جمال أسعد

السلفيون ونشطاء الأقباط والدولة الدينية

الإثنين، 05 سبتمبر 2016 11:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

هناك معوقات تجعلنا لا نتصور أن مشكلة الكنائس قد حلت بإصدار القانون

تعتمد فلسفة التشريع على أن يكون القانون الذى يتم تشريعه يجب أن يواجه مشكلة حياتية أو جماهيرية تمثل توتراً ينتج عنه مشاكل تتوالد وتتكاثر الشىء الذى إذا لم يُعالج يمثل خطراً على السلامة العامة. ولما كان أى قانون قد شرع فى الأساس لضبط العلاقة بين الجماهير ببعضهم وبينهم وبين السلطة، فلابد هنا من وجود توافق مجتمعى يعى أهمية هذا القانون حتى تكون هناك قناعة تؤدى إلى إمكانية تطبيقه. هنا وبالرغم من أن صدور قانون بناء وترميم الكنائس يعتبر خطوة مهمة ومتقدمة فى طريق طويل وشاق لحل هذه المشكلة الناتجة عن تراكم تاريخى سياسى واجتماعى وثقافى وبالطبع دينى.

 
ولما كان لهذه المشكلة بعد يتصل بفكر دينى كان يمثل معطيات واقعه ويعبر عن ظروفه التاريخية التى أنتجت تلك الرؤية وذلك الاجتهاد وهذا التفسير الذى كان متسقاً مع زمنه فبلا شك فالواقع الآن الذى تغير على المستوى المحلى والعالمى لا يتسق مع هذا الفكر وذلك التراث الذى لا علاقة له الآن بفقه الواقع، فما زال أصحاب هذا الفكر يريدون لنا أن نعيش القرن السابع الميلادى بظروفه وملابساته ومعطياته. نعم هناك ما يمكن أن يكون هادياً ومرشداً آتياً من ذلك الزمان ولكنه ليس بالضرورة أن نحول الواقع برمته إلى ذلك الزمان مسقطين التطور الطبيعى الذى أرادة الله للخليقة كلها، فهل واقعنا الحالى الآن يقبل بتطبيق هذا القانون حيث إن العبرة فى التشريع لا تتمثل فى إصداره ولكن فى قبوله وتطبيقه فلا توجد سلطة أو نظام يطبق القانون قهراً أو قصراً بديلاً عن القبول المجتمعى والقناعة الجماهيرية وإلا كان هذا القانون وذلك التطبيق طريقاً خطراً على سلامة الجميع. ولذا نرى أن هناك من المعوقات التى تجعلنا لا نتصور أن مشكلة الكنائس قد حلت بإصدار القانون، فهناك تيار سلفى يتمثل فى حزب النور هذا الحزب الذى له قناعاته واجتهاداته التى تتوافق مع مصالحه الحزبية والسياسية مستغلاً الدينى لصالح السياسى. وهذه الأفكار وتلك القناعات للجميع مطلق الحرية فى الاقتناع بها على المستوى الفكرى والعقيدى على ألا تتحول فى إطار عملى إلى أفعال وسلوكيات تحدث شرخاً للوطن وتقسيما للمواطنين وتحدياً للدستور وإسقاطاً للقانون وتفرق بين المصريين على أساس الدين بل لا تعترف بالآخر باعتباره مواطناً أعطاه الدستور حق المواطنة والمساواة. والأهم هنا أن هذا الحزب قد أصبح شريكاً فى الحكم وفى اتخاذ القرار تحت مقولة إنهم شركاء فى 3 يوليو 2013 كبديل للتيار الإسلامى حتى لا ينعت النظام أنه ضد الإسلام وليس ضد تيار الإسلام السياسى، هنا يكون الأمر ليس تعبيراً سياسياً وبرلمانياً طبيعياً برفض قانون الكنائس ولكنه كان إعلاناً صريحاً بإسقاط حقوق المواطنة وتهميش الآخر وتجاهل الدستور، وهذا يؤيد ويؤكد أن هذا التيار يعلن دوره فى تثبيت أركان دولة دينية تتسق مع أفكارهم وليس بالضرورة تجد الاقتناع من مجمل الشارع الإسلامى.
 
على الجانب الآخر هناك ما يسموا بالنشطاء الأقباط فهم الوجه الآخر للعملة حتى لو كان فى الإطار السلبى فهم يمارسون ذات الممارسة وينتجون ذات النتائج فهؤلاء وأولئك يتاجرون بالقضية إثباتاً للوجود وتوهماً بلعب دور لا يجيدونه، الغريب أن هؤلاء النشطاء يدعون ويطالبون بالدولة المدنية فى الوقت الذى يمارسون فيه تكريساً لدولة دينية فيأخذون مسمى طائفيا ويطالبون بمطالب طائفية وعلى أرضية طائفية الشىء الذى يستفز الإجماع المسلم وكأن القضية هى التقفيل على بناء المساجد وليس الحصول على قانون للكنائس بدلاً من السعى والعمل إلى إيجاد أرضية سياسية للمشكلة تحتوى الجميع وتوحد الجميع حيث إنه لا حل لهذه المشكلة ولا لغيرها بغير قناعة الجميع ومشاركة الجميع، ولذا فالأهم قبل القانون هو القضاء على هذا المناخ الذى يستغله هؤلاء وهذا دور الجميع بلا استثناء وعلى كل المستويات وفى المقدمة الأزهر والكنيسة ولكن بنيات خالصة لصالح مصر لكل المصريين.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة