عندما اطلعنا على نتائج تعداد السكان والمنشآت التى أعلنها جهاز الإحصاء أمس السبت، كانت الأرقام صادمة للكثيرين وهو أن يصل عدد السكان إلى 104 ملايين نسمة فى ظل معدل نمو لم يصل 5% بعد، وهو ما يعنى أن الزيادة السكانية أصبحت نقمة أكثر منها نعمة.
ولكن أرقام التعداد لم تكن كلها صادمة، بل كان فيها إحصاءات تدعو للأمل والعمل فى نفس الوقت، جعلت جهاز الإحصاء يصف الشعب المصر بأنه "فتى" حيث تشكل الفئة العمرية لمن هم أقل من 15 سنة حوالى ثلث سكان مصر بنسبة 34.2% من إجمالى عدد السكان، بما ينبئ أن المستقبل لهذا الجيل القادم.
الأهم من ذلك هو الإحصاء الذى كشفه التعداد فيما يتعلق بالسكان الذين هم فى سن العمل أى فى الفئة العمرية من (15 – 64 سنة) وهى الشريحة الأكبر على الإطلاق من إجمالى عدد السكان حيث تشكل نسبتهم 61.9% من سكان مصر.
هذا الرقم يعنى وبوضوح أن لدينا قوة هائلة تكمن فى البشر القادرون على العمل، يمكن أن تنهض بالاقتصاد من عثرته إذا ما تم استغلالها بالصورة الصحيحة، فثلثى الشعب المصرى فى سن العمل والإنتاج.
التعدادات السابقة أيضا تكشف كيف تطور حجم هذه الفئة العمرية، حيث كانت تبلغ نسبتها 48.9% من عدد السكان فى تعداد عام 1996 أى أقل من نصف الشعب، ثم ارتفعت النسبة لتصل إلى 54.3% من عدد السكان فى تعداد عام 2006، لتقفز إلى 61.9% فى تعداد 2016 بما يقرب من ثلثى المصريين. فكيف يمكن استغلال هذه الطاقة بصورة صحيحة؟
دكتورة إنشاد عزالدين أستاذ علم الاجتماع بجامعه المنوفية فسرت عدم استغلال نسبة الــ .961% لتحقيق إنتاج وفير قائلة: المشكلة الحقيقية تكمن فى زيادة معدلات البطالة فى صفوف المتعلمين وهذا يعنى أن الشباب الخريجين يدرسون مواد علمية لا تتناسب مع حاجة سوق العمل.
وأضافت: الشباب فور تخرجه يصبح أمام خيارين إما أن يعمل فى مهن مهمشة وفى غير تخصصه من أجل لقمة العيش فقط، وإما يرفض ذلك ويصبح عاطلا ونصحت عز الدين بضرورة دراسة احتياجات سوق العمل ومقارنتها بالمناهج التى يتم تدريسها بدلا من أن يصبح كل ما يشغل بال الطلاب هو الالتحاق بكليات القمة طمعا فى المسمى فقط لا غير قائلة: يجب أن تتفق مدخلات التعليم مع مخرجاته وتتماشى ما متطلبات الفترة الحالية .
الدكتورة هالة منصور، أستاذ علم الاجتماع بجامعه بنها ، تقول هناك شريحة شبابية كبيرة لديها قدرة على العمل ولكن لا يمكننا الاستفادة من القوى العاملة فى ظل غياب التخطيط السليم النابع من رغبة الدولة فى تحقيق أهداف إنتاجية عالية لذا لابد أولا من دراسة تلك الأهداف ووضع بدائل لها فى حالة صعوبة تحقيقها أو الوصول اليها وفى رأى هذا يتحقق من خلال عدة أمور على رأسها تقسيم المراحل التعليمية إلى تعليم مهنى "الإعدادية" وفيها يتم تدريب الطالب على الإنتاج، وتعليم فنى متوسط وآخر تعليم فنى متقدم وجميعها أشكال تعليمية كانت موجودة خلال فترة الستينات ولكنها انهارت بالكامل مؤخرا.
وأضافت: الأشكال السابقة المختلفة للتعليم سيكون من شأنها توسيع دائرة العمل وفتح مجالات عمل جديدة بدلا من نظيرتها التقليدية التى عادة ما يعزف الشباب عنها .