أصبحت الأمور أوضح الآن، هم لا يتحركون ضد مصر بسبب خلاف سياسى أو فكرى، هم يتحركون ضد مصر لأنهم يريدون هدم جيش مصر وتلك أمنيتهم المستحيلة، يظهر هدفهم المريض وينجلى بتتابع السنوات والمواقف والأحداث، شائعات منصة إخوان رابعة وهى تنشر أخبارا مغلوطة عن انشقاقات فى الجيش، ثم تحريض إخوان الخارج على الجيش المصرى، ثم دعمهم للإرهاب فى سيناء، ثم أخيرا المحاولات الخسيسة للزج باسم الجيش المصرى فى كل أزمة، ثم وقاحتهم المعهودة وهى تتجلى فى محاولة السخرية البائسة من الجيش المصرى.
مخططهم واضح ويستهدف جيش مصر حتى يحصلوا على منطقة دون جيش نظامى واحد، ولكن حائط الصد الذى يصيبهم بالوجع راسخ فى نفوس الشعب المصرى الذى يفهم جيدا ويعلم كثيرا ويؤمن بأن جيش وطنه هو حصنه الأول والأخير، كل يوم يتأكد المصريون أن بلادهم نجت من مصائر دول وشعوب فى المنطقة، وكان هذا بوعى جماعى للشعب، يتقدم فى كثير من الأحيان على وعى نخب وفئات سياسية وثقافية، اعتادت البقاء فى إطار رد الفعل، أو ما تزال تعيش فى حالة من القنوط النظرى يبتعد عن الواقع ويغرق فى الخيالات والأوهام.
وكل يوم تظهر دلائل على أن هناك فرقًا بين إقدام الشعب على التغيير ومواجهة الفساد، وبين أن يهدم بلاده ويفككها لتصبح أنقاضًا.. نقول هذا ليس نوعًا من التباهى، لكنه اعتراف بقدرة الشعب المصرى ووعيه بهذه الثوابت، فقد خرج الشعب المصرى ضد حكامه مرتين خلال ثلاث سنوات، مرة ضد مبارك، ومرة أخرى ضد مرسى والإخوان، وفى كل مرة نجح فى التغيير، لكنه رفض أن يعمل وفق نصائح وخرائط أمريكية أو أوروبية، وهذه الدول عندما تدخلت واجهت الدول التفكك.
فى العراق حدث التغيير بالغزو، وتم تفكيك الجيش والمؤسسات بدعوى بنائها، وتم زرع الكراهية والطائفية والحروب الأهلية، ودستور طائفى، وفى سوريا تدخلت كل دول العالم، عربية وأوروبية، لدعم ما يسمى المعارضة، وتسليحهم وتمويلهم، والنتيجة أن الشعب السورى واجه تنظيمات إرهابية مثل «داعش» و«النصرة» وغيرهما من التنظيمات التى تضم مقاتلين ليس منهم سورى، بل هم مرتزقة من كل دول العالم.
فى ليبيا تدخلت أمريكا وحزب الناتو لإسقاط القذافى، وتم تدمير ليبيا ومؤسساتها، أو ما تبقى منها، وتركاها نهبًا لتنظيمات إرهابية مرتزقة من كل دول العالم، بينما اختفى الشعب الليبى.
العالم كله يرى اللاجئين السوريين والليبيين والعراقيين، ويتفرج عليهم ويمصمص الشفاه، ويسعى لتحسين شروط اللجوء، لكن فى مصر لم يحدث هذا، وكانت هناك دولة لم تقف مع حاكم أو رئيس فى مواجهة الشعب.
كل هذا لم يحدث فى مصر التى نجحت فى التغيير مرتين، والسبب أو العامل الحاسم فى كل هذا هو وجود جيش وطنى، يعرف مصالح الدولة والشعب، ولا ينحاز إلى أى شخص، وهو جيش وطنى يعرف مهامه الأساسية فى حماية الأمن القومى والتراب الوطنى.. ولاؤه للشعب فقط وليس لأى شخص، ومن هنا كان الفرق، أن التغيير تم ويتم لصالح المصريين وليس لفرد أو تنظيم أيًا كان، وهو أمر تكرر مرتين، جيش مصر هو جيش الشعب، وهو أمر يعرفه المصريون بصرف النظر عن بعض المتنطعين والغائبين، أو الباحثين عن مصالح أو تمويل ممن كانوا يتندرون بكلمة «الحمد لله إننا مش زى سوريا والعراق».. نعم الحمد لله أننا لسنا مثل سوريا والعراق وليبيا واليمن.
والحقيقة أننا نحمد الله على وعى الشعب، والتفافه حول جيشه، وهو ما أطاح بالمخططات ومحاولات التدخل، واستعمال رؤوس حراب من ضيوف موائد أجهزة المخابرات ممن أسهموا فى تدمير بلادهم، وهذه العلاقة الخاصة بين الشعب وجيشه، ونواة الدولة الصلبة.. نحن نعرف أن لدينا مشكلات نواجهها، وتنمية نصنعها، بشرط أن تبقى الدولة التى أن ذهبت فلا يمكن الحديث عن مستقبل.
