- حلم حياتها أن تمسك مشرطا.. تنقذ بنى آدم من الموت.. وهى فى المرحلة الإعدادية بهرتها حجرة العمليات
تخرجت الدكتورة لميس الحداد فى كلية الطب جامعة المنيا فى عام 2005 بتقدير جيد جدا مع مرتبة الشرف.. وكانت الطبيبة الوحيدة التى اختارت التخصص فى الجراحة العامة.. فى دفعتها من الطالبات (الجنس الناعم).
لم تخف ولم تتردد رغم تحفظات أساتذتها وتعليقات زملائها لكن طموحها الجامح وثقتها فى النجاح وتوفيق الله لها كان أكبر بكثير من كل المعوقات والصعوبات التى واجهتها ومازالت تواجهها حتى الآن، حيث واصلت الليل بالنهار، وتبارت مع زملائها فى نوبات الليل بالمستشفى الجامعى.. استحضرت كل مهاراتها اليدوية التى كانت تمارسها أيام الصبا لتطبقها فى غرفة العمليات "محراب عشقها الأول"، لا سيما أنها اهتمت بكل التفاصيل، وبذلت من الجهد الكثير والكثير لنيل ثقة أساتذتها وود زملائها فى القسم.
واستطاعت "لميس" فى سنوات معدودة أن تصنع لنفسها اسم وتتفرد بأسلوب مميز فى عالم الجراحة العامة، حتى كان اختيارها لرسالة الدكتوراه مختلفا، حيث فضلت التخصص فى الغدد الصماء وهو تخصص شديد الدقة والخصوصية ويحتاج لبذل المزيد من الجهد.
وتؤمن الدكتورة لميس بأن الأهداف النبيلة والأحلام تتحقق بالإخلاص فى العمل وبذل المزيد من التضحيات، فلم تجد نفسها إلا فى نظرات الاستغاثة التى تطلقها عيون المصابين فى الحوادث والحالات الحرجة وكأن الله قد خلقها من أجل أن تقوم بدور المنقذ، الذى عاشته بكل كيانها وتنفست رحيق تفوقها من ابتسامات من ساعدتهم على النجاة وتضميد جراح مرضاها، وما أكثر لحظات السعادة من تلك التى تستمدها مع كل استعادة لنبضات قلب مريض وشهيق
وزفير أى مصاب.
لن تنسى الجراحة الإنسانة لميس الأطفال الثلاثة وهم يبحثون بعيونهم البريئة عن والدتهم التى جاءت معهم فى حادث سيارة.. يتساءلون أين أمى؟ وتدارى لميس وجعا ينخر فى قلبها فقد ماتت الأم بين يديها.. هذا الموقف كان من أصعب المواقف وأكثرها حزنا فى قلبها.
واختارت لميس تخصص ليس باليسير لكنه الأقرب لموهبتها الطبية، فهى تعتبر أنها عندما تمسك بمشرطها وتخيط بأدواتها وتضع أصابعها على مصدر النزيف أنما هى تعزف سيمفونيتها التى لا يسمعها سواها وجروح مرضاها، فالجراح مثل العازف والرسام كلا يرسم الابتسامة بطريقته تمس القلوب.
كانت الدكتورة الجراحة لميس الحداد من الطبيبات المتميزات على جميع المستويات.. تخطف الأنظار وتنصت لها الآذان فى محاضراتها بالجامعة، نظرا لأسلوبها المميز، الذى يسهل على الطلاب فهم الموضوعات وكيفية تعامل الجراح مع المريض على طاولة العمليات.. فلا يوجد رقيب على الجراح سوى ضميره أمام الله.
وأمام تلك المميزات والسمات الشخصية المميزة للدكتورة لميس الحداد، فكان من الشغف أن نعرف من هو مثلها الأعلى، وهو ما تجلى فى حديثها عن الدكتور مجدى يعقوب جراح القلب العالمى، الذى أثر شخصيتها بالتزامه المهنى وتفوقة الطبى.. واعتزازه ببلده الأم مصر.. وعطائه منقطع النظير.
ومن أهم أحلام الدكتورة لميس الحداد التى تسعى إليها بقوة وجسارة أن تنتهز الفرصة لاستكمال دراستها وممارسة مهنة الجراحة فى إحدى الدول الأوروبية مثل ألمانيا أو إنجلترا وربما تكون أمريكا من البلدان التى تسعى لميس لاستكمال دراستها بها.. فهى ترى أن دراستها فى جامعة المنيا، رغم أنها البداية إلا أن الطريق مازال طويلا.. فالخطوة الأولى بالنسبة لها ستكون استكمال رسالة الدكتوراه فى كلية الطب قصر العينى فمن القاهرة ستنطلق.. ومنها ستكون الانطلاقة الأكبر إلى أوروبا.
وعن طموحها وسفرها لاحتراف الجراحة فى أوروبا ترى الدكتورة لميس أن الطبيب المصرى مهما احترف وحصل على شهرة عالمية إلا أن الحنين إلى وطنه مصر سيظل يراوده، وهذا ما ستسعى إليه فكل مصرى يعشق بلاده لابد وأن يعود ليرد الجميل إلى وطنه وأبناء وطنه.
عشقها للجراحة جعلها تنسى مطالبها الحياتية الطبيعية، وتكوين أسرة، فهى ترى أن كل شيء قسمة ونصيب.. وتؤمن بأن الله يعطى لكل إنسان احتياجاته من الحياة، فإذا كان مقدر لها أن تتزوج وتنشئ أسرة فسوف يكون، لكنها فى الوقت الحالى لا يوجد لديها الوقت للتفكير فى هذه الأمور.
ورغم الطاقة الإيجابية التى تحصل عليها بمجرد دخول غرفة العمليات، لإنقاذ المرضى، فإن الدكتورة لميس لم تكتف بأن تكون مجرد جراحة، لكنها أرادت أن تستمتع بمحاضرات ودراسة قواعد التنمية البشرية، ذلك العلم الذى تعشقه إلى جانب الجراحة، فهى ترى أن معاملة البشر العاديين ومحاولة فهم الحياة وغموضها وشحن طاقتها بمزيد من الإيجابية من أحد أهدافها فى الحياة، وأن التنمية البشرية جعلتها إنسانة أكثر جرأة تستطيع التعبير عن نفسها والتحدث بطلاقة عما يدور فى ذهنها وعما يضايقها فلا وقت للخجل، فالمرضى فى حاجة إلى كل طاقتها الإيجابية حتى تستطيع مساعدتهم لمواجهة أى آلام.
الدكتورة لميس الحداد استطاعت أن تغير نظرة المجتمع الشرقى تجاه الطبيبة الجراحة واحترافها تخصص أغلبه من الرجال، واستطاعت أن تدعم ثقة مجتمع الصعيد فى محافظة المنيا فى مهارتها الجراحية.
فهل تستطيع الدكتورة لميس استكمال مشوارها الجراحى بدءا من القاهرة وانطلاقا إلى أوروبا..
اعتقد أنها ستحارب من أجل تحقيق حلمها والذى بداته مبكرا جدا ومازالت تسير على خطى أحلامها الكثيرة وطموحاتها الواعدة.. لو بطلنا نحلم نموت.. فالمنيا كانت البداية.. ومازال للمشوار بقية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة