بدأت الساعات الأولى من العام الجديد وسط تنبؤات من الأرصاد بصقيع قارس، واحتمالات سقوط أمطار غزيرة، وهى التغييرات المناخية التى تحدث عنها علماء الطقس والمناخ بأن أمطارا غزيرة ستتساقط فى مناطق مختلفة من القارة الأفريقية، وهى التى تؤدى إلى ثورة الجراد إلى مصر ودول أخرى، دون أن نسمع من خبرائنا فى وزارة الزراعة فى مجال مكافحة الجراد عن خطة متكاملة مهمتها التصدى لأسراب الجراد التى تأتى على الأخضر واليابس وتهدد الثروة الزراعية.
وانتهى العام 2016 بكل ما حمله من خطط المؤامرة على مصر، والتى استطاعت أن تكشف خيوط تلك المؤامرة وإبعادها فقضت عليها، ولكن المتآمرين لن يتوقفوا عن مؤامراتهم والتى كان آخرها التقدم بمشروع قانون إلى الكونجرس يتناول حالة الأقباط فى مصر، وهو الأمر الذى يدفعنا إلى توقع المؤامرة عن طريق الطقس والمناخ باستخدام سلاح "الكميتريل" وهو سلاح ما بعد السلاح النووى، والذى لا يعرف أسراره غير علماء المناخ فى أمريكا وإسرائيل.
ورغم أن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "فاو" حذرت السلطات المصرية من أن غزارة الأمطار فى مصر وشمال غرب أفريقيا، والقرن الأفريقى، واليمن، من الممكن أن تساعد على تكاثر الجراد الصحراوى، مشيرة إلى أنه يجب الرصد الدقيق على مدى الأشهر المقبلة لمنع هذه الحشرات من تشكيل أسراب مدمرة.
وذكر بيان للفاو أن "الجراد عندما يصل إلى مرحلة الطيران تضم أسرابه عشرات الملايين من الحشرات المكتملة النمو، القادرة على قطع مسافات تصل إلى 150 كم يوميا فى اتجاه الرياح، وتقوى الجرادة الأنثى الواحدة على وضع 300 بيضة خلال دورة حياتها، فى حين أن الجراد الصحراوى المكتمل النمو قادر على أن يلتهم يوميا ما يعادل وزنه تقريبا من الغذاء الطازج، نحو جرامين يوميا، ويستهلك سرب ضئيل نسبيا من الجراد فى اليوم الواحد نفس كمية الغذاء التى يتطلبها نحو 50000 شخص لمدة عام".. وحذرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) من غزارة الأمطار غير الاعتيادية التى سقطت مؤخراً فى شمال غرب أفريقيا، والقرن الأفريقى، واليمن، لأنها من الممكن أن تساعد على تكاثر الجراد الصحراوى، مؤكدة أن هنالك حاجة إلى الرصد الدقيق على مدى الأشهر الستة المقبلة لمنع هذه الحشرات من تشكيل أسراب مدمرة.
وقال خبراء "الفاو" إن الحالة العامة فى البلدان المتأثرة عادة بالجراد الصحراوى ظلت هادئة على الأكثر خلال أكتوبر الماضى، ولم يكتشف سوى نشاط تكاثر محدود النطاق، لكنهم لاحظوا أيضا أن الوضع قد يتغير، نتيجة لتأثير ظاهرة التقلبات المناخية.. والظواهر الجوية المتطرفة، بما فى ذلك الأمطار الغزيرة لديها القدرة على إحداث طفرة هائلة فى تزايد الجراد، خاصة أن المطر يوفر تربة رطبة لوضع بويضات الجراد، التى تحتاج بدورها إلى امتصاص الماء فى حين تساعد الأمطار على نمو النباتات كغذاء ومأوى. والآثار التى يمكن أن تترتب على تفشى الجراد يمكن أن تصبح مدمرة للمحاصيل والمراعى، وبالتالى تهدد الأمن الغذائى وسبل المعيشة الريفية.
الأمطار الغزيرة فى مناطق التكاثر الشتوى للجراد على جانبى البحر الأحمر، والتى بدأت تسقط فى مطلع أكتوبر، أى فى فترة مبكرة عن المعتاد، وهو ما يعطى وقتا كافيا لتكاثر جيلين من الجراد خلال العام الحالى بالمناطق الساحلية من السودان، وشمال إريتريا، وجنوب شرق مصر، والمملكة العربية السعودية، واليمن، وذلك فى الفترة من أكتوبر إلى يناير، ويحدث الفقس فى الفترة من أكتوبر إلى يناير والتجنح فى الفترة من نوفمبر إلى فبراير.
وهجرة أسراب الجراد بالطيران تتم نهارا مع اتجاه الرياح، لذلك تؤدى التغييرات الموسمية إلى وصول الجراد الى مناطق معينة خلال المواسم المختلفة، ويؤدى انتقال الجراد مع الرياح إلى حمل الجراد إلى مناطق يكون سقوط الأمطار فيها محتمل، ومع سقوط الأمطار ونضج الجراد جنسيا تبدأ عمليات التكاثر وفى الوقت الذى يتحول فيه الجيل الجديد إلى حشرات كاملة قادرة على الطيران يكون قد حدث تغير فى اتجاه الرياح الموسمية وأصبحت الظروف غير ملائمة للتكاثر، لذلك يهاجر الجراد إلى مناطق أخرى قد تكون بعيدة جدا عن المناطق التى تربى فيها، وبالرغم من ذلك قد تحدث الهجرات إلى أماكن غير متوقعة نتيجة تغير اتجاهات الرياح وقد تحدث الهجرة إلى أماكن مناسبة، ولكن لا تسقط الأمطار وبالتالى ينتهى السرب بدون تكاثر.
وقصتنا مع الجراد ممتدة وطويلة تبدأ عندما:
أولا: تعرضت مصر فى عام 1954 إلى مهاجمة الملايين من الجراد الأحمر على المناطق السكنية والزراعية، وأبادت كل ما صادفها من أراض زراعية، وقد كان ذلك جزءًا من هجمة إقليمية بين عامى 1954 و1955، حيث تم تسجيل ظهور 50 سربا من الجراد أدت إلى تلف 250 ألف طن من محصول الذرة
ثانيا: شهدت مصر فى عام 1968 هجومًا حادا من أسراب الجراد، والتى كانت قادمة من الجزيرة العربية عبر البحر الأحمر، ولكنها فى هذه المرة لم تتسبب فى وقوع أى خسائر أو أضرار بالمحاصيل الزراعية لعدم تجاوزها المناطق الصحراوية الشرقية للبلاد.
ثالثا: هجم على مصر فى عام 1988 ما يقرب من 68 سربا من الجراد الصحراوى بعد عبوره للمحيط الأطلنطى والوصول إلى مصر عن طريق منطقة الكاريبى، ولكن الهجوم هذه المرة لم يسفر عن أى خسائر لعدم تجاوزه المناطق الجبلية والصحراوية من الحدود المصرية.
رابعا: من أقوى الضربات كانت فى عام 2005 حيث شهدت مصر هجومًا حادًا من الجراد الأحمر، وغزى ما يقرب من 150 سربا من أسراب الجراد سماء القاهرة، وتسبب فى تدمير أكثر من 50 ألف فدان، كما أنه وصل إلى محافظات البحيرة والمنوفية والإسكندرية، وقضى على أغلبية المحاصيل الزراعية نظرا لكثافة أعداده، وهو ما تناوله بعض الخبراء من أن هذه الهجمة كانت بفعل استخدام الولايات المتحدة الأمريكية لسلاح "الكميتريل"، والذى سنتناوله بالتحليل فى مقالنا غدا.
خامسا: وفى عامى 2007 و2011 هجم عدد قليل الجراد على مصر عقب فلوله من شبه الجزيرة العربية، وتمكنت قوات مكافحة الآفات من مهاجمته بكل سهولة دون وقوع أى خسائر تحسب، وذلك نتيجة لقلة أعداده.
سادسا: وكانت الهجمة السابعة فى عام 2013، حيث هاجم الجراد الأحمر مصر من ناحية الحدود السودانية، وتمكن من التوغل فى عدد من مدن البحر الأحمر والغردقة ورأس غارب وحلايب وشلاتين، وخلف وراءه دمارًا وخسائرًا تقدر بالملايين، بالعديد من المناطق منها مدينة شرم الشيخ، حيث غطت الأسراب أكثر من 20 فندقا سياحيا بالمدينة ما أدى إلى ضرب السياحة بهذا العام وزحف الجراد فى لك الوقت إلى مناطق أخرى، منها الإسماعيلية والعريش وقنا والبحر الأحمر وأسوان، حيث هاجم ما يقرب من 4 آلاف فدان على بعد 25 كم من الشاطئ الشرقى لبحيرة السد العالى.
ووصلت أيضا أعداد كبيرة من الجراد إلى مزارع الخضر والفاكهة الواقعة على الطريق الصحراوى الغربى بمحافظة المنيا، حيث هاجمت أسراب الجراد القادم من البحر الأحمر منطقة المقطم، ومدينة الرحاب، وبعض المناطق شرق القاهرة، مما أثار الرعب وسط السكان غير المعتادين على رؤية أسراب الجراد فى المدينة، وهو ما دفع الأهالى إلى إحراق إطارات السيارات والأخشاب والقمامة بالشوارع لإبعاد الجراد. وعلق البعض على هذه الهجمة من الجراد بأنه عقاب إلهى بسبب انتخاب الشعب المصرى للإخوان.
ورغم كل هذه الهجمات التى وقعت على مصر وهددت المنظومة الغذائية للمصريين، يأتى سوء الأحوال الجوية لهذا العام لتهدد مصر من جديد بهجمات الجراد، حيث حذرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) من أن الغزارة غير الاعتيادية للأمطار الواسعة النطاق تساعد على تكاثر الجراد الصحراوى، مؤكدةً أن هنالك حاجة إلى الرصد الدقيق على مدى الأشهر الستة المقبلة لمنع هذه الحشرات من تشكيل أسراب مدمرة.. ورغم ذلك فإن الحكومة لم تعلن عن خططها فى مواجهة أسراب الجراد المحتملة على مصر بحسب تقرير منظمة "الفاو".
وفى النهاية لا يسعنى كمنظر يراقب ويحذر، خصوصا أن مصر فى هذا الممر الضيق للعبور لا نمتلك رفاهية التجربة ولا نحتمل أى قدرة على الفقد ولو شبر واحد من أى محصول زراعى، لما لذلك من تبعات على الناتج المحلى وما قد يتبع ذلك من ارتفاع جديد فى الأسعار لم يعد للمواطن أى قدرة على قبولها.. لذلك أتمنى أن تفوق قدرة الحكومة حدود العجز حتى نتخطى هذة الهجمة الطبيعية للعبور من الأزمة التى تمثل القشة التى يمكن أن تقسم ظهر حصان التنمية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة