يبدو أن الدب الروسى، يسعى لاستعادة نفوذه من جديد، وكذلك لتغيير مجرى الأمور العسكرية فى العالم بصفة عامة، ومنطقة الشرق الأوسط بصفة خاصة، وتعزز بشكل كبير نفوذها العسكرية فى العديد من دول أسيا الوسطى والشرق الأوسط، من خلال القواعد التى تتواجد فى عدد من الدول الحلفاء لها مثل: "أبخازيا - أرمينيا - بيلاروسيا - فيتنام - كازاخستان - طاجيكستان - أوستيا الجنوبية - سوريا - وأخيرًا إيران" بهدف محاصرة حلف شمال الأطلسى "الناتو" من جميع الاتجاهات.
فبعد أن تدخلت روسيا عسكريًا فى سوريا، ورسخت تواجدها فى بلاد الشام، من خلال إنشاء قاعدة جوية جديد فى منطقة حميميم (شمال سوريا)، فضلا عن التواجد البحرى فى قاعدة طرطوس (على ساحل البحر المتوسط)، تعمل الآن على محاصرة حلف شمال الأطلسى (العدو اللدود) من كافة الجهات، واستعادة قدرات وقوة قوت نظام بشار الأسد الحلف الأول للروس فى الشرق، وتمكينه من إعادة الأراضى والمحافظات السورية التى سيطرة عليها فصائلة المعارضة وتنظيم داعش، خلال الخمس سنوات الماضية، وخاصة مع الانتصارات المتتالية للمعارضة فى حلب وتقدمها نحو دمشق، ما يؤكد ذلك أولاً: "إنشاء قاعدة عسكرية جديدة فى إيران وهى "قاعدة همدان" واستخدامها فى قصف المعارضة وداعش فى سوريا".
ثانيًا:
المشاورات الروسية العراقية للسعى للسماح للأخيرة، بإنشاء قواعد عسكرية روسية فى بلاد الرافدين، لاستخدامها فى ضرب التنظيمات المتشددة بالعراق"، ثالثًا: "اقتراب انطلاق مناورات تكتيكية واسعة النطاق للقوات البحرية الروسية فى كل من بحرى قزوين والمتوسط، للتدريب على مواجهة الأزمات الطارئة، بما فى ذلك المتعلقة بالإرهاب والهجمات الانتحارية.. وذلك بمشاركة 4 سفن حربية هى: "جراد سفياجسك" و"فيليكى أوستيوغ" ، و"سيربوخوف" و"زيليونى دون"، هذه السفن مزودة بصواريخ "كاليبر" العابرة للقارات والتى يصل مداها إلى 2500 كيلومترا.
أصبح الصراع الآن بين الروس والأمريكان، أشد من الماضى، وانتقلت المنافسة من مصطلح "الحرب الباردة" إلى "حرب القواعد والنفوذ"، وبعد التحالفات العسكرية وتطوير الأسلحة النووية والتقدم الصناعى العسكرى، وتطور التكنولوجيا والتسابق الفضائى، لدى الروس والأمريكان أصبح هناك جنود على الأرض فى كل دولة من أقصى الشرق إلى الغرب.
يبقى سؤال واحد وهو، لماذا يستخدم سلاح الجو الروسى، قاعدة "همدان" الإيرانية لقصف معاقل المعارضة السورية وتنظيم داعش فى سوريا، الإجابة تتمثل فى أكثر من نقطة:
الأولى:
لتقليص مسافات تحليق المقاتلات الروسية لتتمكن من قصف حلب و دير الزور و إدلب فى وقت أقل من سابقة والعودة إلى القواعد العسكرية وتجنب استهدافها بمضادات الطائرات، بعد إسقاط المعارضة وداعش أكثر من مروحية ومقاتلة الأيام الماضية.الثانية:
قاعدة حميميم السورية التى تستخدمها روسيا ليست مناسبة أو جاهزة لاستقبال طائرات توبوليف تى يو-22 إم3 الروسية.الثالثة:
استخدام قاعدة همدان يوفر مسافة 1100 كيلومتر تقريبًا بدل من 2000 كيلومتر وهى المسافة بين تدمر وحميميم أما المسافة بين همدان وتدمر 900 كيلومتر.الرابعة:
تقليص فترة رصد الأهداف وقذفها وبالتالى إمكانية التدمير الكامل لأى رتل عسكرى سواء للمعارضة أو لداعش، وتوقف تقدمها وانتصاراتها على قوات بشار الأسد.الخامسة:
تقليص كميات الوقود التى تستخدمها المقاتلات، مما يؤدى إلى خفض الأوزان، وبالتالى إمكانية حمل المقاتلة الواحدة عدد أكبر من القنابل والصواريخ.السادسة:
قاعدة همدان الإيرانية أكثر أمانًا من قاعدة حميميم السورية القريبة من مسرح الصراع المدمر الذى بدأ منذ 5 سنوات.السابعة:
محاولة روسيا عودة سيطرة قوات بشار الأسد على حلب وكذلك قطع كافة الطرق عن المدينة أو إمدادها عسكرية وغذائيًا.الثامنة:
محاولة القوات الروسية وقف تقدم المعارضة السورية باتجاه دمشق والبقاء على نظام الأسد.التاسعة:
ترسيخ روسيا أقداما فى منطقة الشرق الأوسط و التحالف الرسمى مع إيران بهدف محاصرة حلف شمال الأطلسى خاصة من ناحية تركيا العضو البارز فى التحالف.
جميع هذه العوامل، تدفع إلى استنتاج مفاده أن العالم سيشهد فى وقت قريب مرحلة جديدة للحملة الروسية ضد المعارضة وتنظيم داعش فى سوريا والعراق، كذلك اعتماد الروس على توجيه بشكل دائم ضربات قاتلة بصواريخ "كاليبر" المجنحة إلى أهداف فى بلاد الشام وغيرها، أيضا الموجهة المباشرة لحلف شمال الأطلسى ومحاولة تقليل نفوذه فى منطقة الشرق الأوسط وأسيا الوسطى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة