منتقبة..محجبة..بدون حجاب.. المرأة متهمة فى كل الحالات.. الجدل حول حجاب وسفور بطلات ريو دى جانيرو يكشف مجتمعا لا يحترم النساء..مدعو التحرر يرفضون وجود المحجبة والمنتقبة والمتشددون يستبيحون غير المحجبات

الثلاثاء، 16 أغسطس 2016 10:00 ص
منتقبة..محجبة..بدون حجاب.. المرأة متهمة فى كل الحالات.. الجدل حول حجاب وسفور بطلات ريو دى جانيرو يكشف مجتمعا لا يحترم النساء..مدعو التحرر يرفضون وجود المحجبة والمنتقبة والمتشددون يستبيحون غير المحجبات نور الشربينى
كتبت زينب عبد اللاه

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

- غادة اتهمها المعادون للحجاب بالرجعية وهاجمها المتشددون بدعوى الإغراء بهز الجسد.. ويسرا السورية نسى المهاجمون دورها فى إنقاذ اللاجئين السوريين وركزوا فى المايوه

 

- المرأة متهمة ظلما فى الثورة والمصيف والرياضة والأسرة.. والخلاصة نحن قوم لا نحترم النساء

يتصبب وجهها عرقًا وهى تحمل ما يعجز عن حمله الرجال رغم صغر سنها.. تمتلئ عيناها بنظرات تحدٍّ وعزيمة تؤكد أنها تستطيع أن تحمل أضعاف وزنها وقدرتها وأنها قادرة على صنع البسمة والفرحة والفخر للملايين، حتى وإن كان الثمن ألمًا وتعبًا وشقاء، تحقق الهدف والنصر وتنشر الفرح رغم الظروف الصعبة، ورغم ذلك تتعرض للهجوم والشتم والانتقاد لمن ركزوا النظر إلى جسدها ولم ينظروا إلى تعبها وكفاحها وما حققته من انتصارات لم يحققها الرجال.
 
السطور السابقة لا تنطبق فقط على سارة سمير ذات الـ18 ربيعًا، أول وأصغر بطلة أولمبية مصرية التى حققت نصرًا لمصر هو الأول من نوعه فى دورة الألعاب الأولمبية بريو دى جانيرو، ولكنها تجسيد لحال كل سيدة وفتاة مصرية تتحمل ما لا يتحمله الرجال، فإذا بها مثار للانتقاد والتهميش والظلم والشتم، لأن مجتمعاتنا لا ترى فى المرأة إلا جسدًا وزيًّا فقط، لتصبح المرأة المصرية مشتومة فى كل الحالات والأوقات سواء محجبة أو من دون حجاب أو منتقبة. 
 
مشاركة اللاعبات المصريات فى دورة الألعاب الأولمبية بريو دى جانيرو وما تعرضن له من انتقادات سواء بسبب ارتداء الحجاب أو المايوه والشورت يجسد بشكل واضح وفج حجم ما تعانيه المرأة فى مجتمعاتنا، وكيف تنظر إليها كل الأطراف والتيارات، مهما حققت من إنجازات وأيا كان ما ترتديه، لتؤكد أننا قوم لا نحترم النساء كما ندعى.
 

محجبة.. هتتشتمى

انشغل الكثيرون بانتقاد ما ارتدته اللاعبات المصريات فى ريو دى جانيرو، وتعرضت سارة سمير للانتقاد رغم ما حققته من انتصار، وانتقد المتشددون ملابسها ووصفوها بأنها تصف جسدها وتخالف الشرع رغم أنها كانت تغطى جسدها وشعرها بالكامل.
 
والأكثر فجاجة هو ما تعرضت له دعاء الغباشى، لاعبة فريق الكرة الشاطئية المحجبة، وصاحبة الصورة التى تداولتها أشهر صحف العالم أمام منافستها الألمانية التى ترتدى البكينى، ففى حين أثارت هذه الصورة انتباه وإعجاب العالم كدليل على التنوع الثقافى فى دورة الألعاب الأولمبية، وفى حين ارتدت لاعبات من منتخبى إسبانيا وسويسرا ملابس محتشمة دعمًا وإعجابًا بلاعبات الفريق المصرى، التقطنا نحن هذه الصورة لننهش جسد اللاعبة وزميلتها ندى معوض، المحجبة الثانية فى الفريق، فى تجسيد واضح لنظرتنا للمرأة، سواء متشددون ومدعو تحرر.
 
فرغم ارتداء الحجاب انتقد المتشددون بنات الفريق المصرى، وانطلقت التعليقات من عينة: «كيف ترضين ربك بالحجاب وكل ما فيك يهتز أثناء اللعب؟»، وكأنهم يرون أن الحجاب لا يكفى لستر المرأة وعليها أن تموت فى بيتها ولا تتحرك، ببساطة لأنهم يرون المرأة كلها عورة. بينما انبرى دعاة التحرر لانتقاد حجاب اللاعبات والسخرية منهن، وأطلقوا على الفريق المصرى «منتخب الكارينا» سخرية مما ترتديه اللاعبات من ملابس، ووصفوهن بالرجعية، وأشاروا إلى أنهن إذا كن يرفضن الزى الرسمى فعليهن ألا يمارسن هذه اللعبة، وتهكم البعض على اللاعبات المحجبات بقوله: «الفريق الألمانى لابس مايوه والفريق المصرى لابس لبس غطس كله ينفع للبحر»، و«اللاعبات ذهبن إلى البرازيل للمنافسة فى الأولمبياد وليس لدخول الجنة».
 
وذلك على الرغم من أن الاتحاد الدولى للعبة احترم ثقافة وحرية اللاعبات واستجاب لطلب الاتحاد المصرى بوضع هذا الزى ضمن الأزياء المسموح بها لممارسة لعبة الكرة الشاطئية.
 

ولو غير محجبة هتتشتمى

ولم تسلم أيضا اللاعبات اللاتى لم يرتدين الحجاب من الانتقاد والشتيمة، حيث انهالت الانتقادات على اللاعبة نوران جوهر التى حققت لقب بطولة العالم للناشئات فى الإسكواش ببولندا تحت 19 سنة، بسبب ارتدائها الشورت، ومن قبلها تعرضت لاعبة الإسكواش نور الشربينى لنفس الانتقادات والهجوم الشرس لنفس السبب.
 
وهو ما تعرضت له السباحة السورية يسرا ماردينى، بسبب ارتداء المايوه أثناء المسابقات، وذلك رغم البطولات الإنسانية التى قامت بها الفتاة السورية التى لم تتجاوز سن 18 فى إنقاذ قارب كان يحملها وأسرتها وعدد من اللاجئين السوريين، من الغرق، فاستطاعت أن تجر القارب أربع ساعات فى البحر نحو الشاطئ.
 

نحن قوم لا نحترم النساء

كل ما سبق يؤكد أننا على اختلاف ثقافاتنا لا نحترم المرأة، ونختصرها فى جسد وزى.. فمدعو التحرر يشنون هجومًا دائمًا على المحجبات والمنتقبات، ويرفضون وجودهن ولا يعترفون بحقوقهن، صورة بسيطة لمنتقبة على شاطئ البحر قد تثير الانتقاد والسخرية والحرب، وإذا نزلت البحر يتحد فريق المتشددين مع المتحررين ليروا أنها أصبحت أكثر إثارة بالتصاق ملابسها على جسدها ويحكمون عليها بالسجن.
 
وكما سادت قيم المساواة فى اضطهاد المرأة، سواء محجبة وغير محجبة ومنتقبة فى دورة الألعاب الأولمبية، تسود هذه القيم فى حوادث التحرش الفردى والجماعى التى تتعرض لها المرأة فى مصر، التى لا تفرق بين النساء وترى المرأة قابلة للانتهاك فى كل الأحوال والحالات، وهو المفهوم الذى استقاه مبكرًا أطفال ومراهقون تتراوح أعمارهم بين 10 و16 سنة فى الصور الشهيرة لحوادث التحرش فى الأعياد وغيرها، حتى إن إحدى إحصائيات الأمم المتحدة أكدت أن 99.3 % من النساء فى مصر يتعرضن للتحرش الجنسى.
 

مشتومة حتى فى الثورة

ولم تسلم المرأة من الانتقادات والاتهامات حتى خلال مشاركتها فى ثورتين، فعلى الرغم من الدور البارز للمرأة المصرية فى ثورة يناير وما قدمته من تضحيات، فإنها كانت مثارًا للاتهامات القذرة باتهام النساء فى الميادين بالعديد من الاتهامات الأخلاقية، كما تعرضت المرأة لأقسى أنواع الانتهاكات فى عهد الإخوان، فكان لها دور كبير فى ثورة 30 يونيو، ولكنها لم تسلم من الانتقادات واستخدام الصور المسيئة من جانب الإخوان وحلفائهم، وظنت أنها سوف تحصل على حقوقها وتنتهى النظرة الدونية لها بعد انتهاء عهد الإخوان، ولكن الحقيقة أنها لاتزال تنازع وتناضل، لأن بداخل كل منا متشددا مهما بلغ ادعاؤنا التحرر والدفاع عن الحرية.
 

فى شهر رمضان.. شتيمة غير المحجبات فرض وعبادة

وفى شهر رمضان الكريم، يعد البعض شتيمة غير المحجبات فرضا وعبادة، ورغم أنه شهر يجب أن تتهذب فيه النفوس وتنقى فيه القلوب والألسنة، تتعرض غير المحجبات لاضطهاد وإساءات ومضايقات كثيرة، قد تتجاوز حدود النظرات إلى الشتم والإهانة، بل يرفع الكثير من المتنطعين شعار «إن لم تستر نفسها.. نفضحها»، وتسمع غير المحجبات فى الشارع وفى نهار الشهر الكريم عبارات مثل «روحى ربنا ينتقم منك غطى شعرك.. إحنا فى صيام.. حرام عليكى غطى شعرك واحترمى الناس الصايمة.. اتقى الله.. مش عارفة تلمى نفسك الشهر ده؟». 
 
وقد يتطور الأمر إلى حد التشابك والشجار والتطاول باليد، ولن تسلم غير المحجبة من الانتقاد إذا ارتدت الحجاب خلال شهر رمضان، فتنهال عليها التعليقات: «هوه ربنا موجود فى رمضان بس.. ولما إنتى عارفة إن شعرك عورة بتكشفيه ليه فى غير رمضان».
 
المؤسف أن هذه الانتقادات وهذا الجلد للمرأة لا يصدر فقط من الرجال ولكن تتبع الكثير من النساء نفس الأسلوب.
 

ظلم المرأة فى أرقام

تلك النظرة السابقة للمرأة لا تنفصل عن النظرة والظلم الواقع عليها فى سائر العلاقات الاجتماعية والأسرية، بل تكملها وتفسرها، حيث تشهد العلاقات الزوجية الكثير من الظلم للمرأة، فرغم مسؤولية المرأة التى تفوق الرجل أضعافًا مضاعفة، خاصة إذا كانت تعمل، لا يقبل منها الزوج أى تقصير ويطالبها بالكمال الدائم، وحين تنتهى العلاقة بين الزوجين تشهد النساء أبشع أنواع التعذيب والانتهاكات والجرجرة فى المحاكم، واستخدام الكذب والتنكيل لعدم إعطائها حقوقها التى كفلها الشرع.
 
وتكفى نظرة للإحصائيات الرسمية كى نعرف حجم الظلم الذى تتعرض له المرأة فى مجتمعاتنا التى تدعى احترام النساء، حيث رصدت محاكم الأسرة خلال عام 2015، 11 ألف دعوى نفقة قام فيها الأزواج بتزوير مفردات مرتباتهم لحرمان السيدات والأطفال من النفقة، و3 آلاف دعوى خلال عام 2016 اتهم فيها الأزواج زوجاتهم زورًا فى دعاوى كيدية بالخيانة وارتكاب الزنا، كما رصدت مكاتب تسوية المنازعات خلال العام الحالى، تزوير الأزواج لشهادات الشهود فى دعاوى النشوز وصلت لـ8 آلاف حالة وفى إنذار الطاعة لـ4300 حالة.   هذا فضلا عن ظلم النساء وحرمانهن من حقوقهن الشرعية فى الميراث الذى لا يصل فيه إلى المحاكم إلا أقل القليل للاعتبارات الأسرية والعادات والتقاليد. ولأننا لا ننظر للمرأة سوى أنها جسد فقط، كشفت إحصائيات عن المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، أن 92 % من جرائم قتل السيدات التى وقعت فى الفترة الأخيرة تندرج تحت ما يسمى بجرائم الشرف، التى يرتكبها الأزواج أو الآباء أو الأشقاء بدافع الغيرة على الشرف وغسل العار، والمفاجأة أن 70 % من هذه الجرائم لم تقع فى حالة تلبس، واعتمد مرتكبوها على الشائعات.
 

يا ابن أمك.. وتربية الست

وعلى الرغم من أن المرأة المصرية طوال تاريخها تشارك الرجل فى تحمل المسؤولية، بل تتحمل أكثر منه فى مختلف المجتمعات والبيئات، فى الريف والحضر، فلاحة أو متعلمة، ربة منزل أو عاملة، فإنها دائما تعانى من النظرة الدونية لها ولدورها، فبالرغم من أن 17.7 % من الأسر تنفق عليها وتتحمل مسؤوليتها سيدات دون مشاركة الرجال، وذلك طبقا لأحدث إحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، وأكثر من 70 % من السيدات العاملات يشاركن الرجال فى الإنفاق على أسرهن بنسب متفاوتة، وقد يفوق ما تنفقه المرأة على بيتها ما ينفقه الرجل، فضلا عن دورها فى رعاية الأسرة والأبناء ومسؤولياتها تجاه المنزل، فإننا دائما نستهين ونهين دورها، فعبارات مثل: «ابن أمك، وتربية مرة، بالمصطلح الدارج لها» قد ترتكب بسببها جرائم ويعدها الكثيرون إهانة بالغة تقتضى القصاص.
 
إذا صارحت نفسك بالتأكيد ستصل إلى حقيقة أننا مجتمع لا يحترم النساء ولا نطبق تعاليم ديننا فى التعامل مع المرأة والرفق بها، وأن فى داخل كل منا سواء رجل أو مرأة، ظالما ينتقم من المرأة.

 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة