ننشر نصا من ديوان "خيانات الرب" لـ"فاتنة الغرة" الفائزة بجائزة الشعر بإيطاليا

الأربعاء، 06 يوليو 2016 09:00 ص
ننشر نصا من ديوان "خيانات الرب" لـ"فاتنة الغرة" الفائزة بجائزة الشعر بإيطاليا الشاعرة الفلسطينية فاتنة الغرة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أبي
يا مَنْ تسكنُ لحظةَ البدءِ
وجدتَني قبلَ ألفِ عامٍ ملقاةً على حافّةِ كتابٍ
وأخذتَني
عرّيتَني من ترابٍ غيّرَ ملامحِي
وأخذتَ جسدي
وبتأنٍ وصبرٍ أعدتَه إلى صورتِه الّتي تريدُ

وجعلتَ تلبسُ كلَّ جزءٍ ما تشتهي
تصمّمُ الورقَ وتغطّي المستورَ
وتكشفُ اللّغاتِ كلَّها
ومِنْ فمِي أخذتَ قصَصي الباليةَ
وفيهِ ناراً وضعتَ
ومن يدي سحبتَني
أنهضتَني بكاملِ كلِّي
وجلستَ تنظرُ ما أتمّتْه بكمالٍ يداكَ

ثُمَّ الأسماءَ كلَّها علّمتَني
وكما تُملي الأبوّةُ
ظلَلتَ تضحكُ مبتهجاً بتلعثمِ الحروفِ فيَّ
تقدمُ يدَك تصحّحُ حرفاً هنا
وتعيدُ سطراً ساقطاً في مكانٍ آخرَ
وسهرتَ اللحظاتِ لتحفظَني الشّعرَ
وفنَّ القولِ
ومِنْ رحيقِك تجبلُها بي

وطلعتَ بي شوارعَ المكانِ
تقدّمُني للقرابينِ صكَّ فرحٍ
في كلِّ زاويةٍ أركبتَني حضنَك الذي زيّنتَه خصّيصاً
وجُلتَ بي على رعاياي
أمنحُهم بركاتِك

يا أبي
الّذي تجلسُ خلفَ ناصيةِ القلبِ تماماً
وصاياكَ كلُّها نفّذتُ
وتعاليمُك أنفذتُ
ولمْ أعصِ ذاتَك
إلامَ الآنَ صارَ وجهُك غيمةً
وصوتُك الَذي كانَ يحطُّ كجناحٍ
يظلّلُني مِنَ البردِ
ومِنْ نارِك
سكَنَ

وأنا يا أبي أبحثُ عنكَ في عبّادِ الشّمسِ
وفي الحنّونِ الذي بدمِي صبغتَه
وأركضُ الأزقّةَ حافيةً
بثوبِيَ الملكيِّ الذي نتّشتْه الصّخورُ
والشّوكُ يا قلبَ قلبِي يأكلُ لحمِي
ولا أراكَ

بصورتِي التي صنعتَ
بتكوينِي الذي وضعتَ
بروحِي التي نفثتَ فيها مِنك
وعلى أقربِ مقبرةٍ تركتَها
وفي عينيَ رششتَ رملاً فلا أراكَ
وسمعيَ الذي كانَ يصطادُك من آخرِ الروحِ
لا يمتصُّ الآنَ إلا الريحَ

لماذا في الغابةِ تركتَني
أقرفصُ وتهترئُ عظامِي
ولمْ تَعدْ لي بِالحلوى الّتي وعدْتَ
وللوحوشِ القادمةِ صوبي أدرتَ ظهرَك
ومشيتَ ملقياً بي
كلامك ووصاياك ونواميسك كلّها سمعتُ
وكلّ روحِي على صورتِك وشمتُ
ألم أكنْ مطيعةً بما يليقُ بملكوتِك المشتهى

أبي الّذي كوّنتَ
أنا بنتُ عمرِك التي مِنْ فمِك شكّلتَها
أناديكَ
لا أجدُ عينيَّ
ولا ألمسُني
تعالَ الآنَ
أنا خائِفة.


موضوعات متعلقة..


- بالصور..الفلسطينية فاتنة الغرة تحصد جائزة "شعر مدينة فيوميشينو" فى إيطاليا





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة