صناعة العسل الأسود اشتهرت بها مدينة ومركز نجع حمادى شمال محافظة قنا، دون غيرها، منذ زمن بعيد، والعصارات البلدى هى المكان الوحيد لهذه الصناعة التى تقوم فقط على الأيدى العاملة دون ماكينات، كان فى الماضى يتم تصدير المنتج للخارج، إلا أنه ومع مرور الزمن وعدم تطوير الصناعة وضعف الإمكانيات وهروب العمالة وابتعاد العديد من التجار عن شراء المنتج بسبب مشاكل النقل والمواصلات التى تواجههم، تسبب ذلك فى تدهور الصناعة، وغلق العديد من العصارات.
بدأت، منذ أيام قليلة، عصارات قصب السكر فى موسم صناعة العسل الأسود ويقول نشأت محمد صاحب عصارة قصب وصناعة العسل الأسود بنجع حمادى، صناعة العسل الأسود تكون من بدايتها حتى خروج العسل الأسود يدويا، حيث تبدأ بجمع محصول القصب فى موسم الحصاد ليتم تجميع الكمية التى تحتاجها العصارة ليدخل مرحلة العصر من خلال ماكينة إنتاج عصير القصب "الخام" حيث تحتاج الصناعة إلى كميات كبيرة من العصير الذى يتم وضعه فى ما يسمى "الدّن" ثم يتم نقله إلى 3 "نحاسات" تُشعل النيران من تحتها لدرجة مرتفعة جدا، ويتم التقليب لفترات طويلة عن طريق "مغارف نحاسية كبيرة" وهى المرحلة التى تسمى "بطبخ العسل" حتى ينضج لتبدأ بعد ذلك مرحلة تصفية الشوائب من خلال مصفى كبيرة ووضعه داخل أحواض خرسانية، ويتم بعد ذلك تعبئته بأحجام مختلفة وبيعه لتجار الجملة، لافتا إلى أن ذلك يتم بشكل شبه يومى مدة موسم الصناعة التى تستمر لما يقرب 7 أشهر فى العام.
ويشير نشأت إلى أن الصناعة تراجعت بشكل كبير، وقام عدد كبير من أصحاب العصارات بغلقها لما تشهده المهنة من ضعف العمالة وهروب ما يقرب من 90% من عدد العمالة بسبب عدم الاهتمام وضعف الأجور، ما دفعهم بالبحث عن مصدر آخر للرزق والمعيشة، خاصة مع المجهود البدنى الذى يقوم به العامل، ومع هذه الأسباب وقلة وارتفاع أجرة العمالة الموسمية وأيضا أسعار الزيوت والغاز، وأجرة عمالة نقل المحصول من الأراضى الزراعية وحتى العصارات أدى إلى ابتعاد التجار عن شراء المنتج الذى أرتفع سعره بشكل كبير على خلفية هذة الأسباب، مضيفا أن سعر قنطار العسل الأسود ارتفع ليصل إلى 350 جنيهًا مع بداية الموسم، ومن المتوقع أن يقل السعر مع نقص الطلب من التجار خلال الموسم الذى يستمر لما يقرب من 7 أشهر.
وكان عمر توفيق نائب رئيس البنك الأهلى المصرى فرع نجع حمادى قد قدم دراسة بحثية لإنشاء شركة مساهمة لخدمة مزارعى القصب وأصحاب عصارات العسل الأسود بقنا، وتناولت الدراسة المشكلات التى تواجه الصناعات القائمة على محصول قصب السكر والحلول المقترحة لعلاجها.
وأوضحت الدراسة أن أهم المشاكل التى تواجة المزارعين هى ارتفاع أسعار الأيدى العاملة وندرتها التى تعمل فى زراعة القصب وحصاده، وعدم ملائمة الزيادات السنوية فى أسعار القصب، وعدم إدخال الميكنة الحديثة فى الزراعة والمحصول، وانخفاض أسعار منتج العسل الأسود داخل العصارات.
وأضافت الدراسة أن منتج العسل غير مطابق للمواصفات القياسية، وبالتالى غير قابل للتصدير مباشرة قبل إجراء معالجة أخرى عليه، والطريقة الحالية لإنتاج العسل الأسود بدائية لم يتم تطويرها منذ الستينيات، وبالتالى فإن هناك فاقد فى محصول قصب السكر يصل إلى 50%، حيث يتم استخدام آلات العصر البدائية، واستخدام المصاصة فى عملية الغلى مما ينتج عنه فقد فى الكمية الضخمة من المصاصة، بالإضافة إلى ضياع منتج هام أثناء انتاج العسل وهو المولاس فى صورة شوائب "غشيم" يتم التخلص منه والذى يدخل فى صناعة أكثر من 17 منتج آخر مثل العطور، الخل، الاسبرتو، الخميرة وغيرها.
وأوضحت الدراسة أن تخزين المصاص فى العصارات ينتج عنه الكثير من الحرائق ما يؤثر على أصحاب العصارات والسكان، كما أن الدخان الناتج من العصارات نتيجة لاستخدام المصاصة فى عملية الحريق ينتج عنه تلوث للبيئة المحيطة وهو محل شكوى دائما من السكان المحيطين لها، بالإضافة إلى رفض البنوك إعطاء أصحاب العصارات أى تسهيلات بنكية "قروض" بشكلها الحالى نتيجة لأن هذه العصارات ليس لديها سجلات محاسبية منتظمة يمكن الاعتماد عليها، او سجلا تجاريا أو رخصة ضريبية، فضلًا عن أن العمالة المؤقتة التى تعمل بهذه العصارات عمالة موسمية غير مدربة وغير مؤمن عليها.
وأوصت الدراسة بعدة حلول لحل هذه المشكلات منها إنشاء شركة مساهمة مصرية تطرح أسهمها للاكتتاب العام وتساهم فيها البنوك ورجال الأعمال وأفراد الشعب والجهات الحكومية ويكون مقرها المنطقة الصناعية بنجع حمادى وتكون مهمتها استيراد المعدات الحديثة اللازمة لمحصول القصب وتصنيعها محليا، وبيع وتأجير هذه المعدات للمزارعين وشركات السكر وأصحاب العصارات، وتطوير عصارات العسل الأسود بإدخال نموذج مطور لعصارات تم تصنيعها محليا بالتعاون مع وزارة الصناعة والهيئة العامة للتنمية الصناعية، تعمل بالطاقة الشمسية والغاز الطبيعى ويكون بالتقسيط لأصحاب العصارات.
كما أوصت الدراسة بإنشاء مصنعين أحدهما لصناعة الورق والآخر لصناعة الخشب الحبيبى، قائمين على القش الناتج من القصب بدلا من حرقه والمصاصة الناتجة من العصارات وشركة السكر، وشراء القش من المزارعين والمصاصة من العصارات وشركة السكر واستخدامهم كمواد خام لهذين المصنعين، ما يؤدى إلى إنتاج دخل إضافى للفلاح وأصحاب العصارات ولشركات السكر.
وأوضحت الدراسة أن هذا سيؤدى إلى توفير آلاف من فرص العمل الثابتة لأبناء المنطقة، واستصلاح الأراضى الصحراوية المحيطة وزراعتها بمحصول القصب بالطرق الحديثة فى الرى بالاعتماد على الآبار الجوفية المكتشفة حديثا فى الصحراء المصرية، والتعاون مع الشركات التى تعمل فى هذا المجال مثل شركة الأهلى للتنمية الزراعية التى أقامها البنك الأهلى المصرى فى السودان لزراعة الأراضى السودانية وزراعة محصول القصب وتشغيل العمالة المصرية هناك.
وأوضح توفيق أنه قدم الدراسة لعدة هيئات حكومية لمناقشتها وبحث آليات تنفيذها، ومخاطبة هذه الجهات بالتعاون والتنسيق مع المزارعين.
عدد الردود 0
بواسطة:
وحيد
قرفتوني في أكل العسل
شكرا لليوم السابع على هذه التحقيقات ولكن بصراحة كلما نقلت صور لأية صناعة تقليدية أصابني ذلك بالغثيان. ففي عصر الفمتوثانية والنانوتكنولوجي، ما زلنا نتبع أساليب قدماء المصريين في هذه الصناعات. وكان الواجب على المراكز البحثية أن تتماشى مع التقدم العلمي وتطور هذه الصناعات بحيث تكون صناعات رائدة على مستوى العالم مع ضمان الملكية الفكرية وغير ذلك ولكن لك الله يا مصر.