"اليوم السابع" داخل مشروع الـ1000 مصنع.. أياد تنتظر العمل.. مبان متراصة بلا حياة أصحابها يعرضونها للبيع قبل بدء تشغيلها.. المصانع تعمل بلا تراخيص بسبب بيروقراطية الحكومة

الأربعاء، 31 أغسطس 2016 10:00 ص
"اليوم السابع" داخل مشروع الـ1000 مصنع.. أياد تنتظر العمل.. مبان متراصة بلا حياة أصحابها يعرضونها للبيع قبل بدء تشغيلها.. المصانع تعمل بلا تراخيص بسبب بيروقراطية الحكومة مصنع
كتبت - منى ضياء تصوير - أشرف فوزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

نقلا عن العدد اليومى...

رغم الأهمية الشديدة لمشروع الألف مصنع، باعتباره يُعول عليه فى توفير العديد من فرص العمل، حيث يضم عددًا كبيرًا من المصانع الصغيرة والمتوسطة، فإنه يعانى أزمات كبيرة تحول دون قدرته على الانطلاق، ودعم الإنتاج القومى، وتوفير فرص عمل، والمثير للجدل أن من أهم معوقات انطلاقه هى «البيروقراطية» التى فشلت جميع جهود الحكومة المعلنة حتى الآن فى إزالتها، وهو ما كشفته «اليوم السابع» خلال جولتها بالمنطقة.
للوهلة الأولى مع دخول المنطقة الصناعية فى القاهرة الجديدة، لم يبد لنا سوى عقارات متراصة، الكثير منها كامل التشطيب، وبعضها مازال قيد الإنشاء، ولكن أغلبها بلا أدنى  صور للحياة.
 
بداية الجولة كانت فى شارع رئيسى بالتجمع الثالث، والذى يضم منطقة المصانع، ولكن رغم أن هذا الشارع الكبير الملىء بالمبانى التى أغلبها كاملة التشطيبات، لم يكن بها سوى مصنعين فقط  يمارسان نشاطهما، والباقى إما مغلق أو تحت الإنشاء، وأحدهما هو مصنع متخصص فى صناعة الملابس، خاصة الجوارب، يملكه شاب يدعى المهندس محمد عادل شتا، والذى فضل العودة لبناء مصنعه فى مصر بعد أن كاد يبنيه فى الصين، حسب قوله.
 
وقال «شتا» إنه اشترى أرض مصنعه منذ حوالى 5 سنوات، ولكنه لم يتمكن من  تشغيله سوى منذ عام واحد فقط، نتيجة البيروقراطية الشديدة فى إنهاء الإجراءات، والفساد الإدارى، وحتى الآن لم يتمكن من إنهاء جميع الإجراءات، خاصة ما يتعلق بالدفاع المدنى.
 
وفى أثناء حوارنا معه كان أمامه على المكتب ملف ضخم ملىء بالأوراق، أكد أنه ملف مصعنه الذى يقدمه لجميع الجهات الحكومة التى يسعى من خلالها لإتمام إجراءات مصنعه، وعلى مدى الأعوام السابقة لم يتمكن من الوصول إلى أى شىء، فهو الآن يعمل دون تراخيص للتشغيل، بسبب إصرار هيئة الدفاع المدنى على تطبيق ما يسمى بالكود المصرى، وهو عبارة عن اشتراطات تضعها الهيئة فى المصانع بمواصفات معينة، ويتم دفع رسوم مرتفعة التكاليف للحصول على هذه الموافقة، ولا تتمكن أغلب المصانع الصغيرة بالمنطقة من دفع هذه التكاليف، لأنها مصانع صغيرة لا تتعدى مساحتها 300 متر مربع، ولا تزيد تكلفة بنائها على 800 ألف جنيه، قائلًا إن ترخيص الكود المصرى فى الدفاع المدنى يتطلب دفع رسوم تصل لـ 400 ألف جنيه، حسب تأكيداته هو وعدد من أصحاب المصانع بالمنطقة.
 

من داخل مصنع الجوارب بالقاهرة الجديدة
 
وتعود بداية قصة هذا المشروع إلى عام 2005، عندما أعلن الرئيس الأسبق حسنى مبارك خلال الانتخابات الرئاسية عن مشروع لبناء ألف مصنع بالقاهرة الجديدة، ضمن البرنامج الرئاسى، وتم تقسيم الأراضى إلى مساحات صغيرة وقتها تتراوح بين 300 و600 متر مربع لبناء مصانع صغيرة هى أقرب إلى الورش، وتم طرح الأراضى بسعر 15 ألف جنيه للقطعة بالكامل، تسدد بالتقسيط على 4 سنوات، لكن واقع الأمر أن أغلب من حصلوا على هذه الأراضى ليسوا مستثمرين أو لديهم خطط لمشروعات صناعية، فظلت الأراضى بحوزتهم حتى قاموا ببيعها بأسعار تتعدى المائة ألف جنيه للقطعة فى أقل الحالات، ليبدأ صغار المستثمرين الذين اشتروها منهم رحلة العذاب لإنشاء مصانعهم الصغيرة.
 
وظل المشروع فى طى النسيان، ولم يلتفت إليه أحد حتى عام 2014، عندما أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى تجهيز المشروع للانطلاق، ليصبح بمثابة حاضنة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وكان من المقرر افتتاحه قبل عام كامل، ولكن حتى الآن لم يتم الافتتاح، ولم تعمل من هذه المصانع إلا نسبة قليلة بسبب الروتين الحكومى، وصعوبة وصول المرافق بصورة كاملة إليها.
 
ويقول «شتا»، صاحب مصنع الجوارب: «بدأت أتعب نفسيًا، ومش قادر أكمل، عندما كنت أعمل فى الصين كانت أمامى فرصة لبناء المصنع بسهولة تامة، ودون أى تعقيدات، لأن الأرض تسلم للمستثمر بكامل أوراقها وتراخيصها، لكننى فضلت العودة لوطنى وتربية أبنائى فيه، ولكن الحكومة تدفعنى للندم على قرارى».
 
وداخل المصنع الذى يعمل بإمكانيات متواضعة، كان عدد العمالة يصل إلى قرابة 20 أو30 عاملًا، ورغم ذلك كانت منتجاته القطنية عالية الجودة، الأمر الذى سمح له بتصديرها للسوق السعودية التى تبحث عن المنتجات القطنية. وأكد «شتا» أن بإمكانه توسعة سوق صادراته، لكنه حتى الآن غير قادر على الحصول على تراخيص التشغيل، ومازال يعمل دون رخصة بسبب العوائق البيروقراطية.
 
وبخلاف هذا المصنع ومصنع آخر، تراصت المبانى الخالية من الحياة، والتى أعلن بعض أصحابها عن عرضها للبيع أو الإيجار، قبل حتى أن تبدأ العمل والإنتاج.
 

صناعة الحلويات
 
المصنع الثانى كان مصنعًا لـ«التمر»، حيث كان متخصصًا فى صناعة المخبوزات التى يدخل فى إنتاجها التمر السعودى، وهى منتجات عالية الجودة، تتم صناعتها فى هذا المصنع الصغير الذى لا تتعدى مساحته 300 متر مربع، ويتم بيعه من خلال 6 منافذ بيع وتوزيع للشركة فى القاهرة الكبرى، ورغم ذلك أيضًا اضطر صاحبه إلى العمل به دون ترخيص.
 
وفقًا لحديث المهندس كامل الشبراوى، الشريك المصرى فى المصنع، فإن تأسيسه بدأ منذ حوالى 4 أعوام، وحتى الآن لم يتمكن من الحصول على رخصة تشغيل أو سجل المصنع، بسبب البيروقراطية.
وقال «الشبراوى»: «كلفنا إنشاء المصنع 4 ملايين جنيه، وقمنا بتعيين محام منذ 4 سنوات لإنهاء هذه الإجراءات، وحتى الآن لم تنته، لهذا نحن نعمل ونوزع منتجاتنا بالسوق المصرية دون تراخيص». 
 
وحول زيارة عدد من المسؤولين للمنطقة، والإعلان عن السعى لحل مشاكل المستثمرين، قال «الشبراوى»: «كل يوم المسؤولين بييجوا ومش بنشوف جديد». وتابع: هناك مشكلة تتعلق بالعمالة فى المنطقة، حيث يصعب استقدامها بسبب صعوبة المواصلات، وهى المشكلة التى تحتاج حلًا عاجلًا من الحكومة لتوفير وسائل مواصلات عامة بالمنطقة، وطالب بتخصيص مكان لبناء سكن للعمال بالمدينة.
 
وأضاف «الشبراوى» أن المصانع تعانى من الانقطاع المتكرر للمياه، ولفترات طويلة، وانقطاعات بالكهرباء أيضًا، ومشاكل فى الصرف الصحى.
 
واختتم قوله بأن «مشروع الألف مصنع غير جاهز للافتتاح، هيودوا الرئيس فين.. هيزور الـ 10 مصانع اللى شغالين بس!»
 
وكان من مقرر أن نزور مصنعًا لتصنيع الأخشاب، يُعرف بمصنع الحاج عبدالوهاب، ولكن المصنع لم يكن به أحد من أصحابه الذى يعملون فى إنهاء تشطيبات مصنع آخر للألوميتال، ليؤكد لنا ابنه «محمد» أن مصنع الألوميتال الجارى تشطيبه تكاليفه لا تقل عن 2 مليون جنيه، ورغم انتهائه تقريبًا، لم يتمكن من الحصول على عداد الكهرباء الذى تقدم بطلبه منذ أكثر من 7 أشهر حتى الآن.
 
وعن مصنع والده قال «محمد»: «الحكومة عايزة 80 أو 90 ألف تكاليف رسوم الدفاع المدنى، ونحن رأسمالنا بالكامل فى المصنع ولا نملك دفع هذه التكاليف التى تتخطى إمكانياتنا».
 
والتقينا بأحد أصحاب مصانع الأخشاب، ويدعى سيد عبدالعال، والذى طلب اصطحابنا لمصنعه الذى يعرضه الآن للبيع، بعد أن أنفق عليه كل ما يملكه لإنهاء تراخيصه، لكن دون نتيجة.
 

صناعة الأخشاب والموبيليا 
 
دخلنا المصنع المكون من ثلاثة طوابق، والذى يعمل فى تصنيع الأثاث الخشبى، لنجده خاويًا إلا من بعض الأخشاب التى يسعى للانتهاء منها قبل عملية البيع.. لم يكن هناك سوى ثلاثة عمال فقط ينهون ما تبقى قبل الإغلاق، بعد أن كان هذا المصنع الصغير خلية نحل تعج بما يقرب من 40 عاملًا يصنعون الأثاث الذى يتم بيعه للمعارض المختلفة.
 
وقال «عبدالعال» وقد ظهرت فى عينيه الحسرة: جئتم دون موعد لتروا ما أنا عليه الآن.. أعمل دون تراخيص منذ عام 2009، ولم أعد قادرًا على دفع الرسوم الأزمة لإنهاء أوراق المصنع، فأنا أعانى من ركود حركة البيع.
 
وتابع:  «لو أن حركة العمل والبيع كانت طبيعية، فلن تكون هناك مشكلة، وسأسعى لاستكمال ما تبقى من أوراق، لكن لا يمكننى المغامرة بالقليل الذى تبقى من مدخراتى لأدفعها للحكومة دون طائل فى النهاية.
 
وعما يخطط للقيام به بعد بيعه مصنعه، قال «عبدالعال»: «والله مش عارف هعمل إيه، بفكر أبيع وأسافر برا»، وأضاف: «أرجو أن تنظر الحكومة لحال صغار المستثمرين بعين الجد والرأفة، كثيرون منا عرضوا مصانعهم للبيع قبل أن تبدأ عملها من الأساس بسبب الضغوط البيروقراطية التى لا تنتهى، و لا تقوم سوى بطرد أى استثمار، لو تم تشغيل جميع المصانع سيسهم ذلك فى تشغيل آلاف الأيدى العاملة، وفتح آلاف البيوت، وكل اللى طالبينه من الحكومة نخلص ورقنا من غير مشاكل».
 









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة