يرصد "اليوم السابع" ظاهرة تستدعى الانتباه، ألا وهى أطفال الشوارع التى تفترش الحدائق ومراسى المعديات وأسوار النوادى والمساجد، بعد أن لاذوا بالفرار من محافظاتهم بسبب قسوة الأهل والتفكك الأسرى والطلاق والفقر والحرمان من كل ما لذ وطاب.
ومن ثمَّ اقتربنا وجلسنا معهم على الرصيف الملاصق لسور أحد نوادى هيئة قناة السويس نستمع لمعاناتهم ومأساة كل منهم عندما كانوا يجلسون يلعبون "ملك ولا كتابة".
بداية المأساة يرويها "م.ح.و" 15 سنة وشهرته "الأسد" من كرموز محافظ الإسكندرية "ساقط قيد" ومجهول الأم ولا يعرف سوى اسم والده فقط وجد نفسه يعيش مع سيدة لم يعرف عنها سوى أنها "جدته"، وعندما كبر فوجئ بمعاملة غاية القسوة، فاضطر أن يترك لها المنزل بعد أن تأكد من أصحاب القلوب الرحيمة بأنه غير مسجل بالأحوال المدنية وليس له بيانات.. ركب قطار بورسعيد بحثًا عن مأوى وكان مصدر رزقه بيع مناديل ورقية، وينام تحت مظلات الحدائق ليلاً.
وبصوت ممزوج بالحزن يقول "أ.ح.د"، 16 سنة وشهرته "كرتونة" جاء من الزقازيق – شرقية، كان والدى يعمل سائقًا بين المحافظات ولقى مصرعه فى حادث أليم والدته ربة منزل وتأثرت الأسرة المكونة من 3 أفراد أخت بالمرحلة الابتدائية وأخ أكبر منه يعمل ميكانيكيًا، ونظرًا للظروف المعيشة القاسية قرر أن يغادر منزله ويأتى إلى بورسعيد بحثًا عن الرزق السريع فبدأ يغسل السيارات بـ5 جنيهات أو يمسح زجاج السيارات بين إشارات المرور بالشوارع أو بالمعديات المتجه من بورسعيد لبور فؤاد.
ويستكمل "كرتونة" بأنه اعتاد كل 15 يوما يذهب إلى والدته يعطى لها من 50 لـ100 جنيه مصروف لأخته الصغيرة، ثم يرجع إلى زملائه يمارس غسيل السيارات أو يتسول لأنه وجد مالاً يأتى بسرعة ينفقه على شراء السجائر.
أما "ع.م.ر" أصغرهم سنًا "14 عامًا" من كفر الشيخ وشهرته "كلابو" ترك البيت علشان أبوه بيضرب أمه وبيعذبها علشان تنزل تشتغل وتجيب له فلوس وعلشان كده قرر الهرب.
وأكد "كلابو"، أنه تعرض للاغتصاب والتحرش الجنسى من الأكبر منه سنًا مقابل حصوله على بعض المال، ولكنه رفض واستطاع من خلال لعبة "ملك ولا كتابة" أن يحصل على ما يريد من فلوس لأنه محظوظ وحصيلة مكسبه من لعب "القمار" يوميًا تصل من 150 لـ400 جنيه.
ولفت لأنه عندما يشعر بالجوع هو وزملائه يتوجهوا إلى قسم الشرطة ينظفوا المكاتب ويغسلوا المدخل الرئيسى مقابل بعض من الجبن والمربى والحلاوة، مضيفًا "والحمد لله عايشين وننام فى الجنايين ونقضى حوائجنا فى المساجد".
فيما أكد "ر .ع.م" 16 سنة من روض الفرج محافظة القاهرة وشهرته "الدكش"، أنه لاذ بالفرار لما يعانيه من زوج أمه الذى يعتدى عليه بالضرب المبرح ويطرده من المنزل ووالدته لا حول ولا قوة لها، وعندما تتدخل تحصل على نصيبها من الضرب والسب والقذف، فقرر الرحيل بلا عودة والنوم فى الشارع أفضل من جحيم زوج أمه.
ومن جانبها، أكدت نوال حسين، مشرفة بإحدى مؤسسات تحسين الصحة ببورسعيد، أن أطفال الشوارع هم ضحية لظروف المجتمع قبل ظروف أسرهم، وأن الفقر العامل الرئيسى لانتشار هذه الظاهرة، والتى من المفترض إجراء دراسة لكل حالة على حدة لتحديد أسباب خروج هذا الطفل للشارع، رغم أن حوالى 80% منهم ينتمون إلى أسر موجودة بالفعل، وأن 20% من الأطفال لا ينتمون إلى أسر.
وأوضحت نوال، أن هذه الظاهرة تعد كابوسًا يؤرق المجتمع المصرى يومًا بعد يوم، نظرًا لأن الأسباب التى دفعتهم للشارع الفقر والطلاق والتفكك الأسرى وإيذاء الطفل والإهمال والتسرب من التعليم.
ومن جانبها ناشدت نوال الهيئة العامة لحماية الطفل ووزارة التضامن الاجتماعى التحرك، من خلال عمل مشروعات تنمى المهارات لدى هؤلاء الأطفال وتعليمهم مهن حرفية لإيجاد فرص عمل حقيقية تحميهم من التشرد لأنهم ثروة بشرية.
أحد أطفال الشوارع أثناء تدخينه السجائر
اندماج فى التدخين
حالة من التأهب لحظة لعبة "ملك ولا كتابة"
"الأسد" و"كرتونة" يلعبان القمار وراء نادى قناة السويس