أكرم القصاص - علا الشافعي

التقرير السنوى لـ"القومى لحقوق الإنسان" يرصد 3 حالات وفاة نتيجة التعذيب.. وإحالة نحو 30 شرطيا للمحاكمة.. ويؤكد: أخطاء الأمناء أدت لتفاقم أزمة علاقة الجهاز بالمجتمع.. ويوصى بالحد من استخدام "الإعدام"

الأحد، 03 يوليو 2016 04:00 م
التقرير السنوى لـ"القومى لحقوق الإنسان" يرصد 3 حالات وفاة نتيجة التعذيب.. وإحالة نحو 30 شرطيا للمحاكمة.. ويؤكد: أخطاء الأمناء أدت لتفاقم أزمة علاقة الجهاز بالمجتمع.. ويوصى بالحد من استخدام "الإعدام" محمد فايق رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان
كتب عبد اللطيف صبح

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

التقرير يرصد استشهاد 6 من رجال العدالة فى 2015.. والجماعات الإرهابية تستغل قيود اتفاقية السلام مع إسرائيل على القوات المصرية بسيناء

التقرير الحقوقى يكشف اكتظاظ مراكز الاحتجاز 300%.. والسجون إلى 150% بالمائة من طاقتها الاستيعابية.. وممارسات أجهزة الأمن أتاحت تظاهر المؤيدين دون تراخيص مسبقة

98% من طلبات منظمات حقوق الإنسان لم تلق موافقات عليها لــ"أسباب أمنية".. ويؤكد تراجع تفاعل الحكومة مع المجلس.. ويتهم الدولة بالتقاعس عن حل مشكلات أصحاب الشكاوى



قال المجلس القومى لحقوق الإنسان، فى تقريره السنوى إن طائفة الحقوق الأساسية تعرضت لانتهاكات متنوعة، وبعضها ذات طبيعة نمطية ومتكررة، لافتا إلى أنه رغم الكثير من الإجراءات الأساسية التى اتخذتها الدولة فى العديد من الوقائع، غير أنها لم تتخذ التدابير الوقائية الأساسية والضرورية، وتلك الأخرى من التدابير الكفيلة بمنع تكرار الأنماط نفسها.

وأوضح التقرير أن انتهاك الحقوق فى الحياة لا تزال متعددة المصدر وتشكل الهاجس الأكبر على وضعية حقوق الإنسان فى مصر، حيث ظل الإرهاب يشكل المصدر الرئيسى لانتهاكات الحق فى الحياة، مشيرا إلى التطور الهائل فى قدراته وأنماط جرائمه وأهدافه المنتقاة على نحو يعبر عن سياسة منهجية تستهدف إدخال البلاد إلى نفق الدول الفاشلة.

وأضاف التقرير أن الإرهاب استهدف بجرائمه الاقتصاد الوطنى، وبصفة رئيسية ضرب النشاط السياحى الذى يشكل ركنا أساسياً فى جلب العملات الأجنبية التى يحتاج لها الاقتصاد المصرى، ويأتى فى مقدمة الجرائم الإرهابية حادث سقوط الطائرة الروسية فى 29 أكتوبر 2015 فى مناطق شمالى سيناء.

ووفقا للتقرير فقد شكل استهداف القضاة وترويعهم أحد الأهداف الانتقائية للتنظيمات الإرهابية، وفى مقدمتها حوادث استهداف القضاة فى شمالى سيناء، واغتيال النائب العام، حيث رصد التقرير اغتيال 3 من القضاة فى شمالى سيناء فى مايو 2015، وفى 29 يونيو 2015، تم اغتيال النائب العام المستشار "هشام بركات" بتفجير قنبلة شديدة الانفجار فى سيارة متوقفة على طريق رحلته اليومية من منزله بمصر الجديدة شرقى القاهرة، ما أدى إلى مقتله وسائقه وحارسه، وفى محاولة لقتل 130 من القضاة المشرفين على انتخابات مجلس النواب بشمالى سيناء، وقع هجوم مزدوج من البر والبحر على فندق "سويس إن" بمدينة العريش حيث يقيمون، واستشهد قاضيين نتيجة تفجيرين انتحاريين فى بعض جوانب الفندق بعد فشل المهاجمين فى الوصول إلى قطاعات تواجدهم بفضل مقاومة رجال الشرطة الذين استشهد أربعة منهم.

كما رصد التقرير استمرار الهجمات الإرهابية عالية التقنية التى تستهدف قوات الجيش والشرطة فى شمالى سيناء وغيرها من مناطق البلاد، ومن أبرزها الهجوم واسع النطاق فى 1 يوليو 2015 بمحيط مدينة الشيخ زويد شمالى سيناء، حيث دارت معارك لقرابة 12 ساعة بعدما قامت فرق إرهابية يبلغ تعدادها نحو 350 إرهابياً بمهاجمة 15 نقطة تفتيش عسكرية فضلاً عن قسم شرطة مدينة الشيخ زويد، وقد أسفر الهجوم عن مقتل نحو 24 جندياً بينهم 17 استشهدوا فور وقوع الهجمات التى اتبعت تكتيك الهجمات الانتحارية ثم الاقتحام، وفشل جميع الهجمات فى اقتحام النقاط العسكرية وقسم الشرطة، وسقط نحو 143 إرهابياً بينهم نحو 90 بغارات جوية أثناء هروبهم جنوبى الشيخ زويد.

وأوضح التقرير أن هذه الهجمات كانت تستهدف السيطرة المؤقتة على قسم شرطة الشيخ زويد ومنع وصول إمدادات الجيش إليه لحين القيام بعملية تصوير الاقتحام ورفع رايات تنظيم "داعش" على القسم بهدف بث هذه اللقطات فى محاولة لتقديم أدلة على عدم قدرة الدولة على السيطرة على بعض المناطق، وخاصة فى المربع الواقع بين مدينة رفح المصرية ومدينة العريش والبالغ مساحته 1100 كيلومتر مربع، التى تتمركز فيها أغلب الجرائم الإرهابية انتهازاً لعدم قدرة الدولة على نشر قوات كافية فى تلك المناطق وفق القيود، التى تفرضها اتفاقية السلام مع إسرائيل.

وفى سياق آخر أشار التقرير الحقوقى إلى أن الالتباس حول احتمالية مسئولية جهات أمنية عن تعذيب ومقتل "ريجينى" كان مؤشرا لدى البعض لاستمرار ظاهرة التعذيب فى مصر، قائلا: "فرغم الاهتمام الكبير لرئيس الجمهورية بالتصدى شخصياً لوقائع التعذيب، وخاصة تلك التى أدت إلى وقوع وفيات وإسراع وتيرة التحقيقات والمحاكمة فيها للمسئولين عنها، إلا أن الدولة لم تستجب لدعوات المجتمع الحقوقى بتينى التدابير الوقائية والمقترحات التشريعية الكفيلة بالحد من الظاهرة".

ورصد التقرير وقوع 3 وفيات خلال شهر نوفمبر 2015، فى كل من الأقصر والإسماعيلية نتيجة التعذيب والاعتداءات البدنية، وهو الأمر الذى دفع بالجماهير للاحتشاد والاحتجاج على سلوكيات الشرطة وجهات البحث الجنائى، وبادر رئيس الجمهورية لعقد جلسة خاصة مع وزير الداخلية اللواء "مجدى عبد الغفار" والتعبير عن أهمية الإسراع فى التحقيقات ومحاسبة المسئولين، وهو ما تبعه إحالة نحو 30 من ضباط وأفراد الشرطة إلى التحقيقات والمحاكمات.

كما أكد المجلس القومى لحقوق الإنسان أن سلسلة متتابعة من أخطاء أمناء الشرطة ساهمت فى تفاقم أزمة علاقة الشرطة بالمجتمع، وشملت قتل مواطنين باستخدام سلاح الخدمة خلال شجار شخصى على نحو ما جرى فى حى الدرب الأحمر فى يناير 2016، وقتل أمين شرطة لزميله باستخدام سلاح الخدمة أيضاً بعد خلاف بينهما فى بورسعيد فى الفترة ذاتها.

وحول الحق فى الحرية والأمان الشخصى فقد أشار التقرير إلى أن الحبس الاحتياطى بات يمثل واحدة من أكبر المشكلات فى البلاد، وتجاوز الإجراء التحفظى إلى عقوبة بذاته، حيث تكتظ مراكز الاحتجاز الأولية بالأقسام والمديريات بأعداد هائلة تفوق طاقتها الاستيعابية بشكل كبير وبتقديرات تصل إلى نحو 300 بالمائة من طاقتها الاستيعابية، وكذا تجاوز الاكتظاظ بالسجون إلى 150 بالمائة من طاقتها الاستيعابية.

ومن ناحية أخرى، رصد المجلس تزايد أعداد اللاجئين العرب والأفارقة فى مصر الفارين من مناطق النزاعات الأهلية المسلحة، وقد أشار رئيس الجمهورية فى مطلع العام 2016 إلى أن أعدادهم بلغت نحو 5 ملايين، ويعانى الكثير من هؤلاء من صعوبات ذات طبيعة معيشية واجتماعية، وكذا من صعوبات أمنية.

وأوضح التقرير أنه بالرغم من مناشدات المجلس وغيره من جماعات حقوق الإنسان، فقد استمرت ظاهرة تجاوب النيابة العامة مع البلاغات الضعيفة التى يتقدم بها بعض المحامين والمواطنين ضد المثقفين والإعلاميين والسياسيين، التى تشكل نوعاً من الحسبة السياسية والحسبة الدينية.

وأشار إلى أن المجتمع الحقوقى يصنف هذا التجاوب باعتباره إحدى وسائل الضغط السياسى غير المباشر على المعارضين والمخالفين لرأى السلطة، وهو ما يأتى معارضا لتوجهات الدستور والتصريحات الرسمية لرئيس الجمهورية فى شأن حريات الرأى والتعبير والدعوة إلى الإصلاح الدينى.

وفيما يتعلق بالأوضاع داخل السجون فقد نظمت وفود من المجلس زيارات عديدة لعدد من السجون موضع الشكاوى خلال الفترة التى يغطيها التقرير، شملت سجون مجمع طرة، وسجون أبو زعبل، وعدد من سجون الأقاليم والسجون الفرعية.

وأجمعت تقارير وفود المجلس على ضعف الخدمات المتاحة فى السجون نظراً لحالة التكدس وضغطها الشديد على الخدمات، وأهمية معالجة هذه القضية من مختلف جوانبها، ولفتت إلى أثر هذا التكدس على حق أهالى السجناء والموقوفين فى الزيارة، حيث تكرر إلغاء حق الزيارة بعد وصول الأهالى فى كثير من المرات، ما كان موضع شكاوى مكررة استقبلها المجلس من الأهالى، كما استمع لها من السجناء خلال تفقد السجون.

وأضاف التقرير: "شاعت خلال الفترة التى يغطيها التقرير الاتهامات بوقوع جرائم تعذيب منهجى بحق السجناء من جماعة الإخوان المحظورة المودعين فى السجون، وخاصة فى سجن طرة "شديد الحراسة" (الشهير بسجن العقرب)، وبلغت الاتهامات حد الإدعاء بوقوع اعتداءات جنسية بشكل متكرر، وعلى الرغم من الشكوك الكبيرة التى لفت هذه الادعاءات، لا سيما وأنها صادرة عن تكوينات حقوقية للتنظيم الدولى لجماعة الإخوان، إلا أن المجلس عُنى بفحصها، وأوفد فريقاً إلى سجن "طرة شديد الحراسة" للمرة الثانية فى فترة قصيرة للوقوف على حقائق الأوضاع، وأثبتت الزيارات كذب تلك التقارير".

وعن الحق فى التجمع السلمى فقد أشار التقرير إلى أن الواقع الذى فرضه تطبيق القانون بات يستند على فلسفة المنع والتقييد وليس الإباحة، وأنه قد ظهرت العديد من البادرات الشعبية للتمرد على القانون، لافتا إلى أن ممارسات أجهزة الأمن فى المناسبات القومية أتاحت قيام مؤيدين للدولة بالتظاهر دون تراخيص مسبقة، ولم يسمح لتجمعات مطلبية بالتظاهر ومنعت أشكال الاعتصام المختلفة وخاصة التى كان ينظمها العمال، وكذا أجهضت محاولات التظاهر السلمى.

كما تطرق التقرير إلى الحق فى حرية تكوين ونشاط الجمعيات والتنظيمات الحزبية والنقابية، حيث أكد أن الدولة واجهت انتقادات دولية حادة بسبب سياساتها فى هذا المجال إجمالاً، ولملاحقة المنظمات المؤسسة بصفة شركات بوجه خاص، موضحا أن الدولة حاولت الحد من الانتقادات بتأكيد أنها وافقت على 93% من طلبات تلقى التمويل، فلم يستطع مسئولو وزارة التضامن الاجتماعى المختصة إخفاء أن 98% من طلبات منظمات حقوق الإنسان لم تلق موافقات عليها ولــ"أسباب أمنية"، علماً بأن القانون المعيب المشار إليه والمعمول به حالياً لا يتضمن صلاحية الجهات الأمنية فى الرفض أو الموافقة.

وعلى صعيد الحقوق الاقتصادية والاجتماعية أشار التقرير السنوى للمجلس القومى لحقوق الإنسان أمه خلال الفترة التى يغطيها التقرير استمر التحسن فى جودة خدمات الدعم السلعى من الناحيتين الكمية والنوعية عبر منظومة التموين ورغيف الخبز للشرائح الأكثر فقراً، وبذل جهود متفرقة عبر الصندوق الاجتماعى للتنمية وإنشاء المناطق الصناعية المتنوعة بدعم من البنوك الحكومية الرئيسية لدعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة، والبدء فى تبنى سياسات ائتمان مصرفية جديدة لتوسيع شرائح المستفيدين، وضخ كميات من السلع الأساسية التنافسية فى الأسواق لمواجهة الاحتكارات وارتفاع معدلات التضخم والغلاء، وتحسين بعض قطاعات توفير الخدمة الصحية، وخاصة عبر العلاج على نفقة الدولة للحالات الحرجة عبر المجالس الطبية المتخصصة وعبر الهيئة العامة للتأمين الصحى، ومن خلال الاهتمام بمعالجة فيروس الالتهاب الكبدى الوبائى.

كما رصد التقرير تراجع الحكومة عن خططها لتخفيض الدعم المقدم لاستهلاك البنزين والسولار مجدداً بعد الخفض الذى جرى فى العام 2014، وذلك على صلة برفض رئيس الجمهورية وتراجع قيمة الدعم ارتباطاً بالانخفاض الكبير فى أسعار النفط فى السوق العالمية.

وأشار التقرير إلى تراجع تفاعل الحكومة مع المجلس، وتراجع عدد الشكاوى التى تصل إلى المجلس متوسط 466 شكوى سنة 2005، إلى 190 سنة 2015، ورغم تعدد الأسباب التى قد تبرر هذا التراجع مثل تقاعس أجهزة الدولة عن حل مشكلة أصحاب الشكاوى، أو إعطاء اهتمام أكبر للشكاوى التى تتبناها أجهزة الإعلام لمردودها الإعلامى، أو نظراً لتعدد الأجهزة التى أصبحت تقدم نفس الخدمة للمواطن فى الدولة، يظل من المؤكد أن هذا التراجع يمثل مؤشراً سلبياً يتعين معالجته.

وأوصى المجلس على صعيد المسار القانونى والتشريعى باستكمال الانضمام إلى الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان الانضمام إلى الاتفاقية الدولية لحماية كافة الأشخاص من الاختفاء القسرى، وإعادة النظر فى الموقف الرسمى الرافض الانضمام إلى بروتوكول الوقاية من التعذيب، والذى ينص على تشكيل آلية وطنية مستقلة للوقاية من التعذيب.

كما طالب بوضع أولوية للانتهاء من قانون الانتخابات الموحد وإصداره فى أقرب وقت ممكن، وتشكيل المفوضية المستقلة للانتخابات، والتعجيل بإصدار قانون السلطة القضائية المرتقب وفق الضمانات الدستورية، وقانون الشرطة المقترح بما يسهم فى معالجة التحديات الكبرى الذى تشهده البلاد حالياً، والقوانين المنظمة للإعلام والمنشئة لهيئاته الدستورية وقانون يضمن حرية تدفق المعلومات، وقوانين النقابات المهنية والعمالية والجمعيات الأهلية، وإصدار قانون العمل الجديد بما يتناسب مع الضمانات الدستورية.

وأشار التقرير إلى ضرورة التعجيل بإصدار مشروع قانون الضمان الاجتماعى المقترح من جانب الحكومة، وإنشاء مفوضية تكافؤ الفرص وحظر التمييز بين المواطنين وتجريم الحض على الكراهية وفقا لدستور 2014، وهو ما كان يدعو إليه المجلس منذ تأسيسه، وقانون بناء وترميم الكنائس وفقاً لدستور 2014، والتعجيل بإصدار قانون العدالة الانتقالية، وضرورة منح الأولوية لمراجعة قوانين الطوارئ ومكافحة الإرهاب، وحماية الشهود والمبلغين، والتظاهر، والإجراءات الجنائية بما يتسق مع الضمانات الدستورية.

وعلى صعيد الحقوق المدنية والسياسية فقد أوصى التقرير بتيسير إتاحة الأوراق الرسمية المثبتة للبيانات الشخصية لكافة المواطنين بغض النظر عن عقيدتهم الدينية وإصدار القرارات اللازمة فى هذا الشأن وفقا للمادة 6 من دستور 2014، وتفعيل القانون رقم 64 لعام 2010 بشأن مكافحة الاتجار بالبشر وتفعيل نشاط صندوق مساعدة ضحايا الإتجار بالبشر، ودمج الأفكار والدعوات المتعلقة بإصلاح الخطاب الدينى ضمن استراتيجية شاملة للإصلاح الثقافى وترسيخ المواطنة وتجديد وتطوير الخطاب الدينى ونشر التسامح، ونبذ التكفير والكراهية والتعصب.

كما أوصى المجلس بإنشاء آلية مختصة تضم المؤسسات الدينية والوزارات والأجهزة المعنية والمجالس المتخصصة ومؤسسات المجتمع المدنى المعنية بما فى ذلك الإعلام والفن، وذلك لضمان النهوض بتفعيل هذه الاستراتيجية على نحو متناسق ومتابعة تنفيذها، وإنهاء سياسة التعتيم والالتزام بالإفصاح والشفافية وإحاطة الرأى العام بمجريات التحقيقات فيما تضمنته تقارير اللجان المستقلة لتقصى الحقائق، وخاصة تقرير اللجنة القومية لتقصى الحقائق وجمع المعلومات فى الأحداث التى رافقت ثورة 30 يونيو وما تلاها (الصادر فى نوفمبر 2014)، وكذا فى التحقيق بشأن تقرير تقصى الحقائق الذى أعده المجلس القومى لحقوق الإنسان حول أحداث فض تجمع رابعة العدوية (الصادر فى مارس 2014).

وأكد المجلس على أهمية ضمان حماية واحترام حقوق الإنسان فى سياق مكافحة جرائم الإرهاب والعنف، والحد من استخدام عقوبة الإعدام واتخاذ التدابير التشريعية لقصرها على أشد الجرائم خطورة، وتعديل قانون العقوبات ليتواءم مع اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب ودستور 2014، ويوصى المجلس بالنظر فى إنشاء آلية وطنية مستقلة للوقاية من التعذيب، والمعالجة العاجلة لظاهرة التكدس فى السجون ومراكز الاحتجاز، ومواجهة ظاهرة التوسع فى الحبس الاحتياطى، وتعزيز سياسات الإفراج الشرطى والعفو، والنظر فى العقوبات البديلة غير السالبة للحريات كالخدمة العامة والغرامات المالية.

وأوصى المجلس بوقف الضغوط والقيود التى تمارسها الجهات الإدارية على الجمعيات الأهلية وفقاً للقانون 84 لسنة 2002 المثير للجدل، ووقف حملات تشويه المدافعين عن حقوق الإنسان، وخاصة الجمعيات التى تلتزم بمبادئ الشفافية والعلنية والموضوعية لحين إصدار القانون المرتقب من البرلمان، مع ضرورة إشراك المجتمع المدنى فى مناقشة مشروع قانون الجمعيات الأهلية المتوقع صدوره من البرلمان ووفق الضمانات التى كفلها الدستور وفى ضوء الأحكام ذات الصلة التى أصدرتها المحكمة الدستورية العليا، ونشر ثقافة التطوع بما يعزز الأنشطة التنموية والاجتماعية والحقوقية.

كما شدد على ضرورة مراجعة قانون القضاء العسكرى لضمان إلغاء محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكرى، ووضع ضوابط للنص الدستورى الذى يبيح محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكرى بعرض الإحالات على غرفة مشورة قضائية مشتركة بين القضاء المجنى والقضاء العسكرى، واستئناف عقد مؤتمرات العدالة الهادفة لتعزيز قدرات السلطة القضائية وضمان استقلاليتها وتعزيز ضمانات العدالة والمساواة أمام القانون، وتعزيز التوعية والتدريب للمكلفين بإنفاذ القانون فى مجال احترام وإدماج المعايير الدولية لحقوق الإنسان واللجوء أثناء قيامهم بعملهم، وإطلاق حوار وطنى شامل حول مسار العدالة الانتقالية والتشريع المرتقب.

وعلى صعيد الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فقد أوصى المجلس بإدماج معايير حقوق الإنسان فى الخطة العامة للتنمية والسياسات الاقتصادية المتبعة، وإصدار قانون جديد للتأمين الصحى يضمن التغطية الشاملة للمواطنين بالاستناد على الدستور ومبادئ المساواة والتكافل، وتطوير منظومة الرعاية الطبية والعلاجية على نحو يضمن الجودة والوصول والفعالية، وتحسين المستشفيات والمرافق الطبية، وتعزيز الطب الوقائى ومكافحة الأمراض المستوطنة والوبائية، وتنمية أوضاع الأطباء وهيئات التمريض والأطقم الإدارية فى المرافق الصحية، وتطوير التعليم الطبى ومنظومة الخدمات الصحية، ومنح أولوية قصوى لمعالجة النقص الفادح فى الأدوية الأكثر شيوعاً واستعمالاً، وبحث ظاهرة إغلاق شركات صناعة الدواء أو استحواذ الشركات العالمية عليها بما يؤثر سلباً على ضمان إتاحة الدواء وتيسيره بالأسعار المناسبة، وضرورة تصدى الدولة لأزمة الدواء بتدابير عاجلة.

بالإضافة إلى إيلاء الاهتمام لمضاعفة الجهود ومعالجة أزمات الصرف الصحى ومياه الشرب النقية، والنهوض بجودة التعليم والبحث العلمى والقضاء على الأمية الهجائية والرقمية فى جميع الأعمار، ولا سيما فى المناطق الريفية النائية والفقيرة وفق خطة زمنية محددة، والتعاون مع المجتمع المدنى لإثراء هذه الجهود، وتنمية الكفاءات العلمية والمهارات المهنية للمعلمين، وأعضاء هيئات التدريس ومعاونيهم مع رعاية حقوقهم المادية والأدبية، بما يسهم فى جودة التعليم وتحقيق أهدافه، ومنح أولوية للاهتمام بالتعليم الفنى والتدريب المهنى، وما تتطلبه احتياجات التنمية خلال الفترة المقبلة، يوصى المجلس بالتوسع والتطوير لمختلف أنواع التعليم الفنى والتدريب المهنى وفقاً لمعايير الجودة العالمية ووفقاً لاحتياجات سوق العمل، وتعزيز جهود الدولة وخطتها فى توفير الإسكان الاجتماعى، وإعادة النظر فى سياسة الدولة بما يراعى العدالة الاجتماعية والأوضاع الاقتصادية والخصوصية البيئية، وتيسير إسهام المبادرات الذاتية والتعاونية فى تنفيذها، وتنظيم استخدام أراضى الدولة ومدها بالمرافق الأساسية فى إطار تخطيط عمرانى شامل للمدن والقرى وإستراتجية لتوزيع السكان، بما يحقق الصالح العام وتحسين نوعية الحياة للمواطنين ويحفظ حقوق الأجيال القادمة.

وشدد المجلس على أهمية تعزيز الدولة لجهودها فى مواجهة مشكلة العشوائيات ووضع خطة للقضاء عليها فى مدة زمنية مناسبة بما يكفل تحسين نوعية الحياة والصحة العامة، وأن تكفل الدولة تدبير مساكن بديلة للمتضررين من عمليات الإخلاء القسرى لأغراض المنفعة العامة، مع ضمان حقهم فى الإنصاف والتعويض، ومواصلة الدولة سياساتها الرامية إلى ضمان تمتع جميع قطاعات المجتمع بالحق فى غذاء كاف وجيد، وتقوية نظم الدعم العينى ووصوله إلى مستحقيه، والتغذية المجانية للأطفال فى التعليم الأساسى والثانوى، ومكافحة الاحتكارات ومقاومة الفساد والاستغلال الذى يؤدى لمعدلات التضخم والزيادة فى أسعار الغذاء وتشجيع دور جماعات حماية المستهلك، وتشجيع إنشاء التعاونيات.

وأوصى أيضا بدعم أجهزة الدولة المعنية بالبيئة وتعزيز الدراسات البيئية بالتفاعل مع الاتفاقية الدولية للبيئة (باريس 2015)، التى أسهمت فيها الدولة المصرية بدور بارز بحكم رئاستها لمجلس وزراء البيئة الأفارقة ومشاركة رئيس الجمهورية ممثلاً لأفريقيا فى قمة باريس للمناخ، وتشديد العقوبات فى مجال جرائم تلويث البيئة والإضرار بها وضمان إنفاذ القانون، وإجراء رصد دورى لحالة البيئة فى مصر، وزيادة مشاركة المواطنين فى إدارة مواردهم البيئية واتخاذ القرارات الخاصة بالبيئة، وسهولة تداول المعلومات الخاصة بالموارد البيئية، والتوسع فى استخدام مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة، والمعالجة العلمية للنفايات والقمامة، والحد من استخدام المبيدات فى الزراعة والتلوث الغذائى، وتشديد العقوبة على جريمة تلويث البيئة وإنفاذ القوانين، ووضع الدولة لخطة وطنية لتعزيز وخلق فرص العمل على نحو فعال بالتشاور مع المجتمع المدنى وبالتعاون بين قطاع الأعمال العام والخاص لمعالجة البطالة بين الشباب والنساء والقضاء على الفقر.


موضوعات متعلقة..


- ننشر النص الكامل للتقرير السنوى للمجلس القومى لحقوق الإنسان








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة