كشف وكيل وزارة الزراعة للأمن الغذائى بحكومة جنوب السودان، الدكتور جون أوقوتو كانيسيو، عن خطة شاملة للتنمية الزراعية تتبناها بلاده لأول مرة فى تاريخها، وهى خطة بعيدة المدى لمدة 25 عاما تمتد إلى عام 2040 وتشمل نقل الزراعة من وضع الزراعة التقليدية الاكتفائية إلى زراعة حديثة مع فائض تصديرى.
وقال كانيسيو، فى حوار، أن الخطة لا تعتمد فقط على الموارد الحكومية، ولكنها تعتمد أيضا على كل الفاعلين فى مجال الزراعة، من مستثمرين أجانب ومحليين، كما تعتمد فى تنفيذها على كل مستويات الحكم من مراكز الولايات والإدارات المحلية، وتفسح المجال لمنظمات المجتمع المدنى والدول الصديقة.
وأعرب الدكتور كانيسيو، عن أمله فى مساهمة مصر فى تنفيذ هذه الخطة لما لها من خبرات فى هذا المجال، مشيرا إلى أن أشكال التعاون متعددة من خلال التنفيذ أو التمويل الذى لا يقتصر فقط على المنح، ولكن يمكن أن يكون فى شكل قروض أو حتى عن طريق مستثمرين مصريين .
ونوه بأن هناك العديد من التسهيلات تقدمها الحكومة إلى المستثمرين الأجانب فى ضوء قانون الاستثمار الذى ينظم كل هذه الأمور، مشيدا بفكرة المزرعة النموذجية التى تسعى مصر إلى إقامتها لأنها تشرح للمزارعين كيفية الزراعة الحديثة وتسهم فى توضيح ونقل الأساليب العلمية فى الزراعة إلى المزارعين الذين يتدربون فى هذه المزارع وينقلون خبراتهم إلى مواطنين آخرين يطبقونها فى حقولهم بعد ذلك بدلا من طرق الزراعة التقليدية.
وأشاد بالحكومة اليابانية التى ساعدت فى وضع الخطة التى استغرقت ثلاث سنوات تم خلالها إجراء العديد من الدراسات بواسطة خبراء من البلدين، مضيفا أنه كان يتمنى أن تكون مصر عضوا فاعلا فى وضع هذه الخطة لأن لديها الخبرات، معربا عن أمله فى عودة مصر لممارسة دورها الريادى الإقليمى والإفريقى والمساعدة فى تنفيذ هذه الخطة على الأرض، والارتقاء بالمستوى والأساليب المستخدمة فى الزراعة بهدف الانتقال من الأساليب القديمة إلى أخرى حديثة تزيد من إنتاج الفدان للمحصول وتوفر جهدا ووقت المزارع الذى يستخدم أساليب تقليدية ويضيع مجهوده فى إزالة الأشجار ومكافحة الآفات يدويا.
وأضاف المسؤول فى حكومة جنوب السودان، أن علاقة جنوب السودان بمصر قوية وممتدة إلى ما قبل الاستقلال، وأنها من الدول الأولى والرائدة فى مساعدة جنوب السودان للإعمار عقب الحرب الأولى عام 1972 وتوقيع اتفاقية أديس أبابا، حيث قدمت مصر المنح الدراسية فى العديد من المجالات ومن بينها مجال الزراعة، وهى مستمرة حتى الآن وخاصة فى كلية زراعة جامعة الإسكندرية.
وأشار إلى أن عدد أبناء جنوب السودان الخريجين من كليات مصر فى كل المجالات فاق عدد الخريجين من الجامعات الوطنية، وهو ما يفسر أن أغلبية المسؤولين فى الدولة من خريجى الجامعات المصرية من وزراء ووكلاء ومدراء، قائلا: "أنا خريج جامعة الزقازيق من كلية الطب البيطرى عام 1986، وإننا ما نسينا مصر برغم أنى لم أذهب إليها منذ التخرج، ودور مصر حتى الآن واضح وأن العلاقة بين البلدين وطيدة وقوية، وهى علاقة بين شعبين شقيقين مصرين على إحداث تنمية اقتصادية واجتماعية وتشجيع الزراعة ومجالات آخرى".
وأشار الدكتور جون كانيسيو إلى أن خطة التنمية الزراعية اعتمدت على مسح كافة المناطق للوقوف على الامكانات المتاحة لكل منطقة فى جنوب السودان والميزة التفضيلية لها زراعيا، وأى المحاصيل التى يمكن أن تزرعها، قبل الانتقال إلى مرحلة التصنيع الزراعى وتحقيق الأهداف بعيدة المدى، مؤكدا أهمية استغلال الموارد المائية فى جنوب السودان والحد من تأثر بعض المناطق من موجات الجفاف وخاصة بعد التغير المناخى وانخفاض كمية مياه الأمطار التى تسقط على جنوب السودان من خلال الرى والحد من فقدان الكثير من الماء فى موسم الأمطار.
وتابع وكيل وزارة الزراعة للأمن الغذائى فى حكومة جوبا، قائلا: أن "بلادنا تحتاج إلى إدارة الموارد المائية المتاحة لدينا سواء الأمطار أو الأنهار الكثيرة التى تتمتع بها دولة جنوب السودان.. فهناك مناطق تعانى من الفيضانات وكثرة المياه فى موسم الأمطار، وهناك مناطق أخرى تعانى من الجفاف، والأغرب أن بعض المناطق التى تعانى من الأمطار فى موسم الأمطار هى نفسها التى تعانى من الجفاف الشديد فى مواسم أخرى.. لذلك يتضح لنا أنه من خلال إدارة هذه المياه يمكن أن نسيطر على الوضع ونمنع حدوث الجفاف ونحد من التأثير السلبى للفيضانات عبر أساليب رى وحصد لهذه الأمطار بطريقة معينة".
وحول أهمية الزراعة لدولة جنوب السودان ..أكد وكيل وزارة الزراعة للأمن الغذائى فى حواره لـ"أ ش أ" أن لدى بلاده كل المقومات الزراعية المطلوبة من تربة خصبة وأراضى صالحة للزراعة ومياه وحتى الثروة الحيوانية، ولا ينقص سوى استغلال هذه الثروات لإحداث تنمية ستعود ليس على جنوب السودان فحسب ولكن على العديد من الدول المجاورة، مشيرا إلى أن بلاده تعتبر سلة غذاء للعالم، وأن المزارع فى جنوب السودان لا يعرف شيء عن السماد لأن الأرض خصبة جدا.
وأضاف أنه لذلك يجب أن تعتمد التنمية فى جنوب السودان على الزراعة بالرغم من أنها دولة نفطية، لافتا إلى مقولة رائد الاستقلال زعيم جنوب السودان الراحل الدكتور جون قرنق الذى قال أن البترول يجب أن يستخدم فى ماكينة الزراعة وأن التنمية الزراعية هى الأهم .
وقال الدكتور جون، أن مقولة الجد صدقت وتعلمنا الدرس بعد النكبة التى حدثت للدول المنتجة للنفط، وتراجع أسعاره الذى ضرب الاقتصاد ضربة موجعة، وأدركنا أهمية تنويع مصادر دخلنا من وسائل أخرى وعلى رأسها يجب أن تكون الزراعة، وأن التنمية الزراعية ستقوم بدورها فى إحداث تنمية فى الريف.
وفى نهاية حديثه عن التنمية الزراعية فى البلاد ..أعرب الدكتور جون أوجوتو كانيسيو وكيل وزارة الزراعة للأمن الغذائى بحكومة جنوب السودان عن أسفه لتوقف خطط التنمية وتعثر العديد من مشروعاتها بسبب الأزمة السياسية التى تحولت لحرب أهلية فى البلاد وتسببت فى العديد من المشكلات فى كافة المجالات لا سيما فى مجال الزراعة والأمن الغذائى، موضحا أنه لذلك وضعت الحكومة فى جوبا أولوية للم الشمل وتحقيق السلام حتى تتمكن من استكمال طريق التنمية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة