حالة من التوتر تسود العالم منذ إعلان فوز دونالد ترامب فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية، تطورت إلى حالة من الغليان فور تسلمه السلطة فعليا، ودخوله البيت الأبيض، فالدول الغربية يسودها القلق إزاء تصريحاته بشأن التحالفات الأمريكية، خاصة حلف الناتو والذى وصفه بـ"التنظيم الذى عفا عليه الزمن"، وتسود حالة من القلق فى ألمانيا بعد إعلان ترامب رؤيته بفرض رسوم جمركية على واردات أمريكا من ألمانيا خاصة السيارات، ورغم أن تريزا ماى رئيسة الوزراء البريطانية هى أول شخصية أجنبية ستدخل البيت الأبيض يوم الجمعة المقبل إلا أن القلق يسيطر على مفاصل السياسة الأوروبية، ويسود القلق فى المعسكر الشرقى بعد الاتهامات التى كالها للصين، ويسود القلق فى روسيا انتظارا لرؤية الرئيس الأمريكى فى العلاقة مع روسيا.
وتسود حالة من التوتر لدى جيران أمريكا خاصة المكسيك بعد سلسلة تصريحات ترامب عن ضرورة بناء جدار عازل بين المكسيك وأمريكا، وتسود حالة من القلق داخل الولايات المتحدة الأمريكية نفسها بعد سلسلة اشتباكاته مع أجهزة الاستخبارات، ومع الإعلام الذى وصفه بالمنافق والمضلل، وقوله "إنه فى حرب مفتوحة مع الإعلام"، وأخيرا حالة التوتر التى تنتاب المنطقة العربية بعد سلسلة تصريحاته بشأن الإرهاب، خاصة فى أول لقاء له فى لوكالة الاستخبارات الأمريكية "سى آى إيه" أثناء زيارته مقرها، حيث شدد على ضرورة استئصال الإرهاب الإسلامى، معتبرا أنه لا خيار أمام الولايات المتحدة سوى القضاء على الإرهاب المتمثل فى داعش.
ورغم أننا سنتناول حالات القلق التى تسود العالم بالتحليل فى مقالات متتابعة إلا أن ما قاله ترامب بشأن الإرهاب الإسلامى يجعلنا نتوقف عنده كثيرا، خاصة أنه التصريح الأول لترامب بعد توليه السلطة رسميا، وما يجعل هذا التصريح على أكبر قدر من الأهمية أنه جاء فى لقائه موظفى وكالة الاستخبارات الأمريكية، وهو ما يعنى أنه قطع حالة الصدام بينه وأجهزة الاستخبارات بعد موافقتها على تسريب تقرير مخابراتى يتعلق بالرئيس الأمريكى قبل دخوله البيت الأبيض، وهو تأكيد منه على دور الأجهزة الاستخباراتية فى مد الرئيس بالمعلومات والتقارير السرية والدقيقة لمعاونة الرئيس فى اتخاذ القرارات، خاصة فى الأماكن الملتهبة والتى تشهد تواجدا كثيفا للمتطرفين والإرهابيين.
أما حالة القلق الكبرى فقد سادت بعض الدول العربية والإسلامية التى فتحت أراضيها أو خزائنها أو إعلامها للإرهاب ومناصريه، فمثلا تركيا التى آوت الإخوان فى أراضيها وسمحت لهم باستخدام أراضيها منصات لإطلاق الإرهاب نحو صدور المصريين، ولم يترك رئيسها رجب طيب أردوغان مناسبة إلا وامتدح الإخوان وهاجم الدولة المصرية، وفى مقال سابق لنا قلنا إن تركيا سوف تعود راكعة فى سياساتها وستنقلب على الإخوان، وستسعى إلى تحسين علاقتها مع مصر لتكون بوابة لتحسين علاقتها بالبيت الأبيض، ولم يمر أيام إلا وكان هناك تقرير من داخل تركيا يؤكد أن النظام التركى سيقوم خلال الأيام المقبلة بطرد قيادات الإخوان التى كانت قد تمرست فى الأراضى التركية، ويأتى التغيير فى الموقف التركى على ضوء المستجدات فى خريطة مكافحة الإرهاب فى العالم وبخاصة الإخوان.
أما فى منطقة الخليج فالأمر أكثر قلقا وتوترا، فهناك دول مثل قطر دعمت الإرهاب فى مناطق متفرقة من المنطقة بقصد إحداث الانقسامات وتأجيج الثورات والمظاهرات، ودعمت الإرهاب فى ليبيا وسوريا، وأطلقت أبواقها المسمومة صوب مصر، هى الآن فى حالة رعب من التغيير فى الموقف الأمريكى بعد وصول ترامب، وإعلانه فى غير مناسبة أنه سيعمل على تغيير خريطة التحالفات الأمريكية فى العالم، وأن الحرب التى أعلنها ترامب على الإرهاب والتى من المنتظر أن تتم بالتنسيق مع روسيا سوف تنطلق نحو الإرهاب ومصادر تمويله وإعلامه، مما يعنى أن قطر التى هاجمت ترامب من خلال بوقها المسموم المعروف بقناة الجزيرة ودعت الناخبين الأمريكيين إلى عدم انتخابه، وصارت بوقا لهيلارى كلينتون التى كانت ستدعم قطر والإرهابيين من الإخوان، ستصبح هدفا أمام فوهات مكافحة الإرهاب.
وتسود حالة من القلق دولا أخرى تورطت فى دعم الإرهابيين فى سوريا والعراق، وهو ما يعنى أن مكافحة الإرهاب ستطالها، ولكن يبقى الدور المصرى فى إبعاد شبح توتر العلاقات بين هذه الدول والولايات المتحدة الأمريكية، لتنضم إلى الحرب على الإرهاب الذى تعانى منه المنطقة كلها والعالم أيضا .
وتبقى مصر هى الدولة الوحيدة التى لا يسودها التوتر والقلق ولكنه الترقب، لما ستسفر عنه مكافحة الإرهاب من آليات، ستكون مصر فى قلب الترتيب له، بسبب القراءة الدقيقة والصحيحة لمجريات الأمور والأحداث، ليس فى المنطقة العربية ولكن فى العالم.. وإذا كانت مصر قد قطعت شوطا وتاريخا طويلا فى مكافحة الإرهاب بالوكالة عن العالم، فإننا ندرك ذلك الشر الذى يسكن فى قلوب الإرهابيين، وأن الإرهاب لا دين له ولا وطن، وهو ما عبر عنه ترامب من قوله "إن الإرهاب شر لا بد من القضاء عليه".. وهو ما قال عنه فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب قبل ترامب وغيره "الإرهاب عار على جبين الإنسانية كلها".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة