من "حَرَّم" كليات النخبة فى القاهرة على طلاب الأقاليم؟.. "التوزيع الجعرافى" يحرم مصر من طه حسين ومصطفى مشرفة جديدين.. ويقطع أواصر الوطن.. ويظلم نوابغ ومواهب المحافظات

السبت، 30 يوليو 2016 08:05 م
من "حَرَّم" كليات النخبة فى القاهرة على طلاب الأقاليم؟.. "التوزيع الجعرافى" يحرم مصر من طه حسين ومصطفى مشرفة جديدين.. ويقطع أواصر الوطن.. ويظلم نوابغ ومواهب المحافظات جامعة القاهرة
تحليل يكتبه عبدالرحمن مقلد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عبد-الرحمن-مقلد

تصور أن ظهور أمثال طه حسين.. مصطفى مشرفة.. وقائمة تضم الآلاف من نوابغ مصر وروادها فى جميع المجالات الذين غادروا قراهم الصغيرة فى شتى أقاليم مصر طلابا للانتساب إلى جامعتى القاهرة وعين شمس، وأصبحوا أعلام الوطن، أضحى مهددًا وبعيدًا عن الأمنيات بسبب التوزيع الجعرافى لطلاب الثانوية العامة وإلزامهم بالالتحاق بالجامعات المتواجدة فى أقاليمهم أو القريبة منها.

تصور أن طالبًا موهوبًا نابغة ومتوقع أن يصبح كادرًا سياسيًا، أو أستاذًا مهمًا فى القانون الدولى، أو دبلوماسيًا فذًا لمجرد أنه ولد فى محافظة مثل دمياط، بعيدا عن العاصمة، ليس من حقه الالتحاق بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وتلقى المعرفة على يد كبار أساتذتها وعلمائها غير المكررين للآسف فى باقى الجامعات الإقليمية.

تصور أيضا أن طالبًا موهبًا حصل على أعلى الدرجات فى العلوم، ويريد الالتحاق بكلية مثل كلية علوم جامعة القاهرة، التى تخرج منها علماء مصر، لمجرد أن أسرته تعيش فى المنوفية أو سوهاج أو الوادى الجديد أو سيناء حُرِّم عليه تلقى العلم فى أكبر جامعات مصر.

تصور كذلك حال المئات من الطلاب النوابع الذين حُرِّمت عليهم كليات طب القصر العينى وألسن عين شمس وإعلام القاهرة وآداب ودار العلوم واقتصاد وعلوم سياسية وغيرها من كبرى دور العلم، المشهود لها والعروف عنها تخريج رواد مصر، وفئاتها من السياسيين وأساتذة الأدب والدبلوماسيين والعلماء، وقد أصبحت قاصرة على طلاب محافظة القاهرة.

تصور هذا الجدب وهذا الظلم الاجتماعى الذى يصيب النوابغ والموهوبين من شباب مصر بالمحافظات باليأس، وهم يعلمون أن مصيرهم الالتحاق بإحدى الكليات (الفصول) فى أغلب أقاليم مصر، وكلنا يعرف مستواها التعليمى، الذى للأسف حولها لمجرد مدارس، وأصبح من الظلم أن نطلق عليها لقب الجماعات.

تصور حلم هذا الطالب وقد انهار، بعدما تمنى أن يلتحق بكلية مثل أداب القاهرة، ليشكل هو وباقى الموهوبين من شتى الأقاليم جيلًا فارقًا فى الدراسات الإنسانية، ويتلقون المعرفة على أيدى أستاذتها الكبار، ليجد هذه الفرصة فى يد طالب عادى من أبناء القاهرة، حظه أن التنسيق "رماه" فى كلية الآداب وهو كاره لها..

تصور هذا الظلم، وهذا القهر الذى يصيب الطالب الموهوب الملقى فى إقليمه، محروم من لقاء كبار الأستاذة والعلماء ومن الحياة الجامعية الحقة، والفارقة، والتى للأسف لا توجد إلا فى جامعات مثل القاهرة وعين شمس والإسكندرية، وقليل من كليات الأقاليم.

بالطبع لا أقدح فى تجربة التوسع فى الجامعات وافتتاح كليات متخصصة فى كل أقاليم مصر، وتغذية المحافظات بما تحتاجه من أقسام تستوعب الآلاف من شباب مصر، وأعرف أيضا ضرورة كسر مركزية العاصمة، وأهمية صناعة مراكز متعددة، وهو ما كان يحدث فى أوقات سابقة، وخلق نخبا وصحفا ومراكز معرفة فى أغلب محافظات مصر، ولكن كل هذا للأسف انهار.

وبالطبع لا أطالب بأن تفتح جامعات القاهرة على البحرى، وأعرف أن لها قدرًا من الاستعاب، ولكن هذا لا يمنع استثناء المتفوقين والنوابغ والموهوبين من الالتحاق بكليات النخبة كاقتصاد وعلوم سياسية فى القاهرة وألسن عين شمس وآداب وطب قصر العينى وعين شمس، وليكن هناك اختبارات للملتحقين بهذه الكليات، فيختبر طالب الأقاليم الذى يبغى دارسة الفلسفة أو الأدب ويريد الالتحاق بجامعة القاهرة فى مادته، ويكون نفس الأمر بالنسبة للطلاب من أبناء القاهرة.

ولا تقتصر الكوارث التى تسببها جرائم التوزيع الإقليمى على الظلم وحرمان مصر من نوابغها، ولكنها للأسف تساهم فى كارثة أخرى وهى تقطيع أواصر مصر، فالجماعات ومدنها السكنية وكلياتها كانت أفضل وسيلة لخلق هذا الترابط والتلاحم والتعارف بين الشباب المصرى من كل المحافظات، وهو ما يخلق الروابط الحقيقية ويقضى على التعصب والتحزم الإقليمى.

وبالتالى أرى أنه بات لزامًا على المسئولين ونحن على مشارف دوامة التنسيق، مراجعة أو تصحيح مسار التوزيع الجعرافى، ليتقوا ظلم الشباب النابغة فى الأقاليم وحرمان مصر من قادتها المستقلبيين والإسهام فى تقطيع أواصر تواصل شعبها اجتماعيا.


وزير التعليم العالى: "طول منا موجود مفيش استثناءات فى التنسيق"







مشاركة




التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

عبدالرحمن

بجد اول مره الاقي حاجه تستحق الاعجاب

عدد الردود 0

بواسطة:

Egyptian Dr

مازلنا نعيش فى أحلام الماضى !!!!!!!

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة