صدر مؤخرا كتاب "البشرى" للكاتب والباحث أسامة العمرى عن دار غراب للنشر والتوزيع بالقاهرة، وهو نتاج نمط فكرى استخدمه الكاتب فى معالجة التاريخ من وجهة نظرة مرخيا العنان لقلمه للترويج بأن ما يحدث فى عالمنا الإسلامى قديما وحديثاً لا يقرأ بزواية واحدة.
فى كتاب البشرى، وإن تطرق إلى أحداث مرت منذ أكثر من أربعة قرون، إلا أن الكاتب يرى أننا نعيش نفس الأحداث والتشرذم والتراخى فى أرجاء عالمنا العربى، والأحداث تتوالى بنفس السيناريو مع تغير الأشخاص والمواقف.
وبدأ الكاتب المقدمة بذكر منهجيته فى تناول الكتاب بأنه ابتعد عن قصص الفتن والدسائس التى انتشرت فى حنايا قصر الخلافة العثمانى، موضحاً أن كتابه مختص بتاريخ بشارة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - فابتدأ بِذِكْر تاريخ مدينة القسطنطينية ثم تطرق إلى مفهوم البشرى تفصيلا باعتبارها المحور الأساسى لربط الأحداث ببعضها ببعض، فتعرض للبشرى بداية من عصر النبوة إلى الخلفاء الراشدين ثم الدولة الأموية، فالعباسية فالسلجوقية وانتهاء إلى دولة العثمانيين وما آل اليه الأمر.
واعتمد الباحث فى كتابه على أسلوب جديد، فلم يركن إلى سرد الأحداث التاريخية بجمود ورتابة بل أضفى عليها صبغة أدبية فى معالجته لتتابع الأحداث بشكل قصصى، فأشرك القارئ تارة بلغة المخاطب وتارة بلغة القارئ المتابع، ويظهر شغف الكاتب بالتاريخ فى مقاربته للعديد من الأحداث التاريخية بمواقف مقاربة فى عصور أخرى، وكأنما يريد الكاتب أن يرسل رسالة مفادها بأن التاريخ يعيد نفسه، كما عرض الكاتب فى البشرى إلى نظرته الخاصة لعوامل النهضة الإسلامية وكيف تتحقق.
ومن أجواء الكتاب (فى تلك الليلة كان مولد عثمان.. ذلك الطفل الذى سيصنع أكبر إمبراطورية إسلامية فى العصر الحديث، ولنا أن نتوقف أمام دلالة الحدث، تلك الدلالة الرائعة التى نراها رائعة.. فمع المحنة تأتى المنحة، ومن رحم المعاناة يولد الأمل، وإن كان سقوط بغداد ضربة قاسمة للعالم الإسلامى، وطعنة نافذة للرباط الذى تنضوى فيه البلاد الإسلامية، ونعنى بذلك الخلافة الإسلامية، فإن الله – عز وجل – كان يُدبر لهذه الأمة مَن يقيم أودها، ويجمع شتاتها، ويعيد هيبتها، فتقوم الدولة الإسلامية فى بَعْث جديد ماردًا مهيب الجانب، قوى الجناح، موفور العزة، تسعى إلى مهادنته وصداقته الأعداء رغبًا وطمعًا، ولنا أن نستأنس بفهم انهيار الخلافة العباسة، وقيام الخلافة الثمانية فى ضوء الآية الكريمة "إنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرًا"، فمع شدة الألم، ووطأة الحدث، والخَطْب العظيم، فقد وَهِنَت الأمة، وضَعُفت السلطة، وتجرأ الجميع عليها، وهان المسلمون على أنفسهم قبل أن يهونوا غيرهم، فى ظِلِّ تلك الظلال السوداء، والليل المظلم تنطلق إشارة أمل.. وبريق فجر جديد..).
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة