نقلا عن العدد اليومى...
•• أرسلنا مساعدات طبية لإثيوبيا بالتنسيق مع الدولة
الأنبا بيمن، أسقف قوص ونقادة، الرجل الدينامو فى الكنيسة القبطية يشغل منصب مقرر لجنة الأزمات فى المجمع المقدس، وكذلك يلعب دور منسق العلاقات المصرية الإثيوبية وكان مسؤولًا مباشرًا عن ملف ترميم الكنائس، فى حواره مع «اليوم السابع»، كشف الأنبا بيمن أسرارا تروى لأول مرة بعد زيارات متعددة لإثيوبيا اطلع خلالها عن قرب على تطورات العمل فى ملف سد النهضة، وكذلك كشف عن أسباب سفره لاستقبال الرئيس إبان زيارته لنيويورك، بعد علمه بمؤامرة على مصر، وإلى نص الحوار: تشغل منذ سنوات منصب مقرر لجنة الأزمات فى الكنيسة.. ما طبيعة دور اللجنة؟
- أشرف بالعمل فى اللجنة مع مجموعة من الأساقفة وعدد من العلمانيين وأعضاء مجلس النواب، ونتدخل فى حالة وجود أزمة بل يمتد عملنا للإنذار المبكر أى قبل وقوع الأزمة، والأزمة هى ما لم تستطع الكنيسة المحلية أو الإيبراشية احتواءه، ونعمل على التنسيق مع أسقف الإيبراشية لنتواصل مع المسؤولين.
من بين مهام اللجنة الإشراف على ملف ترميم الكنائس ضحية الإرهاب.. كم عدد الكنائس التى لم تسلم حتى اليوم؟
- لدينا فقط كنيستان فى مرحلة التشطيب النهائى ضمن قائمة تضم 66 موقعا تضرر بينها 22 موقعا تم تنفيذها فى المرحلة الأولى، حيث كانت الإصابات بسيطة وتم ترميمها عبر الكنائس المحلية والمحافظات، أما الـ44 موقعا المتبقة، فتم تقسيمها إلى ثلاث مراحل الأولى 10 مواقع، والثانية بالمثل والثالثة 24 موقعا، وهما كنيسة الأنبا موسى الأسود بالمنيا وكنيسة العريش، وتمت الصلاة فى الكنيستين ولكن فى قاعات أخرى.
الكاتدرائية تعمل على تقنين أوضاع كنائسها غير المرخصة بعد صدور قانون بناء الكنائس.. ما الخطوات التى اتخذت؟
- تشكلت لجنة برئاسة الأنبا إيلاريون تتلقى المستندات والوثائق الخاصة بالكنائس من الإيبراشيات حتى يتم تقنين أوضاعها، وجميع كنائسنا قانونية، لأن الصلاة قائمة فيها وعليها حراسات وكل ما فى الأمر أنها تحتاج ترتيب أوراقها لدى الجهات الرسمية، وفى إيبراشيتى مثلًا لدى 19 كنيسة بينها ثلاثة كنائس فقط مرخصة، أما الـ16 كنيسة فليس لها أوراق رسمية بينها ستة كنائس أثرية ومشهرة رسميًا من وزارة الآثار، وما أود أن أؤكد عليه أننا لا نبنى كنائس فى الخفاء أو السرقة أو بـ«لوى الدراع» ولكن بعض هذه الكنائس أثرية وتأسست قبل القانون وقبل قيام الدولة المصرية بشكلها الحالى، وعدم استيفاء الأوراق حدث بسبب البيروقراطية الشديدة، وعدم وجود قانون لبناء كنائس طوال الفترة الماضية، وكان الملف كله فى يد الأمن الذى تدخل كثيرًا لإنجاز بعض الأعمال المتعلقة بالكنائس.
كم يبلغ عدد الكنائس المغلقة لأسباب أمنية؟
- ليس لدينا أرقام دقيقة عن الكنائس المغلقة لأسباب أمنية، ولكن هناك أماكن بها كنائس مغلقة منذ أربع أو خمس سنوات، وذلك بسبب اعتراضات المتشددين فى بعض المناطق، وليس هناك أى معنى آخر، والحقيقة خلال الفترة التى سبقت قانون بناء الكنائس فإن الأمن كان متعاونًا فى فتح الكنائس إذا شعر أن الأمور مستقرة ولا يعترض أبدًا، وأقول ذلك بناءً على ما يحدث فى إيبراشيتى ومحافظات أخرى أيضًا.
فى تقديرك هل قانون بناء الكنائس الحالى يحقق طموحات الأقباط أم أنه خطوة على الطريق؟
- أقول للدولة طالما هناك قانون يسمح لى ببناء الكنائس وقتما شئت فلن نتكالب على ذلك، ولم أتقدم بأى طلب لترميم أو بناء كنيسة جديدة فى إيبراشيتى حتى اليوم، والدولة كلما سهلت على مواطنيها الأمر سيسهل عليها الأمر، والقانون خطوة على الطريق، فمن المفترض أن تخضع الكنائس لقانون البناء الذى يحكم إنشاء أى مبنى فى مصر، وأتمنى أن نصل لقانون موحد لدور العبادة، ولكننا لا نهرول نحو ذلك طالما نسير فى الاتجاه الصحيح.
أدارت لجنة الأزمات حادث البطرسية منذ وقوعه وحتى استلام الكنيسة.. كيف تعاملت مع الكارثة؟
- كان الأنبا موسى، عضو لجنة إدارة الأزمات، بعد ربع ساعة من الانفجار داخل الكنيسة مع عضوين من اللجنة، ثم بدأ توافد الآباء الأساقفة على موقع الحادث، ثم انضممت لهم فى الخامسة مساءً، وكنا نهتم بملفين، الأول استخراج شهادات الوفاة، ومراعاة المصابين نفسيًا وصحيًا وتلبية احتياجاتهم، وهو ما ركزنا فيه تركيز شديد، والدولة تحركت بسرعة، وأقول بملء الفم لو وزارات ومؤسسات الدولة تناغمت فيما بينها مثلما حدث فى أزمة البطرسية لن نقابل كارثة بلا حل، الحقيقة كان الكل يعمل ولو فى غير تخصصه، المستشفيات تبارت بأساتذتها لرعاية المصابين، حتى إن الأطباء تركوا عياداتهم الخارجية من أجل إنقاذ المصابين، أما دار الهيئة الهندسية فتحركت لمعاينة آثار الحريق قبل أن يأمر الرئيس رسميًا بذلك وفى نفس يوم الحادث، وبعد أمر الرئيس بنصف ساعة نصبوا الشدادات المعدنية فى قلب الكنيسة وبدأوا العمل مباشرة
بعد «البطرسية» حدث تبادل اتهامات بين «الداخلية» و«الأمن الإدارى» فى مسألة تأمين الكنيسة.. على من تقع المسؤولية؟
- مثل هذه الحالات لا يصلح فيها الأمن الإدارى ولا الشرطة، بل هو دور الأجهزة التى تعمل مسبقًا قبل وقوع الحادث، ولكن الانتحارى إن تحرك من منزله وارتدى الحزام لن يمنعه أحد مثلما حدث فى فرنسا أو ألمانيا أو غيرهما، وتبادل الاتهامات بين الطرفين لا محل له من الإعراب، وعلينا أن نكتسب الخبرات، وعم «نبيل» حارس الكنيسة طارد الانتحارى فاستشهد.
كمنسق للعلاقات المصرية الإثيوبية ما طبيعة دورك؟
- أسافر كل شهرين ونصف الشهر، كل عملى روحى ودينى وتنموى كى نقرب المسافات بيننا وبين إثيوبيا، وأهيئ الأجواء للمختصين ويمكن أن تسميها دبلوماسية دينية أو روحية، ونقدم خدمات على جميع المستويات سواء الصحة أو التنمية أو الاستثمار.
ما حجم الدور الإسرائيلى فى إثيوبيا؟
- إسرائيل تعمل ضمن مجموعة شركات تعمل هناك، وحين طرحت قضية كهرباء السد كان هناك عتاب من رئيس وزراء إثيوبيا للوفد المصرى الذى كنت عضوا فيه أيام الرئيس مرسى، وسألنا لماذا لم تتقدموا للمناقصة رغم أن لديكم خبرة سابقة فى السدود؟، وحين يرسى العطاء على شركة إسرائيلية «تزعلوا»، ولكننا أخلينا الأجواء منذ عام 1995 تحديدا منذ محاولة اغتيال مبارك، وبعدما أخلت مصر الجو، فمن حق إثيوبيا أن تبحث عن مصالحها وأن تنمى البلد، بعض الخليجيين يعملون هناك منذ وقت طويل ويغطون أعمال الإنشاءات بكثافة، ومصر بدأت العمل فى هذا الملف منذ 2013 حيث أرسلت وزارة الصحة بعثات طبية والكنيسة أيضا ترسل مساعدات صحية.كيف ينظر الإثيوبيون لمصر فى هذه القضية؟
- الصحافة والإعلام المصرى يتناولون أى حدث يخص إثيوبيا بالتهكم والازدراء والاجتماع السرى الذى أذيع على الهواء أيام مرسى حول ملف سد النهضة كان «فضيحة بجلاجل» وأخجل من طريقة تعاملنا معهم والتسفيه منهم، فهى دولة مترامية الأطراف وتعدادها مثلنا، والتاريخ يذكر أنها لم تحتل إلا على يد الإيطاليين لمدة ستة سنوات والمصريين أيام إسماعيل باشا، وهم كثيرو الاعتزاز بكرامتهم الوطنية، وحين جاء الأنبا متياس، بطريرك إثيوبيا، إلى مصر والتقى شيخ الأزهر قال له عبارة جميلة: «لولا إثيوبيا ما كان هناك إسلام» فى إشارة منه لاستقبال النجاشى ملك الحبشة للمسلمين الأوائل.
كنت عضوًا فى الوفد المكلف بالتفاوض مع إثيوبيا فى ملف دير السلطان وسافرت إلى القدس عقب زيارة وزير الخارجية.. هل من تطورات؟
- أؤمن بمبدأ لا يضيع حق ورائه مطالب، والحق واضح وموثق، وربما القضية لم تتخذ الإطار اللازم لها، وترك هذا الملف للكنيسة رغم أنه دير مصرى خارج حدود الوطن وفى قلب القدس، السنتيمتر فيه لا يقدر بثمن، والحكومة المصرية تدرك ذلك، رفعنا تقريرا للخارجية المصرية وتفاوضنا بحضور ممثلين عن السفارة المصرية هناك، والخارجية المصرية بدأت تأخذ خطوات فعلية للتفاوض وإعادة الحق لأصحابه.كيف تؤثر قضية دير السلطان المتنازع عليه بين مصر وإثيوبيا على علاقتنا بهم؟
- لها تأثير كبير، ونحاول أن نبنى علاقات معهم فى إثيوبيا، ولكن ليس على حساب الحق، وإذا كان لديهم حقوق تاريخية فى الدير فليقدموا مستندات ملكيتهم أيضًا، نحن لا نأخذ حقوق الآخرين بل نطالب بحقوقنا.
البعض اعتبر زيارة البابا تواضروس للقدس لتشييع الأنبا إبراهام بداية لفك الحظر عن سفر الأقباط.. ما رأيك؟
- الأنبا إبراهام الرجل الثانى فى الكنيسة، وأوصى بدفنه فى القدس ومن ضمن عادات الكنيسة أن يصلى البابا بنفسه على الأسقف، ومن ثم فإن زيارة البابا للقدس توضع فى إطارها فالاستثناءات لا تعمم.
ولكن قرار المجمع المقدس بمنع زيارة الأقباط للقدس مر عليه وقت طويل هل تعيد الكنيسة النظر فيه؟
- القرارات لا تضيع بالتقادم لأن الأسباب موجودة، وأزمة دير السلطان قائمة وهى سبب منع الأقباط من زيارة القدس، ومشكلتنا التاريخية مع إسرائيل ما زالت موجودة أيضًا.
كلفك البابا بالسفر إلى نيويورك للإعداد لزيارة الرئيس إلى الأمم المتحدة.. ما الهدف من ابتعاثك؟
- كنا نشعر بواجبنا تجاه الدولة حتى إن البابا تواضروس قال «لو كان لدى وقت لذهبت بنفسى لاستقبال الرئيس»، وحين ذهبت مع الأنبا يؤانس إلى أمريكا كان الدافع الوطنى يغلب المصلحة الشخصية، وسافرنا لأن المؤامرة كبيرة ضد مصر وكانت موجهة ضد رئيس مصر، وحاولنا توضيح الصورة الحقيقية، ولم نلزم أحدا باستقبال الرئيس وقلت لأقباط المهجر جئنا لتوضيح الحقائق والرد على الاستفسارات والمعلومات المغلوطة لدى رعايا الكنيسة هناك، خاصة بعد مظاهرة الأقباط أمام البيت الأبيض عقب حادث سيدة الكرم، وخشينا أن يتكاتف أبناؤنا مع من لا يرغبون فى مصلحة مصر.
إلى أى مدى يحل قانون الأحوال الشخصية الذى توافق عليه المجمع المقدس مشاكل الأقباط العالقين فى زيجات فاشلة؟
- لن يحل الأزمة نهائيًا، القانون حدد مواعيد لو استمر الخلاف بين الزوجين خمس سنوات فترة متصلة لمن لديهم أطفال وثلاث سنوات لمن لم ينجبوا، وتصريح الزواج الثانى من سلطة الكنيسة وفقًا للقانون.
هناك من يرى أن القائمين على ملف الأحوال الشخصية فى الكنيسة رهبان ليس لديهم خبرة فى الزواج.. ما ردك؟
- منذ أن صرت أبًا روحيًا، الخبرة التى اكتسبتها من حل المشاكل ومن معرفة الأنين الذى يدور فى نفوس البشر، استطعت أن أحكم بحرية شديدة، وأحكامنا من الإنجيل وليس العواطف والمشاعر ويقودنا الإيمان المكتوب فى الإنجيل المقدس، ومينفعش نقول «كان بيحبها أو بيكرهها»، وما الفرق بينى وبين المتزوج؟، الممارسة فقط!، الأطباء يعرفون الكثير عن الممارسة وهى تهم لا محل لها من الإعراب، وأعتمد فى قرارى بنسبة كبيرة على أب الاعتراف وهو كاهن متزوج، واللجنة التى تفصل فى القرارات تتألف من سبعة أفراد آخرهم الأب الأسقف، ونمارس عملنا بالتصويت ونأخذ القرار بالإجماع.أباح مطران سمالوط تناول المرأة الحائض على عكس المتبع كنسيًا.. هل يتصرف كل أسقف فى إيبراشيته بمزاجه الشخصى؟
- الكنيسة مؤسسة لا مركزية ولكن الحدود واضحة، ولا يتجاوز أحد الخطوط الحمراء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة