قال الشيخ عبد الرحمن السديس، إمام الحرم المكى والرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوى، إن الإسلام جاء بالمنهج الوسطى القائم على حفظ المصالح ودرء المفاسد، ودعا إلى البناء والتنمية والأخذ بكل أسباب التقدم والتطور فى الجمع بين الأصالة والمعاصرة، مؤكدًا أن الإسلام جعل مصالح الأمة العليا فوق كل اعتبار ورتب الوعيد الشديد على من تجاوز تلك المصالح أو عبث بأمن الأمة واستقرارها.
ووجه إمام الحرم المكى، خلال خطبة عرفات، كلمة إلى قادة الأمة الإسلامية، قائلاً: "إن أمتنا المسلمة اليوم تمر بظروف صعبة من تأريخها تستلزم منا شعوب وقادة تضامنا فى قلوبنا ومشاعرنا وتنسيق فى مواقفنا وتطوراتنا وتكاملا فى جهودنا لمواجهة مشكلاتنا وقضايانا وعلى رأسها قضية فلسطين ومأساة بلاد الشام والعراق واليمن".
وأكد "السديس" أن الأمة أحوج ما تكون إلى الحوار وابتغاءه طريقًا لمناقشة القضايا والتناصح بالخير لتعزيز الأخوة، مضيفا: "علينا أن ندرك بأن إصلاح مجتمعاتنا وحفظ أمن امتنا ووحدتها منوط بتعاون الشعوب مع قادتهم والالتفاف حولهم".
وطالب إمام الحرم المكى، قادة العالم الإسلامى استشعار عظم الأمانة والمسئولية ومعالجة كل ما يطرأ من مسببات الفرقة والاختلاف بالاحتواء والحوار ورفع الظلم.
وأكد أن آفة الإرهاب أعظم ما ابتلى به العالم فى عصرنا الحالى، وأنها من الإفساد فى الأرض، حيث عم شر الإرهاب أمم شتى وأعراق مختلفة ومذاهب متعددة، قائلا: "لا يمكن أن ينسب الإرهاب إلى أمة أو دين أو وطن أو يلصق بالإسلام".
وأضاف "السديس" فى خطبة عرفة من مسجد نمرة، أن الأمة ابتُليت من بعض أبنائها وشبابها الذين أغوتهم الشياطين وصرفتهم عن منهج الإسلام، حيث سارعوا إلى التكفير مما تتصدع له القلوب المؤمنة وكفروا المسلمين واستباحوا الدماء المعصومة وسعوا فى الأرض بالفساد وقتل للأبرياء وترويع للآمنين من المسلمين وغيرهم، موضحًا أن هذه الفئة صمت أذانها عن الكتاب والسنة التى تحرم هذه الأعمال المنكرة.
ونصح إمام الحرم المكى، شباب الإسلام، قائلاً: "عليكم مسئولية عظيمة، وأحذروا كل طريق يوصل لتفريق الصف واختلاف الكلمة وتمزيق الشمل".. مؤكدا أن من عوامل الضلال فى الأمة والابتلاء الأكبر هو التسارع فى تكفير أهل القبلة الذى حذر النبى منه.
وأوضح أن بعض مجتمعات المسلمين اليوم تعانى من تفكك كبير بين قيمها وسلوكيات أفرادها على نحو ينذر بخطورة المرحلة وصعوبة التحديات، مطالباً الآباء والمربين بتولى المسئولية العظيمة فى تربية النشء على مكارم الأخلاق خاصة فى هذا الزمن، مؤكدًا أن حرب اليوم على الأخلاق والفضائل.
ووجه إمام الحرم المكى فى خطبة عرفات رسالة إلى علماء الإسلام، قائلًا: "أنتم ورثة الانبياء وحملة الرسالة فلا تكونوا سبباً فى تفريق الأمة وأهدوها إلى سبيل الرشاد وتكلموا بالحق ولا تتكلموا بالباطل وأفتوا الناس بشرع الله من غير تساهل ولا تشدد، فالدعوة إلى الله وظيفة الرسل والأنبياء ولابد أن تكون دعوتكم على المنهج الصحيح، وليكن الحوار بالحسنى وسيلتكم والعلم سلاحكم"، وحذر الدعاة من الحزبيات والتصنيفات التى تؤدى للفرقة والانقسام.
وحذر إمام الحرم المكى، من محاولات الإخلال بأمن الحجاج خلال أداء مناسك الحج وتكدير صفو شعائره ومشاعره، قائلا: "بيت الله الحرام آمن بأمان الله فى البلد الأمين، وأن أمن الحرمين وسلامة الحجيج خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها برفع شعارات سياسية أو نعرات طائفية".
وأشاد إمام الحرم المكى، بمجهود القيادة السعودية فى خروج موسم الحج بهذه الصورة، مؤكدا أن الله هيأ لهذه البلاد قيادة حكيمة تشرفت بخدمة الحرمين، ووفرت منظومة متكاملة من الخدمات والتسهيلات وبذلت كل شىء لينعم القاصدين بالأمن ويؤدون المناسك بكل يسر وسهولة واطمئنان.
وطالب "السديس" فى نهاية خطبة يوم عرفة، رجال الإعلام بتسخير كل وسائلهم ومواقعهم فى نصرة الدين والدفاع عن الإسلام وبيان محاسنه والتزام الكلمة والأمانة فى النقل ومصداقية الحرف وأمانة الكلمة، والتزام الحقيقة والموضوعية والبعد عن الإثارة والشائعات والبلبلة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة