ذات يوم .. ميليشيات مارونية تذبح 3 آلاف فلسطينى فى «تل الزعتر»

الجمعة، 12 أغسطس 2016 10:23 ص
ذات يوم .. ميليشيات مارونية تذبح 3 آلاف فلسطينى فى «تل الزعتر» ياسر عرفات مع اطفال مخيم تل الزعتر
كتب.. سعيد الشحات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان عويل الأطفال لا ينقطع فى مخيم تل الزعتر بلبنان، وصراخ طفل يختلط بصراخ أطفال آخرين وهو يقول: «أنا عطشان يا أمى».
 
لم يكن بكاء الاستغاثة لطفل واحد، ولم يقتصر على أم واحدة لعجزها عن تلبية حاجة طفلها، بل كان البكاء من سكان المخيم الفلسطينى لحصاره من ميليشيات الكتائب اللبنانية، وميلشيات كميل شمعون من شهر يناير 1976.
 
كان الحصار واحدًا من أقسى مشاهد الحرب الأهلية اللبنانية «13 إبريل 1975 - 13 أكتوبر 1990»، ويصفه صلاح خلف «أبوإياد»، الرجل الثانى فى قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، فى كتابه «فلسطينى بلا هوية»: «أفضى الحصار الذى دام أكثر من خمسة أشهر بالأهالى إلى عتبة المجاعة، بل إن ما كان أكثر من ذلك قسوة وفظاعة هو نقص المياه وشحها، بعد أن نجحت الميليشيات المسيحية فى تفجير شبكات المياه، ولم يبق أمام أهالى تل الزعتر سوى بئر ملوثة شحيحة المياه، وكانت البئر معرضًا لسيل من القذائف المنهمرة على المخيم، فكان لابد من إرسال حملات بالمعنى الحقيقى للكلمة، للبحث عن الماء، وكانت كل محاولة تذهب بحياة شخص أو ثلاثة، بحيث إن الناس اعتادوا على أن يقولوا إن كأس الماء تساوى فعلًا كأسًا من الدم، وقد نال ذلك من صغار الأطفال منالًا عظيمًا، وبطبيعة الحال، فإنه لم يكن تزويد الرضع بالحليب، كما أن كمية الخبز والماء الموزعة على العائلات كانت أقل من أن تكفى صغار السن، حتى أننا كنا نسمع عندما نتحدث إلى مسؤولى المخيم بالراديو أنين وعويل الأطفال الصارخين: «أنا عطشان يا أمى»، وعلى هذا فقد مات بخلاف البالغين حوالى ثلاثمائة طفل ورضيع جوعًا وعطشًا إبان فترة الحصار».
 
هذه الحالة المأساوية للمخيم لم يبررها أبدًا أى سبب لارتكاب جريمة حصاره، وهى الجريمة الشاهدة على حجم إبادة الفلسطينيين منذ نكبة 1948، ودراما المأساة هذه المرة كانت فى أنها تتم بميليشيات تتحدث العربية، وتعيش على أرض عربية، لكن أجندتها صهيونية، والمفارقة هنا أن هذا الحصار جاء بعد دخول القوات السورية إلى الأراضى اللبنانية يوم 31 مايو 1976 بقرار من جامعة الدول العربية، بدعوى الحفاظ على الأمن فى لبنان، ولهذا اتهم البعض النظام السورى بالمسؤولية عن ارتكاب هذه المأساة.
 
لم يكن حصار «تل الزعتر» مجرد نزاع بين قوى متحاربة، وإنما كان مقدمة لتنفيذ خطة تصفية الوجود الفلسطينى المسلح فى لبنان، وكان المخيم عنوانًا بالغ الأهمية لهذا الوجود، فكثير من الفدائيين الفلسطينيين كانوا بداخله، كما أنه كان عنوانًا لحالة فلسطينية على الأرض اللبنانية.
 
وحسب «أبوإياد»، فإنهم فى منظمة التحرير كانوا يصطدمون بالمسؤولين السياسيين والعسكريين للمخيم كلما توصلوا إلى اتفاق مرن لفك الحاصر: «كانوا يقولون لنا: تل الزعتر بعد فلسطين هو وطننا بالتبنى، وأنهم لن يغادروه إلا محمولين على الألواح».
 
فى يوم 11 أغسطس 1976 تم عقد اتفاق بواسطة ممثل للجامعة العربية حول شكل إخلاء المخيم من المقاتلين فيه، وتطبيقه فى اليوم التالى «مثل هذا اليوم 12 أغسطس»، وحسب «أبوإياد»: «كان المحاربون سيغادرون المخيم مع المدنيين فى آن معًا دون الاستسلام للميليشيات المارونية، بل تتكفل بهم قوة السلام العربية والصليب الأحمر، غير أن أعداءنا دفعوا غدرهم الوحشى إلى غايته، وذلك عندما فتحت ميليشيات كميل شمعون وبيير الجميل، زعيم حزب الكتائب ومؤسسه، النار على جميع سكان تل الزعتر، وهم يغادرون مخيمهم عزلًا من السلاح وفقًا للاتفاق المعقود، حاصدين بضع مئات من الأشخاص، بينما انقض آخرون إلى داخل المخيم وراحوا يطلقون النار على كل من يصادفون»، وأوقفوا الناقلات التى تراكم فيها الناجون على الحواجز المنصوبة على الطرقات، وانتزعوا من داخلها بعضًا منهم، خاصة حديثى السن الذين يشتبهون فى كونهم فدائيين، وقتلوهم بوحشية أو اقتادوهم إلى جهات مجهولة».
 
كانت حصيلة المجزرة حسب «أبوإياد»: «حوالى 3 آلاف ضحية، فى حين أن الألف فدائى الذين كانوا فى المخيم لم يستشهد منهم سوى عشرة فقط، وفر آلاف عبر الغابات والهضاب المجاورة».






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة