، وهناك أكثر من قسم يدرسون فيه هذه الابتكارات، وتعمل الفرق بشكل تشاركى، ويمكن أن يعمل مهندسة ميكانيا مع كيميائيين أو إلكترونيات. وكل هذا ضمن ربط التعليم بالعمل، بل إن كلية الهندسة كما تشير عميدة الكلية الدكتورة شوشما تستقبل طلاب المدارس وتساندهم ليتعلموا ويتدربوا، بجانب التنسيق مع مركز براءات الاختراع، وهذا المركز الخاص بالابتكارات والأبحاث، لكل طلاب الجامعة من كل الكليات، ترعاه الشركات البريطانية الكبرى بشكل رسمى، ويجتذب 5 آلاف طالب، أى شركة تجد مشروعا من مشروعات الطلاب مناسبا لها تشتريه، وتدفع ثمنه، خاصة أن المركز فيه كل تخصصات الميكانيا والإلكترونات والكيماوى، بل وأيضا فيه قسم يدرس القانون وأبحاثه، وفى نفس الوقت يساعد الطلاب المبتكرين على تسجيل اختراعاتهم وضمان حقوقهم، بل وأيضا تقديم الدعم القانونى فى حالة وجود أى مشكلة.
منح وطلاب فوق السن
وبسبب نجاح جامعة لندن ساوث بانك فى تدعيم التعليم مع التدريب وتصدرها الجامعات البريطانية فى توظيف خريجيها، قفزت من المركز 119 إلى مراكز متقدمة، وكما يقول الدكتور أحمد حمد رئيس الجامعة البريطانية فى القاهرة، فإن جامعة لندن ساوث بانك لديها الآن 18 ألف طالب وطالبة من بينهم 8% وافدين و5% من الاتحاد الأوروبى، كما أن 8% من طلابها ينضمون فوق 18 سنة، حيث يعملون فى وظائف ويكملون دراستهم أثناء العمل، حيث لا توجد مدة معينة لصلاحية شهادة الثانوية، لكن فقط يتم عمل اختبارات القبول بالجامعة.
أحمد حمد
ويشير الدكتور حمد إلى أن مشروعات الطلاب جعلت جامعة لندن ساوث بانك تحصل على أعلى معدل توظيف لطلابها على مستوى بريطانيا، حيث تدعو الجامعة الشركات الإنجليزية المختلفة لمناقشة الطلاب فى أفكار مشروعاتهم، فإذا حازت الفكرة القبول، يتم تمويل تنفيذ المشروع من قبل هذه الشركات، وهذا هو سر عقد الشراكة بين الجامعة البريطانية فى مصر معهم، ضمن السعى لتطبيق نظام التعليم المتقدم للجامعة على طلاب الجامعة البريطانية بمصر.
أما عن كيفية الاستفادة من هذه التجربة، كانت من خلال الشراكة بين الجامعة البريطانية فى مصر وجامعة لندن ساوث بانك، وكما يقول الدكتور أحمد حمد: هناك طلاب يتم إرسالهم للدراسة فى «لندن ساوث بانك» بمنح كاملة للمتفوقين، ثم إن الطالب فى الجامعة البريطانية بمصر يحصل على شهادة مزدوجة من عندنا ومن الجامعة تؤهله للعمل فى السوق العالمى، خاصة أن الجزء الأكبر من المناهج التى يتم تدريسها فى الجامعة البريطانية فى مصر وبنسبة تزيد على 70% هى نفس المناهج فى لندن ساوث بانك، والمناهج الأخرى التى لا يتم تدريسها فى جامعة ساوث بانك يعتمدها ضمن الشهادة المزدوجة، من خلال إرسال محكمين من جامعات أجنبية تدرس نفس هذه المواد، يمنحوا الطلاب شهادة جودة، لذلك سجل 6 آلاف طالب مصرى من الملتحقين بالجامعة البريطانية فى مصر أسماءهم للحصول على الشهادة المزدوجة من جامعة لندن ثاوث بانك، ومن يريد الحصول على الشهادة المصرية فقط، نسبتهم لا تزيد على 7%، تراجعت هذا العام لتصل إلى 3% فقط.
د.شوشما باتل
فيما قالت الدكتورة شوشما باتل، عميدة كلية الهندسة بجامعة لندن ثاوث بانك: إنه من أجل زيادة التبادل الطلابى والتعاون فى سبيل تحديث البرامج وتبادل الأساتذة والأبحاث العلمية، وجدنا أنه من أجل كثرة حجم التعاون أن ننشئ مركز اتصال للجامعة البريطانية فى القاهرة داخل جامعة لندن ثاوث بانك، وفى المقابل هم يفكرون فى عمل مركز مماثل فى الجامعة البريطانية، خاصة بعد زيادة عدد طلاب الجامعة البريطانية المسجلين فى جامعة لندن ثاوث بانك.
نجاح تجربة دعم الشركات الكبرى لأبحاث وابتكارات طلاب الجامعات وتدريبهم يجعل هناك حاحجة لنقل مثل هذه التجارب فى مصر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة