وقعت مصر على ميثاق إنشاء منظمة التعليم والعلوم والثقافة “اليونسكو” فى 16 نوفمبر 1945، وأصبح الميثاق ساريًا فى 4 نوفمبر 1946 بعد تصديق 20 دولة عليه، من بينها مصر التى أصبحت بذلك إحدى الدول المؤسسة لقيام اليونسكو، كما أنها بالإضافة إلى المملكة العربية السعودية، هما الدولتان العربيتان الوحيدتان المؤسستان لليونسكو.
ووقعت مصر وصادقت على جميع المعاهدات الدولية ذات الصلة بعمل اليونسكو، ومن أهمها اتفاقية حماية التراث الثقافى والطبيعى لعام 1972 والتى بموجبها تم تكوين لجنة التراث العالمى والمعنية بتنفيذ التزامات الاتفاقية، ووضع المعايير والضوابط للتسجيل على قائمة التراث العالمى، كما احتلت مصر منذ إنشاء المنظمة مقعدًا شبه دائم داخل المجلس التنفيذى لليونسكو، والذى يتم اختيار أعضائه بالانتخاب، وهو المجلس الذى يمثل الذراع التنفيذية لبرامج عمل المنظمة، وفقًا لما يتم اعتماده فى المؤتمر العام للمنظمة المكون من كل الدول الأعضاء.
وبالرغم من كل تاريخ مصر فى المنظمة، إلا أنها لم تتبوأ يومًا منصب مدير عام اليونسكو، وسبق أن قدمت مصر وزير الثقافة الأسبق فاروق حسنى للترشح على هذا المنصب، لكنه لم يوفق، كما ترشح من قبل الدكتور إسماعيل سراج الدين ولم يكن وقتها مرشح الدولة المصرية، أما اليوم فقد أعلنت الحكومة المصرية ترشيح السفيرة الزميلة مشيرة خطاب لشغل هذا المنصب، والذى يأتى اتساقًا مع مبدأ التداول الجغرافى للمنصب، ومن واقع معرفتى بآليات العمل داخل اليونسكو لسابق عملى بها، فيمكننى إلقاء بعض الضوء على محاذير معينة منها:
أن تقدم ثلاثة مرشحين عن الدول العربية “مصر وقطر ولبنان” لمنصب مدير عام اليونسكو خلفًا للبلغارية أيرينا باكوفا، يظل عقبة نحو فوز مرشحة مصر، لأنه من غير المستبعد ألا يحدث توافق بين المجموعة العربية على مرشح واحد ما قد يضاعف من الصراع على هذا المنصب، بالإضافة إلى ما يحاك ضد الدولة المصرية على المستوى الدولى.
تملك المرشحة اللبنانية “فيرا خورى” مهارات عالية فى مجال عمل اليونسكو، حيث عملت بالمنظمة لأكثر من 25 عامًا، كما أنها معروفة لدى الجميع داخل أروقة اليونسكو، كما يشهد لها الجميع بالكفاءة سواء الدول الأعضاء أو أعضاء المجلس التنفيذى لليونسكو أو أعضاء السكرتارية، لكن فى مقابل ذلك تواجهها عقبتان، الأولى أنها كانت قبل الترشح لهذا المنصب ممثلة لأحد دول الكاريبى وهى جزيرة «سانت لوتشيا» لدى اليونسكو عام 1996، كما أنها تحمل الجنسية الفرنسية.
أن تفرد مصر بتاريخها وثقافتها المتعددة لهو من أهم ما يجب أن تدفع به بلادنا للفوز بهذا المنصب، خاصةً وأن فكرة صياغة اتفاقية دولية لحماية التراث الثقافى الإنسانى جاءت بإلهام من مصر، وذلك على أثر بناء السد العالى فى خمسينيات القرن الماضى، حيث طالبت مصر من اليونسكو دراسة الآثار السلبية المترتبة على تشييد السد وما تلاه من حملة دولية لحماية آثار المنطقة، خاصةً معبد أبو سمبل وجزيرة فيلة.
اتساقاً مع ما سبق وعلى اعتبار أن أى مرشح لمنصب مدير عام اليونسكو «حال فوزه بالمنصب» هو موظف دولى، استغربت كثيرًا تجاهل الحكومة المصرية والمرشح المصرى والإعلام المصرى الفترة القليلة الماضية تجاوزات الحكومة التركية حيال الأثر الفريد والمسجل على قائمة اليونسكو للتراث العالمى وكمتحف «ايا صوفيا»، وذلك بإعلان الحكومة التركية نيتها تحويل الأثر إلى مسجد، وأقامت بالفعل الشعائر الدينية داخله منذ السادس من يونيو الماضى، و”ايا صوفيا” هو أثر فريد تم إعلانه متحفًا عام 1935 بعد أن كان مسجدًا، فى حين أنه كان فى الأصل كاتدرائية تمثل معمارًا فريدًا وشاهدًا على الحضارة البيزنطية، وقد أدانت معظم الدول ووسائل الإعلام العالمية تجاوزات الحكومة التركية ضد “ايا صوفيا”، انطلاقًا من أن أى أثر موجود على قائمة اليونسكو للتراث العالمى يعد أثرًا دوليًا ملكًا للإنسانية وليس للدولة الموجود بها، وهو الأمر المعمول به وفقًا لاتفاقيات اليونسكو ذات الصلة.
كما أرسل عدد من قادة ومسؤولى الدول خطابات إدانة إلى مدير عام اليونسكو إيرينا باكوفا حول التصرف التركى، وقد أخذت أبحث عن أى إدانة مصرية سواء حكومية أو إعلامية ضد تصرف الحكومة التركية الأخير تجاه “ايا صوفيا”، لكننى وجدت تجاهلًا كاملًا، رغم أنه كان يجب على الدولة المصرية وهى تسعى للدفع بالسفيرة مشيرة خطاب كمرشحة على منصب مدير عام اليونسكو أن تدافع عن الالتزامات الدولية ذات الصلة بعمل اليونسكو، وأتمنى ألا يكون الهاجس الدينى وحساسيته هو السبب وراء هذا التجاهل المصرى لإدانة الانتهاكات التركية على أحد أهم الآثار المسجلة على قائمة التراث العالمى، خاصةً أن هذا التجاهل لا يصب مطلقًا فى مصلحة المرشحة المصرية.
سفير مصر السابق لدى صربيا والأسبق لدى قبرص، والمستشار السياسى الأسبق لوفد مصر لدى اليونسكو.
عدد الردود 0
بواسطة:
ألشعب الاصبل
اليونسكو
المشكله في الدوله المصريه عايزه التوراتية لوحدها وعايزه تحتكر اليونسكو بالعافيه