جوهر عزمى

قانون بناء الكنائس خطوة للأمام

الثلاثاء، 20 سبتمبر 2016 10:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى عام 1856 أصدر السلطان عبد المجيد، سلطان الدولة العثمانية مجموعة قرارات إصلاحية (نعم إصلاحية) سميت بالخط الهمايونى وذلك كنوع من التجاوب مع نداءات فرنسا وإنجلترا بعد أن وقفتا معه فى حربه مع روسيا، وجاءت الإصلاحات (الخط الهمايونى) بمثابة نقطة تحول فى علاقة دولة الخلافة العثمانية مع باقى الأديان والملل الموجودة فى السلطنة، فقد كانت إصلاحات تقدميه وخطوة إلى الأمام فى طريق احترام حقوق الآخرين إذ أعطت هذه القرارات حق المساواة بين كل مواطنى الدولة العثمانية فى الحقوق والوجبات وأعفت الكنائس من الضرائب والمصروفات ونصت على عدم إجبار أى شخص على ترك دينه وإلغاء كل الألفاظ التى تسيء إلى أديان وملل ومعتقدات الآخرين وأعطى حق التعيين فى مناصب الدولة المدنية والعسكرية لجميع المواطنين بدون تمييز، وإلزام كل المواطنين بالدولة بالخدمة العسكرية وإنشاء محاكم خاصة للفصل فى القضايا بين المسلمين والمسيحيين وأعطى للشعب المسيحى الحق فى اختيار قياداته أو عزلها. وكل هذه الحقوق لم تكن موجودة فى الدولة العثمانية قبل هذا الفرمان. ولكن ما أخذ على هذا الفرمان هو البند الخاص بأن تراخيص بناء وترميم الكنائس والمنابر الخاصة لغير المسلمين لا يكون إلا بقرار من السلطان شخصيًا وهذا هو النص الذى تمسك به كل حكام ورؤساء الدوله المصرية مناقضة بذلك العديد من مواد الدساتير التى صيغت بدءًا من دستور 1923. وبعد أكثر من 75 سنة من صدور الفرمان الهمايونى جاء وكيل الداخلية المصرى العزبى باشا ووضع شروطًا عشرة لبناء الكنائس، وكنا نتوقع بحكم حركة التاريخ ومصرية العزبى أن تكون الشروط أكثر تقدمًا وتسامحًا واستنارة واحترامًا لحقوق الآخرين، ولكنها جاءت متعسفة وتعجيزية وبمثابة انتكاسة فى هذا الملف.
 
ويمكنك عزيزى القارئ أن تطلع عليها فى الكثير من المراجع والمصادر المنتشرة سواء فى الكتب أو على شبكة الإنترنت. وبالرغم من صدور عدة قرارات خلال الـ60 سنة الأخيرة من محكمة القضاء الإدارى ألغت هذه الشروط لأنها تتنافى مع حرية التعبير والاعتقاد والعبادة وكان أول هذه الاحكام هو ما صدر عن محكمة القضاء الإدارى برئاسة عبد الرازق السنهورى فى فبراير 1952 إلا أنه لم يتم إلغاء هذه الشروط. 
 
وجاء القانون الأخير لبناء وترميم الكنائس الذى أقره مجلس النواب مؤخرًا. ولى عليه عدة ملاحظات: 
1- يعتبر هذا القانون خطوة للأمام حيث ألغى كل ما سبقه من قوانين وشروط جائرة ومتعسفة تمسكت بها الدولة، وأعطى هذا القانون تسهيلات نسبية فى هذا المجال، ويمكن اعتباره مادة خام مناسبة يمكن الانطلاق منها والبناء عليها فى المستقبل وإعادة تشكيلها بشكل أكثر مناسبة. 
 
2- عدل مجلس النواب فى مناقشاته للقانون من بعض الصياغات لبعض المواد موضوع الجدل، والتى تثير علامات الاستفهام ويلفها الغموض فى التفسير، وهذا أمر محمود ويحسب للمجلس فقد كان واضحًا أن هناك رغبة جادة من المجلس لإقرار مشروع قانون مرضى إلى حد ما. 
 
3- حتى وإن كان ما تم تدوينه فى المضبطة من تعديلات يمكن الرجوع والاستناد إليها قانونيًا، إلا أننى كنت أود ألا تقتصر وجود هذه التعديلات فى مضبطة المجلس، بل إن تدون فى متن القانون وتصبح جزءًا من صلبة، وذلك بأن تعاد صياغة القانون حسب ما اتفق مجلس النواب وما تم تدوينه فى مضبطته.
 
4- اتطلع أن يشهد المستقبل القريب الغاء لهذا القانون فلا يصبح هناك قانون لبناء الكنائس أو المساجد أو المعابد أو غيرها من دور العبادة، بل يصبح القانون المعمول به هو القانون المنظم للمبانى العامة فى الدولة وأن تتاح لكل الأديان والمذاهب والملل والجماعات الدينية أن تبنى دور العبادة الخاصة بها ويمارسون شعائرهم الدينية بحرية وأمان وفقًا لقانون واحد فى الدولة يحكم عملية البناء دون تمييز.. حفظ الله مصر. 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة