محمد الغيطى

كيمياء الحب وفيزياء التوصيل.. شوية فضا‎

الخميس، 22 سبتمبر 2016 11:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
طلب منى الناشر أن أكتب كتابا عن الحب، فقلت له: «انت فاضى بقى»، فقال لى لن يبقى من أى كاتب إلا ما يكتبه عن الحب، فقلت قل الإنسان، فقال: وما الإنسان إلا كائن محب أو محبوب. وبلا هذه المعادلة يموت الإنسان، ويصبح أى شىء جماد، حيوان، صخرا أصما، فقلت الكتابة عن الحب تحتاج شوية روقان وفضا، فقال وانت عملت إيه بكلامك فى السياسة يا راجل ده حاجة تجيب المرض وتقصف العمر! ولأننى على استعداد أصلا للاقتناع واليقين بكلامه، قررت أن أكتب عن الحب.. نعم كل منا يحتار فى تفسير ما يحدث لنا عندما نحب.. هذا الزلزال الذى ينفجر فجأة فى أرض مشاعرنا الجدباء وقلوبنا التى عانت من التصحر والعطش، أنه يحدث فيغير الطقس وبعد شتاء القلوب يبث فينا الدفء، وبعد جفاف نهر عواطفنا تنسال جداول رقراقة فى الشرايين وبعد قيظ وزمهرير يكون النسيم ونرى الدنيا ربيعاً، ونرى السماء بألوان الطيف، ونسمع كلام المحب موسيقى وسيمفونيات متتالية مؤلفها نحن.. أدم وحواء..العاشق والمعشوق نحب أنفسنا، ونحب من حولنا، المحب الحقيقى يرى جمال كل شئ حوله، الحب يسبغ علينا سحر الرؤية والرؤى، يعيش الواقع كالحلم الطائر وتهون عليه كل مشاكل الدنيا، لأن بطارية روحه العمرانة بالحب تعطيه الزاد والقوة لمواجهة أصعب أزمات الحياة، ما السر إذن؟
 
يقول الكاتب التركى عزيز نسين: إن أول نظرة بين المحبين فيزياء واشتعال جمرة الحب بينهما كيمياء.. يعنى إيه يا عم عزيز؟ هو يفسر بمثل معملى فيقول: انظر لقطعة من الخشب وضعتها فى الماء وتركتها وعد إليها بعد فترة مهما طالت ستجدها كما هى بفارق وحيد، أنها قد انتفخت بعد أن شربت الماء لكنها تظل قطعة خشب لم تفقد صفاتها الطبيعية، لكن نفس القطعة إذا وضعتها فى النار ستتحول إلى شى آخر ستتحول إلى جمر.. جذوة مشتعلة وهذا هو الحب، فى التجربة الأولى لم يحدث الحب وشرارته واشتعاله.. أنه مجرد تواصل يمكن أن يحدث بين أى طرفين أو صديقين فى الحياة، العلاقة لم يحدث فيها انقلاب أو زلزال أو ثورة تغير كونه المحب والمحبوب، بينما فى التجربة الثانية حدث هذا الزلزال وتغيرت قطعة الخشب بنار الحب إلى جذوة وجمر، دخل هنا عامل آهخر فى المعادلة هو قانون الكيمياء تغيرت هوية كل طرف وبدل حاله من حال إلى حال.. إذن فالتواصل أو التعارف أو الصداقة فيزياء، بينما الحب كيمياء، هل فسر كلام الشاعر التركى لغز الحب أم أنه أزاد غموضه؟ وماذا نستفيد من توصيفه بأنه كيمياء؟ وهل على المحبين أن يأخذوا درساً خصوصياً عند مدرس الكيمياء.. إجابتى لا بالطبع لأن كيمياء الحب تختلف معادلتها من تجربة لأخرى.. نعم يقول الكاتب الأفريقى «وول سينكا» : أتحدى أن يفهم أى عاشق نفسه عندما يقع فى شرك الحب، لذلك عليه أن يعيش الشرك ويستسلم ولا يسأل لماذا أو كيف وقع فيه؟ ومن تجاربى الشخصية وتجارب من استمعت لهم يمكن أن أقول بضمير مستريح: «لا يوجد كتالوج أو باترون نقيس عليه مراحل الوقوع فى الحب أو تطوره، كل أنثى وذكر لهما كيمياء خاصة بهما، لا توجد تجربة شبيهة بأخرى تماماً، قد يسألنى أحدكم إذن ما فائدة كتب المحللين، ولماذا تكتب أنت كتابك هذا؟ أقول أنا أو غيرى ننقل تجارب ونرصد أعراضا أو ملامح البشر ولأقرب وجهة نظرى أقول فى فن الطبخ يبدع كل شيف طريقة ما للطبخة، رغم أنها نفس الأدوات والمواد المتاحة لكل شيف فى العالم، لكن يظل شىء ما غامض يجعل نفس الأدوات والمواد المتاحة لها مذاق عند هذا الشيف عن غيره.. فى الريف المصرى يسمونه «سر الطبخة» أو النفس، بفتح النون والفاء وتسكين السين، لذلك أقول إن كل حواء فى علاقتها مع الشريك عندها سرها «ونفسها الخاص» الذى يجعل لتجربتها خصوصية وسحرا خاصا، وعندى يقين أن كل حواء قادرة على امتلاك واحتواء شريكها بهذا السر أو النفس، لذلك لا تتشابه أبداً العلاقات والتجارب، عزيزتى حواء ابدعى فى علاقتك مع الشريك لأن لك كيمياء خاصة بك أنت وحدك.. ثقى فى كيمياء أنوثتك وانطلقى.  









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة