زارنى أمس الاول، وفدا ضم مجموعة من الصحفيين يحملون فى جعبتهم أوراقا ومستندات ولكن كان الأهم من ذلك أنهم يحملون فى قلوبهم غضبا ،وفى عقولهم ألما ،على أوضاعهم التى تحولت إلى أزمة كبرى،عجزت الحكومة عن حلها وعجزت نقابة الصحفيين عن مواجهتها، فتحدثوا بكلمات تمتطيها المرارة وعبارات ينال منها الألم.
عددهم 153 صحفيا قضوا أعمارهم فى بلاط صاحبة الجلالة يؤدون رسالتهم بأمانة، وعهد على أنفسهم قطعوه إلا أن يكونوا رهبانا فى هذه المهنة المقدسة، هم اليوم يواجهون المصير المؤلم منذ ثورة 25 يناير وحتى الأن، بعد أن توقفت الصحف التى كانوا يعملون فيها، فوجدوا أنفسهم بعد هذا التاريخ الطويل فى الشوارع بلا عمل ، خاصة أننى لاحظت أن جميعهم فى العقدين الرابع والخامس ، وهى مرحلة النضج والخبرة ،وهو ما يعنى أنهم لن يجيدوا أعمالا أخرى غير مهنتهم ورسالتهم التي قضوا فيها حياتهم..
وقال الصحفى محمد الجوهرى، والمرارة تتساقط من فوق الحروف، " أهملتنا الحكومة وأسقطتنا من حساباتها ..لقد كنا في صحفنا قبل إغلاقها نهيم عشقا فى مهنتنا التى نذرنا لها حياتنا ، حتي كانت صحفنا أقوى وأهم وأكثر مصداقية من الأحزاب التى كانت تصدر هذه الصحف،لدرجة ذيوع وصف أن الاحزاب في مصر "أحزابا ورقية" ،نسبة إلي الصحف التي كنا نعمل فيها ليل نهار دون كلل وبلا ملل، ويبدو أن الحكومة نظرت إلينا علي أننا "خيل الحكومة" التي هرمت ،ولم تنظر إلينا علي أننا أصحاب مبدأ ورسالة".
وأضاف الجوهري قائلا: أزمتنا مركبة ،ففي الوقت الذي نعاني فيه من عدم وجود عمل صحفي في إحدي الصحف ،إلا أننا نجد تيارات كارهة للوطن حاولت معنا للعمل تحت رايتهم ومنها "صحفيون ضد الانقلاب" ووعدونا بأنهم سوف يغدقوا علينا أموالهم بالقدر الذي يكفينا وزيادة،ولكننا رفضنا بشكل قاطع حبا في هذا الوطن حتي لو أتتنا المنية جوعا ومعنا أولادنا تحت سماء هذا الوطن..
بينما قال الصحفي وائل حسين وتغمره ذات المرارة ونفس الحزن:رغم هذه العروض السخية "ماديا" من جهات مختلفة ،ولكنها كانت ذات مآرب شريرة لهذا الوطن ،والتي لم نتوقف عندها كثيرا بل رفضناها منذ الوهلة الاولي دون تردد ،فان أسرنا تعاني بسبب ما آلت إليه أحوالنا،فأدي ذلك إلي أن يعمل البعض منا في أعمال أخري من أجل إعالة الاطفال الذين كانوا يفخرون بأبائهم،عندما كانت أعمالهم علي صدر صفحات صحفهم تهز الحكومة وعرشها ، ويكفي أن نقول أن أحد رؤساء التحرير لواحدة من هذه الصحف التي أغلقت ،لم يكن يجد علاجه ،حتي وافته المنية متألما من مرض عضال تمكن من جسده،وأسرته تعاني لصرف معاشه بسبب عدم سداد التأمينات المستحقة،وهو ما يؤدي إلي أن يترك الصحفي أسرته " زوجته وأبناءه " يواجهون مصيرا مؤلما ، وحياة تحفها المخاطر .
وقدم الصحفي وسام العطار مذكرة إلي المركز الوطني للدفاع عن حرية الصحافة والاعلام ،باسم صحفيو الصحف الحزبية المتوقفة عن الصدور منذ أكثر من 5 سنوات ،وما تبع ذلك التوقف من إنقطاع للرواتب وعدم سداد التأمينات الاجتماعية مما أثر عليهم نفسيا وإجتماعيا..وطالبوا المركز بتبني قضيتهم التي وصفوها بالوطنية والعادلة ، والوقوف معهم حتي استرداد حقوقهم ،وقدموا كشفا باسمائهم وأكدوا أنها موجودة لدي مجلس الوزراء .
وقال الصحفي عمر رضوان : بدأت الازمة بعد ثورة 25 يناير ،فقررنا تصعيد مشكلتنا فكانت أولي فعاليات المطالبة بحل المشكلة يوم 26 سبتمبر عام 2012 بعد إعلاننا عن اعتصام مفتوح بقاعة "كامل زهيري" بالنقابة ، وأرسلنا مذكرة تتضمن مطالبنا للرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور ،وعرضنا قضيتنا علي كل رؤساء الحكومات في مصر ،وكل الوزراء المعنيين والذين يمكن أن يكون لهم دور في حل مشكلتنا التي لا نعتبرها مشكلة خاصة ،بقدر ما نعتبرها مشكلة وطن،وتابع مشكلتنا كل السادة النقباء ومجالس النقابة ،وفي عهد الاخوان عندما كان ممدوح الولي نقيبا للصحفيين إختار 25 زميلا وألحقوهم بالعمل في الشركة القومية للتوزيع،ومن يومها ونحن نحاول مساواتنا بزملائنا ولكن دون جدوي،والمشكلة الان أكبر من مجلس النقابة الذي لم يعد لديه ما يمكن أن يقدمه لنا .. ونطرق كل الابواب ،ونخاطب كل المسئولين،ونتحدث مع كل المهتمين ، ومازلنا حتي الأن نقف في المربع "صفر"
وأخيرا: هذه المرارة التي تحدث بها صحفيون كانوا يوما يمثلون " بعبعا " للحكومة ، ويمثلون حالة الرعب لكل فاسد أو شرير في طول مصر وعرضها،هاهم يتحدثون بكل المرارة ،مما يدعونا في المركز الوطني للدفاع عن حرية الصحافة والاعلام إلي تبني قضيتهم ،والوقوف في خندقهم ،والدفاع عن حقوقهم بكل ما أوتينا من قوة قانونية ،لانهم أبناء هذا الوطن قدموا كل مالديهم من أجل رقيه ورفعته،وهو الامر الذي يجعلني أخاطب الرئيس عبد الفتاح السيسي مطالبا مؤسسة الرئاسة إعطاء هذه القضية الرعاية والاهتمام ،وأطالب الحكومة – فورا- بتنفيذ ما سبق ووعدتهم به،لانه ليس من غير المقبول أن تتراجع الحكومة عن وعودها لهم ..متمنيا علي رجال الاعمال الوطنيين أن يولوا هذه القضية إهتمامهم، والتي أصبحت منذ هذه اللحظة هي القضية الاهم في الصحافة المصرية.