شهد العالم العديد من الأزمات المالية، التى كانت لها أثر كبير على العديد من اقتصاديات الدول، ورغم أن المصرفيين والخبراء الماليين يعترفون أنه لا مفر من حدوث الأزمات فى عالم أعمال كبير وعالمى ومعقد مثل ذلك الذى نعيش فيه، إلا أن أسباب وقوعها على مدار 30 عاما اتسمت بأنها متشابهة، فهى إما "الحماسة المفرطة" أو الإشراف التنظيمى الضعيف، والمراوغة فى المحاسبة، وعقلية القطيع، وفى العديد من الحالات، شعور بالعصمة من الخطأ"، على حد قول سبنسر أندرسون، الصحفى البارز فى مجلة "IFR" الأمريكية.
ونقل سبنسر عن وليام رودز، صاحب كتاب "مصر فى العالم"، الذى عاصر اندلاع الكثير من الأزمات المالية، قوله إن الدول والأسواق تريد أن تصدق أنها مختلفة وبعيدة عما يحدث فى الاقتصاد العالمى، معتبرا أن الكثير من جوانب أزمة أمريكا اللاتينية عام 1982 تكررت كثيرا، ومن بين أبرز الأزمات المالية التى شهدها العالم:
1- أزمة الديون السيادية فى أمريكا اللاتينية 1982:
ويقول رودز، إن الأزمة بدأت عندما لم تستطع دول أمريكا اللاتينية، التى اعتمدت على الدين الخارجى الرخيص لأعوام رد هذا الدين، وكان أبرز هذه الدول المكسيك والبرازيل والأرجنتين، اللاتى اقترضت الأموال للتنمية وللإنفاق على برامج البنية التحتية، فرغم أن اقتصادهم كان مزدهرا، والبنوك كانت سعيدة لإقراضهم بدرجة تسببت فى زيادة الدين أربعة أضعاف فى سبعة أعوام.
وأضاف رودز، فى كتابه أن الأزمة استغرقت أعوام ليتم حلها، عندما لجأت دول أمريكا اللاتينية إلى صندوق النقد الدولى، لإنقاذها مقابل برامج إصلاح وإجراءات تقشفية، ورغم صعوبة هذه الفترة، إلا أن القيادة السياسية القوية تمكنت من المرور عبر الأزمة، على حد قول رودز الذى اعتبر أن الدروس المستفادة من هذه الأزمة لم تتعلمها أوروبا عندما وقعت أزمة اليورو فيما بعد.
2- أزمة المدخرات والقروض – الثمانينات
وأضاف رودز، أن أمريكا اللاتينية بدأت تتجاوز الأزمة، بينما بدأت تلوح فى الأفق مؤشرات أزمة أخرى أمام المنظمين الأمريكيين أطلق عليها "أزمة المدخرات والقروض" التى بدأت خلال الثمانينات واستمرت خلال التسعينات، وأعلنت خلالها أكثر من 700 مؤسسة ادخار وإقراض إفلاسها.
وقال رودز، إن هذه المؤسسات كانت تقوم بالإقراض على المدى الطويل، بمعدلات ثابتة مستخدمة أموال على المدى القصير، وعندما ارتفعت أسعار الفائدة، أفلس الكثير منها، لكن بفضل رفع الكثير من القيود فى عهد الرئيس رونالد ريجان، استطاعت بعض المؤسسات استخدام الحيل المحاسبية لتبدو غير مفلسة، بمعنى أدق أصبح الكثير منها مثل "مشروع بونزى".
واستجابت الحكومة بوضع مجموعة من القواعد، أطلقت عليها "إصلاح المؤسسات المالية"، و"قانون الإنقاذ والتطبيق عام 1989".
3- انهيار سوق الأسهم – 1987
رغم صدمة أزمة المدخرات والقروض، إلا أن أزمتين أخرتين وقعتا قبل تمرير قانون الإنقاذ 1989، فشهد عام 1987 انهيار سوق الأسهم، وأصبح ما يعرف باسم "الاثنين الأسود" الذى انهارت فيه أسواق الأسهم العالمية، بما يشملها من أسواق الولايات المتحدة، حيث خسر مؤشر "داو جونز" 508 نقطة أو 23% من قيمته، ولا يزال إلى هذه اللحظة يوجد جدل بشأن أسباب هذه الأزمة، ولكن الكثير من اللوم يوجه إلى نمو برنامج التداول، بعدما بدأت أجهزة الكمبيوتر تنفذ الكثير من عمليات التداول بطريقة سريعة، فالكثير منها كان مبرمج للبيع عندما تنخفض الأسعار، مما تسبب بانهيار ذاتيا.
ولكن السوق تعافى سريعا، فرغم أنه ظل يتراجع فى شهر نوفمبر، إلا أنه بحلول ديسمبر استعاد نشاطه وانتهى العام بشكل ايجابى.
4- أزمة السندات ما دون مستوى الجودة "
Junk bonds" 1989تلى أزمة انهيار سوق الأسهم، أزمة السندات ما دون مستوى الجودة والتى كانت نتيجة عجز عدة جهات إصدار عن إعادة دفع التزاماتهم، وتسببت فى ركود واسع المدى فى الولايات المتحدة، وأدت هذه الأزمة إلى انهيار بنك "دريكسل بيرنهام لامبرت"، الذى أجبر على الإفلاس فى أوائل 1990، بسبب تورطه بشكل كبير فى السندات ما دون المستوى، وحينها كان أكبر خامس بنك استثمارى فى الولايات المتحدة.
5- أزمة التيكيلا – 1994
تسبب تخفيض العملة المكسيكية "البيزو" بشكل مفاجئ عام 1994 فى ما أطلق عليه وقتها أزمة التيكيلا، والتى أصبحت فيما بعد أزمة ضخمة فى سعر الفائدة، وكنتيجة لذلك أسفرت عن انهيار السندات.
واعتبر المحللون أن أسباب هذه الأزمة كان تغير السياسة الاقتصادية فى المكسيك، بعدما أزال الرئيس الجديد آنذاك، إرنستو زيديلو، القيود على العملة، ورغم أن هذه القيود حققت درجة من استقرار السوق، إلا أنها فرضت ضغوط ضخمة على الموارد المالية فى المكسيك.
وحتى قبل إزالة القيود، كانت البنوك المكسيكية تقرض بكميات كبيرة بأسعار فائدة قليلة للغاية، ولكن دفعت الأحداث قيمة البيزو للانخفاض بنسبة 50% فى أسبوع واحد.
وقدمت الحكومة الأمريكية، خطة إنقاذ تقدر بـ50 مليار دولار أمريكى، فى صورة ضمانات قروض، واستقرت فى نهاية المطاف العملة، واستطاع الاقتصاد المكسيكى تحقيق النمو، وبعدها بثلاثة أعوام، تمكنت المكسيك من رد جميع قروضها للخزانة الأمريكية.
6- الأزمة الآسيوية 1997 إلى 1998
وبعد 15 عاما من أزمة الديون فى أمريكا اللاتينية عام 1982، كرر التاريخ نفسه فى آسيا، وفى يوليو 1997، انهارت العملة التايلاندية "البات" عندما اضطرت الحكومة لتعوميها فى السوق المفتوحة.
وكانت الدولة مدينة بالكثير من الأموال لهيئات أجنبية ولم تستطع ردها حتى قبل انهيار العملة، مثلما حدث مع أمريكا اللاتينية وما يحدث الآن فى بعض الدول الأوروبية، وانتشرت الأزمة فى المنطقة، وتأثرت كوريا الجنوبية، وأندونيسيا ولاوس، وهونج كونج وماليزيا.
وفاجأت الأزمة الكثير من الحكومات الآسيوية، التى كانت تظن أنها تسير على المسار الصحيح، ولا يمكن أن تشهد ما حدث فى أمريكا اللاتينية، ولكن هذه الأزمة لم تنته إلا بالحصول على قروض من صندوق النقد الدولى بلغت 40 مليار دولار، وبعدها بعام واحد، 1998، حدثت أزمة مشابهة للغاية فى روسيا.
7- فقاعة "دوت كوم"- 1999-2000
الأسواق سرعان ما نسيت دروس المستفادة من الأزمات السابقة، فأزمة فقاعة دوت كوم سبقها اتجاه الكثيرين إلى التكنولوجيا والأسهم المتعلقة بالإنترنت، فهناك أشخاص تحولت إلى مليونيرات بين ليلة وضحاها من خلال شركات مثل "eBay" ، و"Amazon". إلا أن الوضع لم يستمر طويلا، وتباطأ الاقتصاد وارتفعت معدلات الفائدة، مما أضعف تدفق المال السهل الذى جنيته هذه الشركات، والكثير منها أفلس وتمت تصفيته.
8- الأزمة المالية العالمية 2007-2008
لم يمر سوى أسابيع قليلة حتى اندلعت أزمة أكثر شرا أصابت أسواق العالم كله، وهى لم تنته من نواح كثيرة، لاسيما مع وقوع خسائر بمليارات الدولارات وتباطؤ الاقتصاد العالمى، وهذا ما حدث فى أزمة الديون السيادية الأوروبية الحالية، وهذه الأزمة أسفرت عن انهيار عدد كبير من المؤسسات المالية، وينظر إليها الاقتصاديون بأنها الأسوأ منذ "الكساد العظيم".
ورغم أن الأسباب عديدة، إلا أن السبب الرئيسى كان انهيار سوق الإسكان فى الولايات المتحدة.
الدروس المستفادة:
يرى رودز، صاحب كتاب "مصرفى العالم" أن العديد من الأزمات لا يمكن تجنبها، ولكن من الهام النظر إلى كيفية حلها، معتبرا أن وجود قيادة سياسية قوية، من بين أهم عناصر الحل مع خطة محكمة.
وأضاف "أحد أهم الأشياء التى كانت واضحة فى الأزمات هو أن القيادة القوية ضرورة، فمثلا دول البرازيل عام 1994، وكوريا الجنوبية 1998 وتركيا 2001، باع رؤسائها ووزراء ماليتها برامجهم للمواطنين قائلين إنها تتضمن إجراءات صارمة، وكانت تلك البرامج ذات تخطيط جيد، وأدت إلى النمو".
عدد الردود 0
بواسطة:
منوفى
احنا عرفين ان العالم فيه ازمات
ومش محتاجين تفكرونا بيها كاستدلال على اننا مش بدعه واننا نستحمل ونصبر***كل ده عرفينه***لكن المشكله ان العالم بتحصل فيه ازمات بس بتتحل **احنا واحنا اجنه فى بطون امهاتنا واحنا فى ازمات**هيه الازمات دى ملهاش اخر
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد حما د
الخطأ التاريخي في حق الجنيه المصري !!
حدث خطأ تاريخي فادح للعمله المصريه (قرار 30 اكتوبر 1916م) ..يتمثل هذا الخطأفي قيام البنك الأهلي المصري بناء علي طلب من وزير المالية ، بايداع الجزء المغطي بالذهب المقابل لأصدار البنكنوت في بنك انجلترا، وكان المفروض والأصح أن يودع هذا الرصيد الذهبي المصري في مركز البنك في القاهرة .... ما حدث في عام 1916م ان بنك انجلترا اخطر البنك الأهلي المصري بأنه ( أي بنك انجلترا) لن يتمكن مستقبلاً من وضع ما يكفي من ذهب كغطاء للنقود المصدرة في مصر في مصر والنتيجة أن اصبح الأصدار مغطي بأذونات علي الخزانة البريطانية بدلاً من الذهب . .. وهكذا استولت انجلترا علي الأرصدة الذهبية المصرية ، ودخل الموضوع طي الكتمان والنسيان بسبب تواطؤ الحكومة في ذلك الوقت (خلال فترة تولي السلطان حسين كامل) .
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد حما د
النظام النقدي الحالي المعتمد علي الدولار السبب الرئيسي لأزمات العالم
في دراسة للأمم المتحدة عام (2010) جاء فيها : ان الاقتصاد الأمريكي لا يمكن ان يستمر في تزويد الأقتصاد العالمي بالدولارات علي حساب العجز في الموازنة الأمريكية والعجز في الميزان التجاري ، ولذلك علينا ان نبحث عن نظام نقد دولي غير معتمد علي الدولار ..وطالب رئيس البنك الدولي ( روبرت زوليك ) ان علي الاقتصاديات الرئيسية بحث تبتي " معيار ذهب عالمي" معدل لتوجية أسعار العملات ..ودعا (روبرت ذوليك ) إلي نظام " بروتون وودز 2" للعملات المعومة خلفا لنظام بروتون وودز لسعر الصرف الثابت الذي انهار في أوائل السبعينات من القرن الماضي .
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد حما د
الدرس المستفاد من أزمة العملة الأنجليزية خلال حروب نابليون
ارتفعت الاسعار في انجلترا إلي حوالي ضعف مستواها قبل الحرب ، وهبطتالقيمة الخارجية للعملة هبوطاً حاداً وبيع الذهب بأكثر من سعره في دار السك ..ولمواجهة هذه الأزمة تم تشكيل لجنة برلمانية لبحث ارتفاع سعر سبيكة الذهب فكان تقريرها موضع جدل شهير (عام 1810م) وكان من ضمن الأراء رأي للأقتصادي الشهير ( ريكاردو) فقد قال : " كان القيمة هو الذهب ، وينبغي ان يكون كذلك وأن هبوط سعر الصرف وارتفاع سعر الذهب علامتان علي انخفاض قيمة العملة ) وقد نتج هذا الأنخفاض من الأفراط في اصدار الأوراق النقدية التي تسببت بدورها ارتفاعا في أسعار السلع والخدمات وأضاف تقرير هذه الجنة : " ان اللوم يقع حول انخفاض قيمة العملة علي بنك انجلتلاا أساساً " . وقد أوصت اللجنة بأنه يتعين قيام بنك انجلترا بتخفيض أوراقه النقدية تدريجيا حتي يمكن الرجوع بسعر السبيكة الذهبية إلي مستوي دار السك في خلال عامين ..ولقد كانت التغيرات التي حدثت بعد نهاية الحرب بوقت قصير أهم للغاية ، فنص قانون عام (1816) علي أن الذهب هو المقياس الوحيد للقيمة وأن العملات الذهبية هي فقط التي تؤخذ كعملة قانونية للمبالغ التي تزيد علي جنيهيين استرليين . وقد صدرت أولجنيليزية ذهبية عام 1817م.. وفي عام1815م الغيت القيود المفروضة علي تصدير العملات ..وفي عام 1821م استأنف بنك انجلترا دفع عملاته الورقية بالذهب ..وكان من جراء استمرار سحب الجنيهات الأنجليزية الذهبية البالية أن ظلت العملة في مستوي عال جداً..وهكذا أزيلت العقبات المصطنعية التي كانت تعوق ترك الذهب لفترة طويلة جداً ..والدرس المستفاد لنا الآن ( في عصرنا الحالي) أن العملة يجب أن ترتكز علي أساس سليم متين والتاريخ النقدي للعالم يظهر لنا بوضوح أن العملة الحقيقية أن تكون مرتكزة علي الذهب .
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد حما د
تأثير الحرب علي العملة ..المثال الواضح المانيا
العملة الألمانية هي أكثر مثال عملة عرفت في التاريخ هبطت قيمتها نتيجة الحرب العالمية الأولي ( 1914...1918) ، فالمثل التقليدي عن التضخم النقدي يضرب بخصوص العملة الألمانية عام 1923م عندما كان من الممكن مبادلة ورقة نقدية واحدة من فئة الف مارك بمارك ذهبي واحد فقط !! أي أن العملة العملة الألمانية فقدت 99.9% من قيمتها . أما فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية (1939...1945) حدث نفس السيء في المانيا من انخفاض كبيرللعملة أذ انخفض قيمة العملة الورقية تقريباً إلي الربع من قيمة ماكانت عليه من قوة قبل الحرب ، ومن ثم كان الذين يختزنون السلع عازفين عن عرضها ، وأصبح نقص السلع من الحدة بحيث لم يكن حائزو النقود علي ثقة من العثور علي السلع التي قد يرغبون بشراؤها ..ومرة أخري كانت هذه العملية تراكمية ، فكلما تزايد نقص السلع كلما هبطت الثقة في النقود ، وكلما هبطت الثقة في النقود زاد عزوف حائزي السلع عن عرضها للبيع وهكذا توقفت النقود عمليا عن وظيفتها كوسيلة للدفع وأصر اصحاب السلع علي الدفع بسلع أخري ...وفي خضم هذا التضخم المفرط كان العلاج الوحيد لأنهيار العملة هو أنشاء عملة جديدة ( حدث ذلك عام 1948) .. وتعتبر المقابلة بين الركود الأقتصادي الذي سبق أصلاح العملة ، والتقدم الباهر السريع الذي اعقبه تصويراً درامياً لأهمية النقد في المجتمع العصري .