المجالس العرفية "دولة داخل الدولة".. قضاء موازٍ وأحكامها تهدد بوفاة دولة القانون.. الحكومات المتعاقبة تبنتها وباركتها وساهمت فى ازدياد نفوذها.. وأحداث الفتنة ترفع شعار "لا لتطييب الخواطر"

الأحد، 28 أغسطس 2016 11:57 م
المجالس العرفية "دولة داخل الدولة".. قضاء موازٍ وأحكامها تهدد بوفاة دولة القانون.. الحكومات المتعاقبة تبنتها وباركتها وساهمت فى ازدياد نفوذها.. وأحداث الفتنة ترفع شعار "لا لتطييب الخواطر" مجالس عرفية – أرشيفية
تحليل يكتبه- عصام عابدين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

متجاهلة آلاف القضاة وعشرات المحاكم، تبحث كثير من العائلات عن "العدل" فيما يواجههم من مشكلات سواء ثأر أو نزاع على الأرض وغيرها، فى مجالس عرفية أو "قعدات عرب" تنتج صلحا مؤقتا سرعان ما تتجدد بعده الخلافات بين أطراف الاشتباكات، خاصة فى الصعيد، وما يساعدهم فى ذلك أن الدولة، نفسها، تتبى مسلكهم، مسلمون ومسيحيون، بعيدا عن مؤسساتها الرسمية بل وتباركه.

 

لجوء الدولة منذ عشرات السنين إلى المجالس العرفية يعد تنازلا منها عن هيبتها، وإقبال المواطنين على تلك الجلسات اعتراف بفشل الدولة، فى وقت شدد فيه الرئيس عبد الفتاح السيسى، رأس السلطة التنفيذية، على سيادة القانون وضرورة تطبيقه فى واقعة سيدة قرية الكرم بالمنيا، التى تعرضت للاعتداء وتعريتها وكادت تحدث فتنة بين المسلمين والمسيحيين تهدد سلامة ووحدة المجتمع.

 

المستشار محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة الأسبق، يرى أن أحكام الجلسات العرفية، تحظى بتأييد الأمن العام وأحيانا يشارك فيها ممثلون لجهات أمنية، سواء كان مدير الأمن أو المأمور لإعطائها طابع الأهمية والاحترام، لكنه يتخذ من ارتفاع معدل اعتماد الأهالى على القضاء العرفى فى فض النزاعات مدخلا لانتقاد الحكومة التى تتعلل دوما بنقص عدد القضاة، وتكدس القضايا فى المحاكم ،وتوسعها فى نفس الوقت فى إنشاء محاكم للصفوة، المتمثلة فى المحاكم الاقتصادية بدعوى سرعتها فى الفصل بين المتنازعين،

 

كما أن مؤسسة بيت العائلة المصرية، التى شكلها الأزهر والكنيسة، لعبت دورًا فى ترسيخ الحل العرفى فى القضايا ذات البعد الطائفى بعدما تدخلت لحل العديد من النزاعات بين المسلمين والأقباط فى القرى والريف وبمعاونة الدولة أيضًا وتحت إشرافها، فى وقت يرفض فيه كثير من القساوسة هذه المجالس ويرونها تعتمد على الأهواء  فى ظل عدم تفعيل القوانين وتباطؤ إجراءات التقاضى، لكنها تصبح الأفضل لقدرتها على سرعة احتواء و إنهاء الخلافات.

 

دراسة بعنوان "فى عرف من"، صادرة عن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية عام 2015، رصدت عدد الجلسات العرفية التى تمت منذ 25 يناير 2011 حتى نهاية العام 2014، حيث قدرتها بـ 45 جلسة عرفية تمت بعد وقوع حادث مشابه كان المسلمون والأقباط ضمن أطرافه دون أن تتضمن هذه القائمة أعمال النهب والحرق التى أعقبت فض اعتصامى رابعة والنهضة بالكنائس والمبانى الدينية وممتلكات الأقباط، التى طالت ما يزيد على مائة منشأة دينية مسيحية.
 

أحداث محافظة المنيا الـ6 رفعت شعار "لا لتطييب الخواطر"، وشددت على ضرورة تفعيل القانون، فى وقت يجب أن تدرك الدولة فيه أنه لا سبيل إلى دولة مدنية حديثة وإرساء دولة المواطنة والخروج من نفق "شبح الطائفية" سوى بتطبيق القانون وأن تتخذ من الإجراءات ما يضمن سيادته عن طريق انجاز وسرعة الفصل فى القضايا التى تهدد السلم المجتمعى.

 

 

البعض يعتبر الجلسات العرفية، حلا سلميا ووديا للأزمات، لكنها بمثابة "النار تحت الرماد" بالإضافة لكونها لا تتسق مع مفهوم الدولة المدنية الحديثة و تعمل على إلغاء فكرة الدولة وسيادة القانون.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة