أكد القاضى التونسى فى المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان، رافع بن عاشور، أن المحكمة سترفض أى دعوى قضائية ترفع ضد مصر، لأن الأخيرة لم تصادق على البروتوكول، لكنها صادقت على الميثاق الأفريقى لحقوق الإنسان والشعوب، وهو ميثاق صدقت عليه كل الدول الأفريقية، موضحا أن لجنة حقوق الإنسان والشعوب والنظام الأساسى للاتحاد الأفريقى هى المواثيق الوحيدة التى صدقت عليها كافة الدول الأفريقية.
وحث القاضى التونسى فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" على هامش المشاركة فى ندوة المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان فى مدينة أروشا بتنزانيا، مصر على المصادقة على البروتوكول باعتبارها من أكبر الدول الأفريقية، سواء من حيث المساحة أو عدد السكان، وكونها من الدول العربية الأفريقية مع ليبيا وتونس والسودان والصومال والمغرب والجزائر وموريتانيا، داعيا القاهرة لأن تكون سبٌاقة وأن تصدق على البروتوكول الخاص بالمحكمة، لما لمصر من تقاليد قانونية عريقة وإرث قانونى ودستورى ضخم، مرجحا أن يكون للمحكمة مهمة فى مصر حتى يتم حث السلطات المصرية على ضرورة المصادقة على البروتوكول أولا وإصدار الإعلان ثانيا.
وبسؤاله عن إمكانية تصديق مصر على البروتوكول، مع التحفظ على البنود الخاصة بعملية إقامة الدعاوى من قبل أفراد أو منظمات المجتمع المدنى غير الحكومية، أجاب: "على مصر المصادقة على البروتوكول، والمادة 34 فقرة 6 تنص على ضرورة أن تصدر الدولة إعلانا خاصا، تقبل بمقتضاه أن يقوم أفراد ومنظمات حكومية برفع شكاوى ضد الدولة، ويمكن لمصر التصديق على الميثاق ولا تقوم بالإعلان إلا لاحقا.. فلا خوف على السيادة والاستقرار لأن المحكمة تنظر فى القانون، ولا يمكن اللجوء إليها إلا إذا استنفذ المدعى كل طرق التقاضى الداخلية فى مصر والاتجاه لكافة المحاكم بجميع درجاتها فى البلاد."
وفيما يخص قضية نجل العقيد الراحل معمر القذافى، أوضح أن قضية سيف الإسلام القذافى معقدة جدا لسببين، الأول خاص بإجراءات القضية، والثانى حول الوضع الراهن فى ليبيا، مؤكدا أن القضية لم ترفع مباشرة للمحكمة من طرف سيف الإسلام القذافى، لأن ليبيا لم تصدر الإعلان الذى تقبل بمقتضاه أن يتقدم الأفراد بالدعاوى.
وذكر أن القضية جاءت من اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، التى تخول لها المادة الخامسة من البروتوكول أن ترفع قضايا للمحكمة، مؤكدا أن أصدقاء سيف الإسلام القذافى ومستشاره القانونى رفعوا الأمر عن طريق اللجنة الأفريقية لحقوق الانسان والشعوب وكان ذلك عام 2012 أى بعد سقوط نظام القذافى.
وأكد أن اللجنة الأفريقية تعهدت بالقضية، وأصدرت أمرا فى التدابير، وأرسلته للحكومة الليبية، لكنه ظل حبرا على ورق، موضحا أن اللجنة أعلنت فشلها فى إقناع الحكومة الليبية، لذلك قررت رفع القضية للمحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، وذلك بمقتضى البروتوكول، مشيرا إلى أن الانتهاكات التى أرادت اللجنة أن تنظر فيها المحكمة، هى انتهاكات ظروف الاعتقال وعدم السماح لسيف القذافى بتوكيل محام خاص له، وعدم السماح لأهله بزيارته علاوة على اعتقاله فى مكان سرى.
واستكمل أن المحكمة باشرت القضية بكثير من التروى، وحاولت أن يكون هناك تفاعل مع الحكومة الليبية، لكن الأخيرة لم تجب على أى مذكرات للمحكمة أو اللجنة الأفريقية، وقد اصدرت المحكمة أمرا بالتدابير الاستعجالية فى 15 مارس 2013 ولم ينفذ، لذا رفعت المحكمة الأمر للمجلس التنفيذى للاتحاد الأفريقى، الذى يضم وزراء الخارجية، ثم إلى القمة الأفريقية، موضحا أن الوضع الراهن فى ليبيا وعدم وجود حكومة مركزية لوقت طويل، جعل المحكمة تصدر حكما غيابيا ضد ليبيا، لأن حكومتها لم تتقدم للدفاع عن نفسها.
وكشف عن أنه فى الحكم الصادر ضد ليبيا، أقرت المحكمة بوجود انتهاكات كثيرة فى حقوق الإنسان المتعلقة باعتقال سيف القذافى، وفيما يتعلق بظروف اعتقاله وعدم حصوله على العون القانونى والمحامين، وعدم زيارة أهله له، لذا صدر الحكم، وتم إعطاء ليبيا مهلة 6 أشهر للاستجابة للحكم الصادر فى يوليو الماضى، مؤكدا أنه حسب الميثاق، فإنه إذا لم تنفذ ليبيا القرار، سيتم رفع الأمر للاتحاد الأفريقى، والذى بدوره يرفع الأمر أمام رؤساء الدول والحكومات الأفريقية، وبهذا تخرج المحكمة من النطاق القانونى ويدخل الأمر فى النطاق السياسى، مرجحا أن يقوم الاتحاد الأفريقى بتوقيع كل العقوبات منها تجميد عضوية ليبيا وحرمانها من حقها فى التصويت.
وأكمل أن المحكمة تعمل منذ 10 سنوات فقط، وكانت السنوات الأولى تتولى أمورا خاصة بالهيكلة ووضع المؤسسات وانتداب العاملين والحصول على مقر، مؤكدا أنه فى البداية استقبلت المحكمة قضايا غير مستندة على أسس صحيحة، فرفضت الكثير من القضايا لعدم استيفاء الشكل القانونى، مشيرا إلى أنه بداية من السنة السادسة بدأت المحكمة فى إصدار أحكام مهمة جدا، وبدأت ترسى فى قضاء خاص بها ما سيكون له الأثر لتطوير منظومة حقوق الإنسان فى أفريقيا بشكل خاص، والعالم بشكل عام، لأن هنالك تداخل وتشابك بين مختلف مؤسسات حقوق الانسان فى العالم، سواء على منظمة الأمم المتحدة ومجلس أوروبا ومجلس الدول الأمريكية والاتحاد الأفريقى.
وأكد أن المحكمة أصدرت قرابة 30 قرارا، بما فيها قرارات مهمة ضد تنزانيا، وقراران ضد بوركينا فاسو، إضافة لقرار اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب ضد ليبيا، مشيرا إلى أن المحكمة وحدها لا يمكنها إيقاف الانتهاكات، فهناك اللجنة الأفريقية لحقوق الانسان، وهنالك هياكل الاتحاد الأفريقى التى ترفع لها الأحكام، ومدى التزام الدول بالميثاق كى تتخذ قرارا بشأنها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة