بمرور الوقت توارت كافة دعوات الأحزاب لتشكيل تكتلات حزبية كبيرة عن طريق اندماج أصحاب الأيدلوجيات الواحدة فى حزب أو أكثر بقليل يعبر عنهم بدلًا من تشرذهم وتفتتهم، فرغم ظهور تلك الدعوات بصورة مكثفة فى أعقاب ثورة 25 يناير 2011 وحتى الفترة قبل تشكيل مجلس النواب الحالى، إلا أن أيًا منها لم ينجح أو يفعل على أرض الواقع، وما يزيد على ذلك أن تلك الدعوات اختفت تمامًا ولم يعد يتطرق لها أى سياسى، على الرغم من أن الحياة الحزبية مازالت ضعيفة ويوجد عدد كبير من الأحزاب غير ممثل برلمانيًا وليس له أى تواجد فى الشارع.
حل الأحزاب الغير ممثلة فى البرلمان
وفى البداية، قال المهندس حسام الخولى، نائب رئيس حزب الوفد، إن اختفاء مبادرات اندماج الأحزاب لتشكيل كتل حزبية كبيرة، جاءت بسبب انشغال الأحزاب بالانتخابات وما أعقبها من عمل هيئاتها البرلمانية، مشيرًا إلى أن الأحزاب الكبيرة ومنها حزب الوفد انشغل فى القوانين، خاصة وأن الوفد قدم عدد كبير من مشروعات القوانين لمجلس النواب فى ظل وتيرة العمل السريعة جدًا التى شهدها دور الانعقاد الأول.
وأضاف نائب رئيس حزب الوفد، لـ"اليوم السابع"، أن مبادرات اندماج كانت عديدة قبل إجراء انتخابات مجلس النواب، ولكن مع تشكيل المجلس أصبح لدينا قرابة 6 أحزاب كبيرة والرؤية للمشهد السياسى أصبحت أكثر وضوحًا، والطبيعى أن يكون السعى للاندماج من قبل الأحزاب الصغيرة، مطالبًا بضرورة تعديل قانون الأحزاب، بحيث تُحل الأحزاب التى لم تستطيع الحصول على تمثيل ولو بمقعد واحد فى البرلمان لمدة دورتين متتاليتين.
وأكد أن إلغاء الأحزاب الغير ممثلة فى البرلمان لدورات برلمانية متتالية، لا يعتبر قيدًا على حرية تدشين الأحزاب، ولكنه يأتى فى إطار الضوابط التى تساعد فى مرحلة التطور الديمقراطى، مشيرًا إلى أن تمسك بعض رؤساء الأحزاب بالقيادة سبب رفضهم دعوات الاندماج، إضافة إلى تخفيض تشكيل الهيئات البرلمانية للأحزاب إلى تمثيل الحزب بـ 5 أعضاء فقط، مما جعل كل رئيس حزب لا يريد الاندماج انطلاقًا من تمكسه برئاسته هيئة برلمانية مستقلة.
السعى وراء الزعامات
وفى السياق ذاته، قال الدكتور بشرى شلش، الأمين العام لحزب المحافظين، إن الاصطفاف الوطنى وتغليب المصلحة العليا تجلى لدى الأحزاب السياسية بمرور عام 2011، ولكن رغم أن الأجواء كانت ملائمة لاندماج الأحزاب فى كيانات كبيرة، إلا أن التيار المدنى لم يستطيع الاصطفاف لمواجهة مد تيار الإسلام السياسى، وعلى رأسه جماعة الإخوان، مشيرًا إلى أن السبب فى ذلك يعود إلى تغلب الزعامات والأنا لدى رؤساء الأحزاب التى تفرفت شيعًا، مما أدى إلى انقسام الائتلاف والحزب الواحد عدة انقسامات، بسبب تغليب المصالح الشخصية.
وأضاف الأمين العام لحزب المحافظين، لـ"اليوم السابع"، أن الأحزاب فشلت فى الاصطفاف والتكتل رغم وجود ضرورات وطنية كانت تلزم الجميع بالاصطفاف الوطنى وتنحية المصالح الضيقة، حيث أن المصلحة الوطنية تفرض نفسها وإن كان بعض المصالح الشخصية مشروعة، مشيرًا إلى أن الحياة الحزبية بها فوضى عقب ما وصفه بـ"أوكازيون أحزاب 2011"، ووصل عدد الأحزاب المصرية إلى قرابة 102 حزب سياسى، ينتظر معظمها توزيع التورتة دائمًا، ولكن ما يجب أن يعلمه الجميع أن الوطن ليس تورتة.
وأشار إلى أنه فى عام 2015 عندما أطلقوا دعوة لعقد جمعية عمومية لجميع الأحزاب السياسية، كان هناك قرابة 57 حزب لم يجدوهم على الإطلاق ولم يستدلوا لهم على تليفونات أو مقرات، بينما كان هناك 48 حزب بعضهم بدون مقرات أو عضوية أو نشاط له، مشددًا على ضرورة أن يتقلص عدد الأحزاب إلى 4 أو 5 اتجاهات بين اليمين والوسط واليسار، خاصة وأن حالة الفوضى التى تشهدها الحياة الحزبية لم تسفر عن أى نجاح، هذا إضافة إلى إمكانية تعديل قانون الحزب بحيث يتم تجميد نشاط الحزب الغير ممثل فى البرلمان، كما هو معمول فى أغلب دول العالم.
"الأحزاب حاجة ملهاش لازمة"
بدوره، أرجع أشرف حلمى، عضو المكتب التنفيذى لحزب المصرى الديمقراطى، تشرذم الأحزاب بعد ثورة 30 يونيو -حسب تعبيره- لتهميش الدولة لدور الاحزاب، قائلًا: "الدولة شايفه الأحزاب حاجة ملهاش لازم" رغم دورها فى الثورة وتوحدها تحت راية خلع جماعة الأخوان من الحكم.
وأوضح حلمى لـ"اليوم السابع" أن حزب المصرى الديمقراطى يتعاون وينسق مع التيار الديمقراطى ولكنه لم يندمج معه، مشيرًا إلى أن الحزب يأمل فى الانضمام إلى تحالف واسع يضم أحزاب المصريين الأحرار والوفد وغيرهم من الأحزاب التى تقف على أرضية ايديولوجية واحدة.
تشرذم الأحزاب
فيما، قال المهندس أحمد بهاء الدين شعبان، رئيس حزب الاشتراكى المصرى، إن الأحزاب المصرية تعانى من حالة تشرذم، حتى التى تقف على أرضية أيديولوجية واحدة سواء كانت دينية، أو يسارية، أو رأسمالية، فضلا عن وجود أحزاب كثيرة لا تعبر عن أيديولوجية شاركت فى الحياة السياسية بعد الثورتين.
وأوضح شعبان لـ" اليوم السابع " أن الأحزاب كانت تطلع إلى التوحد عقب ثورة 30 يوينو، مشيرًا إلى أن المناخ السياسى وطبيعة الظرف الراهن وقفت حائلا دون تحقيق ذلك، داعيًا الدولة بضخ أكسيجين جديد للحياة السياسية وفتح المجال أمام الأحزاب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة